تشيع بين الناس عدة قصائد عن الأم مثل قصيدة محمود درويش : ( أحن إلى خبز أمي و قهوة أمي ) ، و النشيد المشهور ( أَغرى امرؤ يوما غلاما جاهلا ) . و هناك قصيدة جميلة أخرى لشاعر عربي مسيحي لم تحظ بشهرة كبيرة بيننا بسبب إشارتها إلى بعض أصول العقيدة المسيحية .
و القصيدة للشاعر اللبناني المهجري رشيد الخوري ، نظمها بعد أن انتابته حالة الشعر حين رأى أمه بعد غياب طويل . و قد جعلها على شكل قصة تتحدث عن شاعر كان عاصيا و لكنه كان بارا بوالديه ، و حين مات غفر له الله معاصيه بسبب بره لأمه ، و جعله ينام مع الصالحين في حضن إبراهيم ( ورد في الإنجيل أن الصالحين ينامون بعد موتهم في حضن إبراهيم ) ، و لكن الشاعر تذمّر و اشتكى و طلب أن ينام في حضن أمه ، فتعجب الله من ذلك ، و تساءل عن هذا الحضن الذي يملك كل هذه الجاذبية ، و قرّر أن يجرب بنفسه شعور النوم في حضن الأم ، و ذات صباح إذا بالإله نائم في حضن مريم متجسدا في صورة عيسى !!!
مما قاله فيها :
و ذلك أنه مِن قبْلِ عيسى ... تُوفّـيَ شاعرٌ في الشرقِ مُلهَـمْ
أضاعَ العمرَ في طَلَبِ المعاصي ... يُحلِّلُ ما كتابُ اللهِ حرّمْ
فكادَ إلى اللظَـى يُلقَى جزاءً ... لِمَا مِن سيِّـئِ الأعمالِ قدّمْ
و لكن بِرّهُ الأبوينِ غطّى ... مساوئهُ فـخُلِّـصَ مِن جهنمْ
و نام بحضنِ إبراهيمَ لكنْ ... قُبيلَ الفجرِ شاعرُنا تَبـرّمْ
و قام لِـربِّهِ يشكو و يبكي ... بكاءً صيّرَ الفردوسَ مأتَـمْ
إلى أنْ ضَجَّ أهلُ الخُلدِ غيظاً ... و صاحَ اللهُ مِـن غضَبٍ إلى كَـمْ ؟
علامَ بُكاكَ يا هذا و ماذا ... دَهاكَ فلا تَنِي تشكو ، تَكَـلَّمْ
فصاحَ العفوَ يا مولايَ مَـن لي ... سواكَ و مَـن سِوى الرحمنِ يَرحمْ
أَتيتُـكَ راجيا نقلي لِحُضنٍ ... أحبَّ إليَّ مِن هذا و أكرمْ
فدعني من نعيم الخلدِ إني ... نعيمي بينَ ذاك الصدرِ و الفَـمْ
●●●
فأصغَى سيدُ الأكوانِ لُطفاً ... لِشكوى شاعرِ الغَبراءِ و اهتمْ
و قال لنفسِهِ : هذا مُحالٌ ... أيعلَمُ شاعرٌ ما لستُ أَعلَمْ
أَيَنعَـمُ خاطئٌ في الأرضِ قبلي ... بما أنا لستُ في الفردوسِ أَنعمْ
لأكتَشِفَـنَّ هذا السرّ يوماً ... و لو كُـلِّفـتُ أن أَشقَـى و أُعدَمْ
●●●
و كانت ليلةٌ و إذا صبيٌ ... صغيرٌ نائمٌ في حضنِ مريمْ