بأنامل / أحمـد المهـوس
لو قُدّر لأحد من أن يجلس في بلكونة جامعة القصيم ؛ فإنه سيرى – أول ما يرى – المعمّرين الذين أكل عليهم الدهر وشرب , إنهم بقايا أنقاض لم تأمر بها إدارة الجامعة في إزالتها , إنهم بضعة من أعضاء هيئة تدريس على هيئة تعاقد , حيث أورثوا الجيل الجديد الهرم وهم في ريعان الشباب بطرقهم البالية والعتيقة في التدريس , فقد ملت أنفسهم منهم , فلا جديد ولا تجديد ! !
وسترى في الجهة الأخرى بضعة من أعضاء تدريس همّ الواحد منهم من أن يقعد على كرسي المنصب الإداري , فهم يستحقرون عملهم التربوي الأكاديمي , ويكثرون من الويل والثبور في مضي العمر بين طلاب يرونهم أسفل الهرم . . . فنقل العلم معضلة المعضلات عندهم ! !
يخطئ من يظن أن هذه الجامعة تحفل بالطالب الجامعي , إنها تُعنى بالمراسيم على حساب تثقيف الطالب وتنوع مصادر تعلمه , وإن تعجب فاعجب من بروز قسمات محياهم في صفحات الجرائد أن قدموا ما عجزت عنه جامعات العالم مجتمعة , وكم يستحقر المرء الحصيف دجل خلي الحياء قليل الحيلة ؟ !
على أنك لو أمعنت النظر في نوعية بعض هؤلاء المحاضرين , لرأيت من لا تأمنه على سطر في كتاب , فهم غثاء لا نفع يرجى من ورائهم , فقد أسقمتهم براثن العظمة , ويحسبون أنهم أعلم أهل الأرض طُرًّا , بينما هم كما الطبل الذي لولا خلو جوفه ما سمعت صوته ! !
إننا لو تأملنا فيما يكتبون من مقالات في صحفنا السيارة ؛ فإنه يقفز إلى أذهاننا حرصهم على تدوين مرجعهم الوظيفي أسفل أسمائهم , فكأن الشكل مقدم على المضمون , وإن بحثت عن هذا المضمون المُقدَّم عليه لا تجد شيئًا , فهم كمن يستمرئ الكتابة بألفاظٍ نادرة مزخرفة , كيما يقال إنه كاتب نحرير , ومثقف مطلع , بينما الحق أنه يخفي تحت ذاك المرجع خواء فكريًا , فقد علم القارئ الفطن أن عليه أن يكون بنيويًّا لما يقرأ , فيعزل النص المكتوب عن قائله , فيكون موت القائل نصب عينيه !
وإن ارتأيت النظر فيما يعلن من مشروعات قد رُصد لها ملايين الريالات ؛ لا أكاد أرى سوى سراب المناقصات انتفاعًا واعتباطًا من الجانبين . . . فودّع هريرة إن الركب مرتحل , و " غطيني يا صفية ما فيش فايده " ! !
لن يستقيم للبلد حال وأدعياء العلم , وحب الظهور ؛ يقبعون في أماكن رمتهم الظروف المعاكسة للتيار صدفة بلا تكريس , فلو صدقت الأيام بمقاديرها لكانوا أبعد شيء عن حرم الجامعة اليوم ! !