كان هناك رجل له أخت متزوجة من قوم غير قومه وكان السلب والنهب سائد آنذاك بين البادية فأراد هذا الرجل أن يغزو على جماعة زوج أخته وفعلاً ذهب بمفرده وعندما جاء الليل حاول أن يتصل بأخته لعله يعرف مكان وجود الإبل وقد هداه تفكيره إلى أن ينطوي في أحد الأمكنة القريبة من الحي ويعوي عواء ذئب لعل أخته تعرف صوته فتخبره بمطلوبه وفعلاً بدأ يعوي فسمعت أخته صوته وعرفته فقالت أبيات تفيده بما طلب دون أن يشعر به القوم تقول :
يا ذيب يا اللي جر صوت عوابه
================= قصدك ظما ولا من الجوع يا ذيب
يا ذيب لا تقهرك عنا المهابه
================ يا مجفل الغزلان حنا المعازيب
تلقا العشا لك في خشوم العقابه
================ في فيضة السرداح والبل عوازيب
فسمعتها أم زوجها وظنت بها ظن السوء حيث اعتقدت أن هذا الرجل صاحب لها ولم تدري أنه بالحقيقة يكون شقيقها فقالت أبيات تحذرها من هذا الذئب المزعوم تقول :
يا بنت ما لك بالدنس والخيانة
================ ترى معض الذيب ما به تطابيب
حاذورك من الذيب يشلك بنابه
================ يخربك من جوف البنات الرعابيب
يخليك مثل خطات بكره وجلابه
================ لا حافها الشراي يلقا عذاريب
يخلي جنابك مثل دار خرابه
=============== تصير للفار المخرب ملاعيب
فقالت البنت علىالفور توضح لأم زوجها كي لا يلتبس عليها الأمر ، تقول :
وحياة جلاب المطر من سحابه
================ إني برية ما بعد مسني ذيب
عرضي كما عد خلي جنابه
================ ما تارده بالقيض حرش العراقيب
الذيب أخوي اللي يشل الكسابه
================= يوم نجوم الليل مثل المشاهيب
أخوي يخم الذود مثل النهابه
================ ذيب ويعطب فارس القوم تعطيب
واللي ظلمني جعلها في شبابه
=============== وتحدره من عاليات المراقيب
سبع العجايز دايرات المعابه
=============== سود المقانع يا بسات العصاليب
تعليق على مجريات القصة :
لا أعتقد أن أم الزوجة أخطأت بل إنها عالجت الأمر كما ينبغي فلم تتعجل وتضمر ما في نفسها لكي تخبر ابنها بما سمعت من زوجته . إن ما فعلته هذه الأم يعد نموذجاً للأم الواعية الفاهمة فما قامت به يعجز عنه كثير من النساء في وقتنا الحالي . وكل يوم نسمع قضايا طلاق من أسباب واهية كأن يقول الابن : لم أجد الحب معها وهو لم يعش معها أكثر من شهر . أو أن يشك في تصرفاتها من أي فعل عادي . والغريب أن الأم تقف مع ابنها حتى وإن كانت تعلم خطأه .
إن أم ذلك الابن عندما ساورتها الشكوك أرادت أن تتأكد بنفسها من الأمر فواجهت صاحبة القضية ولم تكن مواجهة اتهام بل كانت مواجهة تحذير وهذا ما يعلي من شأن هذه الأم التي آثرت جانب الإصلاح على جوانب كثيرة كانت بإشارة عين قادرة على اقتلاع ما يقف عثرة في طريق توجهاتها . أما الزوجة فقد تعاملت بمبدأ : ما دون الحلق إلا اليدين )) فواجهت التحذير الممزوج بالاتهام لتبيّن لأم زوجها الحقيقة الغائبةعنها ، ونجد في تصرف هذه الزوجة تصرفاً جميلاً حيث لم تجعل للأم فرصة لتدخل عليها بها بل عالجت أمرها في نفس الوقت .