العودة   منتدى بريدة > المنتديات الأدبية > مدونـــــات الأعضـــــاء

الملاحظات

مدونـــــات الأعضـــــاء موقعك الشخصي .. تدون فيه خواطرك وما يدور في بالك ..

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 18-10-12, 12:51 pm   رقم المشاركة : 1501
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً




( قصة الثلاثة اليائسون من الحيـاة )

التقى ثلاثة اشخاص يائسون من الحياة على غير موعد فوق جسر لندن الشهير فى ظلام الليل جاء كل منهم من طرف من اطراف المدينة مهموما بمشاكله ويائسا من حلها منتظرا فوق الكوبرى فرصه خلوه من المارة ليلقى بنفسه فى مياه النهر فيدفن آلامه ،،
وراح كل منهم يراقب المارة ويحرص الا يشك الشرطى فى نيته فى الأنتحار فيعتقله ..

واشعل كل منهم سيجارة وابتعد الشرطى عن المكان وتوقف المارة لكن ثمة ضوء خافت ينبعث من جمرة سجائر الأشخاص الثلاثة .. يزعج كل منهم الآخرين ويطول الأنتظار والسجائر مازالت مشتعلة
وينتبه كل منهم فجأة وباحساس غامض الى ان الشخصين الآخرين تراودهم نفس الفكرة ،،

ينتصف الليل والثلاثة مازالوا فى مواقعهم ويضيق الجميع بالانتظار ويقرر كل منهم ان يطلب من الآخرين البعد حتى لا يفسد خطته ..
ويقترب الثلاثة من بعضهم وبعد حوار قصير يعرف كل منهم قصة الآخر

الأول : شاب عاطل طالت فترة بطالته وتراكمت عليه الديون وتأخر فى دفع ايجار شقته ويئس من تغير الحال فقرر الأنتحار ..

والثانى : رجل متوسط العمر اصيب بمرض خطير وصارحه الأطباء ليستفزوا ارادته للمقاومه فلم يقاوم وقرر الا ينتظر الأجل وان يسعى هو اليه ..

والثالث : كهل لا يعانى مشكلة مادية او صحيه ولكنه متزوج من زوجة تصغره فى السن ، تخدعه وتلتقى بشاب مثلها وتتذرع بمبررات لتخرج وتتركه وحيدا ولا يجرؤ على مواجهتها ولا طلاقها ..

ويتبادل الثلاثة الحديث ويحس كل منهم بتعاطف مع الآخر , ويكتشف كل منهم ان لديه قدره على مناقشة مشاكل الآخرين بمنطق لم يفكر به فى مشكلته ..

فيقول الشاب العاطل للمريض ~
ولماذا لا تعطى الطب فرصته الكاملة لعلاجك وكل يوم يظهرالجديد فى الطب


ويقول المريض للكهل ~
ولماذا تعاقب انت نفسك على جريمة تترتكبها زوجتك لماذا لا تنفصل عنها وانظر الى الامام بتفاؤل الى ان تجد سيدة تحبك وتسعد بك ..


ويقول الكهل للشاب ~
كيف يسلم شاب مثلك باليأس لا شك ان هناك جهة تحتاج عملك لكنك لم تهتدى لها بعد ..


ويكتشف الثلاثة انهم امضوا ساعة كاملة يتناقشون وقرروا ان يؤجلوا انتحارهم لمدة يوم واحد على ان يلتقوا فى العاشرة فى نفس المكان فى اليوم التالى ،،

ويطلع النهار ويكتشف العاطل ان صاحب البيت ليس بالقسوة التى تخيلها وانه قبل رجاءه بالصبر عليه
أما الكهل المخدوع : فنام ليلته لاول مرة بدون ارق وخرج للعمل فى الصباح وهو ينظر لزوجته ويقول لنفسه العار هو عار من يغدر وليس المغدور به وسوف يأتى يوم قريب واتخلص فيه من ضعفى واتخلى عنك

وجاء الموعد وذهب الشاب والكهل ولاحظا تأخر صديقهما المريض وتلفتا حولهما يبحثان عنه ثم نظر كل منهم للاخر فى تفهم صامت على انه لن يجئ فقد رجع غالبا بعد انصرافهم لنفس المكان المظلم وطوى صفحة حياته ،،

وتأكدت ظنونهما حينما سمعا الشرطى يحدث زميله عن شخص يائس القى بنفسه فى النهر واطرق كل منهما فى اسف لما سمعا ،،

وحيّا كلا منهما الآخر مودعا بعد ان اتفقا على لقاء فى احد النوادى وقبل ان ينصرفا التفت الشاب ليسأل صديقه الكهل :
" ترى لماذا مات صديقنا بعد ان تفاهمنا على تأجيل الأنتحار ؟ "
فيجيبه الكهل بعد تفكير قصير " لأنه تمسك بظلام الليل ولم يعط الصباح فرصة لكى يطلع حاملا أملا جديدا "

ومن هنا أقول : لو وجدنا أغلب المهمومين , تجدهم في الليل تبكي عيونهم وتحترق قلوبهم , من أثر بكائهم وحزنهم .. حتى يظن بأن الحياة وقفت ضده ..
وعند قدوم شمس الصبح , عندما يستيقض من نومه , يجد بأن الحزن والبكاء قد رحلوا ..
لكن المشكلة هو من يبكي في الليل ويمشي في الظلام . ولا يعطي للصبح فرصه ,, فهؤلاء هم حقا هم المهمومين ..
على الأنسان أن يكون في المساء فوق جسر الأمل ,, لكي ينتظر الصبح القادم , الذي يحمل للأنسان أملا في الحياة ,, فما أجمل الصبح ..!


*************************



أحبك جدا ..
وأكره اي نهار يصادر وجهك مني .. وصوتك مني ..
وأكره أن أتوقف عن حبنا ,,
ولو لساعة واحده ..
ولو لحظة واحده ..
وأرفض أن لا تكوني أمامي
وأن لا تنامي ببؤبؤ عيني
وأخشى بأن يسرقوا الوقت منا ..
فكل الأجازات في الحب وهم ..
وكل الرحيل بلا فائده ..
ففي جبهة الحب لا يستريح المحارب ,,
وفي ثورة البحر ,, لا تستريح المراكب ..!








رد مع اقتباس
قديم 19-10-12, 11:49 am   رقم المشاركة : 1502
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



في زيارتي لبريطانيا قبل فترة .. قمت بتصوير هذا في متحف الشمع في لندن ,,
قمت بتصويره ولا أعلم من هذا ,, ومن يكون ..!
وقبل أيام قرأت قصته ,, وعرفت هذا من يكون ,, وأقدم لكم قصة هذا المشهور ..!



ولد طفلاً عادياً ككل الأطفال .. لكن ذكاءه لفت الأنظار إليه حين التحق بالمدرسة فتوقع له الجميع مستقبلاً باهراً , وعندما أدّى امتحانه الشفوي الأخير بالجامعة منحه أساتذته الدرجة النهائية فعلق على ذلك أستاذ آخر بأن أساتذته كانوا أذكياء إلى الحد الذي سمح لهم بأن يعرفوا أنهم إنما يتحدثون إلى شخص أذكى منهم !
وبدأ الشاب الواعد بالنبوغ دراسته للماجستير .. لكنه ينحني ذات صباح على حذائه ليربطه .... فيعاني صعوبة
شديدة في الإمساك بالرباط ويكتشف أن أصابع يديه تتحركان بصعوبة .. وانه يتكلم بعناء شديد ويطوف على الأطباء الذين يحارون طويلاً في مرضه قبل أن يكتشفوا أنه قد أصيب بمرض نادر يؤدي إلى ضمور العضلات الحركية , وأن حالته ستتدهور سريعاً وسيفقد القدرة على تحريك أي عضلة في جسمه , ثم تنتهي صفحة حياته خلال عامين على الأكثر .
ويعرف الشاب كل ذلك فيستسلم للإحباط والتبلُّد ويتوقف عن العمل في رسالته , ويمضي وقته فوق كرسي متحرك في سماع الموسيقى ويترقب الموت , لكن الأيام تمضي بغير أن تحمل له جديداً .. يعيد التفكير في الأمر بهدوء فيرى أن عمله في مجال عقلي , وأن ذاكرته مازالت خارقة كما كانت وأنه مازال قادر على أن يجري في عقله أعقد المعادلات الرياضية و يمليها على الآخرين فتستغرق الصفحات , ويقرر ببساطة ألا يموت , وأنه ليس في حاجة إلى عضلاته وإنما إلى عقله فقط , وينهض مدفوعاً بروح جديدة لاستكمال دراسته .
ويلتقي بطالبة تدرس اللغات فيتبادلان الحب والإعجاب ويقرران الزواج ... وتقترن به الفتاة الجميلة " جين " وهي تدرك تماماً حالته الصحية , ولا تندم بعد ذلك أبداً على قرارهما , وإنما تساعده في طبع رسالته للدكتوراه وتنجب له 3 أبناء وتدير حياته وحياة الأسرة بكفاءة وإخلاص , ويعمل الشاب القعيد أستاذاً بجامعة كمبردج ... وتتوالى إنجازاته الفذة في الفيزياء وتتوالى أفكاره العلمية الجديدة .
فيقول عنه أحد زملائه أنه لا يفعل شيئاً سوى أن يخرج علينا دائماً بأفكار عملية مبتكرة فنعمل نحن على التأكد منها ونواصل بحثها .
ويحقق الشاب الضئيل شهرة عالمية ترشحه للفوز بجائزة أينشتاين في الفيزياء النظرية وينضم للجمعية الملكية البريطانية فيحمله زملائه فوق مقعده وعمره 32 سنة وزنه 50 كيلو جراماً فقط ليحضر مراسم الانضمام للجمعية وتمنحه ملكة بريطانيا لقب " سير " وتصفه الصحف بأنه أشهر علماء هذا الزمان بعد ألبرت أينشتاين , ومازال كذلك على الرغم من ظروفه الصحية المؤلمة وتدهور قدرته على الكلام حتى أصبح حديثه همساً خفيفاً كالفحيح .
وبعد 27 عاماً من زواجه بطالبة اللغات , قال عالم الفيزياء الشهير : " لقد كانت ( جين ) زوجتي هي التي أعطتني الإرادة لأن أحيا " .
أما الأطباء فإنهم يقولون إن مجرد بقائه على قيد الحياة معجزة لا تفسير لها سوى أنه رجل صلب عنيد , وكل يوم يعيشه يسجل به رقماً قياسياً في عالم الطب !

من هنا أقــول :
( " بأن روح الإنسان أقوى آلاف المرات من عضلاته المدرّبة المشدودة " )

كل أنسان لديه شئ يتميز فيه ,, لكن من فينا يستغل هذه الميزة التي يمتلكها ,,
لو الأنسان أستغل كل ميزة فيه ,, لوجدنا بأن أكثرنا عبقري في موهبته ..
فعلا أنها أرداة الروح ,, وفعلا فالبيئة المحيطه بك , أذا هي تساعد بتشجيعك على النجاح . فحتما سوف تنجح في موهبتك ..!



*************************




أحبك جدا ..
ويرعبني أن تمر علي الدقائق
ولا أتوسد فيها حرير يديك ..
فحبك يركض كالبرق في عروقي
أيا أمرأة ,, في يديها تفاصيل عمري ..
يديك أمطرتني من حنانك ..!







رد مع اقتباس
قديم 20-10-12, 01:35 pm   رقم المشاركة : 1503
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً

أنا وأحد زملائي المحترم ,, كنا نتكلم عن الأبناء المحرومين من الدفء العائلي .. بسبب أن أبائهم قد أنتقلوا الى الرفيق الأعلى . أو بسبب تشتت أبائهم أو أمهاتهم ,, وحررموهم من عطفهم وقربهم له ..
هذا الأستاذ يقدم شرحا للطلاب الصغار , فأذا بأحد طلبته المجتهدين , تنزل دمعته ,, تقدم أليه الأستاذ : ماذا يبكيك ..؟ قال : بأن أبي توفي قبل عدة أيام وأفتقدته كثيرا , وافتقدت حنانه وعطفه وتشجيعه لي في دراستي ,,
وفي المقابل رأى طالبا اخر في حالة حزن وقال له : لماذا أنت حزين ..؟ قال : بأن أبي وأمي قد أبتعدوا عن بعض , وأمي تزوجت وتركتني في بيت جدتي ..!



وتذكرت بعد ذلك قصة سوف أسردها لكم للكاتبه الأنجليزيه ( أجاثا كريستي ) .. توضح لنا بأن الأبناء بحاجة دائما سواء للأمهات أو للأباء ..!

تقول الكاتبة في مذكراتها عن أمها التي سقط أبوها الضابط عن حصانه فأُصيب إصابات بالغة وتوفي متأثراً بجراحه وترك وراءه أرملة شابة في السابعة والعشرين من العمر وأربعة أطفال صغار , وكيف عرضت عليها شقيقتها المتزوجة من ثري أمريكي وتقيم في شمال انجلترا أن تضم إليها احد أطفالها لترفع عنها بعض أعبائها فاختارت الأرملة الحزينة البنت الوحيدة من بين أبنائها لكي تنتقل إلى كفالة خالتها وتعيش مع أسرتها .
وكتبت ( أجاثا كريستي ) بعد سبعين عاماً أو أكثر من هذه الواقعة في مذكراتها تقول : إنه بالرغم من أن دوافع الجدة الأرملة لاختيار أمها للانتقال إلى حضانة خالتها الثرية دون إخوتها الذكور كانت واضحة , وهي أن الذكور يستطيعون تدبير حياتهم والاعتماد على أنفسهم بأسرع مما تفعل الفتيات , إلا أن ابنتها – أم أجاثا – قد فسرت ذلك كطفلة بأن أمها إنما تهتم في الواقع بالذكور وتفضلهم عليها , لهذا فقد احتفظت بهم في حضانتها وسلمتها هي وحدها إلى الخالة الثرية , وغادرت الطفلة بيتها في جرسي إلى بيت خالتها في شمال انجلترا وفي أعماقها الم شديد لإحساسها القاتل بأنها " غير مرغوب فيها " من جانب أمها .
وعاشت طفولة تعيسة في بيت خالتها رغم التعليم الأفضل والحياة الأرقى , وراحت تبكي كل ليلة في فراشها وتذوي صحياً حتى جاءتها خالتها بطبيب عجوز فحصها وتحدث إليها طويلاً ثم قال لخالتها بحزم : إن الصغيرة تعاني من مرض واحد فقط هو مرض " الحنين إلى الوطن " أي إلى الأسرة التي نشأت فيها وإلى أمها وأشقائها وبيتها الخاص وذكرياتها فيه !
وتعجبت الخالة الثرية لذلك كثيراً فالصغيرة هادئة ومهذبة ولا تشكو من شيء وهي تحبها وترعاها وكذلك يفعل زوجها الأمريكي العجوز فما سبب هذا الذبول والانكسار ؟ ..
وقد واصلت الطفلة حياتها رغم ذلك في بيت خالتها حتى كبرتوتزوجت من ابن خالتها الأمريكي وأنجبت منه عدة أطفال كان من بينهم من قدّر لها أن تصبح أشهر كاتبة روايات بوليسية على مر التاريخ , ومع ذلك فقد ظلت الأم كما قالت : ( أجاثا كريستي ) في مذكراتها " تحمل في نفسها " لأمها الاتهام الصامت بأنها قد تخلّت عنها دون إخوتها الذكور حتى ماتت وهي فوق الثمانين !



* من هذه القصة نجد بأن للأب والأم أهمية لدى أطفالهم ,, فكم أنسان حرم من أبيه الذي أنتقل الى الرفيق الأعلى , فلا شئ في الحياة يشعر بالأمان لدى الأبناء سواء حاجتهم لأبيهم ,, فهو القائد وهو العمود الفقري بالأسرة ,, فكم من أنسان لايهتم ببر أبيه , وكم أنسان ينشغل بأمور حياته ولا يجلس مع أبيه , ولا يقدم لأبيه البر والمساعدة ,, لكن عندما ينتقل الأب الى الرفيق الأعلى , سوف يشعر الأبن بقيمة وأهمية الأب .. وهذه ( أجاثا كريستي ) تركتها أمها لقريبها الثري , بسبب الضائقه المالية التي تعاني منها ,, ونسيت والدة ( أجاثا كريستي ) ,, بأن الأطفال الأناث بحاجه لأسرتهم أكثر من الأطفال الذكور .. لأن الأولاد الكبار عندما يكبروا . رغم أنهم سوف يعانوا من أفتقاد ابائهم , الأ أنه سوف يأتي يوما وينخرطوا في أعمالهم , وينهمكوا في أمور الحياة , وتكوين أسره لهم .. وهم أقل تأثرا من الأناث ..!
فالأطفال سواء ذكورا أو أناثا ,, دائما يكونوا بحاجه الى أبائهم ,, ويشعروا بالحرمان والأمان عندما ينتقل ابائهم الى الرفيق الأعلى ..




******************************




يريدونني الناس أن أستريح قليلا من الحب
من قال أني تعبت من الموت عشقا
وأني أستقلت من الرقص فوق اللهب ..
فكيف أبرمج قلبي لكي لا يحبك ..
فأنتي نبضي ,, وأنفاسي ..
وكيف أعلم ثغري . بأن لا يبوسك يوما واحدا ..
فقلبي لا يقوى يوما واحدا بحرمان فمي ..
عندما يحرموك الناس عني يكون ..!
النهار ,, طويل ,, طويل ,,
والليل ,, ثقيل ,, ثقيل ,,
أحبك جدا ..
وأشعر بأن الأماكن تنادينا ..
وزهور البيوت حين نمر .. تشير ألينا
فلن أهرب من سيف أشواقنا ..!
أبدا
أبدا ..!







