غاليتي ,,, نقد التعليم ,,,
قرأت ردك ,, وأبحرت بين سطور معاناتك .. متألمة لألمك .. وآسفة لما آلت إليه طموحاتك وتطلعاتك ..
حقيقة يا نقد لقد طافت في سماء ذاكرتي وأنا أستعرض شريط ذكرياتك كثير من الأطياف التي طبعت بصمات شوهاء في إهاب تطلعاتي الغضة المتوثبة أبان تخرجي ..
عشت على إثرها دهرا أقتات ألم القهر .. ومرارة الخذلان .. دون أن أعمل ذهني لحظة حول جدوى استرسالي وإبحاري في لجة تلك المشاعر السلبية التي تشدني شدا إلى ( الوراء ) !!!!
حتى وعيت بنفسي في ساعة تفكير عميق كان قبل سنتين تقريبا فتساءلت لحظتها :
وماذا بعد يا ليلى ؟؟!!
إلام تبقين حبيسة ذكرى سلبية ,, وأسيرة ردة فعل فردية ؟!!
فجاءني الجواب من أعماق ذاتي متجردا من العاطفة ,, متوشحا بالعقل والحكمة وهو يقول :
إن الأصل يا ليلى هو (( الفكرة )) .. فإذا ما سيطرت فكرة ما على عقل الإنسان هيمنت على كل تصرفاته ,, وسادت فوق عرش سلوكياته .. فلا يصدر إلا عنها .. ولا يتصرف إلا بإمرتها !!
فإن كانت الفكرة إيجابية كانت السلوكيات إيجابية .. والعكس صحيح !!
وهو ما حدث معي تماما .. إذ طغت علي فيما مضى فكرة سلبية ولدتها تجارب شخصية فردية , مقرونة في أكثرها بداء التبعية ,, لكني لم أحسن التعامل معها في حينها بما من شأنه أن يحلها وينهي أمرها في مهدها .. بل تركتها بتصرفي الأرعن بالتشهير والنقد الفاضح لا الناصح ,, تركتها تشب وتكبر ,, حتى انعكس أثرها على سلوكياتي وحد من طموحاتي ..
ولو تصرفت حينها بأسلوب راق وطريقة حكيمة لما غدوت رهينة فكرتي السلبية الخاطئة .. ولا أسيرة تصرفاتي الناتجة عن ردات فعلي الساذجة !!
فمالذي تغيّر في ذاتي بعد أن تغيّرت فكرتي ؟!!
تغيرت يا نقد أشياء كثيرة .. إذ كنت أستشعر الضيق دائما حتى لو لم يكن في الأمر ما يبعث على الضيق !! .. وكثيرا ما كنت أتبرم مما آل إليه حالي ( رغم أني في خير كبير ) .. بيد أني بسبب فكرتي السلبية ما عدت أستشعر الراحة في العمل ولا أطعم مذاق المتعة ..
حتى لو فكرت يوما ما بأي مبادرة تحمل شيئا من التفاؤل تتصدى لي ( فكرتي السلبية ) وتصدني صدا عن أي خطوة إيجابية محيطة فكري بغمامة سوداء شوهاء مؤداها ( مهما فعلت فلا نتائج ) !!
كنت أحس بأني مقيدة من غير قيود .. وما ذاك إلا لأني رهنت نفسي بماض مضى .. وظللت دهرا لاوية عنق أفكاري إلى الوراء أسترجع آلاما أكل عليها الدهر وشرب !! دون أن استشعر لحظة الحاضر وحلاوته .. أو أتطلع إلى المستقبل وإشراقته !!
فلماذا كل هذا ؟؟
هكذا سألت نفسي يا نقد قبل سنتين .. وهكذا أوجه لك ذات السؤال ؟!!
لماذا تظلين رهينة ماض انتهى زمنه .. وأسيرة فكرة سلبية تقضي على ما تبقى من طموحاتك ؟!!
ألست يا نقد من ذوات الهمة التي تتوق إلى بلوغ القمة ؟!!
مهلا يا عزيزتي فلست من طلاب المناصب ,, ولا من عشاق المقاعد أو حتى المصاطب !!
كما قد يتبادر إلى أذهان البعض عندما أتحدث عن (( القمة )) !!
لا يا عزيزتي ..
القمة في نظري أكبر وأسمى من منصب مهما علا وارتفع شأنه ,, واشرأبت أعناق الناس إليه ..
القمة عندي كامنة في (( رضا الإنسان عن نفسه وعن عطائه وإنتاجه )) أيا كان مكانه وموقعه ..
أبلغ القمة حين أعمل بإخلاص أبتغي فيه وجه الله عز وجل وأحتسب عنده أجر ذلك,,
أبلغ القمة حين ينعكس إخلاصي على ذاتي رضا وسكينة تطمئن بها نفسي وتسكن ..
