اخي الكريم شديد الملاحظة
اولا اشكرك على صراحتك , ولعله من خلال سؤالي لك عن المنظّر لباب سد الذرائع تبادر اليك غير ما كنت اريد , ولهذا رأيت جوابك ينحو جانبا من الشدة وهذا ما أكده اخر التعليق لما المحت الى موضوع معتقدك مع اني لم اسألك عنه ولم اشر اليه . لم تصل المسألة اخي الفاضل الى التشكيك بالمعتقد . تعليقي كان حول الحوار لمعرفة ادق ما تعتقد لكوني اتحدث مع اشباح لا يمكن ان ادرك شخصياتهم الا من خلال التدقيق بما يقولون , قد تكون اخي انت من اخير الناس , وقد تكون غير ذلك , وقد تكون من كبار طلبة العلم , وقد تكون غير ذلك , ومع ذلك فأنا اتحدث مع رسوم واحرف امامي لا غير , فلماذا تنقم علي ان ابحث عن ادق ما تراه وما تعتقده حتى اعرف محاوري ومناقشي وكيف اتعامل معه , مع انني استخدمت حسن الظن كما ترى سابقا .
لا اريد ان ادافع عن نفسي , ولكن في المقابل اريد ان يبلغك انني لا ارى ان لي ظهرا او ركنا شديد من الناس يسندني لكي اقول او المح الى ما تظن انه اقصائية او تصنيفا او غير ذلك , ما اردنا الا الفائدة , ثم توضيح أي لبس عندي او عندك او عند القارئ الكريم , ارجو اخي شديد الملاحظة الا يكون سبب تصويرك لبعض الامور بالإقصاء – مع اني لا انكره بالجملة - هو موقف معين , او قضية معينة لا تستحق التعميم حسمت القضية لديك , حتى صار مخالفك اقصائيا او وصائيا او انتهازيا , او ما اشبه ذلك , في مقابل وصفك للمخالف بامتلاكه ادوات الاجتهاد وقد اقصي عنه .
لا نريد ان تكون لدينا حساسية لبعض الخصماء وإن تكلموا بقوة او قبل قولهم بقوة , مما يجعلنا نصنع حولهم هالة عظيمة تلجئ البعض لان يصنفوهم بما لا يستحقون حتى نسقط قولهم باستعطاف الاخرين بتعميمات لا تصح .
على كل حال هناك كلمة مشهورة لابن تيمية رحمه الله تبين اننا بحاجة لان نصلح افكارنا ومنطلقاتنا بأيدي انفسنا وان كان في هذا الاصلاح شدة او تألم كما تغسل احدى اليدين الاخرى وقد لا ينقلع الوسخ من اليدين كما يقول الا بنوع من الشدة .
في الحقيقة لم يكن احدنا سببا مباشرا لما جرى للقصيمي او النقيدان او لمن هو في طور التصنيع كما قلت , وإن كان هناك من تسبب لان يوصلهم لمرحلة طور التعالم او التكبر والاستخفاف بالاخرين او غير ذلك , او حتى وضع النفس في غير موضعها , حتى جعلهم يتكلمون فيما لا يفقهون ولا يعقلون , وهو ما كنت اعنيه هنا من وضع الانسان في موضعه اللائق , وهو نفس الامر الذي يجعلني اناقش مسألة التخصص وان الاولى لها اهل التخصص .
كثيرا ما كنت اقول لبعض الاخوة ان هؤلاء الذين انتكسوا اخيرا - نسأل الله لنا ولهم الهداية - لم يكونوا بذاك المستوى العلمي بقدر ما كان عندهم من الة التكلم مع بعض الشكوك والشبهات , وقد تعودوا مع ثرثرة السنتهم على كثرة المخاصمة واللجاج نسأل الله العافية , وهذه مقالاتهم ومقابلاتهم تشهد لذلك , اين هي المادة العلمية سوى ما يطرحون بين الفينة والاخرى مما يدور في خلجاتهم من تلك الشكوك او الشبهات او ذاك التاريخ الملئ بالمتناقضات , او حتى قصصهم ومواقفهم مع بعض الاطراف عن بيوت الطين او مسائل تحريم الكهرباء او ما شابه ذلك , اين هي المادة العلمية لهؤلاء وقد رأينا اصغر طويلب علم يكفيهم ليكشف للجميع ضحالة فكرهم و مستوى جهلهم , او شبهاتهم وشكوكهم , وقد اتضح ذلك اكثر مع مرور الايام وما صرحوا به في الاخير من تلك الشبهات .
وقد حكى لنا التاريخ من ضحالة علم هؤلاء بالكتاب والسنة ما جرى للجهم بن صفوان او الجعد بن درهم او حتى ابن ابي دؤاد ما يبين ان هؤلاء عبارة عن صورة مطابقة مستقلة لما ينشز من الارض والمجتمعات , وربك الحكيم العليم كيف وكل هؤلاء الى شكوكهم وشبهاتهم مع ان الناس في كثير من الاحوال لا يخلون عما يدور في الخلد من شبهات تكلم الله سبحانه وتعالى في صدر ال عمران , وتكلم عن وجودها في خلجات الانفس بعض صحابة رسول الله فكان سكوتهم عن ابدائها هو صريح الايمان كما جاء في مسلم .
لا نريد ان نتقاذف اسباب نشوز اولئك , لكن لا بد ان يدرك الجميع ان هؤلاء هم من تسبب لانفسهم , وهم من قذفها الى ذلك الجانب , وهم من اوجد لأولئك الفرصة لكي يستثمروا فسادهم العقلي , حتى وصفوهم بالتخصصات المكذوبة , وليس السبب بالضرورة هو هذا المجتمع كما يتوهمه البعض , تماما كما هو الحادث في عهد الصحابة رضوان الله عليهم لما انتكس من انتكس في وقتهم , وحينما جرت مثل تلك الدماء في وقت الردة , او الخلافات التي جرت في عهد الخليفتين علي ومعاوية رضي الله عنهما .؟!
.. نعم .. لكل قاعدة ما يشذ ويخرج عنها , لكن لا يعني هذا ان نعمم الشذوذ على كل القاعدة , ونحن نرى تقلبات هؤلاء او غيرهم , بل ونفوقهم على المجتمع نفسه حتى في اولى مراحل انتسابهم للدين .
اما سؤالك فالجواب عليه كان من ضمن تعليقات سابقة , وسوف يتبين لك من الجواب :
تقول في السؤال : ماهو الحد الفاصل الذي يقضي به العالم المجتهد على أمر ظاهره الإباحة بالتحريم سدّاً للذرائع ؟
والجواب عليه باختصار لا يخرج عن اربع حالات :
الاولى : ان يكون هذا المباح يؤول الى المحرم قطعا فهذا لا يجوز بالاجماع .
الثانية : ان يكون هذا المباح يؤول الى المحرم ظنا فهذا لا يجوز بالاجماع .
الثالثة : ان يكون هذا المباح يؤول الى المحرم كثيرا , وهذا يحتاج فيه الى النظر في القرائن وهو محل الخلاف , وهو ما المحتُ اليه في الجواب عن سؤالك الاول عن سد الذرائع لما نقلت لك الاجماع فيه , و بينت لك ان الاولى ان نكون مع الجماعة في تحديد هذا الامر مهما كان فيه نوع ترجيح قول اخر لضرورة الاجتماع وعدم الخلاف , وقد قلت لك : بقى ان يقال ان هناك نوازل عينية ينظر فيها لاهل الاختصاص , لكونها ليست هي لكل احد , حتى ما قد يتصور عدم جدواها , فبعض الاحكام قد يتصور بعض الناس الضرر فيها , ومع ذلك فلا يمكن شرعا اسقاطها او تحييدها او تجزئتها, لان الناس لابد من تسييسهم على منهج معين , وان تصوروا اهتراء بعض جوانبه , ولو اردت ان اضرب مثلا واحدا لذكرت لك رؤية هلال ذي الحجة , لو رأه شخص قبل الناس هل من الممكن ان يقف بعرفة قبلهم , لو فعل ذلك لكان مخالفا للنصوص .
الرابعة : ان يكون هذا المباح يؤول الى المحرم نادرا وهذا مباح بالجماع .
في الاخير اخي شديد الملاحظة
لماذا قلت بارك الله فيك :
لازلنا نسير بنفس الطريق وننتج قصيميين آخرين بفعل ممارستنا ..
ربما كان آخر ما أنتجناه هو النقيدان .. وربما يكون الزعاق في طور التصنيع ..
وشكرا لك