^ أسال الحبر .. أم أسال الهمّ ؟!! 
أما أنا فلا هذا ولا ذاك .. وأعجز ما أكون عندما أريد من الحبر أن يسيل لأحزاني ..
ذهبت أمي ـ قدّس الله روحها ـ فلم أستطع أن أعبّر عن حزني على فراقها ولو ببضع حروف أرضى عنها ..!
كم .. وكم .. ولم أستطع غير رفع الكم !!
فسبحان من لا ينضب مداده .. ولا ينتهي حرفه ..
قال الله تعالى في سورة الكهف بعد ذكر خبرهم وخبر ذي القرنين :
((قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا))
وقال جلّ شأنه في سورة الروم :
((ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ))
يقول ابن سعدي كلاما جميلا كعادته عند هذه الآية .. وفيه : (وهذا التمثيل من باب تقريب المعنى الذي لا يطاق الوصول إليه إلى الأفهام والأذهان .. وإلا فالأشجار وإن تضاعفت على ما ذكر أضعافا كثيرة .. والبحور لو امتدت بأضعاف مضاعفة ..فإنه يتصور نفادها وانقضاؤها ؛؛ لكونها مخلوقة.
وأما كلام الله تعالى ..فلا يتصور نفاده .. بل دلنا الدليل الشرعي والعقلي على أنه لا نفاد له ولا منتهى .. وكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته (( وأن إلى ربك المنتهى ))
ثم قال : (والله في جميع الأوقات يحكم .. ويتكلم .. ويقول .. ويفعل كيف أراد .. وإذا أراد لا مانع له من شيء من أقواله وأفعاله .. فإذا تصور العقل ذلك .. عرف أن المثل الذي ضربه الله لكلامه ؛؛ ليدرك العباد شيئا منه .. وإلا فالأمر أعظم وأجل. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: صفة 650]