نَعِيْـبُ زَمَانَنَـا وَالعَيْـبَ فِينَـا=وَمَـا لِزَمَانِنَـا عَيْـبٌ سِـوَانَ
وَنَهْجُـوا ذَا الزَّمَانِ بِغَيرِ ذَنْـبٍ=وَلَوْ نَطَـقَ الزَّمَـانُ لَنَا هَجَـانَ
وَلَيْـسَ الذِّئْبُ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِئْـبٍ=وَيَأْكُـلُ بَعْضُـنَا بَعْضـاً عَيَـانَ
مقدمه:-
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وقدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، والله إن العين لتدمع والقلب يعتصر من شدة الألم عندما نشاهد ممن يحسبون علينا أنهم من أهل السنة والجماعة وهم بعيدين كل البعد عن هذا الأمر،يجوبون المنتديات ويعتلون المنابر بجهل ، يصرخون ، ويكفرون كل من خالف آراهم أو انتقد أهوائهم وشهواتهم الدنيئة التي سيسوها تحت غطاء الدين والدين منهم بريء.لم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام فظاً غليظ القلب ولكنه كان حليماً يطلب الهداية لقومه ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)، فهاهو هناك يتأذى من رمي الحجارة وهاهو هناك يشج رأسه وتنكسر رباعيته ، وهاهو هناك يحاور ويناقش المنافقين فكان التوجيه الرباني له فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ .هذه الرسالة التي حملها رسولنا الكريم هي اللواء الذي يجب أن يحمله كل مسلم يتبع قال الله وقال الرسول ( عليه الصلاة والسلام ) وليس لواء التكفير والقذف والسب والشتم فشتان بين مكفر وبين سني معتدل في قوله وفعله ولكن لاعجب إذا علمنا أن هناك من يعيش بيننا ويخرج من صلبنا من يقول بأن الدين الإسلامي دين قائم على البغض والكراهية للآخر،دين همه مراقبة الحرمات والتصدي للمعتقدات التي تؤمن بالحوار مع الآخر،دين أساسه التشدد وعدم اللين ..الخ من المعتقدات الخاطئة التي يؤمن بها البعض ويطبقها على أرض الواقع وقد نسي أولائك الجهلة أن الدين أساسه المعاملة وحسن الخلق وتقبل الآخر ومناقشته بلين فربما عاد الجاهل إلا رشده وربما عاد الضال إلا طريق الهداية ولكن مهما علت الأصوات المنادية لهذا الأمر حتى تبدأ تلك الفرق التكفيرية المتشددة بالقذف والسب ورمي التهم وتحريف المقاصد وتأويلها على حسب ما تستنتجه عقولهم المظلمة وكأنهم أنبياء أو رسل أو خلفاء راشدين أو تابعين وهم والله ليسوا إلاّ بأتباع جهيمان ومن على شاكلته من المتشددين المارقين من الدين.إننا يا إخوان نعيش في زمن تضاربت فيه الحقائق وتباعدت ، أصبح النهي عن المنكر مقدم على الأمر بالمعروف -وكأن شريعتنا شريعة القمع - وأصبح أكل الربا يحارب بالفتاوى وخطب الجمعة وتذكير الناس بعظمة هذا الفعل المشين بينما نحن في حقيقة الأمر نقدم التسهيلات للبنوك الربوية ونودع فيها الأموال الطائلة ونحن نعلم حقيقتها ونعلم مصادر أموالها ولكننا لا نحرك ساكنين لأن الدنيا أشغلتنا بملذاتها وشهواتها التي لاتنتهي ، فأصبح مأكلنا حرام وشرابنا حرام وما غذي بالحرام فالنار أولى به وليت الأمر وقف على هذا أو ذلك ولكنه تعدى لأكثر من ذلك حتى أصبحنا نقذف إمامنا ومشايخنا ونصفهم بأبشع الأوصاف مروراً بالليبرالية وانتهاءاً بالتبعية لأمريكا ، نحن يا إخوان من ضيّع أنفسنا بأنفسنا عندما جعلنا من الصلاة عادة ومن الحج عادة ومن الصوم عادة ومن زيارة الأرحام عادة وغابت العبادة الحقيقية والخشوع في الأفعال واحتساب الثواب،واكتمل التضييع عندما هجرنا القرآن والسنة النبوية حتى تفككت جميع القيم والمبادئ الإنسانية التي كنا نملكها عن طريق الفطرة والتربية التي نشأنا عليها ،اسودت قلوبنا وأصبحت كالجلمود لا يحركها ساكن ولاتخدشها موعظة ولا موقف مؤثر.إن من يفتش في جراح الأمة الإسلامية سيجد الكثير من التصدعات التي يستغلها البعض في الطعن في هذا الدين ولعلني أتطرق لبعضها في وقت لاحق علّنا أن نفيق من غيبوبتنا ونتمسك بعقيدتنا ونزرع ذلك التمسك في فكر وقلوب ابناءنا.
التصدع الاسلامي
العرض الشجري