"المرعى أخضر ولكن العنزمريضة" 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
أبدع الشيخ الدكتور عائض القرني وكان منصفاً في مقالته التي نشرتها صحيفة 'الشرق الأوسط' في شباط ( فبراير ) 2008
 
تحت عنوان
 
(نحن العرب قساة جفاة)
 
وأتركها لكم للقراءة والتأمل . لا أقول إلا ، بارك الله بك يا شيخ عائض فقد كنت صريحاً ومباشراً وعادلاً وهذا ما نحتاج إليه فنقد الذات والمكاشفة الواضحة طريق لاكتشاف الخلل .
 
 
 
 
 
 
 
 
أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين ، وأخشى أن أتهم بميلي 
 
 
 
إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف . والله إن غبار حذاء محمد
 
 
 
بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين . 
 
 
 
ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني ، يقول تعالى: « ليسوا سواء 
 
 
 
من أهل الكتاب أمة قائمة » .
 
 
 
وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم ، فأجد رقة الحضارة ، وتهذيب الطباع ، ولطف المشاعر ، وحفاوة اللقاء ، حسن التأدب مع الآخر . أصوات هادئة ، حياة منظمة ، التزام بالمواعيد ، ترتيب في شؤون الحياة .
 
 
أما نحن العرب ، فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة .
 
 
وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن عربي والنبي عربي ،
 
 
ولولا أن الوحي هذّب أتباعه ، لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى . 
ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر .
 
نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله ،
فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق ، وتصحّر في النفوس ، حتى إن بعض العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر ،
 
 
الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس ،
 
 
من الأزواج 
 
 
زوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء ،
 
 
من الزوجات زوجة عقرب تلدغ وحيّة تسعى ،
 
 
من المسئولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعان كِبراً وخيلاء ،
 
 
حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له ،
 
 
وإذا جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه .
 
 
الشرطي صاحب عبارات مؤذية ،
 
 
الأستاذ جافٍ مع طلابه ،
 
 
فنحن بحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن الخُلُق
 
 
وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسئولين يحملون الرقة والرحمة والتواضع ،
 
 
وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس ،
 
 
وبحاجة لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية .
 
 
المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة
 
 
لنخرج من القسوة والجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا .
 
 
في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ، ترهقها قترة ،
 
 
من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق ، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة ،
 
 
لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة
 
 
وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين ،
 
 
وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة ،
 
 
وكلما قلت: ما السبب ؟
 
 
قالوا:
 
 
الحضارة ترقق الطباع . نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن في سيارتنا ، فيوقف سيارته ويخرج الخارطة ، وينزل من سيارته ويصف لك الطريق وأنت جالس في سيارتك .
 
 
نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا ، فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا .
 
 
نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى ، فيؤثرونك مع كلمة التأسف .
 
 
أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا ، 
 
 
احترام متبادل ، عبارات راقية ، أساليب حضارية في التعامل .