مرحبا بالجميع .. ومساؤكم مبارك
أعتقد الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى تفصيل وبسط من أجل إيضاح الحكم الشرعي في هذه المسألة .. بعيدا عن الأهواء والقوميات الحاصلة هنا ما بين
مكاء وبكاء ..
باختصار المرأة لا تخلو من حالتين :
إحداهما الثيّب ..
والأخرى البكر ..
وهذه الأخيرة لا تخلو إما أن تكون بالغة أو غير بالغة :
ثمّ إن غير البالغة يقسمها العلماء إلى : ما دون التسع .. وما فوق التسع .. >> هكذا اصطلحوا بناء على زواج عائشة رضي الله عنها ..
ولكي أنشر اللفّ السابق .. أقول :
أما الثيّب .. فلا خلاف في تحريم تزويجها بغير رضاها هي .. وإن وقع فلا يصحّ النكاح ..
أما البكر بجميع أجناسها سواء كانت بعمر العشرين أو بعمر (البزارين).. فالمشهور من المذهب الحنبلي .. وهو مذهب الشافعية .. والمالكية أيضا أنّ لأبيها (دون غيره من الأولياء) أن يجبرها على النكاح بغير إذنها ..!
بل قال ابن بطال : يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعا ولو كانت في المهد ، لكن لا يمكن منها حتى تصلح للوطء !! >>
ولا أدري كيف انعقد الإجماع مع وجود الخلاف التالي
ومن أشهر أدلتهم قول الله تعالى : ((
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن... ))
^ وعليه فلا نستغرب أن يوجد مثل هذه الزواجات سالف الزمن وحاضره ..
لكن هل هذا المذهب مسلّم به ..؟
ابن عثيمين [دقيقة و 18 ثانية فقط]
[rams]http://www.success-w.com/m-burydah/rdood/kf-2.mp3[/rams]
بالتأكيد أنّ الأدلة التي استدلوا بها لا تقوى أمام أدلة من يرى أنّ المرأة لا تزوّج مطلقا بغير إذنها .. ولسنا هنا في موضع تفصيل الأقوال وذكر الأدلة والمناقشات ..
الذي يهمّ هنا قول الله تعالى تعالى : ((يا
أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن ...))
فماهو إرث النساء المراد ؟!
يوضح هذا سبب نزول الآية :
ابن عبّاس : (كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته .. إن شاء بعضهم تزوجها .. وإن شاءوا زوجوها .. وإن شاءوا لم يزوجوها ..فهم أحق بها من أهلها ؛؛ فنزلت هذه الآية) [البخاري]
مع الحديث المشهور في وجوب استئذان البكر كما هي الثيّب .. ((
لا تنكح البكر حتى تستأذن)
أيضا القياس الصحيح يدلّ عليه .. فإذا كان الولي لا يجوز له أن يبيع خاتم يدها بغير إذنها (باتفاق) .. فكيف له أن يبيع خاتم عرضها بغير رضاها ؟!!
يسأل سائل .. ويقول: ما قولك في حديث عائشة .. وزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ بها وهي دون البلوغ ؟
يقال : العبرة دائما بآخر الأمر لا بأوله .. والاستدلال بهذا الحديث أشدّ ضعفا من أن يستدل به .. ليس لكونه خاصا بالنبي ـ صلى الله عليه وسلّم .. بل لقول الله تعالى :
((
يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ))
وهذه
آية التخيير .. ومن ضمن زوجاته ـ صلى الله عليه وآله وصبحه وسلّم ـ الاتي خيرن عائشة ـ رضي الله عنهنّ ـ فماذا اختارت ؟
تقول عائشة : ( أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ) [البخاري ومسلم]
وبهذا يضعف الاستدلال بحديث عائشة.. لأنها خيرت بعد البلوغ بسنوات في البقاء من عدمه .. فاختارت البقاء ..
ومن هذا نأخذ أنّ من زوجت بغير رضاها فإنها تخيّر في بقائها من عدمه بعد البلوغ ..
وهذا القول ـ وهو مذهب أبي حنيفةفي التخيير ـ هو الذي انتصر له شيخ الإسلام
ابن تيّميّة ـ رحمه الله ـ وفي ذلك يقول :
ويجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها به وينظر في الزوج : هل هو كفؤ أو غير كفؤ ؟
فإنه إنما يزوجها
لمصلحتها..؛ لا لمصلحته .. وليس له أن يزوجها بزوج ناقص ؛؛ لغرض له : مثل أن يتزوج مولية ذلك الزوج بدلها فيكون من جنس الشغار الذي نهى عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو يزوجها بأقوام يحالفهم على أغراض له فاسدة ... إلى أن قال:
وأصل ذلك أن تصرف الولي في بضع وليته كتصرفه في مالها فكما لا يتصرف في مالها إلا بما هو أصلح كذلك لا يتصرف في بضعها إلا بما هو أصلح لها [
الفتاوى 40/32]
وقال أيضا كلاما جميلا في تزوجها مع كراهتها نصّه :
( ...فهذا مخالف للأصول والعقول .. والله لم يسوغ لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها ولا على طعام أو شراب أو لباس لا تريده .. فكيف يكرهها على مباضعة ومعاشرة من تكره مباضعته ومعاشرة من تكره معاشرته والله قد جعل بين الزوجين مودة ورحمة فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له ونفورها عنه .. فأي مودة ورحمة في ذلك ؟!!)[
الفتاوى : 25/32]
ويقول شيخي
ابن عثيمين :
أي فائدة للصغيرة في النكاح؟! وهل هذا إلا تصرف في بضعها على وجه لا تدري ما معناه؟!
لننتظر حتى تعرف مصالح النكاح .. وتعرف المراد بالنكاح ثم بعد ذلك نزوجها .. فالمصلحة مصلحتها.
مقطع صوتي طريف للكلام السابق وزيادة [دقيقة ونصف فقط]
[rams]http://www.success-w.com//m-burydah/rdood/kf_1.mp3[/rams]
رحمك الله شيخنا .. كنت لا ترضى إذا أضحكت قلوبنا إلا أن تضحكها مرتين ..
بقي مسألة .. ما حكم تزويج الصغير بغير إذنه ؟!
وبعد أخي الكريم
yousef .. فالعلّة كما ترى هي في تقليد العلماء لا أكثر .. ولسنا بحاجة لا للغرب ولا غيرهم ليخبرونا بديننا الصريح .. بل نحن بحاجة أن نتحرر من التقليد إلى الاجتهاد ومن المعلوم أنّ أشهر البلدان تعصبا للعماء والتقليد هي اليمن .. ولذلك لو قرأت في كتب الشوكاني .. وكذا الأمير الصنعاني (وهما يمنيان).. لوجدت في كلامهما النكير على التقليد وأهله بغاية الإنكار ؛؛ وما ذلك إلا لأنهم عاصروه .. ومن رأى ليس كمن سمع ..!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته