"أرادوني ممثلة سينمائية، أو ممثلة مسرحية. أنا بأقول لهم: راقصةً، راقصةً، راقصةً"!.

[القصيمي]

عودنا الكاتب المتميز دائماً والساخر المتفرد في طرحه الاستاذ المحبوب سعد الدوسري بطرح مواضيع رائعة باسلوب ساخر وفريد يصل بسهولة لعقل وقلب القاريء ومن هذه المواضيع مقال أكثر من رائع كتبه بالامس يسخر من القنوات الفضائية العربيةوالمشغولة بالرقص والتطبيل وهـــذا هو المقال

الانتفاضة الراقصة

التاريخ: 4/13/2002 م

أن تشعر محطة من المحطات الفضائية، بأنها أرهقت المشاهدين، بالتغطية الإخبارية للأحداث الراهنة، فتبث لهم فيلماً إنسانياً راقياً، أو مسلسلاً اجتماعياً هادفاً، أو برنامجاً طبياً أو أسرياً، فهو أمر قد يكون مقبولاً من البعض، على الرغم من أن المتابعة الإخبارية للمستجدات على الساحة الفلسطينية، على مدار الساعة، هي أكثر ما يهم المشاهد اليوم، خاصة أن الأزمة تتطور بشكل متسارع، بفضل السفاح الكبير شارون، الذي يتمنى، تحت هذا الغطاء العربي والعالمي، أن ينهي مهمته سريعاً، في القضاء على كل البنى التحتية والفوقية للانتفاضة الباسلة، والتي رسمت أروع لوحة بشرية للنضال المشروع.
وبعيداً عن التغطية الإخبارية للأحداث، والتي ستستهلك مساحات عريضة من البث، هناك البرامج الحوارية، وهناك البرامج الوثائقية، وهناك البرامج المتصلة مع المشاهدين لاستطلاع آرائهم والتعبير عن مشاعرهم. بمعنى أن التغطية التلفزيونية لما يجري، سيغطي معظم الجسد البرامجي اليومي، وهو ما يجعل مشاهد هذه القناة أو تلك، راضياً عن قناته، كل الرضى. وهنا، لن أتمثل بقناة الجزيرة، أو شبكة الأخبار العربية (أي إن إن)، فهما قناتان إخباريتان أساساً، لكنني سأسوق قناة "أبو ظبي"، وهي قناة عامة، غير إخبارية، كمثال حي. لقد أثبتت هذه القناة أنها تحترم نفسها، قبل احترامها لمشاهديها. إنها، عند إنتاجها لمسلسل "ارهابيات"، رمضان الماضي، والذي لعب بطولته، الممثل الكويتي داود حسين، جعلتنا نزداد إيماناً، فوق إيماننا، بأنها قناة عربية مميزة، فمن كان يجرؤ، والحرب مسلّطة على ما يسمى "الإرهاب العربي الإسلامي"، أن يقلب الطاولة على الولايات المتحدة الأمريكية، ليقول لها: إن الإرهاب الحقيقي، هو دعمك لإسرائيل، ولرئيس وزرائها، مجرم الحرب، قديماً وحديثاً، ايريل شارون؟؟!! من امتلك الجرأة على ذلك؟؟!! والجرأة هنا، ليست مجرد كلام طائر في الهواء، بل عملاً استمر على مدار شهر كامل، واستغرق إنتاجه أموالاً وجهوداً من ممثلين وممثلات، وطواقم فنية وإدارية. هذا العمل، الذي ارتكز على كشف إرهابية الجلاد الصهيوني، إيريل شارون، بشكل ساخر، أثار إسرائيل سياسياً وإعلامياً، وحاولت إيقاف بثه، دون جدوى. وأكد مدير هذه القناة، رداً على الحملة الإسرائيلية، بأنه سوف ينتج أجزاء جديدة لهذا العمل، في الأعوام القادمة: (ما طرد إسرائيل لجاسم عزاوي، موفد القناة لتغطية الأحداث الراهنة، وسحب البطاقة الصحفية لمراسلتها ليلى عودة، إلا انتقام شاروني مبيّت، من هذه القناة، لإنتاجها هذا العمل).
إن إمكانية نجاح أي قناة، واردة، إذا هي احترمت مشاهديها، وقدّمت لهم أعمالها وأخبارها، في قالب يرسخ هذا الاحترام. وإذا هي لم تفعل ذلك، فلتتحمل كل ما يقال في حقها. لتتحمل شبكة الإرسال اللبنانية (ال بي سي) سخط كل المشاهدين العرب، لأنها كانت تعرض، مساء الأربعاء الماضي، وعلى مدى ساعتين، برنامجاً ترفيهياً، شاركت فيه الراقصة "فيفي عبده"، كضيفة رئيسية، ورقصت فيه حتى داخت! خلال هاتين الساعتين، أوردت القنوات "المحترمة"، أكثر من خبر عاجل، عن مجازر "جنين"، وعن ذبح العزل بدم بارد، وعن قصف البيوت بمن فيها، وعن وصول عدد الشهداء إلى أكثر من 500شهيد، وعن سيطرة مقاتلي حزب الله، في الجنوب اللبناني، على مركز إسرائيلي في مزارع "شبعا". كل هذا والمناضلة الكبيرة فيفي بنت عبده، تتمايل شبه عارية، على أنغام الموسيقى الصاخبة، وبحماس آثار الجمهور الغفير، وجعله يصفق، من غير "حيل". والحمد لله، أنهم لم يحزّموها بالشال الفلسطيني، كمشاركة منهم (أي من مسؤولي القناة) في دعم الانتفاضة. الحمد لله أنهم لم يلقنوها أثناء الحوار معها، لكي تقول: "أرادوني ممثلة سينمائية، أو ممثلة تلفزيونية، أو ممثلة مسرحية. أنا بأقول لهم: راقصةً، راقصةً، راقصةً"!.
فليحيا الصمود الراقص للـ "ال بي سي". "أرادوني ممثلة سينمائية، أو ممثلة تلفزيونية، أو ممثلة مسرحية. أنا بأقول لهم: راقصةً، راقصةً، راقصةً"!.
:12:
:2:

تحياتنا القلبية الحارة للكاتب الرائع دائماً الاستاذ سعد الدوسري وزاويته باتجاه الابيض[