بعد أن ذكرنا نماذج من شهادات التاريخ على تلك الفترة بما يدحض نفث ذلك الكاتب مما جادت به نفسه من عفن القول , وقذارة الحديث , دعونا نلبس الكمّا مات لنستطلع شيئا من ذلك العفن في مقال الرويبضة :
قال :
(( ثقافتنا مع الأسف لم تتح لمعتنقيها فرصة تبادل الآراء بتغذية مرتدة بين افرادها (Food Bacic) نتيجة أحادية الرأي الذي سيطر على ايدولوجيتها الفكرية منذ ان اريد لها ان تكون شاهدة على سقوط حضاري مريع للعرب والمسلمين )) انتهى .
( كما تقرؤون فقد زعم إيّاه أنّ ثقافتنا قائمة على أحاديّة الرأي !
ولا أدري ما قوله في كثرة الخلاف بين علماء أهل السنة والجماعة عبر تاريخهم الطويل من لدن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا ؟ ألم يكن يعلم به ؟
ألا يرى كم يختلف علماء المسلمين عبر التاريخ , ويتحاورون , ويقدّر كلّ منهم رأي الآخر ؟!
ألم يقرأ بحوث علمائنا الخلافية وتجاذبهم القضايا فيما بينهم ؟ وكيف كان أدبهم مع بعض في الحوار ؟ ومن أولئك الكرام الإمام أحمد بن حنبل الذي جعل هذا الخبيث غلبة منهجه منهج أهل السنّة سقوطا مريعا , وجريمة نكراء وقاصمة القواصم !!!
ألم يقرأ مقولات أولئك العظماء من علمائنا عن الخلاف وأدبهم مع المخالفين ؟
ألم يقرأ قولهم : (( كلّ يؤخذ من كلامه ويردّ إلا صاحب هذا القبر – صلى الله عليه وسلم - )) ؟
أو قولهم : (( إذا وجدتم في كلامي ما يعارض كتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم - , فاضربوا بكلامي عرض الحائط )) ؟
ألم يقرأ كتاب تقيّ الدين ابن تيمية (( رفع الملام عن الأئمة الأعلام )) ذلك الكتاب الذي أثبت مشروعية الخلاف ؟!!! وبيّن بجلاء كيف أنّ علماءنا من السلف كانوا يختلفون ويتحاورون ويتعقب بعضهم كلام بعض بمنهج علمي له قواعده , بعيدين عن حال النزاع المذموم , والكراهية للغير , واحتقارهم , وحال التشنّج ! وهي الصفات التي أترع بها دعاة التنوير اليوم كتاباتهم
فهي مجرّد شتائم واحتقار لواقع وتاريخ أمتهم الشرعي والخلقي , ينظرون إلى المجتمع نظرة فوقية من علوّ , وهم أحقر الناس شأنا وأحطّهم خلقا , وأنضبهم معرفة شرعية , وأقلّهم نفعا لأمتهم ! فسبحان من له في خلقه شؤون !
ولا عجب , فخلاف سلفنا خلاف البحث عن الحق , لا خلاف يبحث فيه صاحبه – كما هو البعض اليوم – عمّا يوافق هواه حتى لو لزم تطويع نصوص الشرع مكرهة لمراده !
هذا نهج علمائنا , قبول لمبدأ الخلاف وتسليم به , واحترام مطلق للرأي المخالف
فقط , هو أمر واحد من الخلاف يضيقون به , إنه خلاف أهل الأهواء وأهل البدع في مسائل تعرف من الدين بالضرورة أجمعت عليها أمّة محمد صلى الله عليه وسلّم .
وخلاف عتاة الشيعة والصوفية والجهمية والمعتزلة , وأمثالهم .
وهل يسمّى تلفيق هؤلاء المبتدعة ( خلافا ) لا , بل هو ضلال أخبرنا عن حصوله المصطفى صلى الله عليه وسلّم , عندما ذكر أنّ أمته ستفترق من بعده ثلاثا وسبعين فرقة , (((( كلّها في النار إلا واحدة ))))
لاحظوا كثرة الفرقاء (( ثلاثة وسبعون خصما )) اثنان وسبعون منهم على ضلال !!!
فهل نطالب أهل السنة والجماعة بقبول رأي هؤلاء وهم على ضلال ؟! لو فعلنا لكنّا نحن الحمقى !
