خطة استثماريةشاملة لكل مستثمر( هذا وقت التخطيط للسنه المقبله )
--------------------------------------------------------------------------------
الأصول في تنمية الأصول - خطة استثمارية شاملة لكل مستثمر
--------------------------------------------------------------------------------
خطة استثماريةشاملة لكل مستثمر
د/عبد الكريم عداس
محلل مالي
يناير 2005
في هذا الوقت من كل سنة يقوم كل مستثمر بعمل جرد لنتائج أعماله السنة الماضية و وضع خطة جديدة للسنة الجديدة و نحن هنا نساهم بطرح خطوط رئيسية لإستراتيجية عامة تفيد كل مستثمر في وضع خططه الجديدة.
يجب على كل مستثمر أن يعود إلى أساسيات الاستثمار و أهدافه و رغباته المستقبلية كل من منطلق وضعه الخاص به و يختلف به شخص عن آخر.
و لكن تبقى الأساسيات هي ركيزة الخطط الواقعية و العملية.
أهم ركيزة على أي مستثمر أن يدركها هي أن أساس بناءه للثروة (مهما كان حجم طموحاته) هو العمل الحرفي الذي يتقنه شخصيا و عليه أن يستمر في عمله لكي يتقن حرفته و يكسب منها المال الذي يطمح إليه طوال فترة حياته العملية.
كل شخص لديه حرفة و ليس معنى كلمة حرفة هنا أن يكون الشخص نجارا أو حدادا بمعنى الكلمة و مع أن تلك حرف شريفة و مرغوبة إلا أن المقصود أن كل شخص لديه قدرة معينة ما للقيام بعمل حر و شريف يكسب منه المال. الموظف في أي مؤسسة ما هو إلا صاحب حرفة, التاجر في تجارته ما هو إلا صاحب حرفة, الطبيب و المهندس الخ.. كلهم أصحاب مهن حرفية و منها ما يكون مهن حرة (أي يعمل لحساب نفسه) و منها ما يكون مهن يكسب منها أجره عاملا في مؤسسة ما.
المقصود أن الأساس في بناء "ثروة ما" أن يقوم الإنسان "بعمل ما" يأتيه منه دخل معين و يصرف من هذا الدخل على تكاليف الحياة و يدخر جزءا من دخله "للاستثمار".
استمرار الدخل من الحرف العملية مع تراكم "نسبة الادخار" هو الأساس الذي يبني عليه الإنسان ثروة معينة. يبقى بعدها الأمر التالي و هو طريقة استثمار هذه المدخرات.
أساس أي استثمار ناجح لأي شخص هو أن يعطي الأوليات حسب أهميتها لكل أداة استثمار.
أهم استثمار يقوم به أي إنسان هو أن يركز أولوياته على بناء و تملك بيت للسكن قبل أن يتجه لأي أداة استثمار أخرى. طبيعة الإنسان و تكوينه حسب السنن الكونية تحتم عليه حاجته الأساسية لبناء منزلين و يجب عليه الشروع في البناء فور بلوغه و دخوله معترك الحياة العملية عندما يصبح مؤهلا لذلك بعد انتهاءه من الدراسة أو حتى قبل (كل حسب مقدرته و طاقاته العملية).
المنزل الأول الذي يحتاجه الإنسان هو بيت في بلده و لابد أن يركز أي إنسان على بناء و تملك بيت له ينشئ فيه أسرته الخاصة به. هذا أهم استثمار يقوم به أي شخص و هو أساس و ضروري و لا بد منه قبل أن يفكر أي شخص بأي أداة استثمار أخرى. الحاجة لمن يبدأ حياته العملية و ليس لديه ثمن البيت هو أن يرتب حساباته الداخلية و يقترض ثمن البيت من مصادر تمويل تجارية حلال تتيح له فترات سداد تمتد حتى 20 أو 30 سنة حسب مستوى دخله الشهري.
