بقلم / أحمد المهوس
لن تجد – عزيزي القارئ – أحنّ على الإنسان من أهله وذويه , فأبناء العشيرة المنتسبون يدًا واحدة , وقد قيل " أنا على ابن عمي , وأنا وابن عمي على الغريب " , وتلك حكمة لها مدلولها الاجتماعي , فمن فطن إلى القرابة وما تحدثه في الدم من النخوة ؛ علم أن الدم قلما يكون ماءً !
أول أولئك المغالون هم من سحرتهم المناصب , وباتوا يلهثون نحو صعود السلالم , ليس درجة درجة ؛ وإنما قفزًا يكاد يكون بهلوانيًا كما يصنع صاحب السرك , فحسب أولئك ما يقربهم إلى من هم أعلى منهم منصبًا , فتراهم يعولون على أن مدينة بريدة هي المدينة الفاضلة كما عند الفلاسفة من أمثال ابن طفيل وابن رشد والفارابي وغيرهم , بينما السوس ينخر في أعمدتها نخرًا يكاد ينقطع نظيره , فتراهم كما البطانة حول الحاكم , حيث يزينون له سوء عمله , ويقرونه على سوء تقديره !
وثانيهم أولئك المحابون على حساب المدينة وأهلها وشبانها , فلم ترَ الأيام منهم نقدًا صريحًا لكل مشروع متعثر كيما النهوض به , أو كل مشروع يراه العقلاء من القوامة الحيوية والحضارية , بل يخبتون , ويثبطون , ولا يلتفتون إلى عين الحق , بل يداهنون وطالما فعلوا !
تلك آفة المدينة , وتلك مصائب قد عقمت الأيام والليالي عن المجيء بمثلها ! !