هذه هي القمة التي وصلتها فشعرت براحة عظيمة واستقرار نفسي بعد أن تجردت من ( ركام الماضي ) وخلّصت أفكاري من أدران ( النظرة السلبية ) التي تجحد الخير وتخفي المزايا ..وتعمم الشر وتنشر الخطايا !!
وعلى إثر تغيير أفكاري السلبية .. تغيرت تلقائيا طرائقي في التعامل مع الأحداث فانعتقت من ربقة ( التشاؤم والتوجس والفعل وردة الفعل ) .. إلى فضاء أوسع .. وشمس أسطع !!
خلعت رداء السلبية والأوهام ,, فصرت أكثر اتزانا في الأحكام .. أحسب لكل تصرف حسابه .. وأتطلع إلى ( الجدوى والنتائج ) قبل سلوك أي مسلك قد يتحول بسبب عجلتي ورعونتي إلى متاهه !!!
و(( العاقل )) خصيم نفسه .. ومن وعظ بغيره .. أما (( الجاهل )) فهو من لا تغيّره (التجارب ) .. ومن لا يستفيد من ( الفوائد ) !!
ولاسيما وثمة حكمة تقول : (( إذا شعرت أن فراشك غير مريح فخير ما تفعله هو أن تنهض وتعيد ترتيبه من جديد )) !
وهكذا ينبغي أن نكون مع أفكارنا حين لا نجدها ( منتجة ) أو ( مفيدة ) ..
نقلبها ونبدلها ونغيرها متى ما بدا لنا ( عوارها ) واتضح (بوارها ) .. ( ولا ضير ) ,,بل ( كل الخير ) في ذلك مادام الهدف ساميا .. والمطلب مشروعا ..
غاليتي نقد ..
ألمح بين سطورك وحروفك صراعا نفسيا حامي الوطيس بين فضيلة ( حسن الظن ) ,, ورذيلة ( الشك وسوء الظن ) ..
يتبدى ذلك جليا في قولك (( ربما يكون الوضع الآن ( تغيّر ) ولكن ( نقد ) للأسف حمـّلت احلامها ( إحباطاتها ) ,,,
وقولك أيضا (( لعلها الآن قد خضبت ( شيبتها ) بالبشاشة والدفء.. ولكني حتماً لن اقاسمها ( خبز المحبة ) لن أفعل !!))..
فما أن تحط فضيلة حسن الظن رحالها على قسمات أفكارك ,, حتى يبعثر الشك ما استقر محطما بقاياها الباقية !!
فلماذا كل هذا يا نقد ؟؟ لماذا ؟؟!!
هبي يا عزيزتي أنك فعلت ما قلت .. فحشدت الملاحم ,,وأوغلت في الحروف المسكونة بهم الورى في كل مكان تحط ركائبك فيه .. كما قلت في ردك ..
هبي أنك فعلت ذلك .. أولست تتساءلين قبلها أو لنقل حينها : ثم ماذا ؟!!
ألم تنبئك ( تجربتك الآن ) بعدم جدوى ذلك المسلك الذي لا يعدو كونه تنفيسا عن ( مخزون قديم ) و ( ردة فعل ) لا يلتمس صاحبها من جرائها لا نفعا ولا شفعا ..؟؟!!
لم لا نسمو يا نقد فوق مستوى شيطنات ابليس التي توغر صدورنا وتحفر الآلام في دواخلنا مكبلة إبداعنا في إطار معاناة الماضي وتجاربه التي ربما جانبنا وجانفنا الصواب لحظة تجليها أولحظة تعبيرنا عنها !!!
لم لا نقدّم ( هم ما نرتجيه لاحقا للآخرين ) من إصلاح عام بالنقد البناء المتزن ,, على هم ( حظوظ أنفسنا وانتصارنا لذواتنا ) على من ظلمنا أو عادانا ؟؟!!
أليس المؤمن المخلص يا نقد يرتجي الخير والإصلاح ؟؟
فلم لا يسعى إليه وطريقه بيّن واضح ,, وقد رأى ( بعين تجاربه ) كيف سدت سبل ( الفضح ) ,, وازيّنت سبل ( النصح ) ؟؟!!!
غاليتي نقد :
والله والله أشفق على من حازت مثل ميزاتك أن تظل حبيسة ألم أو حظ نفس يعيقها عن بلوغ ( ما يرجيّه من مثلها الآخرون ) من نتائج إيجابية .. هي قادرة بفضل ما أنعم الله به عليها من حسن بيان ,, وقوة جنان ,, أن تبلغه ..
فهل عساك فاعله ؟؟!!