تلك الزاوية الهادئة الحالمة سواء في القصور الشامخة أو الأكواخ المهترئة !
يكمن جمالها في شدة خصوصيتها ، فلا يعلم بحركاتها وسكناتها وصمتها وضجيجها خلا جسدين وحسب !
كانت زاوية متفردة كما أسلفتُ ، لكنها أصبحت اليوم زوايا !
في كل مكان و مجال وتقنية أجدها !
كانت غرفة واحدة ، وأضحت غرفًا موزعة بكثافة مابين المنتديات
وجلسات الأصحاب واجتماعات الأقارب والأخوة !
كانت سرًا مهموسًا ، وأضحى السر مباحًا ، وبأنكر الأصوات !
لكي نؤصل المشكلة ومن ثم نحلها ؛ فلا بد من معرفة سبب نشأتها !
لا يخفاكم الحال المؤلم الذي تعيشه الأمة الإسلامية مقابل التقدم الذائع اللامع عند نظيرتها الغربية !
والتابع –فطرة- مهووس بالمتبوع ويتأسى به في كل شيء كي يصل إلى مكانه يومًا !
فكر الشعب العربي مليّا في بدء الاحتذاء بالغرب ونفض غبار التقهقر العلمي وسيطرة العادات والتقاليد !
الغريب أن العربي تجاهل ( كل ) الكوكب التقني الدري الذي سطع في الغرب ولمع ولم يقتدِ به إلا في ( الانهيار الأخلاقي ) !
كونه أيسر السبل وأسهلها ، والنفس المتخاذلة ترغبه وتطلبه !!
ومن هنا نشأ ما يسمى بالثقافة الجنسية !
وقد تجد أحدهم لا يحسن كتابة اسمه ، ولكنه فارس لا يشق له غبار في تلك الثقافة المزعومة !
مواضيع خاصة جدًا تطرح في المنتديات ، ويناقشها كلا الجنسين ما بين أخذ وعطاء في ذات غرفة النوم !!!
عفوًا ، أقصد في ذات المتصفح !!
الدورات الزوجية والتي اقتصر البعض منها على نشر التجارب الخاصة والتباري بين النساء في التحدث
عن تلك الليالي ، وكأن المسألة لم يترتب عليها الوعيد الشديد شرعًا !
الاجتماعات الشهرية والأسبوعية بين الأقارب ؛ من المستحيل أن تخلو من التلميح والتنكيت والأحاجي على نفس الوتر !!
من باب الميانة طبعًا ، فكيف يكون أخ أو قريب إذا لم تكن تلك المواضيع فاكهة المجلس ؟!
سؤال .. أيام عرض الرسائل المجاني الذي قدمته شركة الاتصالات .. ماهية الرسائل التي كانت تصلكم ؟!
لا أحتاج إجابة !
شخصيًا .. لم أعد أستغرب حين أرى صور أبناء خوالي- المبتعثين ( للدراسة ) – تدور مابين قبلة لصديقة
ومعانقة لمعلمة وحفلة صاخبة انتحر فيها الحياء !
ومع ذلك ينشرونها وبكل ثقة وفخر في صفحات الفيس بوك !
لم أعد أستنكر انحدار مستوى الإيميلات التي تصلني إلى الفحش تصريحًا وتلميحًا بكل ( ميانة ) !
لم يعد شيئًا غريبًا ؛ أن تهجر غرفة النوم ويزهد كل زوج بزوجه ؛ فالأماكن كلها أصبحت غرف نوم !!
كثرة المساس تميت الإحساس لذا وصلنا إلى هذا الانحدار الأخلاقي الذي يجاهر فيه بالأخطاء !
ولكي نتدارك ما يسعنا تداركه ؛ أعيدونا إلى ثقافة ( العيب ) !
حينها سيعود الطهر إلى مجتمعاتنا وأبنائنا .
العرض الشجري