عدم توافر مصادر تمويل تجارية بكثافة في اقتصادنا و التي تتيح لأي شخص أن يقترض بيسر و سهولة لشراء أو بناء بيت له و لأسرته تجعلنا نضع علامة استفهام كبرى على أعمال المؤسسات المالية التجارية و "مستوى السيولة الضخمة" التي يذاع صيتها في اقتصادنا مما يدفعنا إلى استجواب المؤسسات المالية القائمة و طريقة عملها حاليا لأنها أهملت هذا الجانب الهام و الحيوي لكل مواطن في الاقتصاد. فنعيد النظر في المنطق الذي لا يغني و لا يسمن من جوع عن "فخامة" استثماراتهم و صولاتهم و جولاتهم في الأسواق المالية المحلية و العالمية.
و من هنا نجد أن أهم شركة مساهمة يجب تكوينها و الاكتتاب فيها الآن من قبل جميع المواطنين و المؤسسات المالية هي شركة مساهمة عملاقة تقوم ببناء و تقسيط المساكن للمواطنين على مدد زمنية تتراوح بين 20 و 30 سنة.
الشخص الذي تمكن من جمع دخل معين من التجارة أو المهنة الحرفية أو خلافه و يستطيع أن يبني بيته من ماله الحر نقول له وفقك الله و يجب أن تقوم بهذا الاستثمار الأساسي قبل أن تفكر بأي أداة استثمارية أخرى. من لم يستطيع ذلك من أصحاب المهن المحدودة الدخل نقول أن يسعى في طلب الرزق الحلال و "يجمع" مدخراته النقدية و يحافظ على جمعها من أجل الوصول للهدف الاستثماري الأساسي الأول.
المخاطرة بالمال المخصص لبناء بيت أسرة الشخص ممنوعة تماما مهما كانت مغرياتها.
أضيف نقطة مهمة جدا و هي أن يتجنب أي شخص أن يقوم بأي عمل تجاري أو استثماري (كما سنشرح لاحقا) يمس من خلاله بأي شكل من الأشكال اقتصاديات و ركائز منزله الخاص به. الرهن من أجل الحصول على مال للاستثمار ممنوع و لو كانت الفرصة التي تعرض على الشخص تعطي لكل ريال استثمار ألف ريال مكسب في الساعة؟؟!! هذا الأمر يجب أن يضعه كل إنسان أمام عينه بموضع الجرائم المالية الكبرى التي يرتكبها في حق نفسه و أسرته و التي يجب عليه الابتعاد عنها حفاظا على كيان عائلته من الضياع.
المنزل الآخر الذي يحتاجه كل إنسان لبنائه في هذه الدنيا هو منزل في الجنة. و على كل فرد أن يسعى كل بقدر استطاعته أن يضع أمام أعينه بناء منزله في الآخرة بطاعة الله عز و جل و تجنب معاصيه و في الأخير سوف يكون له منزل في الجنة بمشيئة الله و رحمته فقط. بناء المنزل الثاني للإنسان لا يكلفه الكثير من المال و لا يحتاج لأن يقترض المال من أحد لأنه يطمح في منزل عند الغني العزيز مالك الملك و هو الرزاق بدون حساب. معاملة الناس بصدق و أمانة و تقوى الله في كل أمور دينه و دنياه هم الدعائم لهذا المنزل و الله لطيف بعباده و يعطي كل إنسان على قدر نيته.
يكفي هنا الإشارة إلى أن المستثمر عليه أن يوازن بين طموحاته المادية من خلال استثماراته و عيناه على بناء و تملك المنزلين الأساسيين في حياة كل فرد في الدنيا و الآخرة.
العامل الاستثماري التالي و الأساسي لكل مستثمر هو توزيع نسبة معينة من مدخراته النقدية و أرباحه الورقية بشكل منتظم في الذهب الخام الذي يشتريه و يحافظ عليه في مكان آمن و يعتبر هذا احتياطي استراتيجي يحقق له الطمأنينة نوع ما في عالمنا اليوم و غدا المليء بالمفاجئات و المخاطر الاقتصادية نتيجة التضخم الغير مسبوق في تاريخ العالم في كمية الأموال الورقية التي تطبعها دول العالم و يستند إليها الغالبية العظمى في حفظ ثروتهم. الثابت على مر السنين أن الثروة النقدية الورقية ليست ثروة حقيقية ثابتة و آمنة لحفظ المدخرات.
و لا يوجد بديل حقيقي غير الذهب كمخزن للثروة.