رد مع اقتباس
قديم 21-10-12, 01:44 pm   رقم المشاركة : 1504
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



مذكرات ( أوراق الشجـره )

خرج الزائر الأخير من غرفة الكشف بالعيادة مودعا طبيبه فرجع الطبيب الكبير إلى مكتبه مجهدًا و استرخى في مقعده , ومد يده إلى المسجل القريب وضغط زراره فانطلقت الموسيقى الخافتة ثم جلس يتأمل بعمق وهو يتأمل الشجرة المعدنية الصغيرة الموضوعة فوق مكتبه منذ سنوات وتتدلى من فروعها أوراق على شكل براويز صغيرة يتضمن كل برواز منها صورة لأحد أفراد أسرته, فتتدلى من الفرع العلوي صورتان...
إحداهما له و الأخرى ( حنان ) زميلته القديمة بكلية الطب وحبيبة سنوات الشباب و الكفاح , وتتدلى من الفروع الوسطى صورتان ( لنهال ) الابنة الكبرى الحبيبة ( ووسام ) الابن الشاب الغالي , وتتدلى من الفروع السفلى صورتان أضيفتا حديثًا إلى الشجرة إحداهما لـ ( راكان ) خطيب نهال والثانية لـ( نشوى ) خطيبة وسام , وبقيت أوراق بقية الفروع خالية تنتظر من يشغلها بصور الأحفاد و الأحباء حين يجيئون إلى الحياة, فهل يمتد العمر لكي يرى كل الأوراق مشغولة بصورة هؤلاء الأحباء ؟ وهل يجئ اليوم الذي يحتاج فيه إلى إضافة فروع أخرى للشجرة القديمة لكي تتسع لكل الأعزاء ؟ ( حنان ) كانت صاحبة فكرة هذه الشجرة ومبتكرتها , وبحيويتها المألوفة وقدرتها على تنفيذ أفكارها توجهت بغير علمه إلى أحد محلات الفضة , وقدمت لصاحبه رسمًا للشجرة التي تريدها والفروع التي تتدلى منها الأوراق التي تصنع على هيئة براويز يمكن وضع الصور بها. وفي ذكرى عيد زواجها السادس , قدمت إليه هذه الشجرة الفضية وفيها صورته وصورتها وصورتا الابنين الغاليين , وطلبت منه أن يضعها على مكتبه بالعيادة ليتذكر دائما هذه الأسرة التي تحبه وتعتز به, ثم أضافت ضاحكة : ولكي تذكرك أيضا بمن يعتمدون عليك في حياتهم كلما حاولت إحدى مريضاتك إغوائك أو اجتذابك إليها ! فلازمته هذه الشجرة منذ ذلك الحين واستقرت فوق مكتبه بالعيادة , وتنقلت معه من عيادة الحي الشعبي الذي بدأ فيه حياته العملية إلى العيادة الجديدة التي افتتحها في إحدى العمارات الحديثة بالحي الراقي منذ عشر سنوات بعد أن حقق نجاحه وأصبح أستاذًا بكلية الطب له تلاميذه ومريدوه مثلما ارتقت أيضا زوجته و أصبحت أستاذة في تخصصها , وجنيا ثمار نجاحهما الوئيد خطوة بعد خطوة , فانتقلا من المسكن الضيق بالحي الشعبي إلى المسكن الواسع بالحي الراقي , وأصبحت لهما حياة اجتماعية لائقة, وتقدم الأبناء في مراحل التعليم وسعدت الأسرة الصغيرة بأوقاتها معًا , وبفترات الإجازات القصيرة التي تختلسها من مشاغل الحياة لتقضيها معًا . وزادت الإيرادات فأصبحت لها مدخرات تتراكم مع السنين , وجاءت الفرصة لاقتناء ( شاليه ) مستقل فلم تتردد ( حنان ) بحيويتها المألوفة في اقتناصها , ونهضت بمهمتها المحمودة في تأثيثه وتجميله حتى أصبح واحة صغيرة جميلة تهرب إليها الأسرة مساء الخميس من كل أسبوع , وترجع منها مساء الجمعة وتقضي بها العطلات و الأعياد و إجازة الصيف . ثم جاءته ( نهال ) الحبيبة ذات يوم لتقول له في حياء أن هناك شخصًا ما يريد أن يقابله وأنها ترجوه أن يترفق به حين يجئ إليه وألا يحرجه بالسؤال عن أحواله وإمكانياته المادية . وخفق قلب الأب حين سمع ذلك من ابنته ونظر إليها متعجبًا من نفسه وكأنما قد اكتشف في هذه اللحظة فقط أن ابنته لم تعد تلك الطفلة الحبيبة التي تغالي في إظهار حبها وحنانها لأبيها وأمها وشقيقها , وإنما قد استوت شابة جميلة بدأ قلبها يتفتح للحب ! وفي خجل مماثل لحيائها سألها برفق :: هل تحبينه ؟ وأغضت نهال ببصرها متوردة الخدين صامتة . فابتسم الأب وهو مضطرب المشاعر ثم اجتذب ابنته إليه وقبل جبهتها وطلب منها أن تدعو هذا الشخص لزيارته في بيته مؤكدا لها أنه سوف يترفق به ويقدر ظروفه . وجاء ( راكان ) في الموعد المحدد وللوهلة الأولى لم يستطع أن يحدد مشاعره تجاهه , هل ضاق به لأنه قد أصبح غريمه في قلب ابنته الحبيبة, أم سعد به لأنه كما رآه شاب مهذب خجول, يطرق البيوت من أبوابها وسوف يسعد به قلب ابنته . وانعكس تضارب مشاعره على معاملته له فتردد بين الترحيب به بحرارة وبين التحفظ اللا إرادي معه , ثم حسم الأمر بينه وبين نفسه بعد جلسة التعارف الأولى بالميل للترحيب به ومنحه الفرصة لأن يكتسب مودته وثقته. وشهدت الأسرة الصغيرة جدالاً عنيفًا لبعض الوقت حول هذا الشاب, فقد رأت ( حنان ) أنه وإن كان من أسرة طيبة إلا أنه لا يملك شيئا ولا يعد مستقبله بإمكان تغلبه على مشاكله المادية , وأيدها وسام في تشاؤمها فضاقت نهال برأي أمها وشقيقها واستنجدت بأبيها لينقذ حلمها من معارضة الأم والأخ, وبعد عدة لقاءات تالية بين الأب وهذا الشاب, حسم ( الأب ) الموقف بإعلان تأييده لاختيار ابنته وعارضت ( حنان ) بقوه في البداية حتى اضطر لأن يذكرها ببداياته معها وبدايتها هي أيضًا, حين كانا يرجعان من كلية الطب سائرين على الأقدام إلى الحي الذي يقيمان فيه توفيرا للنفقات.
وانتهى الأمر بقبول ( راكان ) وسعدت الابنة الغالية بانتصار الحب على المعوقات والعقبات, وحدد الأب لغريمه الجديد في قلب ابنته مواعيد محددة للزيارة وطالبه بالعمل بجد لكي يضع قدمه على أول الطريق, واستمرت الخطبة ( ثلاث سنوات ) تخرج خلالها ( راكان ) في كليته النظرية وعمل معيدًا بنفس كليته وتخرجت ( نهال ) في نفس تخصص خطيبها وألحقها الأب بعمل بإحدى الهيئات واشترى لابنته منزل ملائم , وقدّم للشاب كل التسهيلات اللازمة لإتمام الزواج . وتزوجت ( نهال ) في حفل جميل وانتقلت إلى بيت زوجها وأحس الأب بعد زواجها بفراغ رهيب اضطربت له مشاعره لعدة أسابيع تالية غير أن الحياة قد مضت في طريقها المعهود , وألف الأب خلو بيت الأسرة من زهرته الحانية وعرف مباهج جديدة عوضته عن حرمانه من وجود ابنته بالقرب منه, فأضيف إلى رحلات الأسرة الأسبوعية للشاليه وإلى إجازاتها وعطلاتها ضيف جديد, وأضيفت إلى الشجرة المعدنية صورة أخرى, وطابت الحياة لـ ( نهال ) مع شريكها الشاب . فلم يمض على زواجها بضعة أسابيع حتى وجد الأب ( وسام ) يهمس إليه قائلاً في تردد : أبى أريد أن أتحدث معك خارج البيت وخارج العيادة !
وخفق قلب الأب من جديد, وأدرك بحسه أن الدور قد جاء على وسام لأن يغادر البيت بعد قليل هو الآخر ويخلو مسكنه عليه وعلى ( حنان ) وحدهما , وفي الكافي القريب من المنزل جلسوا وبدأ الابن الشاب الحديث المرتقب عن أمله في السعادة ورغبته في الارتباط بمن اختارها قلبه , واتسعت ابتسامة الأب وهو يؤكد له تأييده له في هذا الأمل ثم تسائل : ولكن لماذا أردت أن تصرِّح لي بذلك بعيدًا عن البيت وبعيدًا عن أمك ؟ وجاءت الإجابة نذيرًا بالجحيم , فلقد اختار قلب الابن فتاة من أسرة مكافحة لم تحصل على شهادة جامعية , وجذورها الاجتماعية بسيطة , وقدّر الرفض المتوقع من جانب الأم الحريصة على المستوى العائلي و الاجتماعي للأسرة , فأراد الاستعانة بأبيه على معارضة أمه المتوقعة.
وانفجرت الأزمة على نحو أشد هذه المرة وتمسكت الأم برفض هذه الفتاة ورفض الموافقة عليها وطالت الجهود لإقناعها بها حتى هدّد الشاب بالخروج عن طاعة الأم وهجر البيت والزواج من فتاته و الإقامة معها في مسكن أسرتها البسيط. وفي مساء الخميس التالي رفض الابن أن يصحب أبويه في رحلتهما الأسبوعية إلى الشاليه ولم يعترض الأب على ذلك وإنما رآها فرصة ملائمة للانفراد بزوجته ومحاولة التوصل معها إلى حل وسط للمشكلة .
وفي الصباح المبكر رجاها أن تسلِّم بحقائق الحياة وتعترف بأنه إذا انعقدت إرادة الأبناء على اختيار لا يلقى قبول الأبوين فلن يكون لاستمرار رفضهما في النهاية من عائد إلا وضع هؤلاء الأبناء أمام الاختيار لصالح الآباء والأمهات فما جدوى استمرار المعارضة إلا دفعهم للخروج على طاعتنا ؟ وبكت ( حنان ) طويلاً واكتأبت وطال اكتئابها حتى اضطر لاستشارة أحد زملائه من أساتذة الطب النفسي في علاج الاكتئاب البسيط , واستغرق الأمر عدة أسابيع أخرى قبل أن تسلم فكريه بالأمر الواقع وتكف عن المعارضة , وبدأت خطوات الارتباط. وشهدت الأسرة عدة أزمات صغيرة بدأت كلها من جانب ( حنان ) ووجد نفسه خلالها حائرًا بينها وبين ابنهما ووصلت الأزمة إلى ذروتها حين خرجت ( حنان ) عن اتزانها واتهمت زوجها بمناصرة ابنها ضدها وتشجيعه على عدم الاعتداد برأيها , وأتبعت ذلك بمقاطعته وهجرها لغرفة نومه إلى غرفة ( نهال ) الخالية , حتى غضب هو الآخر وهجر البيت وأقام في العيادة , ونام على مائدة الكشف لعدة أيام , إلى أن فوجئ بـ ( حنان ) أمامه ذات مساء ترجوه العودة إلى بيته , وتعتذر له.
واشترى الأب لابنه الوحيد شقة مناسبة , وتم الزواج وخلا مسكن الأسرة منه إلا في المناسبات العائلية والعطلات , ودعوات الغداء أو العشاء . واضطربت حياة ( حنان ) بعد زواج ابنها اضطرابًا شديدًا فكثر استسلامها للصمت والاكتئاب, وكثرت مشاحناتها مع زوجها وتعاملها معه بعصبية وحدة , وازدادت هواجسها وشكوكها في الآخرين حتى امتدت إليه , وشهدت سماء الأسرة غيوما جديدة من نفس النوع حتى اضطر الأب للشكوى إلى ابنته الحبيبة من تصرفات أمها ورجاها التدخل لديها لإقناعها بخطأ شكوكها, واستجابت ( نهال ) , ورجعت للإقامة في بيت الأسرة بعض الوقت لتلازم أمها وتؤنس وحدتها , وتدفع الشك في إخلاص أبيها . ونجحت نجاحا مؤقتا في ذلك, واستقرت الأوضاع نسبيًا بعض الوقت لكن عاصفة الشكوك والاتهامات رجعت من جديد بصورة أشد وتوترت العلاقة بين الزوجين على نحو خطير لم تشهده من قبل , حتى اعتصم الزوج مرة أخرى بعيادته, وطلب تدخل الابنين بينه وبين أمهما.
وها قد مضى اليوم الخامس عشر منذ هجر البيت وأقام في العيادة ولم ينجح الابنان بعد في مساعيهما , فترى ماذا سيحمل له المستقبل من تطورات ومفاجآت, وكيف تعقدت الأمور على هذا النحو العجيب بين الزوجين اللذين تشاركا في رحلة الحب والسعادة لأكثر من 25 عاما؟
أفاق من خواطره على صوت دقة خفيفة على باب غرفة مكتبه فرفع بصره إلى الباب مترقبًا, ودخل الممرض العجوز الذي رافقه طوال سنوات العمل وقال له مبتسمًا : هل يريد الدكتور شيئا قبل أن أنصرف؟ فرد الطبيب الكبير في هدوء : شكرًا يا عم محمد , مع السلامة !
ألا تريد أن أحضر لك عشاء أو كوبا من الشاي ؟ شكرًا , مع السلامة.
فانسحب الممرض العجوز من الغرفة , وخلا الطبيب بنفسه فاستقرت نظرته مرة أخرى على الشجرة المعدنية التي تحمل صورة الأحباء والأعزاء وتساءل الصوت الباطني في أعماقه : هل من العدل أن تفقد الشجرة إحدى أوراقها بدلا من أن تستقبل أوراقا جديدة وليدة !
وهل كان ما سمعه من ( حنان ) في اللقاء الأخير بينهما عن طلبها للطلاق بعد هذا العمر مجرد تعبير خاطئ عن رغبتها في تحذيره من أي تورط عاطفي بعيدًا عنها , أم ترى إنها رغبة حقيقية لديها صنعها اضطراب أعصابها بعد زواج الابنين وإحساسها بتقدم العمر وشكها في قدرتها على الاحتفاظ به لنفسها دون الأخريات ؟ تنهد الطبيب الكبير بعمق , ثم نهض من وراء مكتبه متجهًا إلى غرفة الكشف وهو يفك أزرار قميصه استعدادًا لقضاء ليلة أخرى جافة وكئيبة على مائدة الكشف ..!

وبقي الزوج على هذا الحال , يصارع تفكيره العميق ...!



*************************




شكـرا , يا سيدتي , شكـرا
أنتي ملأت عبيرا في يديا , من لمست يديك
لو لم أبصر وطني الثاني في عينيك
لكانت هذه الدنيا , عذابا , عذابا ..!







رد مع اقتباس
قديم 22-10-12, 12:10 pm   رقم المشاركة : 1505
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



عندما يعاني الأنسان من شئ في الحياة ,,
فأنما أول ما يتذكر هو من ( أحتل موضع القلب من أجسادنا ,, الساكن في القلب )
نفعل هكذا ليس لأننا نريد أن نحزنه بأحزاننا .. أنما نريد أن نحتمي به مما يؤلمنا ,, أو نتمنى لو كان معنا ليخفف عنا معاناتنا ..
فنحن دائما نكون نحتاجهم , لأنهم يهتمون بأمرنا , ونهتم بأمرهم ,, ونعرف عن يقين أنهم يتألمون لالامنا .. ويسعدون لسعادتنا ..!
فهم من نأتمنهم بأسرارنا , ونقبل أيديهم تعبيرا وحبا لهم .. ونتعلق فيهم الى نهاية أعمارنا ..!
فالأنسان الذي لا يجد ما يأتمنه تجده يشعر بالحرمان , ولا يجد اليد التي يقبلها تعبيرا عن حبه لصاحبه ..!
الأنسان بمقدوره أن يحصل على أصدقاء يصطحبهم في الحياة ,, يستطيع الأنسان أن يصادق هذا وذاك ,, يستطيع أن يضحك مع هذا وذاك ..
لكن في المقابل . ليس كل صاحب يأتمن , وليس كل صاحب تقبل يداه .. لأن قلوبهم تختلف وأطباعهم تختلف , فيهم من يخدعك , وفيهم من يتظاهر بالضحكه أمامك ..
فمن أعظم الأشياء الجميلة . هي أن تجد أنسان تأتمنه في كل شئ بحياتك , وتطمئن له بكل الأحوال , وتقبل يديه تعبيرا له ..
( هذا هو الأنسان الساكن في القلب ,, الذي يطمئن له القلب ,, فما أجملك يا أنسان القلب ) ..



*************************************


الأنسان بأستطاعته , أن يفرح , وأن يبكي متى ما أراد ,, أنما يحصل هذا بظروفه الداخلية المحيطه فيه ..
أما في المحيط الخارجي , تجده يتظاهر بالسعاده أمام الناس , ولو تعمقت ما في داخله , لوجدت أحزان كثيره متراكمه في داخله .. ولا يستطيع الأنسان أبعاد هذه التراكمات , الا بالعزيمة والأصرار , وبأستشعاره الرضى النفسي عما يخفيه داخله ..

أتذكر قرأت قصة قديمة عن ( الدلوين ) التي تحكي أن دلوين كانا مربوطين بحبل ومعلقيْن على بَكَرَةٍ فوق بئر , فينزل احدهما فارغاً وهو يتراقص كأنه يضحك متفائلاً , ويصعد الآخر ممتلئاً ويفيض منه الماء كأنه يبكي , والتقى الدلوان في منتصف الطريق , فسأل الراقص زميله الباكي :
لماذا تبكي ؟
فأجابه : كيف لا أبكي وأنا احمل الماء الثقيل بصعوبة وأصعد إلى أعلى فيعيدني صاحبي إلى ظلام البئر من جديد ! !
ثم سأل الدلو الباكي زميله : وأنت لماذا تتراقص ؟
فأجابه : وكيف لا أتراقص وأنا أنزل إلى قاع البئر فامتلئ بالماء العذب الصافي , وأصعد لأعلى فأستمتع بالضوء والشمس من جديد ! !
وهكذا نحن جميعاً .. منا مَن يكرر مثال الدلو الراقص , ومنا من يكرر مثال الدلو الباكي المتشائم ..



***************************




أنا لا أفكر .. أو أقاوم
أو أثور على هواك ..
فأنا وكل قصائدي , من بعض ما صنعت ( يداك )
فأنا لا أرى أحدا سواك ..!







رد مع اقتباس
قديم 23-10-12, 12:48 pm   رقم المشاركة : 1506
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( الأنسان يرى نفسه بأنه ضعيف )

الأنسان دائما يطبيعته يشعر بأنه ضعيف أمام المصاعب والألام ,, ولا يعلم كيف يكون قويا أمام الألام ..
الأنسان دائما يرى نفسه بأنه يشعر في نقص بداخله .. ولا يعلم كيف يكمل هذا النقص ..

قبل فترة قرأت قصة معاناة الفنان ( بيكاسو ) . عندما أحس بأنه ضعيفا .. وهذا هو الشئ الذي دعاني أن أكتب هذا الشئ ..!
قصته هي :
كان الفنان العظيم ( بيكاسو ) فى سنواته الأخيرة ينهض من نومه كل يوم و يشرب القهوة مع زوجته الأخيرة .. ثم ينفجر فجأة فى البكاء و هو يقول لها أنه يحس بأنه قد انتهى كفنان و أنه لن يستطيع أن يرسم خطا واحدا فى لوحة جديدة .. فتأخذ رأسه على صدرها و تغمره بقبلاتها و تهدهده كالطفل و تؤكد له بعطف الأمهات أنه سوف يرسم أبدع مما رسم طوال حياته .. و أنها واثقة من ذلك لأنه فنان عظيم .. و لأنها تحبه و لأنه لا يمكن أن
يخيب ظنها فيهدأ قليلا ثم تسحبه برفق من يده لتجلسه أمام اللوحة و تضع الفرشاة فيبدأ مترددا ... و هى تحثه و تربت على رأسه و ظهره بيدها .. فلا تمضى دقائق حتى تنطلق الريشة فى يده و ترسم أجمل لوحاته و أكثرها قيمة فنية ! ويتكرر نفس المشهد بنفس تفاصيله بعد يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر و يستمر حتى اليوم الأخير من حياته . فهل كان بيكاسو فى حاجة لشهادة من زوجته بأنه فنان عظيم لكى يعاود الرسم ؟ . لا بالطبع ، و إنما كان فى حاجة إلى هذا ليستشعر العطف و الحنان من شريكة حياته و ليتخلص من قلق الفنان و هواجسه و مخاوفه كإنسان .. ليواصل إبداعه .. وهكذا كل إنسان ، لأن كل إنسان ضعيف و صغير فى نظر نفسه مهما علا شأنه


فقط الأنسان بحاجة الى أن يرعاه أصدقاء القلب , بالحنان والعطف والأهتمام به عندما يحزن ويتألم أو عندما تتوقف طموحاته ..!
فكم من شخص قوي أمام الناس ,, لكن عند المصاعب تجد قواه قد أنهارت , وربما يفقد طاقته وخططه المستقبلية .. بسبب اليأس ..!
وكم أنسان موهوب ناجح , عندما يهاجموه الأعداء والأحقاد , يستسلم لهم , ويفقد قواه وموهبته ..!
كم موهبه أغتيلت بسبب عدم تشجيع اللغير له ,,
وكم أنسان له طموح , وما أن يمر فترة بسيطه الا والطموح قد أنهار , وأصبح أمامه اليأس والأحباط ..!
وهنا أقول بأن لأعزاء القلب أهمية في حياتنا ,, فهم وحدهم اللذين يمطرون يحنانهم وتشجيعهم الدائم لنا ..
ما أن تتوقف بهم عجلة طموحهم بالحياة , الا وترى صوتا قادما من أعزاء القلب , يشجعه أن يقوم ويكمل مسيرته وطموحاته ..!
لكن الأحقاد والحساد , هم من يحاولوا أن يعرقلوا مسيرتك العملية وطموحاتك ,, لكن بدعم أعزاء القلب , وبأصرارة وعزيمته , يستطيع الأنسان ينتصر على أعداء نجاحه وطموحه ..!
نحن بحاجة الى أعزاء القلب ,, وهم بحاجة لنا .. نقف بجانب بعض ,, ونمد أيدينا بالعطف والحب والحنان والتشجيع المستمر لهم .. فما أعظمهم أعزاء القلب الأوفياء ..!



