من تم التعرف عليهم

الصورة رقم " 4 "
ديل كارينجي Dale Carnegie مؤلف امريكي ومطور الدروس المشهورة في تحسين الذات و مدير معهد كارنيجي للعلاقات الإنسانية ولد عام 1888 و توفي في العام 1955. يرجح البعض أنه قد مات منتحراً في حين تشير مصادر أخرى إلى أنه قد توفي بالمرض. من أهم مؤلفاته كتاب "دع القلق و ابدأ الحياة" الذي ترجم إلى العربية و انتشر بشكل واسع في العالم العربي و الاسلامي.
من كتبه
دع القلق و ابدأ الحياة
كيف تؤثر على الآخرين وتكسب الأصدقاء
اكتشف القائد الذي بداخلك - فن القيادة في العمل
تأثر به مجموعة كبيرة من الكتّاب العرب و المسلمين و انتشرت كتب جديدة مستوحاة من الفكر الغربي في تحسين الذات و لكن بقالب اسلامي مثل كتاب "لاتحزن" للداعية عائض القرني و كتاب "جدد حياتك" للشيخ محمد الغزالي
يقول الشيخ الغزالي : لقد قرأت كتاب ( دع القلق وابدأ الحياة ) للعلامة (ديل كارينجي) الذي عربه الأستاذ عبد المنعم الزيادي، فعزمت فور انتهائي منه أن أرد الكتاب إلى أصوله الإسلاميّة. وإذا كان (ديل كارينجي) يحيا بقرائه في جوّ أمريكي بحت فمن واجبي أن أعيش مع قرائي في جو عربي خالص.
لقد قرأت الكتاب (جدد حياتك) أكثر من ست مرات، وسعدت بقراءته، وسعدت خاصة بقراءة هذه الفصول:
ـ عش في حدود يومك
ـ كيف نزيل أسباب الفلق؟
ـ لا تدع التوافه تغلبك على أمرك
ـ حياتك من صنع أفكارك
ـ هل تستبدل مليون جنيه بما تملك ؟
ـ أنت نسيج وحدك
ـ اصنع من الليمونة الملحة شراباً حلواً
ـ بقدر قيمتك يكون النقد الموجه إليك.
ـ كن عصياً على النقد
ـ حاسب نفسك
وأنا أنصح الشباب العربي والشباب المسلم بقراءة هذا الكتاب مرات... ومرات

"6"
مي زيادة
ولدت " مي " أو ماري إلياس زيادة وهذا هو اسمها الحقيقي في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886 لأب لبناني ماروني وأم فلسطينية أرثوذكسية، وقضت سنوات عمرها الأولى في مدارس داخلية في لبنان , ثم نزحت مع والدها ووالدتها إلى مصر في عام 1908 ، توفيت في 18 اكتوبر عام 1941
تقول نوال مصطفى في " مي زيادة أسطورة الحب والنبوغ "
إن مى زيادة التي كانت مشحونة بحلم التنوير والتطوير ومأخوذة بالمعرفة. ومزودة بكنوز من تراثنا ومن الآداب العالمية في آن معاً .. نظلمها إذا أطلقنا عليها " عروس الأدب النسائي" كما وصفوها في زمانها . فلقد كانت مى مفكرة من طراز فريد يندر أن نجد مثيله بين الرجال
ظل شعور " اللامنتمية" يلازم هذه الكاتبة الفريدة.. فالأقطار الثلاثة التي تنتمي إليها : لبنان .. فلسطين .. مصر كل منها يفتخر بأنها واحدة من نوابغه ، لكن أحداً من تلك الأوطان لم يعطها ما تستحق من تكريم حتى الآن
وكثيراً ما عبرت مى بقلمها عن هذه الغصة وتلك المرارة التي تشعر بها نتيجة لهذه الغربة الدائمة وعدم الانتماء . فكتبت في أحد مقالاتها ذات مرة تقول :
أين وطني؟!
ولدت في بلد..
وأبي من بلد..
وأمي من بلد..
وسكني في بلد..
وأشباح نفسي تنتقل من بلد إلى بلد..
فلأي هذه البلدان أنتمي..