العامل التالي بعد هذا هو أن يقوم المستثمر بوضع خطة عمل لتوزيع باقي مدخراته النقدية الورقية على أدوات الاستثمار المتاحة في الأسواق و على رأسها يكون العقارات ذات المردود التجاري و الأسهم و السندات التجارية و يتم توزيع النسب على هذه الأدوات الأساسية بدقة تخدم مصالحه الاستثمارية طويلة الأجل.
عندما يقوم الشخص بدراسة خطته الاستثمارية النقدية عليه أن يأخذ في الحساب حاجاته الاستثمارية الشخصية و الحاجات الاستثمارية لمن يعيلهم من أسرة و أطفال. و هنا لكل شخص حاجياته نسبة لوضعه الأسري و عدد سنين عمره.
الشخص الذي يبلغ من العمر 25 سنة يختلف عن من عمره 45 سنة أو 55 سنة. لأن متطلباته تختلف حسب مستوى سنين عمره.
لنأخذ مثال عن شخص بلغ من العمر 40 عاما و له طفلين أعمارهما 10 و 11 سنة و زوجة و يعمل في التجارة الحرة و يملك مثلا 5 مليون ريال للاستثمار النقدي بعد أن انتهى من تملك منزله الخاص به و رصد احتياطي معين من الذهب الخام في مكان آمن له.
يجب على هذا الشخص أن يأخذ في الاعتبار تأمين مستقبل أولاده عندما يكبروا و ذلك برصد مبلغ نقدي معين لكل ولد من أولاده في أداة استثمارية طويلة الأجل و ذات مستقبل واعد في زيادة قيمتها السوقية على مدى العشر إلى 15 سنة. فينتقي أسهم في شركات ذات مركز سوقي قوي و مستقبل نمو واعد و يوزع جزء من النقد على أسهم 3 إلى 4 شركات و يضع الجزء المتبقي في سندات تجارية لشركات قوية أيضا أو سندات حكومية تعطي دخلا منتظما بالإضافة للحفاظ على رأس المال الذي يستحق عند انتهاء مدة السندات و التي توازي بلوغ أولاده سن الرشد و الحاجة المالية لهم لتغطية تكاليف الدراسة الجامعية و البدء في مشوار حياتهم العملية.
و بعدها يقوم المستثمر في توزيع النقد لحسابه الخاص في استثمارات شخصية من عقار تجاري و أسهم شركات قوية و نامية بالإضافة للسندات التجارية التي تعطي عائد منتظم مع ضمان رأس المال.
نسب التوزيع تختلف من شخص لآخر كما ذكرنا استنادا على مستوى سنه. المستثمر الذي بلغ 40 عاما يجب عليه أن ينتقي استثمارات بمخاطر متوسطة و يدير هذه الاستثمارات بطريقة لا تعرضه لمخاطر لقيم سوقية عالية جدا لبعض الأدوات المالية مع تركيزه على عامل النمو الرأسمالي المتوازن على المدى المتوسط. و مع زيادة رأسماله عبر السنوات عليه أن يجنب احتياطي معين في الذهب الخام.
من المهم هنا التذكير أن المستثمر هنا لا يتوقف عن العمل في مهنته التي تدر عليه الدخل الأساسي و الذي يمكنه من زيادة حجم محفظته الاستثمارية بانتظام من صافي مدخرات دخله الأساسي.
إهمال هذا الجانب المهم من قبل المستثمر و توجهه بكل وقته للحصول على دخل معيشته اليومية من أرباح استثماراته الرأس مالية خطأ يقع فيه الكثير من المستثمرين الناجحين و يجعلهم خاضعين لتقلبات السوق المالية و عرضة للدخول في صفقات استثمارية ذات مخاطر عالية جدا مع أوهام أرباح غير واقعية يكون نتيجتها ضياع ماله و تعرضه لمشاكل أساسية تعيق من قدرته على توفير متطلبات حياته الشخصية و الأسرية.
العامل الصحي في اختيار نوعية أدوات الاستثمار التي ذكرناها آنفا من أسهم و سندات يكون على أساس سليم من تقييم للأدوات الاستثمارية و مدى احتمال نموها في المتوسط على فترات تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات. هذا بالطبع لا يعني إهمال المستثمر للأدوات التي يستثمر بها و يقوم بتقويمها دوريا إما كل سنة أو أقل لكي يقف على ما وصلت إليه من نشاط و نمو و أيضا ليقوم بتعديل المراكز في أدوات جديدة قد تظهر في السوق من وقت لآخر.