****************************




دائمـا
أراك جزء من يدي
أراك في عروق يدي
أراك في هدوءك
أراك في اضطرابك ..
في حزنك , في صمتك الطويل
في أكتئابك ,,
أراك في الدمع الذي يقطر على أهدابها
أراك على يدي نائمة
كطفلة نامت على كتابها ..!
أصبحت جزء من يدي
أسمك مكتوب على كف يدي
وجهك مرسوم على يدي
أنتي يدي بشمسها , وبحرها ..!







رد مع اقتباس
قديم 24-10-12, 01:03 pm   رقم المشاركة : 1507
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً




( أشياء مما قرأت )

وصل القطار فى موعده فى الثانية من بعد ظهر الخميس فغادره الضابط الوسيم الشاب وسعى بين الزحام حتى غادر المحطة .. وقف ينتظر سيارة أجرة فطال الوقت دون أن يلوح له أمل فاتجه إلى محطة الباصات وركب إحدى سيارته , فى الرابعة كان يدق جرس منزل الأسرة دقته المتقطعة المعروفة عنه , فانفتح الباب عن وجه أمه المبتهج وتلقته بالأحضان والقبلات , ومن خلفها جاء أبوه فاتحاً ذراعيه, 15 يوماً كاملة يغبها عن أبويه فى عمله البعيد عن مقر أقامة أهله , فيخلو عليهما المسكن بعد زواج شقيقته وهجرتها مع زوجها , ويخلصان للوحدة فلا يؤنسهما فى وحدتهما سوى أخبار وحيدتهما المهاجرة , وابنهما الغائب واجترار ذكريات رحلة العمل , الأب موظف كبير بالمعاش منذ عامين ,, والأم مدرسة اعتزلت المهنة بعد تقاعد الأب لتخفف عنه وحدته , يمضيان معاً معظم أوقات النهار والليل ويذهبان إلى النادى القريب فى الضحى ويعودان وقت الغداء فيقضيان المساء أمام التليفزيون .
تتغير رتابة الحياة عندهما حين يرن التليفون رنينه الطويل حاملاً صوت " رانيا " الملهوف دائماً بالشوق إلى أبويها من مهجرها فى كندا , يطمئنان على أخبارها ويسعدان بكل نجاح يحققه زوجها ويترقبان موعد عودتهما فى الأجازة مرة كل عامين كما يترقب المرء الأعياد .
أما" محمد " الابن الذى يعيش على بعد 200 كيلو متر فقط من سكن أهله فلا يحمل التليفون صوته من مقر وحدته العسكرية إلا نادراً .. ويعتذر عن ذلك كل مرة بأنه يدخر الشوق والكلام كله إلى حين مجيئه إليهما كل أسبوعين, قلوب الأبناء تختلف فى ضعفها عن قلوب الآباء والأمهات .. وقد عرفا ذلك فيئسا من حثه على الاتصال بهما كل حين .
مائدة الغداء يوم الخميس حين يعود ( محمد ) هى بهجة الأسرة حقاً ومتعتها , تستعد لها أمه من اليوم السابق , ويشترى لها الأب أحسن الطعام والفاكهة, أما " التورتة " فيحملها معه ( محمد ) ويصر على أن يأكل الأبوان منها حتى التخمة , حديث المائدة يدور حول أحداث الأسبوعين الماضيين فى حياة الابن .. وحكاياته لذيذة تثير ضحك الأم والأب من القلب .
لكن محمد يتعجل إنهاء الجلسة كل مرة وينهض متسرعاً رغم احتجاج الأم فيغتسل ويغير ملابسه .. ويواجه حرج الاستئذان فى الخروج قبل أن يرتوى شوق الأم إليه .
قالت له عاتبة :
ألا تصبر قليلاً على لقاء " خطيبتك " حتى تشبع من طعام الغذاء .. وتستريح من السفر ؟
فنظر إليها باسماً ومحرجاً .. وأنقذه أبوه من حرجه قائلاً له :
اذهب يا محمد .. وبلغ تحياتى للأستاذ أحمد ولا تتوقف أمام كلام أمك , فلو استطاعت لأبقتك إلى جوارها ولما سمحت لك بزيارة خطيبتك ولا بالعودة لعملك مساء غد .. فقبل الشاب امه وودع أباه وخرج . فى بيت فتاته .. وجد خطيبته فى انتظاره فى كامل زينتها فجلس مع أهلها بضع دقائق ثم استأذن فى الخروج معها .
راحة القلب تبدأ حقاً حين يخرجان من باب العمارة فتتشابك أذرعهما , ويمضى الوقت جميلاً سعيداً بلا حساب .. عرفها وهو طالب بالسنة النهائية بالكلية الحربية .. وهى طالبة بكلية الأقتصاد , وتم تعارفهما فى محل الحلوى والجاتوه بوسط المدينة . جمعت بينهما المصادفة وتعاهدا على الارتباط , تخرج فى كليته .. وتخرجت بعده وعلمت مدرسة , وتوجا الحب بالخطبة والاستعداد للزواج .. قالت له أمه حين أراد خطبتها معترضة :
ليست جميلة .. بالمرة وأنت وسيم وألف فتاة جميلة ترحب بك , فلماذا تحكم على نفسك بعشرة فتاة غير جميلة قد تملها بعد أن يهدأ الحب .. وتتلفت حولك باحثاً عما ينقصك ؟
فغضب لإهانة الحب ودافع عن فتاته بكل قواه.
أما أبوه فقد قال الجمال مسألة شخصية تخصه .. ولا شأن لنا بها .. المهم أن تسعد وأن تكون من أسرة طيبة .. وكم من فتاة جميلة شقى بها زوجها , وكم من فتاة غير جميلة سعد بها زوجها .
ثم جاءت تحرياته عن أهلها مؤكدة جدارتهم بالمصاهرة فمنحه تأييده بلا تحفظ , وتمت الخطبة وتنازلت الأم عن معارضتها الواهية إكراماً لابنها ورحبت بخطبته .. بل واستراحت بعد قليل إلى طيبتها وروحها الودود والوداعة .. ومع ذلك فكثيراً ما تعجبت للهفته عليها رغم ما تراه من افتقارها للجمال !
غادر الخطيبان سيارته فى وسط المدينة .. فاتجها إلى محل الجاتوة والحلوى الذى تعرفا فيه للمرة الأولى , وتناولا واقفين بعض قطع الجاتوه وهما يضحكان برنامج الحب كل أسبوعين يبدأ عندهما بهذا المحل الذى جمع بينهما على غير انتظار , غادراه فسارا فى الشارع ببطء وهما يتهامسان وتواصل حديثهما بلا انقطاع توقفا أمام دار سينما واستعرضا صور الفيلم المعلقة على جدرانها ... وتشاورا هل يمضيان الأمسية فى دار السينما .. أم يتجولان بلا هدف حتى نهايتها وقررا دخول السينما لا يختلف الأمر عندهما كثيراً ففى وداخل دار العرض سوف يتواصل همسهما وضحكهما الخافت إلى ما لا نهاية , وقد يخرجان منها دون أن يعيا شيئاً كثيراً من أحداث الفيلم , فكل شئ جميل فى صحبة من تحب وحتى أفلام الكارتون التى تسبق عرض الفيلم تلقى لديهما صدى أكثر بهجة من صداها لدى الأطفال .
انتهى عرض الفيلم وغادرا السينما .. فتمشيا ثم ركبا سيارتهم فأعادها إلى بيتها وعاد سعيداً منتشياً إلى بيته .
سيمضى معها كالعادة ظهر يوم الجمعة ويتناول الغداء على مائدة أسرتها وستخرج معه إلى محطة القطار .. وتجلس معه فى بوفيه المحطة يشربان الشاى , ثم تودعه على رصيف القطار حتى يغيب عن الأنظار .
الحب شئ ثمين يستحق العناء من أجله , فلا بأس إذن بأن يتحمل انتقاد أمه وشكواها الدائمة من أنه يقضى من أجازته مع " خطيبته " أكثر مما يقضيه مع أبويه , ولا بأس أيضاً بأن يتحمل راضياً سخريتها الخفيفة وتساؤلها عن سر" السحر " الذى سحرته به هذه الفتاة ليظل ملهوفاً عليها هكذا .
الحب سحر فى حد ذاته يا أمى .. وليس فى حاجه إلى جهد دجٌال , أما "الجمال" الذى تلمحين إليه كلما تساءلت هذا التساؤل ,فليس لى من جواب عليه سوى أنى أراها أجمل الجميلات , وإن لم تصدقينى فخذى عينى وانظرى إليها بهما !
استراح لأفكاره ففتح الباب ودخل إلى مسكنه , فوجد أبويه جالسين فى الصالة فى مجلسهما المعهود أمام التليفزيون , وتلقى نظرة أمه العاتبة وعبارتها الموحية" حمداً لله على السلامة " باسماً , ثم دخل إلى غرفته ليغير ملابسه .. قال لنفسه وهو يخلع قميصه , أمى طيبة وتحبنى .. وهى نفسها مثال " للحب " الذى تتعجب منه, لكن حب الأم لأبنائها قد ينسيها أحياناً بعض حقوقهم فى الحب .. ويثير حبهم للأخريات غيرتها الغريزية ! كل تصرفاتها تنطق بحبها لأبى .. وكل تصرفات أبى تؤكد نفس الشئ .. حتى أنا لم أفهم مغزى مبادرتها بطلب التقاعد من عملها حين أحيل أبى للمعاش إلا حين شرحته لى فتاتى , وقالت لى إنه أكبر دليل على الحب العميق .. وجلستهما الآمنة أمام التليفزيون كل مساء التى يظللها دائماً العطف والفهم مثال آخر للحب , و" رانيا " لم تتزوج إلا بمن أحبت , وحين اعترض أبى على خطبتها لمن تزوجته بسبب اعتزامه الهجرة قالت له أمامى :
إنها تحبه وسوف تهنأ معه فى أى مكان يعيش فيه, فلا تقف فى طريقها .
وما زالت بأبى حتى تنازل عن معارضته .. فماذا إذن تنكر على الحب ؟
طالت غيبته بعض الشئ فى غرفته فقالت الأم لزوجها :
لم يسترح من عناء السفر ... وأنهكته " حبيبته " بالخروج والنزهة وليتها كانت جميلة بعد كل هذا العناء ... لكنه أعمى !
فداعب الأب مسبحته وقال لها مصطنعا الجدية :
" العمى " .. مرض وراثى فى أسرتى .. ألا ترين أننى أحببتك حين خطبتك .. وظللت على حبى لك حتى الآن .. رغم أنك لم تكونى جميلة ؟
فلم تتمالك نفسها من الضحك والابتهاج لكلماته وقالت له راضية :
سأتجاوز عن " طول اللسان " مقابل الكلام الحلو الذى سبقه ... ربنا يكرمك !
فربٌت على يدها مشجعا , لم تكن جميلة ؟ لقد كانت أجمل الجميلات .. وما زالت رغم تجاوزها الخمسين بعامين متعة بصرى , وإطمئنان قلبى .. ورفيقة عمري , اختلطت خيوطى بخيوطها فجدلت حبلاً واحداً يصعب فصمه , ووقفت إلى جواري فى كفاح الشباب وفى كل محن حياتى .. وواستنى فى أحزانى .. وسعدت بأفراحى .. وتوجت كل ذلك بطلبها التقاعد مختارة , حتى لا تدعنى للوحدة والفراغ حين أحلت إلى المعاش لم أطلب منها ذلك بل وعارضتها فيه , لكنها غلبتنى بحكمتها وقالت لى :
عملت بما فيه الكفاية ومعاشى ومعاشك يكفلان لنا حياة كريمة .. وابنانا تخرجا وعملا .. وآن لنا أن نستمتع بصحبتنا وحياتنا معا التى شغلتنا عنها الشواغل والأعباء , كما أننى لن أسعد إذا تركتك وحيداً فى الشقة فى الصباح ..
فرفعت يدى مسلماً بحجتها .. وأضفت صنيعها إلى رصيدها الكبير عندى .
عاد الابن إلى الصالة .. فنهضت الأم لإحضار بضعة سندوتشات خفيفة مع الشاى .. وتناولوا طعامهم هانئين .. وهم يتسامرون ويتنقلون بين السمر وبين مشاهدة تمثيلية السهرة فى التليفزيون .. ومضى الوقت رخياً طيباً حتى قطعت الأم مشاهدتها التليفزيون بسؤال ابنها فجأة :
برضه .. لن تتناول طعام الغداء معنا غداً ؟
فاحمر وجه ابنها الشاب ولم يجد ما يقوله , وأشفق عليه الأب فنظر إلى زوجته من خلف ظهر ابنه محذراً ومنبهاً , وأدركت الأم ما أثارته من حرج فى نفس ابنها وارتبكت قليلاً ثم قالت كأنما تجيب على نظرة زوجها :ربنا يعمل ما فيه الخير !
ونهضت إلى غرفة نومها , فالتفت الأب إلى ابنه وقال له :
أمك ذهبت للنوم .. فاحك لى يا بطل ماذا فعلت الليلة مع خطيبتك ؟
وتورد وجه الشاب بالبشر وراح يحكى لأبيه وهو صديقه الحميم تفاصيل لقائه بخطيبته وما دار بينهما من حديث .. حتى حديث الحب .. والأب يسمع باهتمام وتشجيع إلى أن سمعا صوت الأم من غرفة نومها ينادى الأب :
حسين .. ألن تأتى للنوم بعد ؟
فنهض الأب متثاقلا وهو يقول لابنه الشاب باسماً :
" أمك " تنادينى من الداخل .. بعد إذنك
فضحك الابن من قلبه وتبادل مع أبيه تحية المساء
ثم راقبه وهو يتجه بجسمه الطويل الذى لم يوهنه السن وإنما بدا فى مرحلة الشيخوخة أكثر مهابة وجلالا .. ونظر إليه وهو يغيب خلف باب غرفة النوم نظرة ملؤها الحب .. والإعجاب .. والاحترام !




*********************************




كلما ألتصقت يدي في يديك
تخرج من يديك الورود
وعطـر اليـاسمـين ..
وكل الساعات الثمينة
التي أقتنيتها قبل أن أحبك
توقفت عن العمـل ..
ولم يبقى في يدي
الا سـاعة حبـك ..!







رد مع اقتباس
قديم 28-10-12, 03:19 pm   رقم المشاركة : 1508
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



مما قرأت

(( دمـوع طفـل ))

