[align=center]
كم من كاتب - هنا - تنفَّس الصعداء من تلك الأيادي التي تجترئ على نتاج غيرها ؟ وكم من قليل علم حسب أنه بجدة العلم وربيـبه ؟ إذ راح يخطر خيلاءً بما أسند إليه من مهمات ليس له منها كثير إسناد , وإنما غياب الأفضل حين تسلَّط المفضول بلا رادع .
إنني أضيق ذرعًا بأولئك الذي لا يحترمون الرأي وإن كان خاطـئًا ؛ إذ ذاك أمقت منهاجهم وما هم سائرون عليه , فقد ألفيت جهلاً مطبقًا في رؤاهم بلا أدنى ريب , فلا يدعون القراء يفندون ؛ إذ ذاك يخسر الكاتب مصداقيته أمام جمهوره , فيكون نهبًا لمقالة السوء لا يُحسد عليها قيد أنملة .
لقد استبشر غير ما واحد حين تغير المسمى إلى منتدى الفكر والحوار الحر , فراح الأعضاء يُزمعون ترحال تلك الجنايات من تلك الأيادي الحاذفة تارة , والموقفة للعضوية تارة أخرى , لكننا – والحق يقال – أصبحنا بين مطرقة وسندان , نروح ونغدوا كمن استجار من الرمضاء بالنار , فطفقنا نقول مقولة سعد زغلول : ( غطيني يا صفية ما فيش فايده ) .
لست أجد اليوم حاذقًا في المنتدى يعي مهماته , ولست أجد أحدًا يُعوَّل عليه في فن الإدارة , وإنما مجانبة للحق وأيما مجانبة , دليل ذلك أننا نرى تلك الموضوعات المميزة ليست من الحق في شيء من التميز , وإنما الاستـئناس برؤية المنتدى وقد أخذ يعُجُّ بتلك الكلمة , فليت شعري متى يفقه القائمون عليه مدعاة التميز وفوائده ؟ ! فهي موضوعات مكرورة معادة , ومستلبة من آخرين غيرهم مجلوبة .
ويل للمشرفين إن لم يفقهوا الحديث كما أتفاءل فقهه من الإدارة , فقد جرمنا منهم شنآن القول قبل الفعل , فرحت أحدث نفسي بانقطاع ورحيل قلم ليسكن خلف الشمس , فليتهم يدركون أن الجدَّة في الموضوع قلما رضيها المترفون في المنطق الأفلاطوني , فقد راحوا يعبون من مقالة السوء بلا حشيمة , وبلا تحفظ وما كانوا عادلين .
لن يرتقي المنتدى أبد الدهر طالما هناك فكر مغيَّب , وطالما هناك حوار قد سُفكت دماؤه بين نطع وجلاّد , فما كنت قبلاً أرتضي حجب الفكر رغبة في عدم الجِدَّة , ونزوعًا إلى المعاد المكرور , وأملاً في تغيـيب رقي المنتدى واشتهاره بمفكرين لم يُسبقوا إلى أفكارهم بعدُ .
كأن الناس يريدون مني أن أكتب إليهم عمّا يريدون , وليس عمّا أريد أنا , فإذا هم غضاب , وكأنني أريد أن أنتظر حسنة منهم أو ترحيبًا , وإنما هو العلم والرأي وإن أغضب وجلب المذمة , فمتى كان الكاتب رهين المحبسين , محبس القلم , ومحبس الناس ورضاهم الذي لا يُدرك ؟ !
[/align]