أمّا كلام المتحذلقين من الرويبضات فليس خلافا أصلا لأنهم يقحمون أنفسهم فيما لا يدركون من العلم الشرعي . فهؤلاء لا يلتفت إليهم العلماء أصلا . وهل مثلهم يستحقّ التفاتة عالم ؟!
تأمّلوا معي كيف أن هذا الكاتب الذي كال للأهل السنة الشتائم مصاب بالمرض , مرض الـ( أنا هنا )
ومن دلائل هذا إقحامه فيهذا المقال القصير عبارة انجليزية ليس لذكرها سبب وجيه , إلا الاستعراض الذي دافعه حب الظهور والشهرة , فلسان حال من يقحم الترجمة الانجليزية لمصطلح ( التغذية المرتدة ) وهي في علم الأحياء لا الثقافة , فلسان حاله يقول : (( أنا مثقّف مطّلع , فانتبهوا )) .
قال - عليه من الله ما يستحقّ – في معرض تهكّمه بالمجتمع الإسلاميّ الفاضل من شرقه إلى غربه :
(( ...... والمدرسة ليست مستعدة لأن تسمح لاحدى طالباتها بمعارضتها بما تبديه من آراء مفروضة عليهن من قبلها لأن زوجها وقبل ذلك مجتمعنا لا يراها الا من سقط المتاع. او ان هي الا احدى محاضن الشهوة وقلاع الفتنة .... )) انتهى .
أمجتمعنا المسلم مضرب المثل عفافا وحشمة يرى المرأة مجرّد محضن شهوة يا بذيء اللسان ؟!
هل مجتمع تربّى على خلق الإسلام بعمومه يرى المرأة مجرّد محضن شهوة ؟!
لعن الله الشيطان ! كيف يذهب بالإنسان إلى هذا الحدّ من التفاهة ؟!
إن كان الكاتب العزيز يرى أمّه مجرّد محضن شهوة , مما قد يدعو أشباهه للتمتع بأمهاتهم ! فأمهاتنا أجلّ قدرا , وأعظم من أن نستطيع وصف مقامهن الرفيع
وإن كان مريضا يرى حرص الرجل على حماية ابنته وأخته عن مواطن الزلل , ومساعدتها على الفلاح والفضل والعفاف دليلا على أنّه يراها مجرّد محضن شهوة , فما حيلتنا به إلا أن ننصحه بمراجعة الطبيب .
أمّا إن كان يريد مجرّد الهذيان فأمامه الصحف البذيئة وصفحات الشبكة فلينثر فيها قيح جوفه .
لو أراد الإنصاف - وما أراه يريده – لكان أعطى نفسك فرصة تأمّل حال المرأة في المجتمعات الإسلامية المحافظة , وحالها في دول المثال المحتذى الذي يقرّعنا به - أوروبا وأمريكا , ومن سار على نهجها - ,
فسيرى الفرق !
المرأة في الغرب ومن شايعهم وسيلة للترويج والربح في أي مجال عن طريق تحريك الغرائز بها ! والمسلمون المحافظون يرفعونها عن ذلك .
المرأة في الغرب ومن شايعهم وسيلة للجذب الجنسي لأفلامهم ومنتجاتهم الفنيّة ! والمسلمون المحافظون يرفعونها عن ذلك .
المرأة في الغرب ومن شايعهم هي السلعة المبتذلة في دور البغاء المباحة رسميا ! والمسلمون المحافظون يرفعونها عن ذلك .
فأيّ الفريقين أحقّ بالوصف لو كان منصفا ؟!
وإنّي سائل كلّ رويبضة ومخدوع :
هل الذين يحفضون للمرأة نسبها ويثبتونه في الأوراق الرسميّة هم الذين يرعون حق المرأة أم الذين يلغون نسبها ويطمسون هويّتها فيضمّونها إلى نسب الرجل الذي تزوجته وكأنه وجدها ولا أهل لها , أو كأنها سلعة نقل ملكيتها ؟!
هم يسمونها مثلا بعد الزواج :
هلري كلينتون , وعليها فقس ( حلوه , !!! نقل ملكيّة عيني عينك )
لكنّ عين الرضا عن كل عيب كليلة يا كاتبنا المحترم !
ومن الطرائف المضحكة في هذا المقام أنّ أحد سفرائنا ( في دولة أورويبة ) ذكر أسماء أكبر من حضروا دعوة هناك فذكر منهم (( السيدة ..... )) ملحقا إياها بنسبه , وقد سمعت هذا من لسانه , ولا عجب فهو متفرنج إلى النخاع .