قصة طفلا نشأ مع أسرته , ووجد نفسه بأنه وحيدا بين أبوين هادئي الطبع يدللانه ويرفقان به فأحبهما كثيراً .. وحملت ذاكرته الطفولية لهما دائما أجمل الذكريات .
وكانت أمه رقيقة كالخيال ، ابتسامتها حزينة وتحب الأغانى العاطفية وتدمع عيناها مع صوت عبد الحليم حافظ ، فيسألها حزيناً عما يبكيها فتمسح دمعتها بأصابعها .. وتقبله .. وتداعبه فينسى حزنه العابر ، وعلى عكس أمهات أصدقائه من أطفال العمارة والأقارب لم تكن تضربه ولا تخرج من بيتها كثيراً ، فإذا حان موعد الخروج ارتدت ملابسها ، ووقفت أمام المرآه تنظر إلى وجهها ساهمة فيبكى طالباً الخروج معها .. لكنها تلاطفة وتعتذر له بأنها ذاهبة مع أبيه إلى الطبيب وتعطية قطع الحلوى وتصطحبة إلى منزل جيرانها ليلعب مع طفلهما ، وهى تعده بألا تتأخر عنه كثيراً ولا تنصرف إلا بعد أن يرضى . ويبتسم ويعدها بألا يزعج جارتها خلال غيابها ، ثم تضع يدها فى ذراع أبيه ويخرجان ، ولا تطول عيبتها كثيراً فبعد ساعتين يعودان وفى ايديهما لفافة كبيرة من الدواء .. وقطعة شيكولاته له فيستعيدانه من منزل الجيران شاكرين ، ويرقبها وهى تتجرع الدواء فيرق قلبه لها ويسألها عما بها .. فتشغله بالحديث عما يسأل عنه ، أما وجهها الجميل فطالما أحبة وداعب شامته الصغيرة الجميلة فى ذقنها وحاول كثيراً أن ينزعها من مكانها بلا جدوى .
وبعد شهرين من التحاقة بمدرسة الحضانة للمرة الأولى ، عاد إلى بيته ذات يوم فوجد عمته فى البيت ولم يجد أمه وعرف أنها ستغيب أياماً فى المستشفى لمرض طارىء ، فتحرق شوقا لأن يزورها فيه لكن أباه رفض بإصرار ، وحاولت عمته الشابه أن تعوضه غياب أمه لكن هيهات أن يحلَّ شخص آخر فى موضع الأم الغائبة من قلبه . وطال غياب أمه ولاحظ عمته تتحدث مع أبيه حديثاً هامساً طويلاً وهما يختلسان النظر إلية ثم شاهد عمته تبكى ، فانقبض صدره وأحس بحزن غامض كئيب ، وبعد أيام ازدحمت الشقة فجأة بالعمات والخالات وخيم الحزن والبكاء على المكان .
وجاء خاله الشاب يدعوه للذهاب معه إلى بيت جدته ، فرحب بالعودة أملاً فى أن يجد أمه عندها ، فلم يجدها هناك . ووجد جو البيت هناك أكثر قتامه وحزنا ، وبعد أيام أعاده أبوه إلى البيت فأحس حين دخلة كأن الكآبه قد استقرت فيه ولن تغادر بعد لك ابداً .. وسأله عن أمه فأجابه الأب حزيناً بأنها قد سافرت وسوف يطول سفرها إلى وقت غير معلوم .. ورأى العطف فى عيون أبيه وخالاته ، فأدرك بقلب الطفل أن أمه ربما تكون قد سافرت إلى الرحلة التى لا يعود منها أحمد ، وحاول أن يتلهَّى عن كآبة البيت بألعابه والاستجابة لمداعبات الأهل والأصدقاء ، لكن شيئاً ما كان يشعرة دائما بأن أيام السعادة الجميلة قد ولَّت ولن تعود وبعد أسابيع من سفر أمه ، عادت عمته الشابه إلى بيتها وخلا البيت عليه مع أبيه ، وأصبح ينام فى حضن أبيه ويوقظه فى الصباح ويساعده فى ارتداء ملابسه ، ويصنع له إفطاره ثم يسلمه إلى أتوبيس المدرسة ، كما كانت تفعل أمه الجميلة فى أيام الصفاء ، ولغير سبب واضح فى ذهنه استسلم فجأه وهو يرتدى ملابسه فى الصباح بمعاونه أبية ، لنوبة طاغيه من البكاء فبكى طويلا وانهمرت دموعه بغزارة شديدة ، وسأله أبوه عما يبكيه : فلم يحر جواباً ولم يعرف هو نفسة لماذا يبكى ، وحين انتهى من بكائه ، ربت أبوه على رأسه بعطف وغسل له وجهه ثم ارتداءه ملابسه ، ولم يدعه أبوه يركب الأتوبيس فى ذلك اليوم وإنما اصطحبة فى سيارته إلى المدرسة واشترى له كمية من الحلوى فى الطريق ثم تركه فى فناء المدرسة ودخل إلى مبنى إدارتها وبعد قليل خرج وانصرف وهو يداعبه ويطالبه بأن يستمتع بالحلوى واللعب فى الفناء .
وبعد قليل من انصرافه ، جاءته " موظفة الحضانة " وأبلغته أن مديرة الحضانه تطلبه .. ومضى معها خائفاً .. ففوجىء بالمديرة التى لا يراها الأطفال فى الفناء إلا متهجمه ومحذرة من الخروج على النظام أو المشاغبة ، تستقبله بابتسامه عريضة ، ثم تقربه منها وتسأله عن اسمه وفصله بحنان ذكَّره بحنان الام الغائبه .. ثم تقول له إنها سمعت من المدرسات عن اجتهاده وحسن أخلاقه ، فرأت أن تطلبه لتراه وتشجعه على الاستمرار فى تفوقة وتهذيبه ، ثم فتحت درج مكتبها وأخرجت منه قطعة شيكولاته وأعطتها له أذنت له بالانصراف باسمة فخرج ذاهلاً وراضياً فى نفس الوقت
وتطررت نوبات البكاء الصباحية بعد ذلك كثيراً فهاجمته من حين لآخر دون مقدمات فستسلم لها لفترة طويلة حتى أصبح أبوة يخشاها ويترقبها بخوف ، وينقبض صدره حين تأتى وبعد كل نوبة ممائله يسأله بعطف :
ماذا يبكيب ؟ فيجيبه حائراً : لا أعرف
ويصدقة أبوه مكتئباً لأنه لا يعرف حقاً سبباً مباشراً للبكاء ، لكن الحزن الغامض المستقر فى القلب الصغير لافتقاده ملاكه الحارس .. يبحث دائماَ عن ثغره جديدة ليعبر عن نفسه ، فيطل منها بهذه النوبات الطويلة وتساءل الأب حائراً .. هل يعرض ابنه الصغير على طبيب نفسى فأجابه أخوته مؤكدين ( أن الزمن هو أكبر طبيب ) ، وكفَّ الصغير بالفعل عن السؤال عن موعد أمه من سفرها بعد شهور من غيابها ، واستقرت الحقيقة الكئيبة بشكل غامض فى وجدانه فبدأ يعتاد خلو حياته من صوت الأم الرقيق وابتسامتها الحزينة
وعاد أبوة بعد قليل إلى نظام حياته السابق ، فبدأ ساعات وحدته تطول فى المساء ، فقد بدأ أبوه يخرج من البيت بعد نوم الظهيرة ، فيغلق باب المطبخ بالمفتاح حتى يأمن عليه من خطر الغاز ويحذرة من الاقتراب من أكباس الكهرباء ويضع له على المائدة طعامه وشرابه ، ويوصيه بأن يلعب بألعابه فى هدوء حتى يرجع ، وهو يعده يخرج فلا يطول الوقت حتى يرن جرس التليفون ، ويجد أباه يسأله عما يفعل وهل واجه أية مشكله فيطمئنه ويعود لألعابة ويتكرر الاتصال أكثر من مرة ويتلقى الطفل الصغيرة أكثر من مكالمة من إحدى خالاته أو عماته
ومضى عام طويل اعتاد فيه وحدته وكثرة انتقاله بين بيوت جدته والخالات والعمات لقضاء بضعة أيام فى كل منها وحتى أمضى معظم ايام السنة ضيفا على بيوت الآخرين وافتقد الاحساس الي كان يحسه وهو فى غرفته يلعب وحيداً وأمه فى الجوار تتحرك وتقوم بأعمال البيت وتنادية من حين لآخر لتعطيه كبد الدجاجة أو قطعة حلوى أو زجاجة مياه غازية .
ودعته جدته لأبيه ذات مرة للإقامه فى بيتها يومين فلبَّى الدعوة سعيداً وجمع له أبوه معظم ملابسه فى حقيبة كبيرة وحملها معه وهو يصطحبة إلى بيت الجدة .. وأمضى يومين فى بيتها واستأذنها بعدها فى العودة لبيته وحجرته وألعابه ، لكنها استمهلته يومين آخرين لأنها لم تشبع بعد من صحبته فاستجاب لرجائها راضياً
وانتظر أن يحضر أبوه لاستعادته بعد اليومين الإضافيين فلم يحضر وتساءل عن أبيه خشية أن يكون قد سافر هو أيضاً وتركه وحيداً فى بيت جدته ، لكن الجدة طمأنته إلى أنه مشغول بأشياء هامة وسيحضر لاستعادته بعد أسبوع آخر وانتظر فى قلق مجىء أبيه ، فطال انتظارة أسبوعين آخرين فقد خلالهما كل صبره ، ولم يكف عن السؤال لحظة عن أبيه ، وعاودته نوبة البكاء الصباحية فجأة بعد أن كانت قد نسيته منذ شهور ، فوقفت جدته أمامها حائرة ودامعة ، وانتظمت النوبة فى موعدها الصباحى ثلاثه أيام متوالية ، وفى اليوم الرابع جاءه أبوه ، فلطَّف الأب من غضبه وقبله وأعلنه أنه قد جاء ليصطحبه إلى البيت وسيقدم له هناك مفاجأة ستسعده !
ونهض الطفل بحماس ليعود إلى بيته ، فاتهمته جدته بالجحود وبأنه لا يحبها فوقف يردد نظرة بابتسامه حائرة بينها وبين أبية وقال لها إنه يحبها كثيراً ، لكنه رغم ذلك يريد أن يعود إلى أبيه وبيته وغرفته ! وجمعت الجدة ملابسة وحمل الأب الحقيبة وأمسك بيد الطفل وغادرا المسكن ، ولم يطق صبراً حين خرجا فسأله عن " المفاجأه " ، واستمهله الأب حتى يصلا إلى البيت ويراها بنفسه ، وكرر السؤال مراراً وتلقى نفس الإجابة فبدأت الآمال الغامضة تداعب خياله ، وتساءل فى نفسة .. (هل تكون المفاجأة التى غاب أبوه من أجلها كل هذه الفترة هى عودة امه من سفرها الطويل ) !
وانتهى اخيراً الطريق الذي تصور أنه لا نهاية له .. ووثب درجات السلم أمام أبيه متعجلاً الوصول للشقة .. فوجد الضوء ينبعث من تحت بابها فتأكدت " ظنونه " وطرق الباب بيده الصغيرتين منفعلاً ونادى: افتحى يا ماما أنا وليد!
وانزعج الأب من سمع النداء ، وجاء من خلفة واجماً وفتح باب المنزل فاندفع الطفل داخلاً .. فرأى سيدة غريبة تقف فى ردهة الشقة مترقبة .. وإلى جوارها طفلة صغيرة تتطلع إليه فى صمت ، فتوقف الطفل ذاهلاً ونظر إلى السيدة بعين مستفهمة .. ولاحظ فى دهشته وارتباكه أن الشقة قد طليت بلون جديد وأن هناك ستائر جديدة على النوافذ .. وأخرجه من صمته صوت السيدة الغريبة وهى تقول له فى رفق:
أهلا وليد .. لقد كنت مشتاقة كثيراً لرؤيتك .. وقد وجدتك أجمل مما توقعت !
ثم جذبته إليها وضمته وقبّلته فاستسلم لها وهو لا يدرى هل يسعد باهتمامها به .. أم يحزن لأنها لم تكن المفاجأه التى توقعها ؟
وأمسكت السيدة بيدة وأشارت إلى الطفلة الواقفة إلى جوارها وقالت له:
هذه رانيا .. أختك الجديدة !
فتطلع إلى أبيه كأنما يستنجد به لتفسير كل هذه الغرائب ، فلم يدعه الأب طويلاً لحيرته ، وقال له وهو يختار كلماته بعنايه :
وليد لن تشكو شيئاً بعد الآن .. فقد أصبحت لك " ماما " جديدة تحبك وستهتم بشئونك .. وأصبحت لك أخت جديدة ستلعب معك وتسليك وستنام معك فى الغرفة فى سرير جديد حتى لا تخاف أثناء الليل .. أليس هذا ما كنت تتمناه ؟
وهمّ الطفل بأن يقول له ما كان يتمناه حقاً لكن شيئاً غامضاً منعه من التصريح به فسكت .
وتبادل الأب مع السيدة بعض النظرات المعبرة .. فخملت الحقيبة التى جاء بها الأب ، وأمسكت بيد وليد وقالت له فى مرح :
تعال معي لترتب ملابسك وقادته إلى غرفته . فلاحظ حين دخلها أن التغير قد شملها أيضاً . فأضيف إليها سرير جديد ودولاب صغير ، وراجت السيدة تخرج ملابسه من الحقيبة وترتبها فى دولابة والطفلة الصغيرة تراقب صامته .. ووليد ينظر إلى أبيه فيشجعه بابتسامته ونظراته .
وانتهت المهمة فقالت السيده :
سأدعكما الآن تلعبان معا بعض الوقت حتى اعد لكما طعام العشاء ، ثم خرجت مع الأب ، ووجد وليد الطفلة مازالت واقفة قرب الباب تنظر إلية فى ترقب وخوف ، فعزف عنها دون كلمه ، وبحث عن ألعابة وأخرج منها علبة المكعبان الكبيرة وجلس على الأرض وراح يلعب بها ساهِماً.
وبعد دقائق رفع رأسه فوجد الطفلة مازالت فى موقفها ترقبة .. وخُيلِّ إلية أنها خائفة ، فعاد إلى ألعابة صامتا .. وبعد دقائق أخرى رفع رأسة إليها فوجدها فى مكانها تتطلع إليه فى صمت وأمل .. فأشار لها بيده أن تأتى فاقتربت منه على الفور ، كأنما كانت تنتظر هذه الإشارة ، فأشار لها مرة أخرى أن تجلس ، فجلست طائعه وأعطاها بعض المكعبات فتناولتها بترحيب وراحت تساعده فى بناء السور الذي يبنيه ، ووقع أحد المكعبات بعيداً عن مجلسة ، فأشار إليها فنهضت على الفور وأحضرته له ، فرقَّ قلبه لها بعض الشىء وسألها وهو منهمك فى تركيب قطع المكعبات :
من هذه السيدة التى كانت معك ؟
فأجابته : ماما

وعاد للعب للحظات ثم سألها مرة أخرى :
هل ستجلسان هنا فترة طويلة ؟
فاجابته : ماما تقول إننا سنجلس على طول !

فكاد يستسلم للغضب احتجاجاً على هذه النية ، لكنه عدل عنه وسألها :
ولماذا لا تجلسان فى بيتكما مع بابا ؟
فأجابته الطفلة ببراءة : بابا " سافر " من زمان .. وشقتنا مظلمه وخالية !

فتساءل متعجباً لهذه المصادفة :
أنت أيضاُ " بابا " مسافر ؟
وهزت الطفلة رأسها مؤكدة . فنظر إليها طويلاً .. وأحس للمرة الأولى منذ رآها بأنه يمكن أن يقضى معها بعض الأوقات السعيدة ، وأن يشتركا معا من حين لآخر فى اللعب وفى مقاومة الخوف من الظلام أثناء الليل ، ورآها صغيرة خائفة .. ولبية وتترقب إشاراته لتنفيذها بلا اعتراض .. فاستقر رأية على ألا يطردها من غرفته كما فكر فى ذلك منذ دقائق ، وقرر أن يسمح لها باللعب معه كما رأى ذلك مناسباً ولكن بغير أن تستولى على أية لعبة من ألعابه ، وانهمك فى بناء السور ، وهى تساعده كلما طلب منها ذلك وتستجيب فى استسلام غريب لأموامره فتساءل بينه وبين نفسه متحيراً :
( لماذا يسافر بعض الآباء والأمهات بعيداً ويتركون أطفالاً حائرين وخائفين .. مثل هذه الطفلة الصغيرة .. ومثلي ) ؟



وشائت الأقدار أن يرتبط ( الزوج الأرمل ) على ( زوجة أرملة ) , وكل واحدا منهم لديه ( طفل )
ودموع الأبن تقول : متى ستعود أمي من السفر ..
وموع البنت تقول : متى سيعود والدي من السفر ..
وهكـذا , سوف يطول السفر الى الأبد .. لأنهم أنتقلوا الى الرفيق الأعلى ..!




******************************




ماتت الفـرحه في لحظـة غيـابك ..!






رد مع اقتباس
قديم 30-10-12, 01:04 pm   رقم المشاركة : 1509
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( الحزن والمتعـه )

وقف طفل صغير أمام أحدى محلات ملابس الرجال وجلس ينظر الى ( الفاترينة ) ويتأمل باهتمام شديد ما يراه خلف الزجاج، لم يكن يشاهد البدل الجديدة الأنيقة المعروضة فيها و لم يكن يحلم بأن يكبر و ستطيع أن يشتري واحدة من هذه البدل .. بل ولم يكن ينظر أساسا إلى هذه البدل الأنيقة إنما كان يرقب بشغف و حنين "الموديلات" الوردية اللون المصنوعة بدقة و جمال من البلاستيك على هيئة الرجال و هي ترتدي تلك البدل ! .. يتأمل ملامح الوجوه الوسيمة و لون شعر الرأس و لون العيون و ما توحي به من انطباعات عن شخصية كل موديل .
فهذا "الرجل" وسيم ، لكن ملامحه توحي بالقسوة ، و هذا "الرجل" أقل وسامة لكن ملامح وجهه مريحة و هذا "الرجل" وسيم و شديد الشبه بوالد زميله في الفصل ، وكل هؤلاء الرجال فيهم أناقة ووسامة ووجوههم باسمة .. لكنه لا يجد بينهم ضالته .
لم تكن المرة الأولى التي يمارس فيها هواية تأمل وجوه الموديلات في نوافذ المحال التجارية الكبرى .. فهو يتأملها دائما كلما خرج مع أمه لتشتري بعض حاجاتها من الأسواق ، فتجذبه من يده بحزم كلما أطال الوقوف أمام أحدها ، لكنها المرة الأولى التي يمارسها فيها منفردا و بحرية بعيدا عن رقابة أمه و جذبها المستمر له من أمام المحال .. فلقد تأخرت اليوم في الحضور لاصطحابه من مدرسة الحضانة ووجد حارس الباب منشغلا بالحديث مع بعض آباء الأطفال الذين يحييهم باحترام كلما جاءوا لاصطحاب أطفالهم فتسلل من باب المدرسة و راح يتمشى في الشوارع وحيدا ينتقل من محل إلى آخر .. و من رصيف إلى رصيف باحثا عن فاترينة المحل القريب التي عثر فيها منذ أيام خلال مصاحبته لأمه عن (( الرجل )) الذي يريده و يتمناه لنفسه ! إنه طويل وسيم باسم يبدو حنونا و محترما في نفس الوقت .. و سوف ينهض حارس المدرسة تحية له حين يحضر لاصطحابه منها ظهر كل يوم كما فعل مع الآباء المحترمين .
و بمصادفة نادرة وجد نفسه أمامه ينظر إليه باسمًا ومادًا ذراعيه يستعرض البدلة الأنيقة التي يرتديها كأنما يسأله هل تعجبك ؟، فتسمر أمامه و راح يرقبه في صمت و خياله ينشط .. إنه يريده لنفسه أبا يحبه و يخافه و يفتخر به أمام زملائه بالمدرسة و أطفال جيرانه .. فكلهم لهم آباء و هو وحده الذي لا أب له .. مات في الحرب كما قالت له أمه و لم تبق منه سوى صورة صغيرة معلقة في حجرة الصالون يقف فيها إلى جوار أمه بملابس الزفاف .. لكن الأب الذي في الصورة لا يتكلم و لا يتحرك و لا يداعبه و لايخرج معه في نزهة .. و لابد من أب جديد .. فبدأ يبحث عنه في وجوه جيرانه لكنهم مشغولون جميعا لهم زوجات و أبناء .. فبدا يبحث عنه في نوافذ المحال التجارية ! إن هذه المحال تجيد اختيار الرجال الذين يقفون في شرفاتها و سوف يجد ضالته فيها ..
وبدأت رحلته للبحث عنه كلما اصطحبته أمه لشراء شئ من الأسواق .. و ضايقه كثيرا أن أمه لا تفضل الوقوف أمام محال ملابس الرجال و تصحبه غالبا إلى محال ملابس الأطفال ومحال الملابس النسائية .. أمه جميلة و صغيرة و حزينة و ترتدي السواد دائما و تلاعبه أحيانا و تبكي أمامه في أحيان أخرى و تحتضنه في الليل و تنام .
وكلما سألها لماذا لا يكون له أب آخر بدلا من الأب الذي في الصورة تبتسم ابتسامة حزينة و تطالبه بالحديث في موضوع آخر ، وها قد وجد فرصته ليقنعها ( بشراء ) أب من هذا المحل .. فدخل مرتبكا ليسأل البائع عن ثمنه ! وتعجب البائع من أن يفكر طفل في شراء بدلة كبيرة للرجل أو أن يسأل عن ثمنها فداعبه و طالبه بأن يعود مع أبيه لشرائها .. و ذهل الرجل قليلا حين قال له الطفل أنه لا أب له و أنه لا يريد شراء البدلة وحدها لكن شراء (( الرجل )) بملابسه ليكون له أبا و يريد فقط أن يعرف الثمن ليقنع أمه بذلك ! و ربت البائع على خده و أفهمه برقة أن المعروض في النافذة ليس رجلا و إنما نموذج لرجل و أنه ليس للبيع .. لهذا فهو لا يصلح لأن يكون أبا لأحد .. و عليه أن يبحث عن ضالته بين الرجال الذين يتكلمون و يمشون و يضحكون ، فخرج الطفل حزينا و البائع يتابعه بعطف و تأمل !
وسار الطفل في الشارع يتأمل الرجال الذين يعبرون الطريق و يرفع رأسه إلى أعلى يتأمل الوجوه و يقف أمام المطاعم يرقب من وراء الزجاج الرجال الذين يتناولون الطعام .. و يتجاهل الرجال الذين يسيرون بصحبة سيدات و أطفال و يركز النظر على الرجال الذين يسيرون أو يجلسون وحدهم ..
ثم اصطدم بساق رجل .. فانحنى عليه الرجل معتذرا و مبتسما .. فتعلقت نظرات الطفل به كأنه نجدة هبطت عليه من السماء .. إنه قريب الشبه من الرجل الآخر الواقف في نافذة المحل .. ووسيم ومحترم مثله .. و أكثر من ذلك يسير وحيدا في الشارع .. و قد مضى الرجل في طريقه فوجد الطفل نفسه بتلقائيه يسير خلفه . كان الرجل يحمل في يده حقيبة أوراق صغيرة .. و لا يبدو في عجلة من أمره فراح يمشي على مهل .. و يتوقف أحيانا أمام بعض المحال التجارية و من خلفه يسير الطفل كلما سار و يتوقف كلما توقف ولا يرفع عينيه عنه ! ثم دخل الرجل مقهى صغيرا فتردد الطفل في الدخول وراءه فوقف ينتظره أمام بابه .. و لم يختف الرجل طويلا عن أنظاره فلقد اختار مائدة مطلة على الشارع و جلس إليها و فتح حقيبته و أخرج منها صحيفة و راح يحتسي القهوة و يقرأ .
فقال الطفل لنفسه إن هذا هو بالضبط الأب الذي يريده .. أب يقرأ الصحيفة و يشرب القهوة و يبدو محترما من الجميع .. و لم يشعر بالوقت الذي مضى و هو واقف أمام المقهى .. لكنه تنبه فجأة إلى الرجل وهو ينظر إليه بدهشة .. و يبدو كأنما تذّكره ! إنه يشير إليه أن يدخل المقهى .. فتردد قليلا ثم دخل .. و اتجه إليه و استقبله الرجل بعطف و سأله : هل تريد شيئا أيها الصغير ؟ فلم يجد جوابا .
وشجعه الرجل قائلا : هل تريد أن تأكل أو تشرب شيئا ؟ فهز رأسه نافيا فعاد يسأله هل تريد نقودا ؟ فهز رأسه مرة أخرى بشدة فتنبه الرجل إلى شيء غاب عنه فقال : يا إلهي أنت صغير جدا و ربما لم تبلغ السادسة .. ترى هل فشلت بالعودة الى بيتك وتريدني أن أصطحبك أليه ؟ فأشار الطفل برأسه مجيبا , فيسأله : أين تسكن ؟ فلم يستطع الطفل أن يتذكر أسم الحي أو الشارع .. فدفع الرجل ثمن القهوة , ثم نهض وأمسك بيده وأصطحبه خارجا وهو يقول له : دعنا نبدأ من البداية . أرني كيف بدأت رحلتك حتى وصلت إلى هنا و سار الطفل معه .. و في الطريق سأله في خجل : هل عندك سيدة و طفل ! فضحك الرجل وقال له : تقصد هل أنا متزوج ؟ لا لست متزوجا أيها الصديق الصغير . فتردد الصبي قليلا ثم قال له ببراءة : وهل تريد سيدة و طفلا
فاستولت الدهشة على الرجل تماما و راح يسأله عن سبب تفكيره في ذلك و الطفل يجيب في سذاجة حتى عرف القصة كاملة و لمعت عيناه بالتأثر و التفكير .. ثم تمالك نفسه وقال له : إن علينا أن نعرف أولا أين تقيم و نعيدك إلى أمك .. إنها تبحث عنك الآن في كل مكان و شديدة القلق عليك .. ثم لنبحث الأمر بعد ذلك معا.
و اعتبر الطفل ذلك موافقة فانفرجت أساريره .. و تملكته فرحة طاغية وأمسك بيد أبيه الجديد باعتزاز و تمنى لو صادف في الطريق بعض زملائه في المدرسة الذين يتحدثون دائما عن آبائهم ليقدمه إليهم.
ومضى الاثنان ينتقلان من شارع إلى شارع و الطفل يضحك و يسأل و يتكلم و الأب يجيب على أسئلة "ابنه " باهتمام .. و يتوقف من حين لآخر ليسأل شرطي المرور أو أحد المارة عن موقع المدرسة التي قرأ اسمها منسوجا على قميص الطفل . وأخيرا أقترب الأثنان من مبنى المدرسة , وعبرا البوابة الرئيسية فما دخلاها حتى صرخت الأم من الفرح , حين رأت طفلها , وجرت أليه باكيه , وجرى أليها الطفل سعيدا ورفعته عن الأرض وغمرته بقبلاتها ودموعها . ثم تنبهت للرجل الذي كان يرقب المشهد متأثرا , فمدت أليه يدها وشكرته بحرارة .. وأجابها الرجل بكلمات قصيرة , ثم أستأذنها وأستدار لينصرف .. فصاح الطفل يطالبه بالبقاء , وأحس الرجل بالحرج قليلا ثم وعده بأن يزوره في البيت في وقت أخر , وأشار اليه بيده وواصل طريقه .. فطالب الطفل أمه أن لا تدعه يرحل , لأنه يريد أن يذهب معهما الى البيت وأن ( يبقى ) معهما دائما .. وقد أتفق معه على ذلك ووافق الرجل .. لقد عثر عليه بعد أن تعب كثيرا من البحث عنه في الشوارع , لأنه الشخص الذي يريده أبا له ..!
و أدركت الأم الموقف و سألته عما قاله له واستمعت إليه ساهمة و إشفاقها على طفلها الوحيد يتزايد كلما ازداد حماسا في الحديث عن الرجل .. ثم قالت له و هي تجذبه إلى طريق العودة للبيت : سوف يعود قريبا و سوف يقيم معهما .. و سوف يتغير نظام حياتهما وتصحبه هي إلى المدرسة في الصباح و يعيده هو من المدرسة إلى البيت عند الظهر .. و سوف يلتقون معا كل يوم على مائدة الغداء .. و يشاهدون التليفزيون معا في المساء و يخرجون يوم الإجازة إلى حديقة الحيوان .. و إلى السينما كما يريد و سوف يكون له أب وسيم يفتخر به أمام أصدقائه في الزيارات العائلية و يقبّله كل مساء قبل أن ينام كما يفعل الآباء مع أبنائهم الصغار واختتمت كلامها قائلة : سيحدث كل ذلك يا صغيري صدقني ألم يقل أمامك أنه سيزورنا في وقت آخر !
ثم مسحت دموعها بظهر يدها .. و مضت في الطريق إلى بيتها ممسكة بيد طفلها الصغير الذي
يتقافز سعيدا و مبتهجا و هو يعد في خياله ما سيقوله لزملائه في المدرسة عن أبيه الجديد
وظهرت كلمة ( النهاية ) فوق ظهر الأم الحزينة والطفل السعيد ..!

