وللذكرياتِ بقلبي وشومٌ ..
وهل يُذهبُ الوشم مَرُّالزمانْ
فمنها الجميلُ ومنها القبيحُ
ويحتارُ ما بين ذاك الجَنانْ
عروس الدانة ج2
(1)
..
عاد البيت خاليا ..
لا صخب ابناء أخيها و لا خفة ظل زوجته ،
غادر ملبيا ترقيه في عمله ،إلى مدينة أخرى على وعدٍ ضرب أن يعود بعد شهرين ..
..
شبح حمد يزورها ، و ما يلبث أن يتحول إلى دخان يتبدد ..
ينقبض قلبها مع كل ذكرى ..
أربعة أشهر ، و ما زالت تستطعم المرارة و الخذلان .. و الخسارة
آخر لقاء.
كان قاصمة الظهر .. وانهيار الفرح .. ورحيل السعادة ..
ضاقت الارض ، وأظلمت السماء ، و أجدب التفاؤل ، و تمزق الأمل ..
تعيش : ماضي بأشباحه و حاضر ببؤسه و مستقبل بمجهوله ..
انتبهت لنغمة جهازها النقال
إشارة البريد الالكتروني يشير لاستقبال رسالة بريدية..
سارعت أصابعها لفتحها
فكانت من موقع استشارة نصحتها به صديقتها الوحيدة (سمر )
..
..
كعادته كل صباح .. يشرف على إفطار جدته يقيس ضغطها و مستوى السكر .. يدلك قدميها يقبل أصابع يدها و يعلق على رائحة الحنا مع دهن العود و التي تسكره بعبقها
..
ضحكات شهد و توجيهات عبلة و خدماتها ( والتي مازالت تنتظر خبر عن أسامة الذي طال انتظاره )تضفي على الجلسة حياة الاسرة ..
أنزل رأسه وقبل رأس جدته ، ونهض متكئ على عصاه بعد أن زاد ألمه
.. ترفع رأسها تراقبه وحديث عينيها يحتضنه ، فلم تستطع أن تكتمه ..
قالت :
"صقر من يراك يظنك شيخ في الثمانين "
قهقه عاليا من تعليقها وقال بنفس متقطع :
"وأنا فدى أهل الثمانين "
فقالت بحزم :
"تأدب يا ولد معي ..! وقل لي :
متى ستجري العملية لرجلك لتعتدل مشيتك .. ؟ أريد أن أزوجك .."
رحلت أثار الابتسامة .. وانزل رأسه للأرض وضعه الصحي لا يبشر بخير يحتاج لعملية لتعديل عملية فاشلة
لكن جدته لا تتحمل الاخبار السيئة ابدا نصحه الطبيب مراراً بأسعادها فقط ..إساعدها قد الإمكان ..
رفع رأسه لها وقال بحديث الابن البار :
"عندما نجد العروس سأجري العملية "
بحركة سريعة نهضت الجدة ، وقربت اليه و هي تمسد ثوبه إلى الأسفل وترتب هندامه
وقالت :
" هي موجودة وجميلة الجميلات" و التفتت إلى شهد و قالت :
" وتحبها شهد"
قالت الصغيرة : " من يا جدتي ،.؟
قالت الجدة تستنطق الصغيرة و تشوق حفيدها :
"من تحبين في المدرسة .؟"
وضعت الصغيرة إصبعها بفمها تفكر و عينها للأعلى
وقالت:
"اممم احب .. اممم أحب صديقتي رزان ..!!"
علامات الخيبة على الجميع
وضحكات عبلة يتردد صداها بينهم
وعلامات الامتعاض على وجه صقر من الحديث بدأت تظهر واضحة
لم يثني الجدة ذلك
وقالت :
" بل اكبر من رزان و زارتنا في المنزل !؟"
صرخت شهد عاليا :
"أستاذة سلام ..!"
..
..
تسير ببطء و تؤدة وتمسك بالجدار ،
من يراها يظنها بالشهور الاخيرة ، الحمل أثقل كاهلها ..
يدا على الجدار
ويد حول بطنها و كأنها تحميهم من الجميع
تسعد بأي حركة لهم .. وتحزن عند سكونهم
..
تقبل عليه ممرضة ، تمسك بيدها و تسير بها نحو السرير ..
ترتب لها نومها و تغادرها
تضع يدها مرة اخرى على بطنها و كانه المكان الدائم لها منذ نمو أجنها
..
انقلاب كبير و تغير جذري
افكار قديمة رحلت و عواطف غادرت
ومشاعر جديدة ولدت
أمام هذا الوضع الذي تعيشه الأن
..
..
لنا لقاء باْذن الله
🌹🌹