وعن أي هذه البلدان أدافع؟
وهذه قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي يصف فيها أيضاً افتتانه بمي كأديبة وكامرأة:
أسائل خاطري عما سباني *** أحسن الخلق أم حسن البيان ؟
رأيت تنافس الحسنين فيها *** كأنهما لمية عاشقان
إذا نطقت صبا عقلي إليها *** وإن بسمت إليَّ صبا جناني
أم أن شبابها راث لشيبي *** وما أوهى زماني من كياني

"7"
جبران خليل جبران بن ميخائيل بن سعد ، من أحفاد يوسف جبران الماروني البشعلاني، شاعر لبناني امريكي، ولد في 6 يناير 1883 م في بلدة بشري شمال لبنان ، سافر مع أمه وإخوته إلى أمريكا عام 1895، فدرس فن التصوير وعاد إلى لبنان ، وبعد أربع سنوات قصد باريس ماكثا فيها ثلاث سنوات ، وهناك تعمق في فن التصوير، عاد إلى الولايات الامريكية المتحدة مرة أخرى وتحديدا إلى نيويورك ، وأسس مع رفاقه " الرابطة القلمية " وكان رئيسها ، جمعت بعض مقالاته في كتاب "البدائع والطرائف"
قال في أحد رسائله لمي زيادة
وماذا أقول عن كهوف روحي ؟ تلك الكهوف التي تخيفك – اني التجئ إليها عندما أتعب من سبل الناس الواسعة وحقولهم المزهرة وغاباتهم المتعرشة. إني أدخل كهوف روحي عندما لا أجد مكاناً آخر أسند إليه رأسي , ولو كان لبعض من أحبهم الشجاعة لدخول تلك الكهوف لما وجدوا فيها سوى رجل راكع على ركبتيه وهو يصلي
أما استحسانك الرسوم الثلاثة في المجنون " ويعني به مؤلفه الذي ألفه بالانجليزية " فقد سرني ودلني على وجود عين ثالثة بين عينيك , وقد طالما عرفت أن وراء أذنيك آذان خفية تسمع تلك الأصوات الدقيقة الشبيهة بالسكوت – تلك الأصوات التي لا تحدثها الشفاه والألسنة بل ما وراء الألسنة والشفاه من الوحدة العذبة , والألم المفرح , والشوق إلى ذلك العالم البعيد الغير معروف
كان يقول في أحد رسائله لمي :
وسوف يجيء يوم أهرب فيه إلى الشرق . إن شوقي إلى وطني يكاد يذيبني ولولا هذا القفص الذي حبكت قضبانه بيدي – لاعتليت متن أول سفينة سائرة شرقاً . ولكن أي رجل يستطيع أن يترك بناءً صرف عمره بنحت حجارته وصفّها ؟ حتى وإن كان ذلك البناء سجناً له فهو لا يقدر أو لا يريد أن يتخلص منه في يوم واحد
ولكنه توفي في نيويورك 10 ابريل 1931م بداء السل

" 8 "
عباس محمود العقاد
من أهم إن لم يكن أهم الأدباء المصريين في العصر الحديث و قد ولد في أسوان في 28/6/1889، وتخرج من المدرسة الابتدائية سنة 1903. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة الديوان، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق
وعمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط وعمل بالسكك الحديدية؛ لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا؛ حيث حصل على الشهادة الابتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا ، ثم نقل إلى محافظة الشرقية
مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها، فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع "محمد فريد وجدي" في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه، وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ما جعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه، فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه
ولم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات.
