قد يكون من بين بني آدم من يعزف على أوتاره المسموعة تقاسيم تخدع السامع بانسجام نغماتها وروعة تتابعها وانتظامها.
فكثيراً ما نقع ضحية الظن الحسن في البعض وتوقع الخير عند من لا يستحق مثل هذا الشعور.. ليس غريباً على أحدنا أن ينخدع بمعسول الكلمات وبريق الهمسات.. فهناك من يجيد تقمص أصعب الأدوار ويتقن آداء مسرحيات الوهم والإيهام أيما إتقان...
ولكن الذي يجب أن ندركه جميعا ونعلم أنه حقيقة لا غبار عليها هو أن الإنسان مهما حاول الخروج عن دائرة طباعه واصطنع من الطباع ما يلائم أغراضه ويتمشى مع أهدافه في الحياة فلا بد أن يترك أثره وبصمته الحقيقية كمؤشر على أصل شخصيته رغم وجود شخصيته المصطنعة.
فصدق اللسان وصراحة الشفاه تحددهما براءة النظرات.. ومن استطاع تطويع لسانه وامتطى منه وسيلة لبلوغ غاية من غاياته فلا شك أن من الصعب أن يجر نظراته لآداء تلك المهمة .. ولكننا نتجاهل دائماً إنصاف العين في زحمة عطاءات وتجاوزات اللسان.
وفي مقابل ذلك نجد من أبناء آدم من أخذته سمة الحياء وسمت به رغبته بالبعد عن مهزلة الكذب ومقبرة النفاق وقادته مراكب التحكم في نزوات النفس وشهواتها إلى دائرة الانطواء وترك مسالك الاحتكاك الساخن في بعض الحالات.. مثل هذا قد يتراءى لك أنه يعيش تحت وطأة حالة نفسية أو معاناة اجتماعية وقد يذهب بك الظن إلى أنه ركب أمواج الغرور فأصبح لا يحبذ الهبوط إلى مستويات العامة.. بالرغم من أنك لو أتقنت الوصول إلى جوهره وبرعت في فك أصداف أدبه لوجدت أنه ثروة ثمينة داخل كنز مفقود..
ولكن
الوصول إلى خفايا وحقائق فئة من الناس ليس سهلاً
وهكذا ابن آدم..