.
.
أيام الطفولة كان هناك في ركن الحارة
جلسة غير مصرحة نظامياً
لثلاثة شيبان
يتسندون على الجدار ويسولفون
ويحشون .. لين تصفق صلعاتهم الشمس
ويتفرقون .. واحد ينام ، وثاني يروح للخضرة
والثالث .. يدوس للمزرعة
.
الجلسة مشوبة بالضحك و الملاحق و السوالف
منها ما تشتهيه الآذان ، ومنها الشتم و اللعان
.
أذكر أنهم يسألون عن واحد .. اسمه الذّاوي
رنّة الاسم كأنه "عراقي"
بكل جلسة يسألون .. وبعدين شفته مارن من عندهم
ولا سلم .. ولا سلموا عليه
واكتشفت أنه المطلوب رقم : 1
الذّاوي
بعظمه وجلده
.
استغربت .. لين استبان الأمر
الأمر وما فيه كانوا يعيرونه الذّاوي
حسبته علشان حدبة ظهرة أو طول عمره
أو تجاويف خدّه
والأمر إنه كان ذو أنف طويل ذاوي
ويسمونه الخيار الذاوي
وبفعل الزمن وعوامل التعرية صار الذّاوي
ولصقت به .. وسارت مثلاً
.
.
ويمهل ولا يهمل
أحد الشيبان صدمته سيارة .. وسلم
والثاني أصيب بعينيه .. وسلم
والثالث .. ينتظر
.
فالشماته دين يمضي العمر ولا ينقضي
إلا بالسداد المبكر
.
.
وعلى طاري السداد المبكر
رحت أباخذ قرض من البنك
قلت : خلني أجمع عمال وأنثرهم بالشوارع
يا يقبض عليهم أو يقبض علي
أو أفتح لي بقالة ومغسلة
ودخلت على الموظف .. وأعطاني عرض طيب
قلت وإذا رزقني الله وأبي أسدد مبكر
فقال : نسبة وتناسب .. وإذا رغبت السداد بعد
انقضاء نصف المدة .. فما فيه فايدة
وكنك يابو زيد ما غزيت .. ثم ركبت الجواد من عنده وهجيت
فأكره ما أراه هو الدين هم الليل وذل النهار
وخاصة هذا اللي بدون فايدة
.
وللأمانة .. هالبنوك تشارك المواطن في لقمة عيشة
وتنافس الضعيف في التجارة
ولكن .. ما عمرنا شفنا جهود لهم لخدمة البلد
ولا في الخدمة الاجتماعية .. منشار
طالعين آكلين نازلين آكلين
.
.
بالأخير قلت : طقطق على خفيف لين يفرجها الله
وليش الواحد يراكض بتكلف للرزق وهو مكتوب له
فقط .. افعل السبب بدون كلفة
وضع بين عينيك قوله تعالى :
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) الآية
وابتسم للحياة ولخلق الله
.
.
إلا لنكدي أو متطلب
وهي بفضل الله
قد عادت لشدوقي بفضل الله
.
فمن
أيام الطفولة .. ذات الذكرى جميلة
إذا كانوا يقولون الطفل كالإسفنجة ما تقدمه يمتصه
فإنه أيضاً يضع العالم أمامه
كمرآة .. يشاهد ويشهد على ما فيه
.
.
والآن كبر الواحد وتداولته المهام والهموم
والارتباطات .. وأصبحنا نشتاق إلى الماضي والطفولة
وليتها تعود ..
.
وفي هذه الأيام أحتفل شخصياً
بالانضمام لقائمة الدهماء والسواد الأعظم من الناس
أحتفل
بالتخلص من الشوائب والتحرج من كل هاتف
ما تقاعدت .. توي .. بس .. تباعدت بعيييييد
عن كل مزعج غير شاكر ومقدر
.
يفرح الناس بحاجة الناس إليه
خاصة المخلص .. لكن بعض الناس ما ينعطى وجه
وما تلبث أن تكتشف أن الشاكر منهم قليل
وحتى عندما تخدم شخصاً مراراً وتكراراً
ثم تتوقف فجأة بسبب النظام أو الذّمة
يقول : مارأينا منك خير ولا خيرة
.
.
فجأة توقف هاتفي عن استقبال المكالمات
وقفله إلا وقت العمل
.
وأوجدت بديلاً لي ولأهلي
وللخاصين ممن حولي
رقم خاص
لمن إذا خدمته شكر وممن إن اعتذرت قدّر
.
حتى الآن أستمتع بكل اتصال
حتى ولو كان بالخطأ
ومن أول رنّة أرد
بعد ما كنت أعيد قراءة الورد
وقول : اللهم لا طارقاً إلا طارقاً يطرق بخير يارحمن
.
الاحتكاك بالناس صعب والتعامل معهم أصعب
وتلبية رغباتهم جميعاً مستحيل
.
.
فسددوا وقاربوا
ومن الذمة لا تقربوا .. اللي تقدر قدم
واللي ما تقدر اعتذر .. وإن ما اقتنع
قله : رح بلط بحر ..
.
.
.
.
بمان الله