أما عن أعماله الفكرية الأدبية فهي كثيرة للغاية ويصعب حصرها ، لكن بداية ظهوره قي الإنتاج الأدبي كان في سنة 1916، مع ديوانه الشعري الأول، وصدر له بعد ذلك مجموعات شعرية، مثل: هداية الكروان، وأعاصير المغرب، وحي الأربعين، وعابر سبيل
ومن أشهر أعمال العقاد سلسلة العبقريات الاسلامية التي تناولت بالتفاصيل سير أعلام الإسلام، مثل: عبقرية محمد، وعبقرية عمر، وعبقرية خالد، وغيرها.. ولم يكتب إلا رواية واحدة هي "سارة"، ومن أهم مؤلفاته أيضا: الفلسفة القرآنية، والله، وإبليس، الانسان في القران الكريم ومراجعات في الأدب والفنون
وبالنسبة للحديث عن علاقته بمي زيادة
كان الكاتب المفكر عباس محمود العقاد ، وهو من ألمع مفكري عصره لا ينكر حبه لمي , وقد لمح له كثيراً في روايته سارة وأعطى مي اسماً مستعاراً هو هند ، وعرفها العقاد في البداية عن طريق مقالاتها في الصحف ثم من كتبها ، وبدأت علاقتهما بالخطابات هو من أسوان بلدته التي يقيم بها قبل استقراره في القاهرة ، وهي من القاهرة حيث استوطنت مصر بعد قدومها من لبنان بصحبة والديها
وعندما عاد العقاد من أسوان سارع بزيارة مي يملؤه الشوق والحنين إلى تلك الشخصية التي فتنته قبل أن يراها !
وتقارب الأديبان : العقلان والقلبان ، لكن حب العقاد لمي كان مختلفاً عن حب مي للعقاد ، كان العقاد يؤمن بطوفان المشاعر وتوحد الحبيبين نفساً وروحاً وجسداً ، وكانت مي تؤمن بالحب الصافي , السامي ، العفيف الذي يرتفع عن رغبات الجسد ويسمو إلى عالم الروحانيات وصداقة الفكر
ولا شك أن العقاد احترق بحب مي في صمت والدليل على ذلك قصائده الكثيرة إليها التي تحمل كل مشاعر الحب والتتيم بها
ويصف العقاد في روايته " سارة " طبيعة علاقته بمي دون التصريح باسمها .. بل اختار لها اسماً مستعاراً هو : هند . فيقول : كان يحبها الحب الذي جعله ينتظر الرسالة أو حديث التليفون كما ينتظر العاشق موعد اللقاء , وكانا كثيراً ما يتراسلان أو يتحدثان , وكثيراً ما يتباعدان ويلتزمان الصمت الطويل إيثاراً للتقية واجتناباً للقال والقيل وتهدئة من جماح العاطفة وإذا خافا عليها الانقطاع
كانت الخطابات المتبادلة بين مي والعقاد ثروة أدبية .. فكرية .. إنسانية ودليل في نفس الوقت على رابطة متينة قوية بين الطرفين
وفي كتاب : " غرام مي وجبران بين الحقيقة والخيال " .. الملاحظ في رسائلها الغرامية إلى جبران أنها كانت تعيش شبه حالة حب مع عباس محمود العقاد استناداً إلى رسائل اكتشفها طاهر الطناحي وتقول في إحداها وكانت مؤرخة في 20 أغسطس ( آب) 1925 :
إنني لا أستطيع أن أصف لك شعوري حين قرأت القصيدة التي أرسلتها لي , وحسبي أن أقول لك أن ما تشعر به نحوي هو نفس ما شعرت به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك وأنت في بلدتك التاريخية أسوان
بل إنني خشيت أن أفاتحك بشعوري نحوك منذ زمن بعيد , منذ أول مرة رأيتك فيها بدار جريدة " المحروسة " . إن الحياء منعني , وقد ظننت أن اختلاطي بالزملاء يثير حمية الغضب عندك . والآن عرفت شعورك , وعرفت لماذا لا تميل إلى جبران خليل جبران .. لا تحسب إنني اتهمك بالغيرة من جبران , فهو في نيويورك لم يرني ولعله لن يراني , كما أنني لم أراه إلا في تلك الصور التي تنشرها الصحف
سأعود قريباً إلى مصر , وستجمعنا زيارات وجلسات أفضي فيها لك بما تدخره نفسي , ويضمه وجداني , فعندي أشياء كثيرة أقولها لك
وفي قصة " سارة" التي كتبها العقاد .. وروى فيها حبه لامرأتين هما " سارة " و"هند " .. وصفها فقال :
إحداهما حولها نهر يساعد على الوصول إليها .. والأخرى حولها نهر يمنع من الوصول إليها وكان يقصد بالأخرى مي
وقال العقاد عن مي ذات مرة :
لقد كانت متدينة تؤمن بالبعث .. وأنها ستقف بين يدي الله يوماً , ويحاسبها على آثامها , فكانت برغم شعورها بالحياة, وإحساسها العمق الصادق , وذكائها الوضاء , وروحها الشفافة , ورقتها وأنوثتها تحرص على أن تمارس هذه الحياة بعفة واتزان .
