قالوا عن اقالة المرشد !!

[عجيب]

حريق مدرسة بنات مكة يشعل شموعاً وأصابع :
بداية تغيير حقيقي في التعليم بالسعودية ، ومعارك عبر إنترنت
الأحد 24 مارس 2002 21:59

القاهرة-إيلاف:علق مواطن سعودي في إحدى ساحات الحوار العربية المنتشرة عبر الإنترنت قائلاً إن مكة لها "كراماتها" ، وأن عناية الله تحيط هذا البلد الأمين ، فقد أشعلت شموعاً على أرواح الفتيات الفقيدات ، كما أشعلت أصابع المتسببين في تفاقم هذه الكارثة ، ويأتي هذا التعليق الذي ينطوي على دلالات واضحة ، إثر صدور مرسوم الملك فهد بإلغاء هيئة تعليم البنات ، وضمها لوزارة المعارف (التعليم) ، والذي يراه الكثيرون أنه لم يسحب البساط من تحت أقدام المؤسسة الدينية في واحدة من أهم مناطق نفوذها التقليدية ، وأكثرها حساسية وإثارة للجدل فحسب ، بل طرح هذا المرسوم غير المسبوق ، والذي يمكن تصنيفه بأنه "تاريخي" سؤالاً يجري تداوله على نحو غير خاف في الأوساط الشعبية ، عما إذا كان حادث حريق مدرسة البنات في مكة بداية جديدة لاستحقاقات 11 أيلول سبتمبر الماضي ، أم أن هذا الحريق كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وأعادت الأمور لنصابها الطبيعي .

وعبر إنترنت شنت مواقع معروفة بتوجهاتها المتشددة حملة ضارية على القرار وناشدوا المتعاطفين معهم اللجوء إلى الطريقة التقليدية التي اعتادوا اللجوء إليها في مثل هذه الحالات ، وهي كتابة رسالة موحدة يتم إرسال بضع آلاف من نسخها عبر الفاكس الخاص بالأجهزة والجهات الرسمية ، مناشدين إياها العدول عن هذا القرار الذي وصفه بعض المتشددين بأنه "كارثة" في حين أشاد عدد كبير من رواد ساحات الحوار العربية عبر الشبكة بالقرار معتبرين إياه بداية حقيقية لعملية إصلاح جادة للتعليم في المملكة .

وبعيداً عن الآراء المتمختلفة فإنه من المؤكد أن ما حدث يوم الإثنين 11 آذار (مارس) الجاري لم يكن حدثاً عادياً يسهل تبريره والاستخفاف به ، فقد لقيت خمس عشرة تلميذة تتراوح أعمارهن بين الثانية عشرة والسابعة عشرة حتفهن دهسا أو اختناقا أو بسبب إلقائهن أنفسهن من نوافذ المدرسة التي أشتعل سقفها نتيجة ماس كهربائي ، فضلاً عن إصابة 50 أخريات من طالبات المدرسة ذاتها .

ومنذ وقوع هذه الكارثة بدأت الصحف السعودية الحكومية أو صحفٌ يمولُها سعوديون في توجيه النقد علانية ، وربما للمرة الأولى ، لسلوك بعض أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تطلق عليها الصحافة الغربية (الشرطة الدينية أو المطاوعة) ، الذين اتهموا من قبل بعض الأهالي بأنهم منعوا رجال المطافئ من الدخول إلى المدرسة لأنهم ليسوا "محارم" ، ومنعوا الفتيات من الخروج لأنهن "لا يرتدين الحجاب" ، كما نقلت التحقيقات الصحافية التي أجرتها صحف سعودية للعالم كله في الأيام الأولى التي أعقبت الحادث ، ما أدى إلى تضاعف أعداد الضحايا ونهايتهن المفجعة .

وقادت صحيفة "الوطن" السعودية حملة ضارية على هيئة تعليم البنات ، حيث نشرت في عددها الصادر يوم الجمعة 15 مارس شهادة أحد المواطنين، الذي أبدى استعداده للإدلاء بها رسميا ، والتي قال فيها : "إن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طردوا أولياء الأمور والحريق مشتعل في المدرسة ، وأنهم أغلقوا الباب بعد أن خرجت بعض الطالبات وهن غير متحجبات إثر التدافع، وأن الباب ُفتح بعد ربع ساعة بعد مطالبات المواطنين بفتحه".

أما صحيفة "الاقتصادية" السعودية فقد نشرت بعددها الصادر يوم الأربعاء 13 آذار (مارس) الجاري، أن أحد رجال المطافئ اعترف لمحررها أن رجال الهيئة "أجبروا البنات على البقاء داخل المدرسة ولم يسمحوا لهن بالمغادرة لأنهن لا يرتدين الحجاب أو العباءة" ، كما شهد عدد من رجال المطافئ بأن أفراد الهيئة منعوهم هم ورجال الشرطة والإسعاف من الدخول إلى المدرسة لأنه لا يجوز للفتيات أن ينكشفوا أمام غرباء ، وأضاف "حاولنا إقناعهم بأن الوضع خطير للغاية لكنهم صرخوا في وجوهنا ورفضوا أن يتزحزحوا من أمام البوابة".

وأكد هذه المعلومات تصريح رئيس شرطة مكة العقيد محمد الحارثي لوكالة اسوشيتدبرس الأخبارية يوم الأحد 17 آذار (مارس) أنه عند وصوله إلى موقع الحادث وجد عضوا من الشرطة الدينية (مطوع) يحاول التدخل واصفاً الأمر بأن "الرجل كان يتشاجر مع ضابط شرطة ، محاولاً منعه من دخول المدرسة ، لكنني أمرته فورا بالمغادرة ففعل ذلك دون مناقشة".

ويرى مراقبون للشأن السعودي الداخلي أن الهجوم ليس بمعزل عن تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الماضي ، وذلك إثر الضغوط التي تعرضت لها المملكة من قبل الولايات المتحدة باعتبار أن الفكر الديني الممارس فيها ساهم في تهيئة مناخ التطرف الديني الذي دفعت واشنطن ثمنه بعد ذلك ، وأنه لذلك باتت هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الأساليب الفكرية السائدة في السعودية ، والمناخ الداعم لهذا التطرف تربوياً وإعلامياً .

[فارس الفارس]

شكرا لك