المغتصب لسوريا للشاعر الكبير فاروق جويدة
ذئب حقير
ولن تعيدك للهداية توبة عرجاء
وإذا اغتسلت من الذنوب
فكيف تنجو من دماء الأبرياء
وإذا برئت من الدماء .. فلن تبرئك السماء
لو سال دمعك ألف عام لن يطهرك البكاء
كل الذي في الأرض
يــلعن وجهك المرسوم
من فزع الصغار وصرخة الشهداء
أخطأت حين ظننت يوما
أن في التاريخ أمجادا لبعض الأغبياء..
********
ارحل وعارك في يديك
وجه كئيب
وجهك المنقوش فوق شواهد الموتي
وسكان القبور
أشلاء- القتلى- والدمار سفينة سوداء
تقتحم المفارق والجسور
انظر إلي الأطفال يرتعدون
في صخب ******* السود..
والحقد الدفين علي الوجوه
زئير بركان يثور
********
وجه قبيح وجهك المرصود
من عبث الضلال .. وأوصياء الزور
لم يبق في -دمشق- شيء..
فالرصاص يطل من جثث الشوارع
والردي شبح يدور
حزن المساجد والمنابر تشتكي
صلواتها الخرساء..
من زمن الضلالة والفجور
********
قد أفسد الذئب اللئيم
طبائع الأيام فينا .. والذمم
الأمة الخرساء تركع دائما
للغاصبين .. لكل أفاق حكم
لم يبق شيء للقطيع
سوي الضلالة .. والكآبة .. والسأم
أطفال-حماة- يرسمون علي
ثراها ألف وجه للرحيل..
وألف وجه للالم
الموت حاصرهم فناموا في القبور
وعانقوا أشلاءهم
لكن صوت الحق فيهم لم ينم
يحكون عن ذئب حقير
أطلق الفئران ليلا في المدينة
ثم اسكره الدمار
مضي سعيدا .. وابتسم..
في صمتها تنعي المدينة
أمة غرقت مع الطوفان
واسترخت سنينـا في العدم
يحكون عن زمن النطاعة
عن خيول خانها الفرسان
عن وطن تآكل وانهزم
والراكعون علي الكراسي
يضحكون مع النهاية..
لا ضمير .. ولا حياء .. ولا ندم
الذئب يجلس خلف قلعته المهيبة
يجمع الحراس فيها .. والخدم
ويطل من عينيه ضوء شاحب
ويري الفضاء مشانقا
سوداء تصفع كل جلاد ظلم
والأمة الخرساء
تروي قصة الذئب الذي خدع القطيع..
ومارس الفحشاء .. واغتصب الغنم
********
ارحل وعارك في يديك
مازلت تنتظر الجنود العائدين..
بلا وجوه .. أو ملامح
صاروا علي وجه الزمان
خريطة صماء تروي..
ما ارتكبت من المآسي .. والمذابح
قد كنت تحلم أن تصافحهم
ولكن الشواهد والمقابر لا تصافح
إن كنت ترجو العفو منهم
كيف للأشلاء يوما أن تسامح
********
فاروق جويدة