لعل السمة البارزة في اليابان والتي يمكن ملاحظتها بوضوح..
هي منظومة سكك الحديد الهائلة والتي جعلت من القطارات وسيلة مواصلات أساسية في حياة الياباني كبيراً كان أو صغيراً ..
وليس هذا الأمر بمستغرب إذا علمنا أن أول سكة حديد أنشئت قبل أكثر من 140 سنة..
وقد شكلت السكك الحديدية في اليابان علامة بارزة تجعل القطارات رمزاً لليابانيين.. إن جاز لي التعبير..
ولا أقصد بتلك السكك ربطها بين المدن بعضها ببعض..
بل ربطها أحياء المدينة بشكل مكثف وملبي لحاجة كل السكان..
والقطارات في طوكيو بسككها المتعددة .. ورحلاتها التي لا تتوقف حكاية تطول وتطول ..
وهي منظمة بصورة مذهلة, بدءاً من الرسومات والخرائط التي توزع هنا وهناك ..
ولعل أكثر مايجسد مكانة تلك القطارات..
هو المحطات الفخمة والكبيرة والتي تعادل في تنظيمها وسعتها أكبر المطارات..
والتي لم تعدو مجرد محطة للانتظار فقط.. بل بدت كمنطقة تسوق كبيرة..
تحوي مئات المحلات.. والمطاعم.. والتي أكدت أن القطار وإن ساهم في حل مشكلة المواطن البسيط..
إلا أنه شكل مشروعا اقتصاديا ناجحا..
محطة طوكيو
أمام مدخل محطة كتا سنجو
بل استثمر ذلك بوضع مواقف الكترونية للدراجات الهوائية.. عند مدخل كل محطة قطارات
ومروراً بخطوط القطارات المتنوعة .. ومكائن شراء التذاكر وغير ذلك الكثير ..
ورغم أن اليابانيين كانوا دقيقين في إرشاد المستفيد من القطارات .. من خلال خرائط توزع مجاناً في كل مكان..
وتلوين الخطوط بألوان مختلفة .. يأخذ كل خط قطار لونه خطه ..
إضافة إلى أنه في كل محطة توقف هناك إرشاد باسم المحطة صوتياً من داخل القطار ..
وأثناء التوقف .. والكترونياً بذكر اسم المحطة والمحطة التالية ..
وكذلك داخل المحطة ذاتها .. من حيث كتابة اسم المحطة واسم المحطة التي تليها بخط أصغر
رغم ذلك إلا أننا وبكل بساطة (ضعنا) في طريق العودة ..!!
تركنا المرشدون في محطة (أكهبابار) وذكروا لنا أن العودة من خلال خط (hiba line)
وطبعاً نحن نعرف اسم محطتنا (كتا سنجو) وحين العودة .. احترنا في أي الطرق نسلك ..
وربما للكثرة دور في تعدد الآراء وبالتالي تأخر اتخاذ القرار نحو الوجهة السليمة ..
وكانت المشكلة أن اليابانيين لا يتحدثون في الغالب الانجليزية .. ولذا فالتفاهم معهم صعب ..
وبعد قرابة الساعة والنصف .. استطعنا ركوب القطار المتجه لمحطتنا ..
ولكننا أيضاً وبعد النزول .. تأخرنا لمدة ساعة في معرفة طريق الخروج من محطة القطار ..!!
ليس لصعوبة الأمر .. ولكن لكثرة الآراء من جهة .. ورغبتنا في الخروج من ذات الباب الذي دخلنا منه ..
الطريف في الأمر .. أننا وبعد مرور يومين فقط حفظنا عن ظهر قلب الخريطة .. وبتنا نركب القطار متوجهين جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً ..
بكل سلامة ..
وربما هي ربكة البداية .. أو كثرة الآراء .. أو صعوبة التفاهم مع اليابانيين ..
الذين أبدعوا في رسم هذه الخطوط الحديدية التي جعلت الطالب والموظف والعامل يتخذها وسيلة نقل دون حاجة للسيارة الشخصية وهو ماقاله لي أحد المحاضرين في الدورة ..
وبالفعل ومن خلال استخدامنا للقطارات شعرنا أنها تكفي للتنقل بدون أن نشعر بحاجة للسيارة ..
خاصة والخط لا يتوقف أبداً .. وما يفصل بين القطار والقطار الآخر لا يزيد على عشر دقائق في أكثر الأحوال ..
خطوط القطارات .. كانت متواجدة في كل مكان ..
حتى أننا استغربنا تكيّف اليابانيين مع أصواتها وهي تمر وسط الأحيــاء..ظاهرة وبارزة ..
ولا تنتهي من انتظار لقطار قادم في شارع وأنت تسير على قدميك .. إلا ويأتيك انتظار آخر ..!!
وسط وضع إشارات مع قواطع لحجز السيارات والدراجات والراجلين من العبور.. حتى عبور القطار بسلام..!
أسعار القطارات ليست بالمرتفعة .. قياساً بوسائل المواصلات الأخرى ..
فمثلاً .. يأخذ التاكسي في المشوار من (كتاسنجو) إلى (أكيهبارا) ثلاثة آلاف يـّـن (قرابة 85 ريال)
.. بينما نحصل على نفس المشوار فقط بــ 190 يّــن , وقس على ذلك ..
ناهيك عن القطارات السريعة والتي تربط المدن..
وسيكون لي حديث قادم في وقته عن (الشن كان زن) ..!!