وكتب العقاد في مي العديد من القصائد التي تظهر بوضوح ذلك الحب الذي ملك وجدانه ، ومنها قصيدة بعث بها إليها في روما حيث كانت تقضي أجازة صيف عام 1925 وخلال تلك الفترة تبودلت الرسائل بينهما كلها تنم عن شوق مكبوت من الطرفين

" 9 "
طه حسين
(14 نوفمبر 1889 إلى 28 أكتوبر 1973) أديب و ناقد مصري كبير لقّب بعميد الأدب العربي. غيّر الرواية العربية خالق السيرة الذاتيّة مع كتابه "الايام" الذي نشر عام 1929.ولد في الصعيد و درس في جامع الأزهر والجامعة الأهلية ثمّّ في فرنسا في جامعة "السوربون". طه حسين فقد البصر فيما كان عمره 3 سنوات. تولّى إدارة جامعة الإسكندرية سنة 1943 ثمّ أصبح وزير المعارف سنة 1950. من مؤلفاته نذكر : "في الأدب الجاهلي" و خصوصا "الأيام"سيرته الذاتية، إضافة إلى بعض الأعمال القصصية (دعاء الكروان ـ شجرة البؤس ـ المعذبون في الأرض)، والتاريخية (على هامش السيرة) والنقدية (حديث الأربعاء ـ من حديث الشعر والنثر) والفكرية (مستقبل الثقافة في مصر).. فضلاً عن بعض الأعمال المترجمة. وقد رفض المجتمع المصري المحافظ الكثير من ارائه في موضوعات مختلفة خاصة حين رجوعه من فرنسا. يعتبر كتابه "الايام" سيرة ذاتية تعبر عن سخط كاتبها على واقعه الاجتماعي، خاصة بعد ان عرف الحياة في مجتمع غربي متطور. طه حسين (1889-1973) واحد من أهم -إن لم يكن أهم- المفكرين العرب في القرن العشرين. وترجع أهميته إلى الأدوار الجذرية المتعددة التي قام بها في مجالات متعددة, أسهمت في الانتقال بالإنسان العربي من مستوى الضرورة إلى مستوى الحرية, ومن الظلم إلى العدل, ومن التخلف إلى التقدم, ومن ثقافة الإظلام إلى ثقافة الاستنارة, فهو أجسر دعاة العقلانية في الفكر, والاستقلال في الرأى, والابتكار في الإبداع, والتحرر في البحث الأدبي, والتمرد على التقاليد الجامدة. وهو أول من كتب عن (مستقبل الثقافة) بالحماسة التي كتب بها عن (المعذبين في الأرض), وبالشجاعة التي تحرر بها من ثوابت النقل البالية, فاستبدل الاجتهاد بالتقليد, والابتداع بالاتباع, وأقام الدنيا ولم يقعدها حين أصدر كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي كان بمثابة الاستهلال الجذري للعقل العربي المحدث والحديث في آن. ولد طه حسين في الرابع عشر من نوفمبر سنة 1889 في عزبة (الكيلو) التي تقع على مسافة كيلومتر من (مغاغة) بمحافظة المنيا بالصعيد الأوسط. وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا, رقيق الحال, في شركة السكر, يعول ثلاثة عشر ولدًا, سابعهم طه حسين. ضاع بصره في السادسة من عمره نتيجة الفقر والجهل, وحفظ القرآن الكريم قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر طلبًا للعلم. وتتلمذ على الإمام محمد عبده الذي علمه التمرد على طرائق الاتباعيين من مشايخ الأزهر, فانتهى به الأمر إلى الطرد من الأزهر, واللجوء إلى الجامعة المصرية الوليدة التي حصل منها على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب سنة 1914 عن أديبه الأثير: أبي العلاء المعري . ولم تمر أطروحته من غير ضجة واتهام من المجموعات التقليدية حتى بعد أن سافر إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه الفرنسية. وعاد من فرنسا سنة 1919 بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون, وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني إلى سنة 1925, حيث تم تعيينه أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية. وما لبث أن أصدر كتابه (في الشعر الجاهلى) الذي أحدث عواصف من ردود الفعل المعارضة, وأسهم في الانتقال بمناهج البحث الأدبي والتاريخي نقلة كبيرة فيما يتصل بتأكيد حرية العقل الجامعي في الاجتهاد. وظل طه حسين يثير عواصف التجديد حوله, في مؤلفاته المتتابعة ومقالاته المتلاحقة وإبداعاته المتدافعة, طوال مسيرته التنويرية التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط, سواء حين أصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930, وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين سنة 1932, وحين واجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان, الأمر الذي أدى إلى طرده من الجامعة التي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا. ولم يكف عن حلمه بمستقبل الثقافة أو انحيازه إلى المعذبين في الأرض في الأربعينات التي انتهت بتعيينه وزيرًا للمعارف في الوزارة الوفدية سنة 1950, فوجد الفرصة سانحة لتطبيق شعاره الأثير (التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن). وظل طه حسين على جذريته بعد أن انصرف إلى الإنتاج الفكري, وظل يكتب في عهد الثورة المصرية ، إلى أن توفي عبد الناصر, وقامت حرب أكتوبر التي توفي بعد قيامها في الشهر نفسه سنة 1973. وتحفته (الأيام) أثر إبداعي من آثار العواصف التي أثارها كتابه (في الشعر الجاهلي), فقد بدأ في كتابتها بعد حوالي عام من بداية العاصفة, كما لو كان يستعين على الحاضر بالماضي الذي يدفع إلى المستقبل. ويبدو أن حدة الهجوم عليه دفعته إلى استبطان حياة الصبا القاسية, ووضعها موضع المساءلة, ليستمد من معجزته الخاصة التي قاوم بها العمى والجهل في الماضي القدرة على مواجهة عواصف الحاضر. ولذلك كانت (الأيام) طرازًا فريدًا من السيرة التي تستجلي بها الأنا حياتها في الماضي لتستقطر منها ما تقاوم به تحديات الحاضر, حالمة بالمستقبل الواعد الذي يخلو من عقبات الماضي وتحديات الحاضر على السواء. والعلاقة بين الماضي المستعاد في هذه السيرة الذاتية والحاضر الذي يحدد اتجاه فعل الاستعادة أشبه بالعلاقة بين الأصل والمرآة, الأصل الذي هو حاضر متوتر يبحث عن توازنه بتذكر ماضيه, فيستدعيه إلى وعي الكتابة كي يتطلع فيه كما تتطلع الذات إلى نفسها في مرآة, باحثة عن لحظة من لحظات اكتمال المعرفية الذاتية التي تستعيد بها توازنها في الحاضر الذي أضرّ بها. ونتيجة ذلك الغوص عميقًا في ماضي الذات بما يجعل الخاص سبيلا إلى العام, والذاتي طريقًا إلى الإنساني, والمحلي وجهًا آخر من العالمي, فالإبداع الأصيل في (الأيام) ينطوي على معنى الأمثولة الذاتية التي تتحول إلى مثال حي لقدرة الإنسان على صنع المعجزة التي تحرره من قيود الضرورة والتخلف والجهل والظلم, بحثًا عن أفق واعد من الحرية والتقدم والعلم والعدل. وهي القيم التي تجسّدها (الأيام) إبداعًا خالصًا في لغة تتميز بثرائها الأسلوبي النادر الذي جعل منها علامة فريدة من علامات الأدب العربي الحديث. نشر معظم كتبه لدى تلميذه في كلية الاداب بهيج عثمان اللبناني صاحب دار العلم للملايين \بيروت
* استقيت التعاريف من الموسوعة الحرة