بينما أنا مستغرقة في إنهاء ماكنت قد بدأته من أشهر ، ألخص الأفكار وأدون الملحوظات بعيدا بين كتبي وأوراقي، بدأ هاتفي بالضجيج وكنت قد صممت أن أتجاهله أيا كان الداعي، حتى أنجز ماكنت بدأته، لكنه استمر فأيقنت حتمية الرضوخ لأناظر رقم إحدى صديقاتي الحميمات يلح علي بالإجابة وحينما كان صوتها متقطع الحروف حزين ونشيج دامع أصابني الهلع وأدركت أن الحدث جلل .
هيأت نفسي لأغادر المنزل وألبي نداء والدتها المريضة والتي تطلب رؤيتي بإلحاح ، والتي هي كأمي ، أين لي أن أنسى ذلك الوجه الذي كان يغمرني حبا وحنانا وكنت أشتاقه وأفر إليه كلما ضاقت الدنيا بعيني.
إلى وادي رم في قلب الصحراء ، معا وصديقتي تابعنا أجمل غروب للشمس واستنشقت طيب الصحراء وسحرها واحتسينا أطيب قهوة ، ضحكنا وبكينا معا ، يا ألله كم أشفق على نفسي إن وصلت ولم أجدها!! ككل جميل في حياتي لا يدوم !! سارعت إليها ولحسن حظي كنا في عطلة الأسبوع ، غادرت إلى هناك إلى عمق الصحراء ،إليها هي التي تعيش غريبة الروح مثلي، تساءلت !! كيف امتزجت روحها بدقائق روحي وفارق السن الكبير بيني وبينها والبيئة والتعليم وكثير من المتناقضات والتضاد في كل الظروف، كنت أعجب في سر تلك المحبة المتبادلة بيننا، عادت بي الذكرى لآخر لقاء بيننا وكنا نشاهد التلفاز وكنت تمعن النظر في إحدى الفتيات ثم التفتت إلي وترقرقت الدموع في عينيها ،انظري كم جميلة عيون الفتاة تذكرني بعيون غزالتي التي كنت أربيها في زريبة الإبل !
ما أن وصلت حتى وجدتها تحتضنني ، يا ألله ما أتفه الحياة حينما يرحلوا وينطفئ سراج الحب، أما صديقتي فقد فرحت عيناها لفرح والدتها وفرحي، آه كم خشيت أن لا تجيئي وتغرب شمسها دون أن لا تراك ، هكذا قالت لي عيناها !!!
لم أترك لحظة تذهب عبثا دون أن أوثق كلماتها في ذاكرتي وخشيت أن أضّيع مزيج الألحان العذبة في صوتها، واستأذنتها بأنني سأنقل مقطعا من قصيدها إليكم فوافقتني وطلبت إلي أن ابلغكم تحياتها وإلى كل من يعشق القصيد والصحراء..
قالت أم رضى الحويطات :
يارب يا مطيح الأمطار
يا منبت العشب بالوادي
ياليتنا ما غشيت الدار
واتحرك النار عفؤادي
يا كم واحد للحرم زوار
يمشي على الحق بجهاد
والموت والله علينا دوار
واقف على الزرع حصاد
والأرض ياما نبتها نوار
توافي الأيام ياعداد.
شكرا لحسن المتابعة ومعذرة للإطالة..
دمتم بخير..