صورتي الشخصية .. وسط أناس آخرين ..

[كرمع]

( 5 )


عندما هجم المرض على صاحبنا عبدالعزيز كنت في سفر بعيد ..
لقد كان مرضه خطيرا ... ومزمنا ...
ومرافقة المريض تعني أن تخرج من حياتك لتصبح ظلا في حياة غيرك ..
ولذلك لم يثبت معه أحد ..
نعم ..اخوته .. ولكن تأدية للواجب لاأكثر .. هذا دون أن نشق عن صدورهم لنطلع على معدل رغبتهم في شفائه أو قضائه !!
ولكن صاحبه سليمان لم يتركه ..
وضع يده على صدره أمام أخوته وقال : دعوه لي ..
والعرب قد قالت قديما ( رب أخ لك لم تلده أمك )
عندما أعود من سفري أتصل بصاحبي المريض فيرد علي بثقل وأسأله : أنت في البيت ؟
- لا .. في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ..
- معك سليمان ؟
- نعم ..
- طيب .. سلم لي عليه ..
صرت بعدها .. لاأتصل على صاحبي المريض وإنما أتصل على سليمان فلاأجد حرجا من أن أسأله عن أشياء خاصة في حالة عبدالعزيز المرضية .. بل ويخبرني هل هو مستعد للرد أم لا..
أحد المرات .. اتصلت عليه وسألته :
- في الرياض ؟
- لا ..
- أين أنتم إذن ؟
- في مكة ..
- ماشاء الله .. عمرة مقبولة .. والله مفاجأة ..
قال لي بصوت خافت ..
- ياأخي .. عبدالعزيز ضاق صدره هذا الأسبوع واقترحت عليه نأخذ عمرة ويتضلع من ماء زمزم ففرح .. وانا ماصدقت انه يوافق .. والحمدالله .. هذا هو قدامي في صحن الحرم يتسنن ..
في أواخر أيامه .. أخذه المرض بين فكيه .. ولاكه لوكا .. فلفظه جسما باليا ..
زرته قبل موته بأسبوع ..
فرأيت هيكلا عظميا عليه جلد رقيق ..
وعندما أرسل لي سليمان بوفاته .. ترحمت عليه ودعوت لسليمان بأجر الدنيا والآخرة ..
ورأيت سليمان في المقبرة ينزل صاحبه عبدالعزيز في القبر ويلحده بكل صدق ..
فانتبهت لنفسي وأنا أهز رأسي وأتمتم : أما هذا فقد أدى ماعليه ..