لكم هذا العقد الفريد والطلع النضيد، ليستحقه لابسه، وليهنأ به طاعمه،
فهنيئاً مرئياً هذه الطازجة،
سمارا في مخيلة أبو سامي وردة ندية يشم عبقها وتنطق ألوانها في عذوبة حروفها، وطيب حديثها، الذي كان يستهلك وقته ووقت أم سامي، ووقت كل الأسامي،
حتى أصحاب أبا سامي يعتذر منهم عن الخروج معهم في نزهة برية، بحجة أن لدية بعض الأمور، ويشغله بعضه الشواغل،
كان يصلى المغرب ثم يتوجه إلى محل الخضار، ليجلب لأم سامي فاكهة الليمون الطازجة، لتحضرها مشروباً طيب المذاق، كان يرغم أم سامي تلك الزوجة الحنون، الصافية السريرة، النقية السيرة، طيبة المعشر، واضحة المخبر، أن تشرب معه عصير الليمون،
كانت كل ليلة تستجيب، ليس رغبة فيه، وإنما إرضاء لزوجها، لأنها كانت لا ترد له طلباً، كانت أحياناً تمتنع قائلة : إنه يسبب لي حموضة، وحرقة في جوفي، وكان لا يأبه، ويرغمها بزعم أنه منشط للدم، ومهدئ للأعصاب، ويحتوي على فيتامين (سي)، فتستجيب قائلة : أنا لا أعرف (سي)من (ضي)، ولكن أكون على ما تحب وترغب،
كان له غاية وخلفه حكاية، مبداها شرارة وله انقدحت في
جوفه قذفت به في بحور الغواية،
فما أن تصلى أم سامي العشاء حتى تغط في سبات عميق لا تشعر معه أبداء، بسبب أكواب الليمون التي تناولتها،
حينها ينتشي أبو سامي، ويجري الدم في عروقه، وتثور في داخله صبوة الشباب، ولوعة العشاق، حتى أن أوداجه لتنتفخ، وينعقد جبينه
من شدة الوله،
طالباً سمارا في بحور الحيارى،
حيثما تحل يحل، ويوم ترتحل يولي مدبراً ولا يعقب، يقتفي أثرها، ويجري خلفها،
كانت تداعبه، وتمازحه، وتكون معه ولا تفارقه،
لهما صولات، وجولات، في أروقة المنتديات، وغرف المحادثات، يتعانقان من خلال الشاشة، ويمضي الليل وصبحه، وهو يسامر
سمارا، تلك البنية اللعوب الطروب، ذات الحياء المفضوح، والقوام الممشوح، والحرف المملوح، والدل المسموح،
ملكة كيانه، وخالطة وجدانه، واستقرت في سويداء جنانه، كانت عيناه متأرجحة بين نبض حروفها، وصورتها التي سبقت إلى مخيلته، واستقرت في قلبه، قبل أن تراها عيناه، فقد وضعت لها صورة رمزية مثيرة مع حروفها التي تخطها أناملها ،
كانت تجذب البصر، وتطغى على البصيرة،
بها الطيف وألوانه، والربيع وأزهاره،
بها بياض الثلج، وثورة الموج،
ونور البدر، وضي الشمس،
بها الروض وزهره، والندى وقطره،
قد حوته من كل ناحية، وعانقته من كل زاوية،
طافت به الدنيا، جعلته يسبح في فضاء فسيح لا ساحل له، ولا مبدأ ولا نهايه،
مسكين أبو سامي، وقع وقعت الغر،
وصيد صيدت الحر،
الذي ألف صياده، وتنكر لأهله وأحبابه،
وأصبح طوع يديه، يرسله ويأسره، ويمنعه ويطعمه،
وإن شاء باعه ولا يسأله،
حقاً إنه لمسكين أبو سامي،
ترك الماء العذب الزلال، ونهل من الكدر الحثال،
ترك الحب والصفاء والنقاء، ليجري خلف السراب، والغثاء والهباء،
ترك اللباس الحلال، ليجري خلف الأوزار والأغلال،
ترك عقد السنين وميقثاق الحنين، ورضا رب العالمين،
واستبدله بعقد الخائنين، وميثاق الشياطين، وسخط رب العالمين،
حقاً إنه لمسكين أبو سامي،
رحماك ربنا كيف يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير،
وبعد مضي أربع سنين من عمر أبي سامي خسر فيها دينه، وأهله، ووقته، وماله،
حدثت الطامة الكبرى، والرزية العظمى،
قاصمة الظهر، وفاجعة العمر، ونائبة الدهر،
عندما اكتشف أبو سامي أن تلك البنية اللعوب الطروب سمارا لم تكن سوى،
لعبة مملة، ودعابة ثقيلة مضلة،
أثقل على كاهله من جبلي طي،
قد حاكها، جاره أبو فادي، الذي كان يداعبه طيلة تلك السنين،
وقد وضع صورة تلك البنية ليستر بها شواربه
التي كانت أطول شوارب أهل الحي،
فكانت لأبي سامي سقطت العمر التي أفاق بعدها،
وطارت معها سمارا،
واهتدى الحيارى،
وباتت تروى تذكيرا وعتبارا،
وبعد هذا الإبحار، ثمت سؤال أتمنى من كل طارق أن يجب عليه:
س/ هل تستهلك مشاعرك وأحاسيسك الحقيقية،
أم تجعلها في معزل، عندما تتحادث مع غيرك في (النت)؟ سواء من جنسك أم من
الجنس الآخر؟
ودمتم ودام عطاؤكم، مباركين حيثما كنتم ،