أنها من غرائب القصص ,, فهذه القصة قدمتها ( السينما الروسية ) قبل عدة سنوات ,, فكان جميع من شاهد هذا الفيلم . كانو يندفعون بالتصفيق بحرارة , كأنهم في مسرح يقف فوق خشبته أبطاله .. تقديرا لأبطال الفيلم ولمؤلف هذه القصة ..!
فهذه القصة تترك فينا أثرا فيها من الحزن والمتعه
ربما البعض منا قد واجه في حياته أحداثا مثل هذه القصة ..!



********************************




صاحي ويرهقني التعب !
مستوحش غيابك كثير
كني وطن ضيّع شعب ..!
وقلبك الشعب الكبير ..







رد مع اقتباس
قديم 03-11-12, 12:04 pm   رقم المشاركة : 1510
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( قلب ينبض في صمت )

خمس سنوات وهو يعمل مع الفتاة في نفس المكان , ولم تلتفت إليه , ولم تشعر بوجوده , إنه شاب خجول منطو على نفسه ..
قليل الكلام يؤدي عمله في صمت , ويغادر المكان في هدوء , وهي شابة جميلة تحب الحياة والناس , لكنها تقول عن نفسها أنها لاتعرف كيف تختار حياتها .. فمن تحبه لا يلبث أن يهجرها بلا سبب , ومن يرغبها تعمى عنه إلى أن ينصرف عنها , وليس لها صديقة سوى زميلتها السمراء التي تعمل في نفس الكافتيريا وتتهمها دائما بالسذاجة لأنها تقبل على من تحب بلا تحفظ وتغمره بحبها فلا يلبث أن يزهد فيها ..
وصديقها قد فاجأها بالغدر على غير انتظار , فكرهت كل شيء , وقررت ان تغلق قلبها في وجه الجميع إلى أن تتعلم خبرة الحب التي تتيح لها أن تكون هي المرغوبة ويكون الطرف الآخر هو الحريص على الإحتفاظ بها .
وبين حديث العزاء المتبادل بين الصديقتين خلال لحظات الراحة من العمل تلتفت الشابة الحزينة إلى ذلك الشاب المنطوي الذي يعمل في هدوء في مطبخ الكافتيريا وتسأل صديقتها السمراء هل هو قادر حقا على الكلام ؟ وتشاركها صديقتها التعجب لأحواله وصمته وشعره الطويل المنسدل على جانبي وجهه .. ثم تنهض كلتاهما لأداء عملهما قبل أن يوبخهما مدير الكافتيريا أو المطعم .
وفي المساء تغادر الفتاة الحائرة مع قلبها المكان عائدة على الأقدام إلى بيتها فيلاحقها شابان عابثان يتحرشان بها ويتجاذبانها في الحديقة الخالية التي تقطعها كل مساء في طريق العودة .. وتدافع الفتاة عن نفسها بكل طاقتها فلا تلبث أن تنهار مغمى عليها , وفي اللحظة التي يوشك فيها الشابان على اقتراف جريمتهما يظهر فجأة الشاب الصامت عامل الكافتيريا ويطيح بهما وينحي على زميلته الشابة وينظر إليها بتألم شديد ثم يخلع سترته ويغطي بها ما تكشف من جسمها خلال تعرضها لمحاولة الشابين للاعتداء عليها , ويحملها على ذراعيه وهي غائبة عن الوعي ويتجه بها إلى بيتها فينزلها أمام بابه ويجلس غير بعيد عنها يترقب تنبهها مما غشاها إلى أن تفيق مرتعبة فتنظر إلى نفسها في فزع وإلى الشاب الغريب الصامت في قلق ثم تفتح باب بيتها وتغيب وراءه بلا كلمة واحدة ويمضي الشاب في طريقه عائداً إلى بيته .
وفي اليوم التالي غابت الفتاة عن عملها ولم تذهب إليه , ثم رجعت إلى عملها تحمل على يدها سترة زميلها , فتوجهت إلى المطبخ وأعادتها إلى الشاب الصامت شاكره , فإذا به يقول لها متألماً وهو يخفض عينيه حتى لايواجه نظرتها إنه شديد الأسف , لأنه تأخر في العمل بعض الشيء ليلة الحادث الملم فلم يستطع حمايتها من هذين الشابين قبل أن يتجرآ عليها بالإيذاء .
وتكتشف الفتاة أن الشاب الصامت الخجول كان يتبعها دائماً عن بعد كلما عملت في وردية المساء واضطرت للعودة وحدها إلى بيتها في وقت متأخر .
وتسأله بدهشة : هل كنت تتبعني من قبل ؟
ويجيبها ورأسه لايزال منحنياً على صدره : نعم لأحميك من أخطار الطريق في الليل .
وتغادره الفتاة لتبدأ عملها وهي مشغولة الخاطر بهذا الشاب الغريب .. لقد حماها من عدوان الشابين العابثين لكنه شديد التألم , لأنه لم يستطع أن يمنع العدوان من البداية . ولقد كان يتتبعها كلما غادرت العمل وحيدة إلى بيتها في المساء ليحميها من أخطار الطريق ويحرص على ألا تراه أو تشعر به خلال ذلك وهو يتحدث إليها منكس إلى الأرض وبصوت خفيض خجول , ولا يجرؤ على النظر إليها , فأي مشاعر صادقة يحملها هذا الشاب الصامت تجاهها . وشيئاً فشيئاً تجد الفتاة نفسها مهتمة بهذا الشاب الغامض ..
وتلتقي به في غير أوقات العمل فتعرف عنه أنه شاب يتيم تربى في بيت لرعاية الأطفال اليتامى , وكان طفلا مريضا معظم سنوات طفولته , وأنه شاب مثقف يقرأ الكتب التي لا يقرأها أمثاله من العاملين بالمطعم ويحتفظ باسطوانات الموسيقى الكلاسيك , ويفسر لها وجود عدد كبير من الكتب في مسكنه بأنه لا ينام كثيراً وأنه اعتاد العزلة منذ طفولته المريضة التي حرمه المرض خلالها من مشاركة الأطفال ألعابهم .. وتزداد الفتاة اقتراباً منه واحتراماً لمشاعره وأفكاره رغم غرابتها وتطلب منه أن يرفع عينيه في وجهها حين يتحدث إليها , وتدعوه لقضاء ليلة رأس السنة في بيتها مع أسرتها .
وتتكتم الفتاة علاقتها الحميمة به حتى عن صديقتها السمراء الوحيدة , وتفاجأ ذات مساء به وهو يترنح والدماء تنزف منه بغزارة , فقد كان يخرج بعض المهملات من الباب الخلفي للمطعم فترصده الشابان العابثان بعد أن برآ من جراحهما وانهالا عليه ضرباً وركلا ثم طعنه أحدهما بمطواة في بطنه فتحامل على نفسه ونزع المطواة بيده , ثم دخل المطعم يترنح ويوشك على السقوط , وصرخت الفتاة الجميلة صرخة مدوية حين رأته يتهاوى أمامها ورافقته في سيارة الإسعاف إلى المستشفى , وصارحت الشرطة بما حدث لها يوم محاولة الاعتداء عليها وعلاقة ذلك بما فعله الشابان العابثان بفتاها .. فألقت الشرطة القبض عليهما .
ولازمت الفتى الجريح في المستشفى وراحت تسأل الطبيب بقلق عن حالته فيجيبها بأنها خطيرة ليس بسبب طعنة المطواة وما تعرض له من ضرب وإيذاء وإنما لأن الفتى مولود بعيب خلقي في القلب ولا علاج له إلا بعملية زرع قلب جديد في صدره بدلاً من قلبه المريض .
وتهلع الفتاة لما سمعت وتأمل أن ينجح الأطباء في إنقاذ حياته , لكن الفتى يرفض بإصرار غريب فكرة انتزاع قلبه من صدره واستبداله بقلب جديد , ويتمرد على قيود المستشفى فينزع الأنابيب التي تربطه بالأجهزة الطبية , ويرتدي ملابسه ويغادر المستشفى في الصباح الباكر ليذهب إلى حبيبته التي لا يطيق الإبتعاد عنها وتسعد الفتاة برؤيته لكنها تتساءل عن سبب رفضه إجراء جراحة زرع القلب له فيجيبها دهشاً للسؤال نفسه : لأنهم يريدون أن (( يأخذوا )) مني قلبي الذي يحبك ! .
وتضحك الفتاة بسعادة وتحاول إقناعه بأن الإنسان إنما يحب بعقله وأفكاره وأحاسيسه وليس بعضو معين من أعضاء جسمه , لكنه يصر على أنه لن يسمح لأحد بأن يأخذ منه قلبه الذي أحبها به ! .
وتأمل الفتاة في أن تقنعه مع الأيام بإجراء الجراحة الضرورية وتعلن للجميع حبها له وسعادتها به وتفرض عليهم أن يعاملوه بما يستحقه شاب طيب وأمين مثله من احترام وتقدير .
وترسو سفينة الفتاة نهائياً في مرفأ هذا الشاب الطيب الذي تتعجب لإيمانه بخرافة الحب بالقلب الذي لا يعدو أن يكون مضخة للدم رغم ثقافته المميزة وتصطحبه معها في كل مكان .. ويبدو واضحاً للجميع انها قد عرفت أخيراً كيف تختار حياتها ومن تمنحه حبها بلا تحفظ أو حسابات فلا يزيده ذلك إلا رغبة فيها وتمسكاً بها .
وتصحبه ذات يوم إلى إحدى المباريات الرياضية فيجلس إلى جوارها فخوراً بوجوده معها , وتنتهي المباراة ويغادران الملعب فتقود الفتاة سيارتها الصغيرة ويجلس الشاب الطيب إلى جوارها يتحدث إليها بتلقائيته الحبيبة وتضحك الفتاة من قلبها طوال رحلة العودة بالسيارة وتراودها أحلام الاستقرار والأمان مع هذا الشاب الطيب إلى نهاية العمر وتستريح إلى أنه سيظل يحبها بالقلب الجديد كما يحبها الآن بقلبه المريض وأكثر , وتستغرق الفتاة في خواطرها وتأملاتها بعض الوقت ثم تلتفت إليه فتجده نائماً إلى جوارها كالملاك وابتسامة خفيفة تشع من ملامح وجهه الطيب الذي يتدلى على جانب صدره .
وتصل السيارة إلى بيتها فتدعو فتاها برفق للاستيقاظ لكي تقدمه إلى أمها وزوج أمها وشقيقها لكن الفتى لا يزال مستغرقاً في نوم الملائكة فتضحك الفتاة لاستغراقه في النوم كالطفل البريء , وتكرر عليه النداء عدة مرات بلا استجابة من جانبه فتهزه برفق وهي تغالب الضحك فلا يستجيب .. فتهزه بشدة أكثر فإذا به نائم نومه الأبدي فلا تصرخ ولا تولول وإنما توسد رأسه صدرها وتحيطه بذراعيها وتبكي في صمت .. لقد رحل الفتى الطيب عن الدنيا في لحظة خاطفة سعيداً بأنه قد نال من السعادة ما كان يحلم ببعض منه , واحتفظ بقلبه الذي أحبها به فوشت ملامحه شبه الباسمة بالارتياح والاستسلام وليس بالألم والخوف .
وتمت المراسم المعتادة في مثل هذه الظروف الحزينة ورجعت الفتاة مع صديقتها وهي تقول لها :
أخيراً عرفت من يستحق حبي .. لكن هاهو غاب عني إلى الأبد ! .
ثم تسترجع ذكرياته معها في مخيلتها فتبتسم للذكرى ابتسامه حزينة وتقول لصديقتها : لقد كان كالملاك وعزائي الوحيد هو أنني قد أسعدنه .. وسعدت به هذه الفترة القصيرة ! .

وتنتهي هذه القصة الجميلة التي قدمتها لنا السينما الأمريكية قدمتها في فيلم شاعري جميل منذ عدة سنوات , ويبقى السؤال المؤلم :

(( لماذا الحياة لا تمنح السعادة للإنسان في بعض الأحيان .. إلا وهو يسمع أناشيد الختام ؟ ))



*****************************




حبك هو سفينة حياتي ..
عيونك هي مركبي
التي أذهب أليها كل يوم ألى بحار أعماقك ..
حبي لك هي أمواج تهيج عندما أشتاق أليك ..!







رد مع اقتباس
قديم 06-11-12, 01:39 am   رقم المشاركة : 1511
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( الذكريات القديمة )