ومن اللطائف أنّ أي واحد يستطيع مقارنة عدد الكاتبات في صحيفة سعودية , وصحيفة من بلد الحرّية المزعومة كأمريكا أو فرنسا , ليدرك أن عدد الكاتبات في الصحيفة السعودية أكثر منها في الأخرى !!! فبم يفسّر هذا كاتبنا الكريم ؟
وقال إيّاه :
(( وهكذا استمر هذا الوضع سائدا وليس لأحد الحق في محاولة تغييره والا فالاتهامات المعلبة جاهزة بانتظاره (إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثارهم مهتدون). )) انتهى
أتشبهنا بحال الكفار ؟
لا تعتذر بأنك تريد التندر ومجرّد التمثيل , فالنص القرآني ثابت المعنى لا يقبل تحريفا .
وقال :
(( وربما يكون من سوء حظ هذه الثقافة ان وئِدَتْ المحاولات الاولى لاشاعة (فضيلة) النظر والاستدلال العقلي والذي بدأ مع فلاسفة المسلمين (المعتزلة) في القرن الثالث الهجري تحديدا أيام مناظراتهم مع خصومهم اذ قضى على هذه المحاولات الرائدة الخليفة العباسي المتوكل (المتوفى سنة 247هـ) واتاح الفرصة للايدولوجية البديلة للانتشار وبسط هيمنتها وهي الايدولوجية القائمة على البساطة والهشاشة والسذاجة )) انتهى .
هذا المقطع أراحنا وكشف معدنه الخبيث بحمد الله , وأنه من أهل البدع , فإن لم يكن فهو إذن من أجهل الجهلة بأمر العقيدة والتاريخ , فإن لم يكن فهو صاحب هوى يعلم الحق ويكتمه ليدحضه بالباطل قطع الله نفسه .
والذي أرثي لحاله فقط هو من يدافع عن هؤلاء السفلة الذين لا يرضيهم إلا أن يروا المجتمع المسلم على الحال التي تكفل لهم إشباع نزواتهم دون ردع , وأنى لهم ذلك فالله خير حافظا والأمة لن تزال بخير ولو كره كلّ رويبضات وجرذان السفينة .
قال :
((ولربما نجد العذر لهذه الثقافة بأنها لم تكن مهيأة (جينيا) لذلك التطور الفكري المعاكس للثقافة الصحراوية القائمة على الجمود والخوف والهلع من مرادفات النقد والتعدد واخواتها. ولذا فقد اشاعت ثقافة بسيطة ساذجة لا تعمل الواقع ولا ترضى بالعقل حكما على أتفه الأمور)) انتهى
لاحظوا أنه هنا يبحث عن سبب عدم قبول حضارتنا للفكر النيّر – بزعمه طبعا - !!! فهو عنده أنها ثقافة من أصلها عقيمة !
ولتدركوا هذا تأمّلوا مليّا رمزه بكلمة ( جينيا ) والجين الأصل المورّث . فهي برأيه من الأصل ثقافة سيئة جامدة !
وإلا فهل هو أعلم أم الله يوم أن كلّف رجلا أميّا (((( صحراويا )))) هو محمد صلوات ربي وسلامه عليه , ليحمل هذا الفكر العظيم للناس كـــــــــــــــــــــــــافّة ؟!
فلو كانت الصحراء تربّي تربية سيئة جامدة متخلّقفة متحجرة لا تنبت إلا الشوك ....... الخ من عبارات ما أكثر ما قالها الرويبضات , وتبعهم عليها المخدوعون , لو كان الأمر كذلك لما نفع أن يختار الله نبيّا صحراويا ليقود الناس !
سبحانك هذا بهتان عظيم !
ولعلّ الله ييسّر لي كتابة موضوع مفرد عن فضل أهل الجزيرة (( الصحراويين )) وماهم عليه من نبل الأخلاق وكريم السجايا وإكرام العقل , والإذعان للحق بصورة يعجز أي رويبضة عن نكرانها , أو ذكر شعب يتحلّى بأفضل منها .
أسأل الله لهذا الكاتب الهداية , وأن يحمي المجتمع المسلم من شرّه وكيده .
كما أسأله سبحانه أن يأخذ بالمخدوعين بهذا النوع من الكتابات والأفكار إلى الخير وأن يحفظهم من الزلل .
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وآله وسلم .