الطريق إلى مكة

[كرمع]

في الأسبوع الفائت كنت حريصا بشكل كبير في التنسيق لزيارة الشيخ محمد العبودي في رابطة العالم الإسلامي في مكة ، وكنت أريد استغلال وجودي هناك في هذا الوقت بالذات واهتبال هذه الفرصة السانحة ، وأنا لاأزال مترددا حينما تتعلق الزيارة لعلم من الأعلام ، ويأتيني هاجس بأن زيارتي له ستكون عائقا لكثير من فرص الإنتاج القائمة في جدول أعماله ، كثيرون يذهبون لزيارة المشاهير ويأخذون من وقتهم فقط ليتحدثوا بذلك ! ولقد فعلناها حينما كنا صغارا وأظن أن ذلك كان في سنة 1412هـ ، أو في الصف الأول ثانوي على وجه التقريب ، كنا مغرمين أنا وصديق لي بقراءة الشيخ عبدالباري الثبيتي ، وكان يومها يصلي رمضان فقط في الحرم المكي وكانت قراءته مختلفة كثيرا عنها الآن ، جاءني صديقي بالخبر اليقين بطريقة ربعنا في استقصاء خبر مايهتوون إليه وأسر في أذني : عرفت وين يسكن الشيخ !
- احلف !
- اي والله
لم أكن جازما ولكن صديقي شجعني وسحبني من يدي ، وقبيل صلاة القيام حملتنا أقدامنا في زحام الناس في العشر الأواخر من رمضان صوب الفندق ! وطرقنا الباب فخرج لنا ورأسه مكشوف وعليه ثوب أبيض أنيق فصافحناه وهش وبش بنا ثم اعتذر عن استضافتنا لانشغاله بمراجعة ماسيقرؤه في صلاة القيام بعد ساعتين ، فشكرناه ورجعنا !
آبوك يالبجاحة !

ثم مضى الزمن وركبنا في سنة 1414هـ مع حجازي على سيارة بليزر نبحث عن بيت الشيخ الأديب الأريب علي الطنطاوي رحمه الله ، كنا سبعة وذهبنا جهة العزيزية وظللنا ندور حتى تأكدنا من كلام أهل الحي أنه انتقل إلى جدة فاشترينا آيسكريم بوضة ورجعنا إلى الشقة !

ولأن المنسق فشل في هذه الزيارة فقد عاد ونسق لنا زيارة مع الشيخ صالح بن حميد وهذا الرجل تعجبني شخصيته وروحه ومنطقه كثيرا ، وبالفعل ، ففي أحد الصباحات ركبنا سيارة صاحبنا الخاصة إلى منزله واستضافنا في مجلسه وجعلنا نتحدث عن أشياء كثيرة ونفتعل الأسئلة وطرحنا عليه بعض الملاحظات في الحرم وحينما أخذ يستعرض بعض البدع التي كانت موجودة في الحرم سابقا برز له صديقنا هذا المنسق وقال وهو يهز رأسه ليثبت أنه متابع للحديث : أذكر أذكر ورد عليه الشيخ : لا ماتذكر ، كان هذا قبل أن تولد !
فانفجرنا بالضحك ، وضحك الشيخ معنا ، وقد كان بالفعل لا يذكر ولكن كلمة أذكر في فمه جاءت بمعنى : سمعت !


وخرجنا منه متوجهين للشيخ محمد جميل زينو وهو شيخ كبير في السن ومؤلف له كتب ورسائل و من مدرسي دار الحديث في مكة ودخلنا في مجلسه فجعل يقرأ علينا رده على عبدالرحيم الطحان في موضوع ساخن بينهما نسيته الآن ولعله قال : هؤلاء الفارغون ! لأقرأ عليهم هذا الرد الذي دبجته مؤخرا فإن استفادوا وإلا ففي هذا مراجعة له لعل فيه مايستحق التعديل ! وحينما هممنا بالخروج أخبرنا بأن لديه كراتين لمؤلفات له نوزعها فبدأنا بتحميل الكراتين حتى امتلأت شنطة السيارة بها فجاء وهو شيخ كبير يتحرك ببطء وجعل يعد الكراتين وقد أخذنا منها ماملأ السيارة ظنا منا أنها بالمجان حتى إذا فرغ من عدها التفت وقال : هذه الكراتين قيمتها ألف وخمسمائة ريال فقط !
فنظر إلينا المنسق مصدوما ! ونظرنا إليه حانقين ، وجعل يجمع منا المئة والمئتين ونحن طلاب وهذه المئات هي قوت سعادتنا تلك الليالي ! فرجعنا وقد أقسمنا عليه ألا يكررها .
ثم تبنا بعد ذلك .


ولكني مازلت شغوفا بزيارة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ، وبعد خمس سنوات من هذه الحادثة انطلقت وصديق لي صوب جدة ، ووصلنا بيت الشيخ ، وكنا قد أعددنا العدة وقرأنا كتبه وسجلنا بعض المباحث لنتحدث إليه بها ، ودخلنا المجلس ، كان موسدا على كنب وثير بينما قدماه على كنب آخر مقابل للأول ويرتدي ملابسه الداخلية ومن فوقها بشته البني وهو حاسر الرأس إلا من شعر أبيض كندف ثلج كثيف ، ظل يحدثنا بلسان ثقيل ، وذكرناه ببعض ماورد في الذكريات وهو يضحك ، وانفتحت شهيته للحديث ، وسر بنا ابن ابنته ، وأظهر فرحه بانبساط الشيخ ، ثم ودعناه وخرجنا ، وجاء الخبر بوفاته رحمه الله في الصيف الذي تلى هذه الزيارة .


ولكن ما لذي جعلني حريصا على زيارة الشيخ محمد العبودي ؟
ربما لأنني تتلمذت على يديه دون أن أصافحه ! وقد انهمكت في قراءة كثير من رحلاته ومجلداته عن القصيم وبلدانها ، وهو مفخرة من مفاخر مدينة بريدة .
تعجبني موسوعيته ولغته ونباهته وجمال سرده ولدي أسئلة كثيرة عن مواضع كثيرة وردت في بعض كتبه وأردت الجلوس معه وسؤاله عنها ، وحينما اتصلت بالرابطة وتم تحويلي على مكتبه رد السكرتير وطلب مني سبب الزيارة وحينما أخبرته لمست برودة في تفاعله وقال بأنه غير متواجد حاليا !
ولم أزره حتى هذه الساعة

[كلوز]

جميل ياكرمع ماتتحدث عنه


لكن ياترى ممكن الشيخ العبود مشغول بتاليف

لكن أسال الله ان يحقق مرادك ياكرمع

[محمد المعتق]

[align=center]

حضور أنيق ..
و رياح باردة تزيل كل العوالق ..
تنعش عروق الكلم ..
و تحيي قلوبا تتناثر على أرصفة الإبداع ..



كرمع ..


الحضور يأتينا من الطريق إلى مكة ..
يمر بجدة ..
و يعصف بنا إلى ( التسبرة ) ..
و رحلة ماتعة ..
أتلمس جبينها و أكتافها ..
لا عدمتك أخي العزيز .. [/align]

[الاستاذ.د .]

رائعة أحاديثك أيها الكرمع

اعتدلت في جلستي حينما رأيت يراعك هنا.

وبانتظار البقية..

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحّــال     مستمتع ومازلت في الإنتظار ....

وإنه لمن دواعي السرور أن تكون هنا متابعا يارحّـال
دمت لمن يجلك

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Queen of buraydh     ما اعذب الحديث عن اطهر البقاع , الذكريات فيها لها نكهة خاصة لا يفقهها الا من يستلذ بها , اتذكر اجمل الليالي التي قضيتها بين شوارعها الضيقة وردهات مبانيها , في السنوات الماضية كانت زيارة البيت الحرام واجب سنوي للبعض , الوضع اختلف بإختلاف الزمن , الناس , الحياة ! , متابعين ومستمتعين ,

[align=right]
بالفعل
ومازال البعض يلزمون أنفسهم بهذا الواجب سنويا وربما طوال شهر كامل هو أشد أيام السنة شدة في مكة
وافر الشكر يا Queen of buraydh
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الحلوه     بلدية .. بلدية .. بلدية ... هذا ماصدح في اذناي وانا اقرأ هذا السرد الرائع لذكريات قل منا من لم يعايشها أيام خلت كان لمكه رونقاً آخر مفعم بالروحانيه والخشوع بعيداً عن الرغبة التي اكتسحت نفوس الجميع بالتواجد هناك للسياحة وتغيير الجو ! بداية تجبرنا على انتظار مابعدها تحياتي

مرحبا بالأستاذ القدير أبوفهد
معك حق ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها فهجرته إلى ماهاجر إليه .

تواجدك أسعدني كثيرا ياعزيزي .

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ورد مديني     لحظات مفعمه باالروحانيه حينما نعيشها نستلذ بها لذه لاتضاهيها لذه استاذنا القدير(كرمع) نحن بالإنتظار ومتشوقين للبقيه تحيتي

مرحبا بالورد المديني
أشكر لك هذه القراءة وهذا الانتظار والمتابعة .
ممتن كثيرا

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة to be     ياهلا ومسهلا بابن الضيعة كرمع متابعين " للشامية" اطيب تحية

[align=right]
أهلا وسهلا بك كثيرا يارجل
وسعيد أنك بالقرب
أعطر التحايا لك .
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راشد الصليحان     أديب الشبكة العنكبوتية ...هنا ..؟؟ معك ياابالكرامع... واصل ..واصل ربي يستر عليك ...

[align=right]
ألف ترحيبة تليق بمقامك ياسيد راشد
مشتاقون لنقدك وفرقعاتك في القضايا الاجتماعية

اسلم لمن يعزك ياجميل
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلوي الشقير     مكه عالم آخر كانت تحمل أجمل الصفات والموروثات الثقافيه أما الآن فهي (بزنس ) وعماله أكثر منها تاريخ وحضاره . كرمع سعدنا بهذا الحضور البهي وسنبقى ننتظر هنا .

[align=right]
مراحب كبيرة ومعطرة تليق بمقام كبير الصرافين
وأنا سعيدا جدا لهذه الوقفة الكريمة أ جلوي
دمتم ودام عطاؤكم الكريم .
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت البدائع     [align=center]الله شوقتنا لمكه [/align][align=center] وصف رائع لتلك البقاع .. هناك ( حياة غير ) مستمتعين وننتظر مابقي !! كل الشكر [/align]

[align=right]
وجميل أن أظفر بأجر تشويقكم لمكة
وكريم حضورك هنا يابنت البدائع ومتابعتك
وافر الشكر .
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yousef     رعاك الله يا كرمع ذكرتني بــ عجوز سالمية بريدة وهو يملك مطعم في منهاتن ..!!! ومازال الرجل هناك ويملك ثروة ولكن يقول انه لم ينسى المطازيز ولا المرقوق ولا المراصيع واستقبلنا في بيته بــ سروال سنة..!!! ********** متابع معك حتى النهاية يا من الحروف ترواده عن نفسه اطلق العنان ياسيدي ... تحياتي ومودتي و اعجابي

[align=right]

أهلا وسهلا بك صديقي يوسف
متابعتك محل اهتمامي
وليتك استطردت في سرد قصة هذا الرجل صاحب المطعم

تقبل فائق الود من أخيك .
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العبرى     ياه ياكرمع بأي صور جئت.. وسألني : انتا من فين ؟ من جشدة ؟ لتلك اللهجه..حنين لايضاهيه أي حنين..! تابع كرمع..ونحن معك تحيتي,,,

[align=right]

وافر الشكر على اهتمامك يالعبرى
وممتن لمتابعتك الكريمة

تحية تليق بك .
[/align]

[كرمع]

اقتباس:  المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حَرَفٌ لآ يُعَآنِقُه الجَفَآفْ     . . . هُنآ عآلم جميل , مُتَآبِعين يآكرمع . . .

[align=right]
الجميل هو حضورك الجميل
وأنا سعيد بك وبمتابعتك الكريمة ياحرف .
[/align]