ضَحِكْتُ فقالوا: ألا تحتشم؟
بكَيتُ فقالوا : ألا تبتسم؟
تبسَّمتُ فقالوا : تُرائِيْ بها
عَـبَـسْتُ فقالوا: بدا ما كتم
سكتُّ فقالوا : كليل اللسان
نَطَقْتُ فقالوا : كثير الكلام
حَلُمْتُ فقالوا : صنيعُ الجبان.. ولو كان مقتدراً لانتقم
وحين بَسُلْتُ قالوا : لِطَيْشٍ به .. وما كان مُجْتَرِئًا لو حَكَم
يقولون: شَـذ َّ .. إذا خالَفْتُهُم
ويقولون: إمَّعَة .. إذا وافَقْتُهم
فأيقنت أني مهما أردت رضا الناس
لا يرضى عني منهم كُثـُر
قال صلى الله عليه وسلم : ( من أرضى الله بسخط الناس .. رضي الله عليه ، وأرضى عنه الناس ، ومن أسخط الله برضى الناس .. سخط الله عليه ، وأسخط عليه الناس ) .
إذا أصبح العبد وأمسى وليس همُّه إلا الله وحده، تحمل الله سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمه، وفرَّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته. وإن أصبح وأمسى والدنيا همُّه، حمَّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكله إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره، كالكير ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه في نفع غيره. فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته، بُلِيَ بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته. قال تعالى ( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) .
-الجاهل يشكو الله إلى الناس، وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه، فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم. ورأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته، فقال: يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك، وفي ذلك قيل: