من خطط للتفجيرات الأميركية ؟
(الشبكة الإسلامية) حياة الحويك عطية - الوطن
أسئلة حيوية بعد خمود الدخان في الولايات المتحدة ضربة سيكولوجية اكثر منها اي شيء آخر !
هكذا علق احد المحللين الغربيين على الترويج لضربة قادمة لافغانستان، ذاك ان القيادة الاميركية لا تستطيع الا امتصاص الحزن والغضب الاميركيين وذاك ما لا يتحقق الا بتسمية مجرم ما والانتقام منه.
غير ان ذلك لن يعني وضوح الرؤية وانتهاء الامور سواء فيما يتعلق بالتحقيقات وكشف الحقائق - وهذا الوضوح لم يقم بعد في موضوع اغتيال جون كنيدي على سبيل المثال - او فيما يتعلق بالمستجدات التي ستطرأ على العالم، عالم ما بعد 11 سبتمبر.
وهنا .. ربما يكون الامر الوحيد الواضح والمؤكد في الحالة الاميركية - بل والعالمية - هو ان ما بعد الكارثة لن يكون مشابها لما قبلها سواء على مسـتوى الولايات المتحدة او على الساحة الدولية.
واذا كان مفتاح التحليل السياسي لاي حدث يتمثل في سؤال بسيط جدا: من المستفيد منه؟ فان قراءة التغيرات المحتملة والمطروحة قد ترسم طريقا نحو الجواب عن هذا السؤال ، و- بالتالي - مفتاحا للسؤال الاكبر الخطير .
على الصعيد الاميركي الداخلي قد يتلخص التحول في عبارة زعيم الاقلية الديمقراطية في الكونغرس ريشارد جيفارد : علينا ان نقيم توازنا جديدا بين الحرية والامن ، واذا ما عدنا الى كتاب بنيامين نتانياهو «امن وسلام» الصادر عام 1996 فاننا نجد ان نصف الكتاب مخصص للدفاع عن هذا المطلب الذي يحدده زعيم الليكود يومها بتحديد الحريات الثلاث: حرية الاديان، وحرية التعبير، وحرية التنظيم، دفاع يؤكد نتانياهو خلاله ان الدبلوماسية والاجهزة الاعلامية والسياسية والاستخباراتية الاسرائيلية قد عملت منذ الثمانينيات - اما مباشرة واما عبر اللوبي اليهودي في اميركا- على اقناع الاميركيين - قيادات ورأيا عاما - بضرورته وتهيئتهم نفسيا وذهنيا لقبوله.
واذا كانت هذه الحملة لم تنجح على امتداد السنوات في تحقيق هدفها بل ان المعركة الرئاسية الاخيرة قد اثبتت ان المنظمات العربية والاسلامية مستفيدة من جو الحريات المذكور، قد استطاعت ان تقوم بدور شبه حاسم وواعد مستقبلا، وان تطور دورها هذا بتنام ملحوظ بعد نجاح بوش وفريقه وهزيمة الفريق الآخر المرتبط بوضوح باليمين اليهودي ــ الاسرائيلي فان الاحداث الاخيرة قد حسمت الامر نهائيا لصالح المطلب المذكور ، وضد مصلحة اي نمو او حتى وجود للوبي عربي اسلامي ..
بل وحول المواطنين ذوي الاصول العربية الاسلامية الى متهمين مطالبين باثبات براءاتهم. واذا بنا نرى مجلس العلاقات الاسلامية ــ الاميركية يحول موقعه الالكتروني الى موقع دفاع نشط ويخصص ثلاثة ملايين دولار لحملة اعلامية في السياق ذاته دون ان يستطيع ان يحد من اعمال العنف والكراهية ضد الاميركيين المسلمين والعرب.
في مجال ثان نشرت صحيفةنيويورك تايمز نقلا عن احد المساعدين في البيت الابيض ان مراسلا استعمل شيفرة لا يعرفها الا مسؤولو البيت الابيض ، وابلغ الاجهزة السرية المسؤولة عن امن الرئيس ان الهدف التالي للبنتاغون هو قاعدة سلاح الجو الاولى .
وهذه هي الاشارة الوحيدة حتى الآن الى مكالمة هاتفية خلال الحادثة. وبحسب هذا المصدر فان نائب الرئيس ديك تشيني قد اتصل بالرئيس ليطلب اليه الا يعود الى واشنطن.
وفي العدد نفسه من الصحيفة المذكورة صرح احد مستشاري الرئيس بان هذا الاخير كان يريد العودة الى واشنطن لكن الجهاز السري منعه وعليه لم يعد الا في الساعة الخامسة.
كثيرون حتى في صفوف «الجمهوريين» رأوا ان مكان الرئيس كان يجب ان يكون في العاصمة وفورا ، وانه كان عليه - من هناك ـ ان يوجه اوامره لرجال الامن والجيش لا ان يطيع اوامرهم.
فهل يعتبر ذلك مؤشرا على ان الرئيس سيخرج اول الخاسرين من الكارثة وسيخرج معه «الجمهوريون» كذلك فيما يبعدهم مستقبلا عن بوابة المكتب البيضاوي الذي قدر له الا يدمر؟ وهل ان الاشارة الى «الشيفرة التي لا يعرفها الا مسؤولو البيت الابيض » والتي جعلت بوش نفسه يصرح « هل لدينا خلد في البيت الابيض؟» هي بدورها مؤشر على طرف داخلي في العملية؟
واذ نقول «طرف» فلانه من باب التبسيط المستغفل للعقول القول ان طرفا واحدا يقف وراء عملية على هذا القدر من الخطورة.
اما ما يخص اجهزة الاستخبارات الاميركية نفسها فقد تعالت الاتهامات لها بالتقصير في تقديم معلومات من شأنها تفادي الحادث ، واعيدت الى الاذهان القضية التي طرحها جورج بوش الأب عام 1989 من ان اعطاء هذه الاجهزة الاولوية للاستخبار الالكتروني والتكنولوجي على الاستخبار بواسطة العناصر البشرية هو الذي يجعل المعلومات تقتصر على الوقائع ولا تتعداها الى النوايا المبيتة مما يؤمن القدرة الوقائية. لكن أليس هناك مجال لسؤال حول امكانية ان يكون التقصير مقصودا ولو من جهة واحدة دون سواها ؟
على الصعيد الخارجي تتبدى اول العناوين الكبيرة للنتائج بالدعوة الى «تحالف مقدس جـــــديد بين قوى الخير ضد قوى الشر» وذلك ما سمعناه كثيرا في وسائل الاعلام الغربية ؛ مرةبالحرف ومرةبتعبير : قوى العالم الحر ضد عالم الجريمة وفي هذه الجبهة الاولى تصطف اميركا والغرب وسائر القائمين بخدمة الاثنين . اما في الجبهة الثانية فسيصنف جميع المستهدفين من فلســطينيين وشيشان وعرب وبلقان وو.. سائر
المقهورين الذين تتم المساواة بينهم وبين الارهابيين ؛ بصرف النظر عن اية ظروف موضوعية واقعية . ولم يكن ادل على ذلك ـ على سبيل المثال ـ من حديث دنيس روس لقناة «الجزيرة» حيث كان يغفل مضمون سؤال المذيعة ليكرر الحديث عن جرم العمليات الانتحارية وارهاب الفلسطينيين ووضع اسرائيل.
وهنا نصل الى عقدة اخيل العربية واليهودية على حد سواء: فلسطين، وانتفاضتها التي اوصلت الكيان الصهيوني مع عامها الاول الى حافة الانهيار لتأتي الكارثة الاميركية فتمحو ما كان كأنه لم يكن بل ، ولتطلق يد اسرائيل وتغل يدي وساقي الفلسطينيين وكل قضاياهم.
اما الجانب الآخر فهو الاستقلالية الاوروبية التي بدأت تتبلور بعد حرب يوغسلافيا خاصة على الصعيد العسكري مع تشكل القوة الاوروبية المستقلة عن حلف الناتو. واذ القارة القديمة الآن تؤشر بيدها مودعة مرغمة لهذه الفكرة خاصة مع تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الحلف ، واذ بصوت دعاة التبعية يخنق كليا صوت دعاة الاستقلالية .
بالقرب من اوروبا تقف روســيا محققة اكثر من فائدة سواء لجهة عودة لنوع ما من توازن او في قضية الشيشان كما تقف آسيا بيابانها وصينها اللتين تحقق كل منهما فوائد مختلفة عن الاخرى. ونظل نحن الخاسر الاكبر بعد اهل الضحايا في هذه المأساة.
ولن يكون العثور على عدد من الشباب المسلمين او العرب بين الانتحاريين الا مثارا لسؤالين بسيطين: هل يغرب عن بال من ينفذ عملية تاريخية كهذه ما يتوجب ان تكون عليه هوية من ينكشف امرهم سواء كهويات حقيقية او مزورة ؟
ثم ان المنفذ (الانتحاري) الذي لا يمكن ان يشك احد في صدقه على علم وثيق كامل باهداف من يخطط له او الجهات المتعددة التي تتعاون خفية للتخطيط له؟
كما يظل السؤال المعروف جوابه:
حتى ولو ثبت ان ثمة علاقة لتنظيم ابن لادن بالعملية فهل كان هذا التنظيم نبت العرب ام صنيعة الولايات المتحدة الاميركية؟
الإثنين : 24 / 9 / 2001