نعم...وهو جبلة فينا نحن العرب ..فنحن نهاب القوي الظالم فنحترمه ونكبره ونحقر الضعيف المظلوم ...وبحكم جبلتنا الغابية فإنه من الطبيعي أن يستبـِد القوي ويستبَد الضعيف ...
ولقد نظرت في طباع الناس فوجدتهم كذلك ..ومن جبلتنا الأخذ بالغلبة ..وقد قيل
وما نيل المطالب بالتمني ..ولكن تؤخذ الدنيا غلابا...
وهنا أتذكر حادثة طريفة جرت لي أسردها لأنها ذات صلة..
فقد حضرت الى البيت يوما وقت خروج الاولاد من المدرسة...فوجدتُ ابني يتصارع في الطريق مع ولدٍ أسن منه ربما بسنتين وبقية أولاد المدرسة يتفرجون.. وكان ابني قد قال لي عدة مرات انه يكره المدرسة لأن ولدا فيها يؤذيه دائما....فأمسكت بالولد الذي يتعارك مع ابني فبطشت به بطشا شديدا جدا على مرأى من الأولاد المتجمهرين...فمر مار بالطريق فتوقف وقال : ياهداك الله إن هذا غلام صغير فكيف تضربه هذا الضرب المبرح؟ لو نصحته وأدبته بالكلام لكان خيراً..
قلت له : يا أخي إن هؤلاء لا يؤمنون إلا بقانون القوة!! على هذا رباهم أهاليهم ...ولأنه أسن من ابني واكبرمنه بدنا فقد سولت له نفسه العداون (بالطبيعة) فهو لم يتربى أساسا على الاحترام ولا يوجد في قاموسه قيمة للنصيحة والتأديب بالكلام والحياء من الكبار وما إلى هنالك من القيم الجميلة...اعتدى لأنه أجسم واقوى..فانتصرت لولدي منه لأني أجسم وأقوى..هذه هي المعادلة المناسبة لنا في حقيقة الامر..
المهم أني حرصت ان يكون ذلك على مرآى من جمهرة التلاميذ لأني اعرف معايير الاحترام عندهم...فوالله الذي لا إله إلا هو ماشكى ابني احدا بعدها...وسألته عن ذلك الولد فقال أنه جاء في اليوم التالي الي في الفصل ليعتذر..وعلمت انه اعتذر لأنه (هاب فاحترم) وخشي ان يتكرر ضربه ...
هذا هو واقع الكبار الذي يربون عليه الصغار فليس هناك قيمة لأي شيء غير القوة.. إن بالبدن..أو بالمال أو بالمنصب والمكانة...
العرض الشجري