ترامت اليه الأصوات المبتهجة من الشقة المضيئة وهو يصعد الدرج أليها .. رأى بابها مفتوحا وفوق مدخله هلال من الأنوار الملونة , وأمامه يقف بعض المدعوين يتسامرون فحياهم ودخل مستحييا , رأى في المواجهة مقعدين كبيرين يتصدران بهو الشقة الواسع ومن حولهما باقات الورود وباقي المدعوين جالسين على هيئة مستطيل يلاصق جدران البهو . جلس في أقرب مقعد خال رءاه . وأخرج نظارته الطبية ليستعين بها في التحقق من الوجوه , وركز عينيه عي المقعدين الكبيرين , وتطلع الى وجه العروس الشابة بحنين غريب .. وخيل أليه أن يرى نفس الوجه القديم ..
بعد دقائق من التأمل الشغوف في وجهها نقل عينيه الى المقعد المجاور ..
فرأى وجه الشاب يتفجر بالسعادة , وعينيه لا تفارقان وجه خطيبته وهو يهمس أليها باسما ,, ويداهما متشابكتان ,, نفس المشهد منذ خمس وعشرين سنه .. والعمر شباب والأحلام ملونه بلون الورود .. وهو .. هو في نفس هذا المقعد .. وهي .. هي .. في المقعد المجاور ومن حولهما المدعوون على نفس مقاعد الصالون الأثري .. يتغير الأنسان أحيانا ويبقى الجماد على حاله مذكرا بعهد لم يحفظ .. ووعود لم يوف به .. فأيهما أحق بالأحترام ..؟
قال لها وهو في نفس هذا المقعد , سعادتي فوق الأحتمال .. فأجابته مبتسمه : نفس أحساسي واكثر ! ترى بماذا يتهامس هذان الشابان الان ؟ وهل تتغير لغة الحب من جيل الى جيل ؟ أن الفتاة نسخة من أمها الجميلة .. فهل تكرر نفس شخصيتها ..
كانت جميلة ووادعة وتشيع في النفس أحساسا هادئا بالسكينة والجمال .. تحابا وكان هو في عامه الأخير بالجامعة وكانت شقيقته المتزوجة هي الوسيطه أليها .. وتقدم لأبيها بعد التخرج فأستقبله في نفس هذا الصالون مرحبا لكن مشاعره تضاربت أمام أمها القوية المتسلطة .. ومن اللحظة الأولى اخضعته لأستجواب دقيق عن دخله وأمكاناته المادية وأسرته , ولم تبد مرحبة به . شكا الى حبيبته فنصحته بأن يبدى معها أقصى ما يستطيع من مهارة لأكتسابها ألى صفه , أذ بغير مساندتها لا يتم الزواج .. فتحامل على نفسه وحاول أرضائها بكل الطرق .. فرضت عليه أن يقدم شبكة باهضة .. ومهرا .. فوق أمكاناته المالية , وأن يستأجر شقة في نفس الحي حتى لا تشق عليها زيارة أبنتها بعد الزواج , فوعدها بأن يفعل المستحيل ليلبي طلباتها , باع قطعة الأرض الوحيدة التي ورثها من أبيه .. وباعت أمها ذهبها القديم , وأستدان من أقاربه , وقدم الشبكة وأعد المهر في أنتظار القران .. ووقف عاجزا أمام الشقة , وكلما عرض عليها شقه ملائمة . أبدت عليه أعتراضها لأسباب واهية , فأذا شكا لفتاته أذابت همومه بنظرة ساحرة , أو لمسة يد حانية , فيتوثب للبحث من جديد .. وفي نزههاتمهما المختلسه يحلمان باليوم الذي ينفردان فيه بنفسيهما في عشهما الصغير بعيدا عن رقابة الأم القاسية .. يداعبها قائلا : سوف أنتقم من رعبي من أمك فيك .. فتسأله بثقة : وهل أهون عليك .. فيسلم عليها بأنها أغلى ما في الوجود , ويتحدثان عن المستقبل , فتزقزق أمامها بحلمها الجميل , سوف ننجب بنتا أسميها ( نهى ) وسوف أزوجها ممن يختاره قلبها , ولو لم يكن يملك شيئا .. كانت رقيقة وحالمة وتحب أغاني ( عبدالحليم حافظ ) .. وتدمع عيناها حين تسمعه يغني ( خسارة .. خسارة فراقك ) وأكثر من مره أهدته أغنيته المفضلة في برنامج ما يطلبه المستمعون .. فيسمع بقلب طروب أسمه وأسمها يترددان عبر الأثير :
ومن ( جنان ) الى خطيبها ( فارس ) أغنية : أنا لك على طول خليك ليا , فيقسم لها أن يكون لها الى أخر العمر , ثم أكفهرت السماء فجأة بدون مقدمات , عندما وقع في مشكلة في العمل , وعوقب وتم نقله الى جنوب البلاد , وبعدما كانت وظيفته مرموقه , أصبحت وظيفته الان وظيفه هامشية ..
تملكه القلق والتشاؤم من حظه السئ .. أمها كانت ترفض الشقة القريبة من بيتها بدعوى أنها بعيدة .. فهل ستقبل أن ترحل أبنتها معه في المنفى البعيد !! وجاه الجواب بأسرع مما توقع , فعاد الى بيته الذي خيم عليه الحزن فوجد الشبكة والخاتم عند أمه .. أسرع الى التيلفون فجاءه الرد من أمها كالصفعه .. ذهب الى بيت حبيبته فتصدت له الأم ولسعته بكلمات مؤلمة أنها لا تريد لأبنتها الوحيدة أن ترتبط بشاب مغضوب عليه , ولا مستقبل له ورفضت الأم أن تسمح له بمقابلتها .. ترصد فتاته عند الخروج من بيتها .. فراها كسيرة منهزمة , ولم تجبه سوى بالدموع , زار أباها في مكتبه الحكومي فسمع منه كلمات مواساة .. ولم يجد أي قدرة على تحدي أرادة الأم .. عاد يترصد الفتاة وطالبها بأن تتوجه معه الى المأذون ليضعا أمها أمام الأمر الواقع .. فأجابته باكيه .. انها أضعف من أن تفعل ذلك مع أن قلبها يريده ويتمناه .. سلم بالهزيمة وأعترف لنفسه بأن أمها تتحين الفرص للأنقضاض عليه , ثم جائت الفرصة المواتية فصرعته بالضربة القاضية .. أنسحب من المعركة متألما بالجراح .. وسافر الى المدينة البعيدة .. ومن هناك راح يتلمس الأخبار من شقيقته , فعرف أن فتاته خطبت بعد عشرة شهور الى شاب يستعد الى للسفر الى الخارج للحصول على الدكتوراه , فقال لنفسه وهو غرقا في الكابه .. ( كل شئ ينسى ولو بعد حين ) .. حاول أن يتغلب على الوحدة والأكتئاب , فأنجرف الى لعب الورق مع مجموعة من زملائه يعانون مثله من السأم وأحساس الغربه .. سيطرت عليه داء القمار .. فقال لنفسه أنه يعالج جرحه المؤلم بالكي بالنار .. رحلت فتاته مع زوجها الى الخارج وأنقطعت عنه أخبارها , وبعد سنوات ,, وبعد فترة رحلة أمه عنه الحياة . وخلا بنفسه وحيدا .. نسي القلب فتاته بعد عامين أو ثلاثة من زواجها , لكنه لم يجد في نفسه دافعا ملحا للزواج رغم ألحاح شقيقته .. عرف غيرها وأحب أكثر من مرة .. لكنه لم يعرف أبدا مثل مذاق الحب القديم ..
أقتنع بحاجته للزواج بعدما أقترب من سن الأربعين أخبر شقيقته بأنه يرغب الزواج .. فعرضت عليه فتيات كثيرات فسألها عن شقيقة زوجها الأرملة ذاب الأبنة الوحيدة .. أشادت بأخلاقها وطيبتها , لكنه سألته : ولماذا الزواج من مثلها والفتيات في متناول يديك ؟ فأجابها متأسيا : لم أعد في سن الشباب .. ولم يعد للقلب مطمع ألا هدوء البال ..
تزوجها بغير أحتفال وتذكر يوم عقد قرانه . هذه الصالة نفسها ومجلسه فيها يوم خطبة فتاته الأولى .. وسأل نفسه : أهو صحيح ما يقوله البعض من أن في حياة رجل أمرأتين .. واحدة ندم على أنه لم يتزوجها , وأخرى ندم على أنه تزوجها ..
لم يحر جوابا لكنه لم يقصر في الحرص على نجاح زواجه وأستمراره .. وقابلت زوجته ذلك بأصرار شديد على التمسك به كأمل أخير لها في الحياة .. فأستقرت حياته بها وأن خلا القلب من عاطفة الأيام الجميلة , حاول أن يقنعها بعدم الأنجاب أكتفاء بأبنتها , لكنها أصرت على أن تجنب منه طفلا تربط حياتها به ألى الأبد ,, أستجاب راضخا , ورزق بطفل وسماه ( محمد ) وهو في الثانية والأربعين من عمره ..
في المناسبات الهامة في حياة الأنسان تتجدد الأشجان .. فاستخبر حين أنجب السنين فأنبأته أنه لو لم تعترض المحنة حياته لكان مولوده الأول الان في سن السادسة عشرة من عمره ..
تقدم في عمله فرقي مديرا بعد ست سنوات من ولادة ابنه ( محمد ) .. فأحتفل بعيد ميلاده وبالترقية في يوم واحد .. ثم نقل الى الهيئة التي يعمل بها مديرا جديد من الجامعة جمعت بينهما عضوية اللجنة العامة فتقاربا .. وتبادلا المجاملات . لكن شيئا ما كان يعوقه عن الأستجابة لتودده أليه ورغبته في تحويل زملاتهما الى صداقة .. في أوقات الراحة كان يزوره أحيانا في مكتبه .. ويحدثه عن أبنته الشابة بحب وأعجاب كبيرين , وعندما احتفل هو بخطبة ابنة زوجته لم يدع احدا من زملائه في العمل , لكن الصديق الجديد عرف بالخبر , وبعث أليه بباقة ورد , وعاتبه بروح رياضية على اغفال دعوته , بعد شهور من ذلك اليوم دعاه المدير الجديد الى حفلة خطبة ابنته الكبرى في حفل عائلي محدود , ونبهه ألى أن ظروفا تتعلق بوفاة احد أقاربه الحميمين قد أضطرته الى أقامة الحفل في مسكن أسرة زوجته بعيدا عن بيته وأعطاه العنوان .. وأمسك القلم ودونه ثم خيل أليه انه يعرفه .. فراح يستقصي بعض التفاصيل .. فأكدت له انه نفس العنوان القديم ( انه نفس منزل زوج حبيبته القديمه التي رحلت عنه ) وأن هذا الرجل الذي دعاه هو زوج حبيبته السابقة . لقد دعاه لحفل خطبة أبنته , التي لم ينجبها من خطيبته التي لم يتزوجها ! وأسترجع معلوماته فرجع أنها الان في الثانية والعشرين من عمرها , فاسترد نفسه سريعا من ذكرياته وهنأها بالكلمات التقليدية , ثم راح يتفصحه بأهتمام خفي كأنما يراه لأول مره , وحاول بأن يسأله ( عنها ) وعن شكلها الان , وماذا صنعت بها الحياة , لكن مسك لسانه في اللحظة الأخيرة , وعده بالحضور وأنصرف بعد نهاية العمل ألى بيته ومشاعره متضاربة تتناوبه لم يعد يحبها منذ سنوات طويلة .. لكنها ذكرى عزيزة في زوايا القلب .. مر في طريقه لبيته بمحل الزهور فأعطاه العنوان وأوصى بباقة ورود فخمة .. عاد الى البيت فتناول طعام الغداء مع زوجته .. ووجد نفسه يتأملها خلسة ويرقب تصرفاتها التي تتسم دائما بالحكمه مع أبنيها , وقال لنفسه كانما يخاطبها : فيك كل ما أرغب من عشرة هادئة , وشخصية متزنة رصينة , وعطف كعطف الأمهات . لكن الحب شئ أخر بكل أسف .. وهو لهيب دائما متأجج بالسعادة أو العذاب وحتى عذابه فأنه يجعل للحياة مذاقا مختلفا عن طعم الركود .. لهذا فهو عدو الأعتدال ..
غادر المائدة الى غرفة النوم , وحاول أن ينام كعادته كل يوم بلا فائدة .. فكر في أن لا يذهب مكتفيا بأرسال الورود .. لكنه لم يستطع مقاومة الرغبة في رؤيتها ولو لمرة واحدة بعد كل هذه السنين .. قال لنفسه فالتكن زيارة الى الماضي تنتهي بنهاية حفل الخطبة وتنتهي معها محاولات زميلة الجديد . لتحويل زمالتهما ألى صداقة حميمة .. تذكر فجأة الأغنية القديمة التي كانت تهديها له في الراديو . وتنبه ألى أنه لم يسمعها منذ سنوات .. قرر أن يبحث عن شريطها في درج شرائط الكاسيت وسط أكواب الأغاني الساخبة ..
نهض من فراشه بعد ساعتين بلا نوم فتناول الشاي وأرتدى ملابسه وبحث عن الشريط القديم ثم دسه في جيبه وأنصرف , ركب سيارته متوجها ألى عنوان خطيبته السابقة . فأدار الشريط وأستسلم ألى لأفكاره , ترى هل سيرى امها المتسلطة القاسية .. ووالدها المستسلم الضعيف .. وكيف يبدو شكل فتاة القلب القديمة الأن , وهل ستعرفه من الوهلة الأولى ( يقولون أن الفتاة لا تنسى أول من خفق قلبها له بالحب ,, ولو أستسلم الحب لعوامل الزمن ) .. فهل هي من هذا النوع ..!
في القاعة جلس يتصفح الوجوه , فرأى زميله مشغولا بتصوير أبنته وخطيبه . وتعرف على وجه شاب راى فيه ملامح مشتركه , فأحس بأنه شقيق فتاته الذي كان في سن المراهقة حين أرتبط بها .. لكن لم يجد اثرا في الأم المتسلطة ولا الأب الضعيف .. فعرف أن الزمن لعب معهما لعبته المحتومة .. ثم اخيرا راها تخرج من الممر الجانبي الذي يؤدي الى غرفة الطعام مع سيدة اخرى , فتجمد نظره عليها . وقلبه يخفق في الأنفعال ! تغيرت كما يتغير كل شئ في الحياة .. لكن وجهها الملائكي الجميل صمد الى للزمن الى حد كبير , وأمتلأ جسمها قليلا وأزداد فتنة ..
وفجأة وهو منصرف أحس بأن يدا توضع في كتفه وألتفت ووجد بأنه زميله يرحب به متسائلا في مرح .. متى جئت ؟ فتبادل الحديث فيما بينهم , ثم جذبه من يده ليقدمه للعروسين , وصاح وهما في الطريق أليهما ينادي زوجته ليعرفها بها , فجائت باسمة ومدت يدها , وصافحها مهنئا وألتقت العيون فلاحت علامات التذكر في عينيها .. أنكمشت ابتسامتها للحظه .. ثم عادت للأتساع من جديد وسألته : كيف حالك ؟ تظاهر بالمفاجأة قائلا : يالها من مفاجاة سعيدة .. كيف حالك ؟
فتسائل زوجها بلهجة مرحه .. هل تعرفان بعضكما ..؟
فرد عليه متظاهرة بالتعجب وقال يالها من دنيا صغيرة ,, وقد كنا منذ ست وعشرين سنة جيرانا لأسرة ( جنان ) ..! فتبادلوا التعليق على هذه المصادفة السعيدة .. وتبادل معا نظرة طويلة معبرة .. ثم انهت هي الموقف بدعوة الجميع لأفتتاح البوفية .. وتحرك المدعوون بالأتجاه الى غرفة الطعام .. فأنتهز فرصة أنشغالها وزوجها بهم . وتسلل من الشقة في هدوء .. وعاد الى بيته . عائدا من زيارته للماضي وصدره يجيش بأحساس شفيف من الشجن الهادئ !
وبهذا بدأ وأنتهي شريط حياتهما .. وتنتهي الرواية ..!






رد مع اقتباس
قديم 08-11-12, 12:15 am   رقم المشاركة : 1512
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( بعدما فات الأوان )

في أحدى الأيام دخل الكازينو المطل على النهر مكتئبا , تلقى دعوتها للقاء في نفس المكان الذي شهد ذكرياتهما , فتوجس من الدعوة بسبب صوتها المتهجم . في سابق الأيام لم يكونا يتواعدان على اللقاء .. وأنما يخرجان من مبنى الجامعة فيعبران الجسر المؤدي الى الشاطئ الأخر .. ثم يتجهان الى اليمين ليدخلا الكازينو الصغير .. من كثرة التردد عرفهما العاملون به , وألفوا رؤيتهما معا . حتى في أيام الشتاء الباردة يجلسان ساعه أو ساعتين كل يوم ثم ينهضان فيوصلها ألى محطة الأوتوبيس ويعود على قدميه الى مسكنه القريب ..
3 سنوات مضت منذ ألتقيا في عامهما الجامعي الاول . ولم يفتر الحب رغم المناوشات والتعجل .. ومن حين الى أخر تفقد صبرها فتطالبه بما لا تسمح به ظروفه الان .. وتتهمه بخيانة العهد ! تجيئه كل عدة أسابيع بخبر خاطب جديد ينزل عليه كالصاعقة ويحيل لياليه الى عذاب .. ثم تطالبه بالتحرك ! يعيد ما قاله لها منذ البداية من أنه يتيم ولا مورد له سوى المعاش الضئيل ولا يستطيع أن يتقدم أليها قبل أن يتخرج ويعمل .. فتقوم بوخزه بالكلمات القاسية ! وتتهجم السماء الصافية ! تقاطعه أياما لا يعرف للحياة خلالها معنى , ثم تعود أليه بخبر زوال الغمة وأنصراف الخاطب يائسا ! وتضيف ذلك الى سجل تضحياتها , وتتفتح الأزهار من جديد .. ينعم بحبها أسابيع , ثم تهب العاصفة مرة أخرى بنفس المقدمات والتفاصيل .. يسألها : لماذا نبدد أجمل أيامنا في المعاناة وغيرنا ينعم بالحب والثقة في المستقبل بلا عذاب ؟ فلا يجد جوابا شافيا ..
أنقبض قلبه حين رأها جالسه في نفس موقعهما القديم بالرغم من أعتياده زوابع الشتاء .. شئ ما في وجهها أكد له قلقه الدفين .. كأنما تريد أن تقول له : لن أضعف هذه المرة .. ولن أقدم المزيد من التضحيات .. صرف تشاؤمه حينما تحدثت أليه بلهجة باردة كمن أتخذ قرارا نهائيا ولم يبق الا أن يعلنه , أنهت أليه بصوت غريب على أذنيه قرارها بالأنفصال أقتناعا منها بأنه ليس جادا في الأرتباط بها ولو كان لما أكتفى بالعجز ومطالبتها بالصبر والأنتظار .. أحس بغصة الألم تتحشرج في صدره , ولم يستطع الكلام .. أتسجمع قوته ليدافع عن حبه حتى الرمق الأخير .. فلم يسعفه صوته .. أخيرا نطق بصوت مبحوح : حتى لو كنت مخطأ مع أني لم أخطئ فالوقت لم يضع بعد لتصحيح الخطأ .. نحن شابان صغيران .. والحياة أمامنا طويلة وكل شئ قابل للأصلاح .. فقط أمنحيني فرصة أخيرة للتصرف ..
سكتت كأنما لم تسمع شيئا وواصل هو دفاعه المستميت :
انا في الحادية والعشرين من عمري .. وأنتي في العشرين .. وسوف نتخرج بعد ثلاثة أشهر , وسنعمل وأنتي أول من نبض قلبي بحبها .. وأنا فارسك الأول .. وحبنا مضرب الأمثال .. لقد كنت أفضل أن لا أتقدم أليك الا بعد التخرج والعمل .. لكني مستعد الان لأقناع والدتي رغم صعوبة ذلك بزيارتكم أنقاضا لحبنا .. ولست أطلب منك سوى فرصة أخيرة .. فرصة أخيره فلماذا تضنين بها ؟
فأستمعت أليه صامته ثم قالت بغموض : فات الأوان ..!
تمضي أيام المصدوم في حبه وأملة ثقيلة بطيئة وفي الذاكرة تحفر بعضا , ذكراها الثابتة بمخالب الألم .. في المقدمة وعلى رأسها الليلة التي تخيلها فيها بفستان وردي في حفل خطبتها لفارس جديد .. تجنبا اللقاء حتى حفل الوداع يوم التخرج وتكفل زملاء الدفعة والعمل في نفس المجال بنقل أخبار الطرفين كل منهما للأخر .. بعد أسابيع من الأنفصال عرف بأمر خطبتها .. ثم بعد شهور قليلة سمع أنباء عن فسخ الخطبة .. أستيقضت العصافير النائمة في صدره من جديد . لكن شئ بقرب لم يبشر تحقيق الأمال .. ألتقيا في أحدى الأجتماعات . فرأى وجها جديدا اكتسى بطابع جديد من خبرة الحياة .. تسائل في حسرة : أين البراءة ورومانسية الأيام الخالية ؟ أقتربت منه كأنما لم تعترض حياتهما محنة الأنفصال .. حدثته عن عملها وتجنب الحديث عن الحب الذي كان فاثر الا يقترب من النبع الجاف .. وتواصل اللقاء بينهما في الحديقة الخلفية التي تخص أحدى أجتماعات العمل وتشعب الحديث .. لكن صدى أنغامه تغير كأنهما زميلان لا تجمع بينهما سوى المهنة الواحدة والطموح والرغبة في شغل الفراغ ! قال لنفسه لعلها تكون تنتظر أن أكون البادئ بالأعتراف من جديد أرضاء لكبريائها .. وقال لماذا لا تعطيني أشارة العودة والأمان ! أنتظر صابرا وقد حسم أمره وقرر أن يفاتحها من جديد أن تمسكت بالكبرياء الى النهاية ,, سأقول لها أني الان قادر على تحقيق الأحلام . أن الفرصة التي يمنحها الدهر لنا فنضيعها لا يعيدها مرة أخرى .. لكنها عادت ولن ندعها تفلت من أيدينا مرة أخرى ..
لكن أين هي ليلقى سلاح كبريائه تحت قدميها ؟ ولماذا أحتجبت منذ أيام عن جلست الأصدقاء في الحديقة ؟ أهي حيلة لأستشعر غيابك وألقى سلاحي بين قدميك .. لست بحاجة الى مزيدا من الحيل , فأنا المهزوم قبل النزال ..
ونهض يتصل بها تلفونيا في عملها ويدعوها للقاء في الحديقة الخلفية .. وحاولت الأعتذار بسبب مشاغل عملها لكنه ألح عليها بالحضور , وبعد تردد منها وافقت في النهاية ,, ثم جاءت وبلا مقدمات ركز عينيه في وجهها .. وافرغ بين يديها مكنون صدره .. فسمعته صامته , حائرة ثم أعتصمت بالصمت طويلا وأخيرا نطقت : تأخرت كعادتك .. فات الأوان !
( حين تفقد الأشياء معناها يستوي كل شئ , مع أي شئ , وبنعمة النسيان تتحول الجروح الأليمة تتدريجيا الى جروح أليفة يمكن أحتمال ألامها .. ثم تتحول مع الأيام الى ندوب لا تألم .. لكن أثرها لا يزول ! )
وعن بعد راقبها عن بعد أنبائها ( السعيدة ) فعرف بخطبتها لرئيها في العمل .. ثم بيوم قرانها بدعوى الواقعية يلقى الحب مصرعه , ويصبح كل شئ مبررا ,, فلقد حزن منها عندما قبلت أن يكون حفل زفافها بالحديقة الخلفية التي شهدت مصرع الحب للمرة الثانية , وكان بمقدورها أن تقيمه في أي مكان أخر ..
قاطع مبنى العمل وأمضى ليلته في مقهى بعيدا لكي يتشاغل مع أحزانه , وبعد منتصف الليل عاد سائرا على قدميه الى الحديقة التي يوجد حفل زفافها . كأنما ليطمئن ألى أن كل شئ قد تم وأنتهى .. فأذا به يجد نفسه أمامها بثوب الزفاف الأبيض , ووردة حمراء قانية في شعرها , فأسرع يخفض عينيه , وتحركت السيارة بالعروسين في سلام ..
تفعل الايام الأعاجيب .. وفي أحلام النجاح في العمل قد تدفن بعض الأحزان .. يتغير كل شئ في العالم لا شئ ثابت فيه ألا قانون التغيير , وتضيف خبرة السنين مزيدا من التجاعيد فوق الوجوه , يحقق الأنسان بعض ما يصبو أليه .. ويبقى دائما ما يحلم به , ومن حين الى أخر قد تجود الحياة ببعض قطرات السعادة ,, يرفع سماعة التليفون ذات يوم فيجد صوتها الدافئ يتحدث أليها في ألفة الزمن القديم .. يطول الحديث وينتهي بوعد باللقاء في كازينو النهر الذي شهد بداية القصة وأجمل سنوات الأحلام .. ذهب الى اللقاء مسترجعا يوم اللقاء الأخير في نفس المكان .. وعجب للذكرى الخبيثة التي مازالت تطل عليه كل ما تذكر مشهد اللقاء بالكازينو . أو مر به في طريقه .. يوم اللقاء الذي وأد الحب في مهده غادرا مائدتهما في طريقهما للخروج فمالا كعادتهما الى( التواليت ) , فدخلت هي من باب السيدات , ودخل هو من باب الرجال .. كان التواليت غرفة واحدة مقسمه بحاجز خشبي رقيق يفصل بين المكانين , وفي غمرة أنفعاله الحزين سمع من الجانب الأخر ( نشيش ) أفراغها لمثانتها بوضوح .. فرن في أذنيه رنينا غريبا مازج بين حزنه وتأملاته الساخرة .. فقال لنفسه في حواره الباطني : أفرغت قلبها ومثانتها وأستراحت , أما أنا فأحتباس الحب يقتلني بلا رحمة .. ولأسابيع طويلة ظل صوت نشيش يقفز ألى خاطره كلما أشتد به الألم ..!
أسترجع نفسه من ذكرياته وأقترب من المائدة القديمه فرأها أزدادت نضجا وأنوثه .. لكن أين براءة الزمن القديم أين ؟ تحدثا طويلا .. أستعاد تفاصيل اللقاء الأخير تبادلا العتاب والأتهام بالمسئولية عن وأد الحب قبل موعده . وأعترفت لأول مرة بأنها اخطأت حين نفذ صبرها ولم تلتفت للحقيقة التي أكدتها لها من قبل في هذا المكان .. واعترفت بأنها لمست بالتجربة .. ( أنه مهما كانت متاعبنا فأن مشاكل الحب أقل أيلاما من مشاكل الحياة الخالية منه ) وأعترفت بأنها أنفصلت من زوجها بعد تجربة محزنة .. ثم توقفت قبل أن تقول له : أعترف لك أني أخطات في حقك ,, وحق الحب منذ البداية , وأريد أن أصحح خطئي بعد ( 8 سنوات ) فماذا تقول ؟
أستمع أليها صامتا حزينا .. ثم هم بأن يتكلم ففضحته دمعة لم يستطع مقاومتها .. ثم خرج صوته في النهاية : عقدت قراني منذ يومين بكل أسف .. فات الأوان ...!
جفت الكلمات فلم يجدا ما يضيفانه , ثم تحركا للأنصراف .. وعبرا الشارع القديم . الى مكان سيارتهما وفتحت بابها ودخلت ومدت يدها تصافحة مودعة , فأحتفظ بها وقال لها كأنما يحدث نفسه عندما قال العبارة الغريبة لأوسكار وايلد تقول : ( كل ما يتمناه المرء يستطيع أن يحققه .. ولكن غالبا بعد فوات الأوان ) فالماذا تتحقق الأمنيات الغالية بعد فوات الأوان ؟ فأدارت محرك السيارة صامته وتحرت بها ببطء , وهو يتابعها بنظرة ألى أن أختفت شيئا فشيئا وسط الزحام ..!
وبهذا ينتهي كل شئ بينهما .. وتنتهي قصتهما ..!



