[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : ـــ
ما ذا تعرف عن : مفاسد الزنا
(( محمد بن إبراهيم الحمد ))
الزنا فساد كبير وشر مستطير، يضر بمرتكبيه و بالأمة عموما. وبما أن الزنا يكثر وقوعه وتكثر الدواعي إليه، فهذه نبذة عن آثاره ومفاسده:
1.الزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة ووأد الفضيلة.
2.يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة.
3.ظلمة القلب وطمس نوره.
4.أنه يذهب حرمة فاعله ويسقطه من عين ربه وأعين عباده، ويسلب صاحبه اسم البر والعفيف والعدل، ويعطيه اسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن.
5.أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده.
6.ومن أضراره ضيقة الصدر وحرجه، فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم. فمن طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض قصده، فما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط. ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيش، لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل.
7.الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.
8.الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها، بل يتعداها إلى أسرتها. حيث تدخل العار على أهلها وزوجها وأقاربها وتنكس به رؤوسهم بين الخلائق.
9.إذا حملت المرأة من الزنا فقتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإذا حملته على الزوج أدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم، فورثهم ورآهم وخلا بهم وانتسب إليهم وهو ليس منهم.
10.أن الزنا جناية على الولد، فهو يؤدي إلى قطع النسب إلى الآباء. كذلك فيه جناية عليه وتعريض به، لأنه يعيش وضيعاً في الأمة مدحوراً من كل جانب، فالناس يستخفون بولد الزنا وتنكره طبائعهم، ولا يرون له من الهيئة الاجتماعية اعتباراً. فما ذنب هذا المسكين؟ وأي قلب يحتمل أن يتسبب في هذا المصير؟!
11.زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف.
12.الزنا يهيج العداوات ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة وبين الزاني، ذلك أن الغيرة التي طبع عليها الإنسان على محارمه، فيكون ذلك مظنة لوقوع المقاتلات وانتشار المحاربات، لما يجلبه هتك الحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى.
13.للزنا أثر على محارم الزاني، فشعور محارمه بتعاطيه هذه الفاحشة يسقط جانباً من مهابتهن ويسهل عليهن بذل أعراضهن، إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجاً من تربية دينية صادقة.
بخلاف من ينكر الزنا ويتجنبه ولا يرضاه لغيره، فإن هذه السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه وتساعده على أن يكون بيته طاهراً عفيفاً.
14.للزنا أضرار جسيمة على الصحة يصعب علاجها والسيطرة عليها، بل ربما أودت بحياة الزاني كالإيدز والهربس والزهري والسيلان ونحوها.
15.الزنا سبب لدمار الأمة، فقد جرت سنة الله في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب الله (عز وجل) ويشتد غضبه، فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة.
وخص سبحانه حد الزنا من بين الحدود بثلاثة خصائص:
1.القتل فيه بأشنع القتلات، وحيث خففه جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة.
2. أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم. فإنه سبحانه من رأفته بهم شرع هذه العقوبة، فهو أرحم منكم بهم ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة، فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره.
3. أنه سبحانه أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين، فلا يكون في خلوة بحيث لا يراهما أحد، وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر.
ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الشأن أن فاحشة الزنا تتفاوت بحسب مفاسدها. فالزاني والزانية مع كل أحد أشد من الزنا بواحدة أو مع واحد، والمجاهر بما يرتكب أشد من الكاتم له، والزنا بذات الزوج أشد من الزنا بالتي لا زوج لها، لما فيه من الظلم والعدوان عليه وإفساد فراشه، وقد يكون هذا أشد من مجرد الزنا أو دونه. والزنا بحليلة الجار أعظم من الزنا ببعيدة الدار، لما يقترن بذلك من أذى الجار وعدم حفظ وصية الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكذلك الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله أعظم إثماً عند الله من الزنا بغيرها، ولهذا يقال للغازي: خذ من حسنات الزاني ما شئت. وكذلك الزنا بذوات المحارم أعظم جرماً وأشنع وأفظع، فهو الهلاك بعينه.
وكما تختلف درجات الزنا بحسب المزني بها، فكذلك تتفاوت درجاته بحسب الزمان والمكان والأحوال. فالزنا في رمضان ليلاً أو نهاراً أعظم إثماً منه في غيره، وكذلك في البقاع الشريفة المفضلة هو أعظم منه فيما سواها.
وأما تفاوته بحسب الفاعل، فالزنا من المحصن أقبح من البكر، ومن الشيخ اقبح من الشاب، ومن العالم أقبح من الجاهل، ومن القادر على الاستغناء أقبح من الفقير العاجز. وقد يقترن بالفاحشة من العشق الذي يوجب اشتغال القلب بالمعشوق وتأليهه وتعظيمه والخضوع له والذل له وتقديم طاعته وما يأمر به على طاعة الله، ومعاداة من يعاديه وموالاة من يواليه، ما قد يكون أعظم ضرراً من مجرد ركوب الفاحشة.
كيفية التوبة من الزنا
وبعد أن تبين عظم جرم الزنا وآثاره المدمرة على الأفراد والأمة، فإنه يحسن التنبيه على وجوب التوبة من الزنا. فيجب على من وقع في الزنا أو تسبب في ذلك أو أعان عليه أن يبادر إلى التوبة النصوح وأن يندم على ما مضى وألا يرجع إليه إذا تمكن من ذلك. ولا يلزم على من وقع في الزنا رجلاً كان أو امرأة أن يسلم نفسه ويعترف بجرمه، بل يكفي في ذلك أن يتوب إلى ربه وأن يستتر بستره (عز وجل) وأن يقطع علاقته بكل ما يذكره بتلك الفعلة. {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان : 68- 70].[/align]
رسالة وسائط (( بعد تعديل التنسيق ))