]بسم الله الرحمن الرحيم
(7) من روائع سورة المؤمنون
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد :
قال الحق تبارك وتعالى (هيهات هيهات لما توعدون )(36) قال أهل اللغة هيهات) هي اسم فعل بمعنى بعد ، جاء عند ابن جرير رحمه الله تعالى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَقُولُ : بَعِيدٌ بَعِيدٌ ، فالأولى مستأنفة على تقدير القول ، والثانية توكيد لفظي
والمعنى للآية يقول الكفار : أي بعيد ما توعدون أيه القوم، من أنكم بعد موتكم ومصيركم ترابا وعظاما مخرجون أحياءً من قبوركم، فالكفار يستبعدون كل البعد البعث والنشور من القبور ، فجاءوا بكلمة تحمل البعد في معناها وأكدوا هذا البعد إمعانا وإيغالا في عدم حصوله ووقوعه ، وأن هذا ضرب من الأساطير ليس إلا0
وفي الوقت ذاته هنالك ملمح بياني بديع خلاب ألا وهو التناسب الصوتي مع هذا المعنى للكلمة ، وإن شئت فقل الارتباط الصوتي مع المعنى ، فليس ثمة انفكاك بين الكلمة وصوتها في اللغة العربية إطلاقا وهذا ما يميز اللغة العربية عن كثير من اللغات الأخرى 0
إن هناك تلازما لصيقا بين الكلمة ومعناها يكاد السامع للكلمة العربية يستشف معناها من صوتها ونبرة حرفها وصفته ، وهناك من الأمثلة الشيء الكثير الذي لا يحصى الذي يثبت قاعدة التناسب الصوتي مع المعنى ، وليس هذا مكان طرحها ولكني أحببت أن أقف على هذه الكلمة واكشف شيئا من هذا 0
فالكلمة تدل على البعد كما أسلفت ، وإذا نظرنا إلى صوت الكلمة وجدناها تبدأ بحرف الهاء ثم الياء الساكنة ثم الهاء مرة أخرى ، ومعلوم أن مخرج الهاء من أبعد مخارج الحروف بل هو الأبعد منها فهي تخرج من أقصا الجوف ، فهذا البعد في المخرج يناسب البعد في معنى الكلمة ، بل ويضفي عليه معنى إضافيا يرسم لك صورة تتركب من البعد المعنوي والبعد الصوتي الذي أكد بالتوكيد اللفظي ، ومثل هذا نقوله في مخرج الياء الساكنة 0فأي بيان وجمال هذا
كتبه : صالح بن عبد الله التركي