****************************




من تضمني أحس بجمر أنفاسك يا أنفاسي
طاير بيك وطاير بيه , يا عمر أحساسك ويا أحساسي ..!







رد مع اقتباس
قديم 09-11-12, 11:25 am   رقم المشاركة : 1513
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( في المقهـى الأنيـق )

في أحدى الأيام وهو يمشي على قدميه , قادته المصادفه إلى هذا المقهى الأنيق فانحرف إليه ليريح قدميه من التجوال بين المحال التجارية . موقع مثالى لمقهى يستريح فيه المشترون أثناء الشراء فلم يعجب لشغل معظم مقاعده بالجالسين وإلى جوارهم أكياس المشتروات ..
جاء الجارسون فطلب فنجان القهوه المعتاد وراح يتسلى بتأمل الجالسين حوله من رجال ونساء . عادة اكتسبها منذ فترة أن يتجول بين المحلات منفرداً بنفسه ، ثم يجلس فى أول مقهى يصادفه ليستريح ويشرب فنجان القهوة ثم يواصل التجوال من جديد . المشى علاجة وسلواه وفترات الاستراحة القصيرة فى المقاهى فرصتة لكى يتأمل الوجوه ، ويحاول أن يستشف ما وراءها من شجون وأسرار . يتأمل إلى يمينه فتسمّرت عيناه على مشهد تمنى لو كان راسما ليخلده بريشته فى لوحة جميلة يرنو إليها كلّ حين . فإلى مائدة قريبه جلس رجلان يوليانه ظهريهما ، وأمامهما جلست سيدة جميلة تألق وجهها جميلاً ساحراً بين كتفى الرجلين .. فتعجب لملامحه المتناسقة كأنها نحتها مثال يعب الجمال .. وتعجب أكثر تشابهه مع وجه فتاته الوديع . رشف من فنجانه رشفة جديدة فرأى من فوق الفنجان الطفل الوليد يبكى .. وأمه تهدهده بحنان وصبر وابتسامتها الجميلة لا تفارق وجهها فتمنى لو حمل عنها طفلها لتفرغ هى للعناية بنفسها . مثلها كانت ووديعة .. ومثلها كانت تفيض حناناً على كل من حولها ، ومثلهم كان يخرج معها إلى المحلات التجارية يطوفان بها ثم يدعوها للاستراحة فى أول مقهى يصادفهمها . فتلبى الدعوة مبتهجة . كانت تحب التجول بين المحلات التجارية .. ولا تطيق شراء شىء إلا إذا كان معها وسألته عن رأيه فيه وفى قيمته ، باعتبارة محاسباً ناجحاً موعوداً بالنجاح ! وعنها اكتسب هذه العادة وعرف الطريق إلى مقاهى الأسواق . رآها للمرة الأولى فى حفل قران شقيقة فلفتت نظره بجمالها وهدوئها وروحها الطيبة . سأل عنها شقيقته ، فعرف أنها إحدى قريبات عروس شقيقة وتعيش وحيدة مع أمها وتعمل مدرسة . تأملها طوال الحفل فلاحظ معاملتها للجميع برقة واحترام ، وبات ليلته مشغولاً بها . باحتراس سأل عنها عروس شقيقة ، وطلب منها أن تجس نبضها تجاهه ، فجاءت النتيجة مُبشرة . بعد شهرين من الخطبة اعترفات له بأنها كلمت بسؤاله عنها فى حفل القران ، وتمنته لنفسها ، وترقبت الخطوات التالة من جانبه بقلق شديد .. غمرته بعدها بشلال من الحب الدافق ، وحولت أيامه إلى حلم جميل . حبيبتى نهر من الحب كان يبحث عن مصب له .. ووجده فاستقام مجراه وترقرقت مياهة صافية . عذوبة الروح أبرز مزاياها .. أما وجهها فنبع من الجمال الوديع لا تمل العين الارتواء منه . قالت له قبل الزواج :
انتظرتك كل سنوات عمرى فلا تفارقنى بعد أن عثرت عليك ..
فأجابها دامعاً : وكيف يفارق الجسم روحه حتى لو أراد ذلك ؟
تزوجا بعد عامين من الخطبة ، تلازما خلالهما كل يوم بعد انتهاء العمل حتى المساء ، واشتريا مستلزمات عشهما الصغير معا ورقة ورقة وتعاونا فى كل شىء بسماحه ، فلم يمض أسبوع دون أن يطوفا بالمحلات أكثر من مرة ، حتى ملابسها اشترتها معه قطعة قطعة واسترشدت برأيه فيها ، وكلما كلَّت أقدامهما التجوال تلمَّسا أول مقهى يصادفانه وجلسا فيه يتهامسان ويتناجيان . جلسا فى كل مقهى وسط المدينة ، لكنة لم يكتشف هذا المقهى الأنيق إلا اليوم ، فكأنما كان على موعد مع زوجة هذه السيدة الجميلة التي تهز ذراعيها بحنان لتهدهد طفلها ترى مَن مِن هذين الرجلين زوجها ؟ أيا زوجها فليسعد بها كما سعد هو بشريكة حياته حين ضمهما عشهما الصغير . ففى رحابة مضت الأيام سعيدة هادئة .. وتبدت له بعد الزواج مزاياها الحقيقية ، فازداد افتتانا بها ، واكتشف أنها من هذا النوع الفريد من البشر الذى يصعب عليك أن تختلف معه .. وإذا اختلفت تعذَّر عليكك أن تتمادى فى الخلاف معه .. وإذا تماديت عجزت عن أن تضيق به أو تكرهه ! أما عذوبه روحها فلقد اجتذبت إليها قلوب كل من تعاملت معهم من الأهل والجيران وأصحاب المحلات القريبة من المسكن . أما سر جاذبيتها فلقد عرفة منذ ارتبط بها فلمس فيها حباً صادقاً لكل الناس وعطفاً عليهم واستعداداً مخلصاً للعطاء لكل من يحتاج إليها ، فقال لنفسه : حبيبتى عطف ورحمة فلتسعد بحياتها كيفما تحياها ..
عامان مضيا كلمح البصر من عمر زوجها .. فلم يشك خلالهما من شىء ،/ ولكن فتاته ساورها القلق بسبب تأخر الإنجاب . فتكدّرت بعض أوقاتها وارضاء لها أجرى تحاليله فلم تكشف عن شىء فيه وتنقل معها بين عيادات الأطباء وراقبها بإشفاق وهى تتجرع الأدوية وتلتزم بالعلاج وأطاعها راضياً فيما يخصة من تعليمات داعياً ربّه أن يحقق لها أمنياتها لكى تهدأ خواطرها أما هو فسيان عنده أنجبت الملائكة أم لم تنجب ولم تيأس من حلم الحمل لحظة ، وبكت بمرارة الخذلان مرتين فتعرضت للإجهاض المبكر وبكت طويلاً .. وساءت صحتها حتى توسل إليها ألا تعرض نفسها للخطر مرة أخرى ، ثم لاحت البشائر واعدة بتحقيق الأمانى فى المرة الثالثة فاستقر الحمل .. وتكور بطنها بحمل وسعدت به سعادة طاغية ، فدعا لها من قلبه بالسلامة فى كل الأحوال
ومضت معظم شهور الحمل وهى شبة راقدة دوما على ظهرها .. وأمها وصديقاتها وجاراتها يتناوبن خدمتها بحماس .. وهى توزع شكرها وعرفانها بسخاء .. وبعد عودته من العمل ، يخلص لخدمتها وحده ويتفرغ لرعايتها ، فيتلقى شكرها الباسم كل لحظة ويسمع وعدها المتكرر له بأن ترد له الجميل بعد الولادة ..وأن تنذر نفسها لخدمته طوال العمر !
وبلغت شهرها الثامن وهى تزداد جمالاً وشفافيه ، وجاءت أمها فى الصباح ذات يوم لتبدأ نوبتها فى الرعاية ، فقبل زوجته وتلقى رجاءها التقليدى بألا تطول غيبتة عنها ، ثم خرج إلى العمل ، فوجىء بمديره يكلفه بالسفر فوراً إلى أحد فروع العمل في أحدى المدن لمراجعة حساباته والعودة إليه بتقرير عاجل عنها فى المساء . حاول الاعتذار بأن حاله زوجتة الصحية تستدعى وجودة بالقرب منها ، لكن مديرة أكد له أن المهمة لن تستغرق سوى ساعات . فتوجه إلى مهمته وعاد إلى مقر العمل فى المساء فاستقبلة المدير واجماً واستلم تقريره بغير تعليق ، ثم طلب منه باقتضاب أن يتوجه إلى المستشفى لأن زوجته قد فاجأها الوضع خلال غيابة ! وهرول إلى المستشفى منزعجاً . وصعد درجات السلم إلى غرفة الولادة مهرولاً فصدم بمرأى أم زوجتة وصديقاتها وزوجة شقيقة يبكين فى حرقة . ساعات ثقيلة مضت قبل أن يستوعب الحقيقة القاسية ويعى أن زوجته الجميلة قد ماتت وهى تضع جملها ، ويصدق أنها قد رحلت تاركه له طفله غير مكتملة النمو وأن الطفلة قد حجزت فى الحضّانه للاعتناء بها . وأيام أثقل مضت قبل أن يميز الأشياء .. ويستعيد بعض قدرته على التركيز فيجيب سائله عن الاسم الذي يختره لطفلته بأنه يسميها " عتاب " ، كأنما يعاتب به الدنيا التى حرمتة وحرمتها من أمها الحبيبه ، وحتى هذا العزاء لم يدم طويلاً ، فلقد تدهورت صحة الصغيرة سريعاً ، وفشلت محاولات إنقاذها ولحقت بأمها الجميلة فى المساء . لو عاشت طفلته لبغت عمر هذا الوليد الذي تحملة أمه التي يرى وجهها الوديع الآن من بين كتفى هذين الرجلين . ولو طالت حياة أمها لحملتها على ذراعيها كما تحمل هذه السيدة طفلها وجلست فى مواجهته باسمة تهز ذراعها من حين لآخر وهى تتحدث إليه ، لكن الأحلام القصيرة لا تطول ، ولم يبق من عبق ذكراها سوى أنفاس شريكة العمر التي يسمعها تتردد إلى جواره وفى فراشه كل ليلة وهو يحاول النوم بلا جدوى وسوى رائحتها الجميلة التى يشمها ويتنسمها فى كل شبر من العش الخالى ..
وبعد أن فشلت المهدئات المختلفه فى مساعدته على اقتناص بضع ساعات من النوم معظم ليالى الشهور الماضية ، بنصحة طبيبه بأن يمشى على قدميه كل مساء لأطول فترة ممكنة لينهك جسدة غاية الإنهاك ويعود إلى بيته فى الليل فينام كالقتيل .. وتحير فى البداية أين يمشى ، ثم قادته قدماه بغير إرادة إلى نفس المحلات التجارية التى كانا يتجولان فيها معا ، فراح يتنقل بينها ويتشاغل بمشاهدة معروضاتها بذهن غائب وكلما غلبة الإرهاق استراح قليلاً فى أول مقهى يصادفه واحتسى القهوة واشعل سيجارته ، وبحثت عيناه دائماً عن أسرة صغيرة من زوج شاب وزوجه جميلة وطفل صغير ليجلس بالقرب منها ويتأملها ويتسمع حديثها داعياً لها بقلبة بالسعادة واجتمال الشمل حتى نهاية العمر . وأسرف فى المشى واحتساء القهوة والتدخين ، حتى أنذرة الطبيب بأن صحتة تسوء بلاً من ان تتحسن ، ونصحة بالامتناع عن التدخين والاعتدال فى شرب القهوة . لكن أنى للقلب الحزين أن يستجيب لنصائح العقل المجرده ؟
وأفاق من افكاره على صوت حركة صادر من مائدة الأسرة التى يرقبها ورأى الزوجة الجميلة تنهض استعداداً لمغادة المقهى ، وسمعها تعتذر شاكره لأحد الرجلين الذي حاول أن يحمل عنها طفلها ، ثم تحتضن الطفل وتسير فى المقدمة فحزم أمرة سريعاً وقرر أن يتابع الأسرة السعيدة لبعض الوقت لعله يزداد ارتواء من وجهها الجميل الذي أعاد الحياة إلى وجه زوجته استعارته منها بعد الرحيل لتواصل به إمتاع العيون !
استدعى الجارسون بإشارة متعجلة ومدّ يده إلى جيبة ليخرج النقود فإذا بأسرة أخرى وزوجة وطفل صغير تدخل المقهى من اليسار وتتجه إلى مائدة أخرى قريبة .. فتأمل وجه الزوجة الجديدة ذاهلاً لشبهه الغريب بوجه زوجته .. وراقبها باهتمام شديد وهى تضع طفلها على المائدة ريثما تصلح له ملابسه ثم تحملة مرة أخرى على صدرها فتراخت يده عن النقود فى جيبه وثبتت عيناه على الوجه الحنون وتراخى جسمه فى مقعده وهو يقول للجارسون الواقف أمامه منتظراً الحساب :

فقال له ! فنجان قهوة آخر .. من فضلك ..!




**************************




يكتشفون من تخطيط قلبي
أنك نبضه وتسكنين فيه ..
وأن مياه عينيك الدافئة
هي بيئتي الطبيعية ..
والشرط الضروري لأستمرار حياتي ..!







رد مع اقتباس
قديم 12-11-12, 10:52 pm   رقم المشاركة : 1514
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( المـرأة الأرمـلة )