المستثمر الذي يبلغ من العمر حدود العشرينات و الثلاثينات لديه فرصة أكبر لكي ينتقي أدوات استثمارية جريئة نوعا ما و مخاطرها عالية نوعا ما حيث أنه في مقتبل عمره و يمكنه أن يتحمل خسارات رأسمالية في مدخراته حيث أنه يستطيع تعويضها من دخله المهني الذي لا زال في أول طريقه التصاعدي.
هذا يختلف عن مستثمر بلغ من العمر الخمسينات أو الستينات و يحتاج إلى رأس مال ثابت نوعا ما و إلى دخل أساسي من عوائد استثمارات مدخراته السابقة و لا يستطيع أن يخاطر بماله في أدوات استثمارية عالية الخطورة فيتجه بغالبية استثماراته إلى أسهم شركات ناضجة تعطي مردود أرباح موثق بالإضافة إلى السندات التجارية أو الحكومية ذات الدخل المنتظم.
المضاربة في أدوات استثمارية شديدة التقلب في أسعارها يجب ألا يزيد في أشد الأحوال عن 5% من رأس مال مستثمر كبير في السن هذا إذا كان و لا بد منها.
هذا من ناحية توزيع المدخرات على الأدوات الاستثمارية المتنوعة. أما من ناحية الإدارة المالية لهذه الاستثمارات أو بصفة عامة فيجب مراعاة مستوى القروض التي يتحملها المستثمر في ذمته و الأفضل لأي مستثمر أن يتجنب الاقتراض كليا من أجل زيادة أرباحه الاستثمارية. فكثير ما يظهر على الساحة الاستثمارية فرص في ظاهرها أنها واعدة و بمخاطر قليلة مما يغري المستثمر للاقتراض على رأسماله من أجل اقتناص تلك الفرص. الرأي في هذا المسار للمستثمر العام أن يبتعد كليا عن أي دين يتحمله من أجل تنمية أمواله و يكتفي بتشغيل رأسماله فقط في الأدوات التي يختارها بعناية.
و في الختام نذكر أن كثير من المستثمرين يتحولون من أعمالهم و مهنهم الأصلية إلى التركيز على التعامل مع الأدوات الاستثمارية المتاحة في الأسواق كمهن أساسية يحترفون التجارة فيها. هذا لا غبار عليه إذا رأى المستثمر أن لديه القدرة و الخبرة و المهارات اللازمة لاحتراف مهن كهذه و لكن يجب التأكيد أن مهنة المتاجرة في الأدوات المالية هي مهنة شاقة جدا و تتطلب تكوين نفسي و ذهني و جهد و دراسة لا تقل عن أي مهنة حرفية أخرى. و للأسف يخطئ الكثير الذي يظن أن دخوله في قليل من الصفقات المربحة في سوق المال يؤهله لأن يصبح محترفا لهذا النوع من التجارة.
هذا لا يعني تهبيط عزائم من يريد أن يمتهن هذا المهنة و لكن يجب التوعية أنها مهنة تتطلب الجهد الكبير و العلم و الخبرة لكي يصل المستثمر إلى درجة المحترف المالي المهني.
لذلك نؤكد أن على المستثمرين أن ينظروا إلى الأدوات المالية المتوفرة في الأسواق من منظور تنمية مدخراتهم التي يحصلوا عليها من مهنهم الحرة التي يتقنوها و بهذا يتمكن المستثمر من البقاء فترة طويلة و مربحة في سوق المال ينمي مدخراته و يكسب الخبرة و يصبح محترفا و لكن يظل "هاويا من المنظور المهني" و يستمر في السعي وراء الرزق عبر مصادر الدخل الأساسية بعيدا عن سوق المال.
وقتها يصبح المستثمر في وضع مالي و نفسي و صحي قوي ينظر إلى سوق المال النظرة الصحيحة ولا يقيد نفسه و أعصابه في تقلبات السوق اليومية بحثا عن دخل وهمي يسد به رمق
عيشه
>>>>>>>>>>>>>>> منقوووووووول<<<<<<<<<<<<<<<
للدكتور / عبد الكريم عداس