شاب وسيم شاهد فتاة جميلة من نافذة ( السيارة ) التي تسير بها في أحدى شوارع المدينة , فجذبت أنتباهه بشدة , وتمنى لو أتاحت له الأقدار أن يتعرف عليها , ثم بات ليلته وصورة وجهها الجميل في خياله , وبعد أيام دخل ألى أحدى المطاعم ففوجئ بالسيدة ذات الجميل الحزين تجلس وحيدة ألى المائدة المجاورة له , فحياها بجرأة وقال لها : أنه راها في الشارع منذ عدة أيام , ففوجئ بها يحمر وجهها وترتبك وتلتفت حولها في قلق , ثم ترجوه أن يخفض من صوته حتى لا يسمعه أحد ! وتعجب الشاب لأرتباكها , لكنه سعد بها بمادلتها له الحديث .. وقدم لها نفسها .. أنا فلان .. وأبدى له رغبته أن يزورها في بيتها , فأعطته عنوانها وموعدا في اليوم التالي . وفي الموعد المحدد كان يطرق باب بيتها , فخرجت أليه الخادمة وأبلغته أن سيدتها قد غادرت البيت منذ دقائق ! وأحس الشاب بضيق شديد .. وكتب أليها رسالة يرجوها فيها أن تحدد له موعدا جديدا , وأنتظر الرد , فمضت ايام قبل أن تصل الى بيته رسالة تحدد له موعد الزيارة , وذهب أليه واستقبلته في صالون بيتها بترحاب .. وتكررت زياراته لها .. وفي كل مره يزداد أفتتاننا بها . وقد عرف من ظروفها أنها أرملة منذ سنوات , ولم تنجب , وميسوررة الحال , وأعترف لنفسه أنها يحبها بجنون , ويريد أن يتزوجها .. وكل الظروف تأهله لذلك , فهو ايضا ثري ولا يواجه مشاكل مادية .. وشخصية هذة الأرملة جذابة .. وجمالها لافت للأنظار , لكن شيئا واحدا فيها يثير في نفسه الشكوك , هو غموضها الغريب , فهي تتكلم معه دائما بصوت خافت , كأنما لا تريد أن يسمعها أحد , وتتلفت حولها بقلق كأنما تخشى شئ شخصا مجهولا يمكن يفاجأها في أي لحظة , وهي رغم أنها تعيش وحيدة فقد طلبت منه الأ يتصل بها مباشرة , وأنما عن طريق صديقة لها تعمل في أحدى المكتبات العامة ..
وبالغ في شكوكه وتصور أنها خاضعة لسيطرة شخص مجهول لا تريده أن يعلم بأمره , ولا يعلم الشاب به , وزاد هذا الغموض رغبة أن يعرف كل شيئا عنها قبل أن يرتبط بها ..
وفي أحدى الأام كان يمشي في أحدى شوارع الأحياء القديمة متوجها الى دعوة غداء .. ففوجئ برؤية الأرملة الجميلة تمشي في الشارع وهي تغطي وجهها بأيشارب أسود .. ودهش لرؤيتها في هذا الحي الفقير ودهش أكثر لهيئتها المضطربة وه تسرع في خطواتها وتتلفت حولها بمن حولها قبل أن تدخل بيتا متواضعا في نهاية الشارع .. وقف ذاهلا في مكانه وضربات قلبه تتزايد .. أذن هذا هو السر التي تخفيه عنه .. ربما رجل تأتي الى لقاءه في هذا البيت القديم ..! فلماذا أذن رحبت بالتعرف أليه وأسستجابت لتودده ..؟ وطاف حول البيت حائرا وخمن أنه بيت يؤجر كغرف مستقلة , فازداد سوء ظنه بها .. وقادته قدماه الى مدخل البيت , فرأى منديلا صغيرا عرف أنه منديلها الذي سقط منها في أرتباكها , وألتقط المنديل ثم غادر الشارع مكتئبا , كان لديه موعد معها في نفس اليوم في بيتها في الساعة السادسة مساء , فقرر أن لا يذهب أليها .. ثم تراجع وقرر أن يزورها ليضع حدا لحيرته معها , وفي الموعد أستقبلته في الصالون فأتته مبتهجة .. مرحبة .. وقالت له : أنها أمضت ساعات اليوم كله في البيت تنتظر زيارته , فلم يتمالك نفسه من الأنفعال وأخرج لها منديلها وقدمه لها قائلا : أنه شاهدها ظهر اليوم في شارع كذا تدخل بيتا تؤجر غرف مفروشة ! ثم سألها بأنفعال عن الرجل التي تلتقي به هناك ! فأجابته مرتعبة بأنها لا تلتقي برجل سواه ..! وهاج الشاب المخدوع .. وثار عليها ثورة هائلة وطالبها بأن تعترف له بالحقيقة لكي يستطيع أن يثق بها .. فأجابته باكية بأنه ليس لديها ما تعترف به .. وأن الحقيقة هي ماذكرته من أنها لا تلتقي برجل أخر غيره ! ولم يصدقها .. ووجه أليها كلمات قاسية .. قابلته بأنهيار والدموع , ثم القى منديلها على الأرض وغادر بيتها منفعلا .. وفي بيته أدرك أنه لن يستطيع أن يتحمل أنهيار أحلامه فجأة , فقرر السفر خارج مدينتهم لفترة طويلة , وسافرا بعيدا ورجع بعد أسابيع وما زال حبها كامنا في أعماقه لكنه لم يستطع أن يعود أليها .. وبعد شهر واحد علم بوفاتها المفاجئة , فصدم صدمة هائلة .. وأحتجب في بيته عدة أيام لا يقدر على الخروج منه ! ثم خرج أخيرا فوجد نفسه يتجه الى البيت القديم في الشارع الفقير ويطرق بابه . وخرجت أليه صاحبة البيت , وسألها عن السيدة التي تستأجر أحدى غرف بيتها وتأتي أليه وقت الظهيرة .. فتذكرتها على الفور , وقالت له عنها : أنها سيدة محترمة أستأجرت غرفتها منذ عامين , لكنها لم تأتي أليها منذ ثلاثة شهور ..!
وتردد قليلا قبل أن يسألها عمن كانت تلقتي به حين تأتي الى غرفتها ,, فأنزعجت السيدة وأكدت له أنها لم تلقتي أبدا بأي رجل في هذا البيت , وأنما كانت تأتي وحدها , وتجلس في غرفتها ساعه أو ساعتين .. تقرأ المجلات , وتشرب القهوة , ثم تنصرف في هدوء ..!
ولم يصدقها الشاب في البداية .. ولكنها أقسمت له على صحة ما قالته , فأنصرف متعجبا وحزينا ..
ومضت اسابيع .. وصورة الأرملة الجميلة لم تفارق خياله , ومع كل يوم يمضي يتزايد أحساسه بأنه قد ألمها كثيرا في لقائهما الأخير , ويتمنى لو كانت على قيد الحياة ليعتذر لها ويواصل معها قصة الحب المبتورة ..
وذات يوم ألتقى بصديق قديم له من ايام الدراسة .. وحكى كل منهما للاخر عن حياته , فروى هذا الشاب قصة الأرملة المحيرة وسأله : هل تصدق أنها لم تلتقي بأحد فعلا في ذلك البيت ؟ ففكر صديقة الخبير في نفوس البشرية طويلا ثم فاجأه بقوله : نعم أصدق ذلك وأصدق أنه لم يكن في حياتها رجل سواك !
فقال له متحيرا : أذن كيف تفسر تصرفاتها هذه .. وغموضها ..؟
فأجابه الصديق : تفسيري الوحيد أنها كانت أرملة جميلة ثرية تعيش وحيدة مع خادمتها وليس لها أبناء .. وحياتها رتيبة خالية من الاسرار , فلا هي تحب أحدا تحلم بالأرتباط به .. وليس هناك من يحبها ويرتب الأرتباط بها .. وساعات النهار طويلة ومملة ,, وساعات الليل بطيئة ثقيلة .. وكل من حولها من النساء لهن أسرارهن الخاصة مع أزواجهن أو خطابهن أو أصدقائهن , فقررت أن تصنع لنفسها ( سرا خاصا ) بها تتخفى به عن الأخرين , وتحس بالأثارة والمتعة وهي تحرص عليه من الانكشاف , وأستأجرت هذه الغرفة وأصبحت تذهب أليها كل بضعة أيام , فتكذب على خادمتها وهي في طريقها للخروج , وتقول لها انها ذاهبة ألى النادي .. ثم تركب السيارة القريبه من الميدان وتذهب الى البيت القديم , وتخفي وجهها بأيشارب وتمضي على قدميها الى شارعه وهي تلتفت حولها في حذر وخوف من أن يراها أحد , ثم تدخل الغرفة وتلتقط أنفاسها المبهورة بعد المغامرة المثيرة , ثم تسترخي وتقرأ , وتشرب القهوة .. وقد لا تفعل شيئا سوى الاستلقاء على أريكة لمدة ساعتين ثم تنهض وتتخفى بألأيشارب أستعدادا لعودتها الى منزلها .. هذا هو التفسير الوحيد .. لقد كانت حياتها خالية من الأسرار , فأشتاقت أن يكون لها هذا السر الخاص .. ولو لم تفسد أنت الأمر مبكرا لأصبحت أن سرها المثير .. وتخلت عن أستئجار تلك الغرفة ..!


من هذه القصة نستفيد من عدة أشياء قالها بعض الأدباء وهي :
أن القصة ساعدت على فهم غامض من جوانب النفس البشرية وأضاءت جانبا مظلما في هذا اللغز ..
فالأنسان هو الكائن الوحيد الذي يتشوق دائما أن تكون له ( اسرار ) شخصية لا يعرف بها أحد وهو في حاجة أن تكون له بعض الخصوصيات الذي لا يود أن يقترب منها الاخرون , وكلما سقط عنه حاجز السرية , تجده يبحث عن سر جديد ! وهذه الخصوصية جزء للانسان لكي يتميز به عن الأخرين ..
لكن الفرق الهام بين الأنسان السوي .. وغير السوي , هو في حدود هذه الخصوصية .. فالأنسان السوي تتقاطع دائرة حياته مع أصدقاءه المقربين , تذوب فيه الخصوصية بينهم , وتصبح الخصوصية فيما بينهم فقط .. لكن الأنسان اللغير سوي . هو من جعل خصوصياته مكشوفه لكل الناس .. وهنا الفرق بين الانسان السوي واللغير السوي ..
يقول أحد الأدباء : ما الانسان ؟ أنه ليس سوى كومة بائسة من الأسرار !
وقال أحد الأدباء ( الحب ) : أن الحب هو أن تهرب مع أنسان ما .. من تفاهة الأشخاص الاخرين ..!
فعلا ما أجمل أن يهرب الانسان مع من يحب من تفاهة الأخرين ,, لكن بشرط : أن يكون فعلا من يحب ويحبه في الواقع ,, لا في الخيال , لكيلا لا يضطر أن يصنعه في الخيال ..!







رد مع اقتباس
قديم 18-11-12, 10:12 pm   رقم المشاركة : 1515
عادل الحبيتر
عضو قدير
 
الصورة الرمزية عادل الحبيتر






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عادل الحبيتر غير متواجد حالياً



( وحـده لا يكفـي )


أسرة جميلة تتكون من زوج وزوجته وطفله لا تتعدى الخامسة من عمرها . الزوج مغرم بزوجته الجميلة , والزوجة مفتونه بزوجها الوسيم , وسامة الرجولة , وقصة حبهما شائعة بين الناس , فالسعادة لا تخفي رائحتها النفاذة على أحد ,
الزوجة طبيبة أطفال أنتقلت للعمل في أحدى الدول المتخلفة لأعداد دبلوم في الأمراض المتوطنة , فلم يطق زوجها المصور الفنان أن تبتعد عنه .. ونقل عمله مؤقتا الى مكان عملها .. وجعل من الطبيعة في هذه الدولة مادة صوره التي يتقدم بها الى معارض الفن .. وقدرت له زوجته تضحيته من أجلها , فأختصرت عملها فترة عملها في هذه الدولة البعيدة .. وأعدت رسالتها في أقصر فترة ممكنة . ورجعت معه الى بيتهما الجميل في المدينة الصغيرة .. وشجعها على ذلك أنها تحمل في بطنها ثمرة الحب الثانية , وتري أن تضعه في بلادها .. الزوج يريد أخا صغيرا لأبنته ,, والزوجة تريد أخت صغيره لأبنتها .. والأثنان يرفضان أن يجريا تحليل نوع الجنين . حتى لا يسعد أحدهما أكثر من الأخر .. ويؤجلان معرفة نوع القادم الجديد للحظة الحاسمة .. وأنشودة الحب متصلة بين الاثنين .. والطفلة الصغيرة بهجة أخرى من مباهج الحياة اللذيذة .. لكن الزوج يتلهف على تحقيق ذاته أكثر في مجال ( التصوير الفني ) , وقد طلب من السلطات الهندية تصريحا له ولمساعده بتسلق قمة جبال الهيمالايا لألتقاط صور نادرة عن الحياة فوقها , ليقيم معرضه المنفرد الأول , بعد أن كان يعرض صوره في المعارض المشتركة ..
شيئا لم يكن في الحسبان .. وهو : أن تصريح الدخول الى ( الهند ) قد جاء أليه فجأة ,, لكن الموافقة جاءت في الوقت اللغير مناسب , لأن زوجته على وشك الولادة بعد أقل من شهر . وزوجته تحتاج زوجها أن يكون بجوارها في اللحظات العصيبة .. وقد قالت له من قبل أنها لن تجرؤ على دخول غرفة العمليات الا أذا كان ممسكا بيدها .. فهل يضيع فرصة العمر ويرفض السفر , أم يخذلها في اللحظة التي تحتاج أليه فيها ويسافر ليبني شهرته ؟ ولم يطل تردده فقد لمحت زوجته في عينيه لهفته الى السفر لكي يبني شهرته كمصور فنان .. فوافقت على سفره على مضض وهي تأمل في عودته في الوقت المناسب . وسافر الزوج مع مساعد له , ومساعدة شابة , وعاشو فوق قمم الجبال ( 25 ) يوم , ورجع الزوج الى بلده متلهفا الى رؤية زوجته وطفلته ووليده الجديد .. وغادر سيارة الأجرة الى بيته جريا , وركض فوق السلم صاعدا الى غرفة نوم زوجته وهو يناديها بأسمها المحبوب , وقبل أن يدخل غرفة النوم فتح باب غرفة الأطفال ليرى الضيف الجديد في السرير الصغير الذي أشتراه قبل سفره ووجده خاليا .. وأستدار مذهولا ووجد زوجته أمامه تعانقه بحزن غامض .. وفهم الموقف بلا كلام فاحتضن زوجته مواسيا , وهم ثقيل يجثم في صدره .. لقد فقدت زوجته جنينها قبل مجيئه بأيام وأفتقدته كثيرا في تلك اللحظات الحزينة ..
وداهمته الكأبه لبضعة أيام بعدها وفقد حماسه للصور النادرة التي جاء بها من فوق قمم الجبال .. وراح يلوم نفسه على تركه زوجته حين كانت في أشد الحاجة أليه وضاعف من عطفه وحنانه أليها .. لكن شيئا غامضا كان قد تغير في روحها تجاهه .. فلقد كانت زاهدة في أقترابه منها .. وهي تخرج معه للعشاء في مكان عام لكن تظل ساهمه لا تبادله الهمسات واللمسات كما كانا يفعلان كزوجين عاشقين من قبل .. وصديقه الوحيد الذي يساعده في عمله ينصحه بالصبر عليها , حتى تتخلص من أثار محنتها النفسية بفقد الطفل .. وصديقة زوجته الوحيدة تعاتبها لأبتعادها عن زوجها .. وتتهمها بأنها تلومه في أعماقها على فقدها الطفل وتعتبره مسئولا عن ذلك , والزوجة لا تنفي أنها تلوم زوجها في أعماقها , ولكن ليس لمسؤوليته عن فقد الطفل , وأنما لأنها لم تجده ألى جوارها حين أحتاجت أليه .. فتقول لها الصديقة : لكنه يحبـك !
وتجيبها الزوجه وتقول : لكن الحب وحده لا يكفي لأستمرار شخصين محبين ,, وانما يجب أن يكون الأنسان بجوار من يحبه حينما يحتاج أليه ..!
وفي أحدى الايام أتتاها فرصة لدعوة للسفر ألى بلد بعيد للمشاركة في مؤتمر علمي .. وترحب في السفر لوحدها لتختلي بنفسها وتعيد التفكير في أمرها .. ويشجعها زوجها على السفر متألما في صمت لأنها لم تتمسك بسفره معها كما كانت تفعل في المرات السابقة .. وتسافر الزوجة ويبقى الزوج وحيدا يحاول الانشغال بعمله عن أجانه ويطول غياب الزوجة أكثر من المتوقع , ويفسر الزوج أنها تريد الامعان عنه بجسدها بعد أن ابتعدت عنه بروحها منذ فقدت الجنين .. ويواصل الأستغراق في عمله مكتئبا .. ثم يغادرر مكتبه ذات مساء فيلتقي بصديقة زوجته الوحيده .. عائده من المدينة ويتحدثان طويلا عن زوجته .. ويتحدث كل منهما عن وحدته ومتاعبه الشخصية ويوصلها الى باب بيتها ,, فتعرض عليه أن يتناول معها فنجانا من القهوة لكي يواصلوا الحديث فيما بينهم . ويستجيب لدعوته أملا أن يفهم منها سر تغير زوجته عليه ..
وفي اليوم التالي تعود زوجته من المؤتمر العلمي فجأة الى البيت . فتجد زوجها غير موجود لأنه كان ذاهبا الى عمله .. فتسرع الى بيت صديقتها القريبة لتزف اليها الخبر السعيد وتخبرها بأنه فكرت طويلا خلال رحلتها ووجدت بأن زوجها ليس مسئولا عن كل شئ .. لكنها حزنها على فقدان وليدها هو الذي وشوش أفكارها ,, لقد ظلمته كثيرا وصبر عليها أكثر .. لكنها الان تحبه بنفس العمق الذي أحبته به دائما وسوف تقول له ذلك حينما يعود من عمله , وتواصل حياتها معه كما كانت ( فلقد عرفت في التجربة أن جذور زوجها في قلبها أقوى كثيرا من أن تقتلع بمثل هذه العاصفة ) .. وفجأة : لمحت الزوجة شيئا صغيرا على فراش صديقتها التي تعيش في شقتها وحيدة , فأمسكت به ورفعته أمام صديقتها وسألتها مذهولة :
لمن هذا الشئ يا صديقتي العزيزة ؟
أنها ساعة زوجها الحبيب .. فكيف وصلت ألى فراش صديقتها الوحيدة !
وهرولت الزوجة مغادرة بيت صديقتها .. ولم تنجح معها أي محاولات لأيقافها أو للاعتذار منها بأنها لحظة ضعف , وأن زوجك يحبك ولا يحب غيرك .. لا لا شئ يخفف من فجيعتها المزدوجة في زوجها وصديقتها الوحيدة , فالطعنة قاتلة , والسلاح ذو حدين . الأول زوجها ,, والثانية صديقتها ..
ولن يجدي أي كلام من زوجها أو اي أنسان .. فالحل هو الطلاق .. ورفض زوجها الطلاق متمسكا بها وبأسرته الصغيرة ..
وهجرت الزوج زوها وسافرت الزوجة الى الدولة التي أعدت فيها رسالتها العلمية مصطحبة معها طفلتها , وعاش الزوج وحيدا ومضت الشهور وهو مستغرق في عمله .. تحاول الموظفه التي معه في العمل أن تساعده وتخفف عنه أحزانه , ويقترب موعد الحاق طفلته بالمدرسة ويتعلق من جديد بالأمل في لقاءه زوجته , حين تجي بالطفلة لتبدأ دراستها .. ويراها في المطار تقترب منه فينظر اليها بحنين وأمل صامت , ويحتضن طفلته بشوق , وتلحق الزوجة الطفلة بالمدرسة وتودعها لدى أسرتها ويلح عليها الزوج في أن تذهب معه الى معرضه الأول قبل أفتتاحه .. وتستجب الى رغبته في صمت ويصطحبها الى صالة العرض المظلمة , ثم يضئ النور فترى صورها تغطي كل الجدران .. نعم صورها وليست صور رحلة الجبال التي كانت بداية للمتاعب .. صورها في أوضاع مختلفة خلال رحلة الحب والزواج وهي تسند رأسها بيدها مفكرة .. وهي تضحك .. وهي تبتسم .. وهي تحلم .. الخ .. وتذهل للمفاجأة وتتساءل ! أين صور جبال الهيمالايا , فيجيبها أنها لن لتكون لمعرضه الأول , فلقد أراد أن يكون كما سماه طاقة دعوة للمرأة التي أحبها !
وتتأثر مشاعرها بما ترى .. لكنها تغالب نفسها وتنصرف حازمة أمرها على السفر مرة أخرى ويسألها زوجها في رجاء : ألا تبقين معي ؟
فتجيبه دامعة : لا
وتسرع بالعودة الى مقر عملها .. وفي غربتها يقترب منها طبيب شاب وسيم وظلت تصد محاولاته للأقتراب منها .. ثم فجأة قررت أن تستجيب له .. لا ترف لماذا .. هل تريد أن تنسى زوجها برجل أخر ؟ هل تريد أن تجرب طعم الحب مرة أخرى ؟ وتكتشف أن الحب هو رجل واحد , هو الرجل الذي أحبته أولا , وبعد ذلك قطعت علاقتها بعنف مع الطبيب الشاب .. ويمضي عام طويلا والزوج في مدينته , والزوجة في المدينة التي تعمل فيها , وفي الصباح ذات يوم وهي تجلس في الخلاء أمام عيادة الأطفال بالبلدة الفقيرة التي تعيش بها , فترى من بعيد سيارة قادمة , وتتذكر أنها كانت مثل سيارة زوجها التي كانت تركب بها , وتتذكر رحلات نهاية الأسبوع الجميلة , وتتذكر الأسرة السعيدة التي كان الحب يرفرف بجناحيه عليها ,, فتتندى عيناها بالدموع .. ومن بين غلالة الدمع ترى السيارة تقترب أكثر وأكثر .. ثم تتوقف .. وينزل منها راكبها وتتنبه مشاعرها فجأة ,, يا ألهي أنه زوجها .. نعم زوجها بوجهه الوسيم وشعره الأسود الناعم , يقف أمام السيارة وينظر أليها ضاحكا .. في خجل وترقب كأنما يخشى أن يقترب منها فتصدمه من جديد .. فتصرخ من الفرحة صرخة عالية وتجري أليه مهللة ضاحكة ويهرول أليها سعيدا بفرحتها .. فتقفز أليه ويلتقطها بذراعيه القويتين ويدور بها حول نفسه وهما يضحكان ويتعانقان ..
لقد أكتشف كل منهما أن جذور الأخر في أعماقه أقوى من الأقتلاع .. وأقوى من الخطأ .. وسعدهما هذا الأكتشاف فيواصلان الدوران , والعناق , والقبلات ...!

وتنتهي هذه القصة الرومانسية للقصصية الأمريكية ( سوجيت )

ومن هنا نستفيد من القصة بأن الحب بين الطرفين لا يكفي أذا كان من طرف واحد .. فالحب هو علاقة بين شخصين متحابين , ولابد من عطاء المحب لمحبوبه . وأن يقف كل منهما بجانب الأخر حينما يحتاجوا بعضهم البعض ,, فالحب ليس كلاما ومشاعرا فقط ,, أنما أفعال وتصرفات وتضحيات ..!



****************************



أقرأك في كل مكان ..
في الكتب أقرأك
بين السطور أجدك ..
في كتب السياسه , والتاريخ , والقصص , والرواية ,
في كل الكتب والأماكن أراك ..!






رد مع اقتباس
إضافة رد
مواقع النشر
الكلمات الدليلية
شخبطة مدونتي
يتصفح الموضوع حالياً : 2 (0 عضو و 2 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 10:42 am.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة