يسقيني وطنيّة من مؤخرته___ويشرب نخبها في باريس__إهداء للزنازين المعتمة

[أبو زياد الصالح]

[frame="2 90"][align=center][align=center]
يا حبيباً زرت يوماً أيْكه

طائر الشوق يغني ألمي

لك إبطاءُ المدلّ المنعم

وتجنّي القادر المحتكمِ

وحنيني لك يكوي أضلعي

والثواني جمرات في فمي [/align]
.........


هذا حنين سرب غادر العش ذات ليلة لا ليهمس بها في أذني ليلى وعبلة وهند، ولكنها تسابيح الزمان الموحش..
غادروا وبقية رفاق يحملون الهم والدم يحلقون في شتاء العواصم الشرقية
لهم أنين وبقايا كبرياء......
وطعان من سيوف الجبناء.......
وقفوا عند محطات الزمان ليقدموا قرابين الشرفاء لكن القطار بلا قائد، والمسرح بلا ستار...
عزفوا سمفونيّة الطهر والنقاء، مرتّلين بطولة المجد القديم:
وطني يحميك نار ولظى.... ليس يحميك أغاريد وفن...
فيرجع الصدى (فوق هام السحب) يرجع من هناك من قصور وبنايات الجمال
من سِفاح وكؤوس تُدار....

هناك يا رفاق يُسفح الوطن قرباناً بدم أسود اسمه البترول، يُسفح على عزف (حنا جنودك يا وطن) لترقص عليها غواني أمريكا، وسلوا تكساس... وغواني أوروبا وسلوا لندن....
هناك يا وطني علّقوك وشربوا نخبك بكؤوس تحكي ليالي شاحبة تُدار في نيويورك وأفغانستان ...
هناك مسحوا على صدرك بحنان ولعقوا القذاة من مؤخرة الجزار...
.........
[align=center]حلّق السرب هنا فبكى ما تبقّى واشتكى ظلم القريب...
حاول الطير الصغير أن يثور فصاحت تماثيل هبل...
حاول المسكين أن يحلق فشكا عجز المقل...
لم يهاجر لم يُخاتل لم يخن سرب الصقور...
أودعوه قفصاً وسقوه مر الكؤوس....
باسم جزّارك باسم سجانك لا تبادر للفؤوس...
أنت مسكين فغنّ وطني فوق الرؤوس...
[/align]
....
حفر ما تبقى من ذكريات على زنزانة تحمل رقم 3 بكبريت الوطن...
القناة الأولى..
القناة الثانية..
القناة الثالثة آه .. آه.. وقناة ثالثة ورابعة وخامسة... وخمسون وقنوات لم تُخلق هي شرك وبقايا مومياء....
تحكي قلبي وقد مرّغوه بجزمة صُنعت في ميلانو...
وتربة باعوها في الألب وليس القلب....


هناك أرغمتني الثعالب أن أنشد كل صباح في زنزانتي (الله أحد وأرضي ذهب...) وأن أسبّح باسم أشلاء أرضي في باريس وبرلين وبانكوك..
أرغمني السجّان أن أعود لجدار الذكريات... هناك وقف السرب يوماً، وطار مرة أخرى يتنقل في شتاء العواصم الشرقية..
أرغمني السجّان أن أوقع تقارير الولاء والبراء بسيجار كوبي صنعه كاسترو تحت كأس أبي العلاء..
فإذا ما أتممت التوقيع أطفأ البقية الباقية على مؤخرته وهو يقول: سبح باسم هذا الوطن... الذي أعطاك قلماً وحرم غيرك... وأبقى جسدك وطرد سربك... سبح باسمه.. سبح..

قال لي:...
[align=center]انطقْ يا وحيد السرب ورتّلْ
لا تزغرد بشام ولا لبنان وأردن.. لا تقل غير واو.. وطاء.. ونون
عندها أنت مفطوم ومختون...
فترجل لسربك وبقايا عشك، وتحسّس هل تجد ريشاً أبقت الريح عليه...
هذه لياليك الخمريّة أيها الوطن المسلوب من السجّان...
بعثروا اللقمة من يدها... وأماطوا عنها اللثام...
هي جزء من شتائك .. هي جزء من خريفك.. فاستمع لحفيف الشجر...
وقف السرب هنا وتناجى... أين مائي.. أين أرضي.. أين شمسي.. يا لثاراث السنين...
يا لثارات القبور..


رجع السفاح بسكين الولاء.. بسكين البراء.. ضيق الأفق بحلقي.. وتنهدت بأكسيد الولاء... يا لثارات السنين.. يا لثارات الأنين..
وطني لست أرضاً .. لست شمساً.. لست شخصاً.. أنت بركان السطور.. لست إلا همهمات يغنيها جشع.. جرّب البول على قلب الوطن...
هكذا أرادوك.. حروفاً وأناشيد صباح.. وألحاناً تُعزف فوق الرؤوس..
هكذا ساقوك يوماً للسفوح.. هكذا باعوك وساموك وخانوك...
لا تمد اليد اليمنى.. وترجّل عن فرسك.. فلهم ألف قصر وقصر تحرسها المومياء...
يلعنونك باسم هبل... يحرسونك باسم هبل... ولهم كل يوم ويوم ألف ولاء..
وطني... جرعوني حبك فكرهتك... وضعوا السوط على ظهري فكرهتك... سرقوا الكعكة مني فكرهتك... خطفوا الكلمة مني فكرهتك..
فالعنهم بولائي.. والفظهم بولائي.. فأنا أولى بك منهم...
سل قلبك الأحمر من غير لونه... من أنبت زهره...
سل الكون والفضاء هل بعتك يوماً في سوق النخاسة... يوم باعك السجان... بل سلهم هل لفحتهم أرضك.. وسفتهم ريحك...
وإذا صمتوا كالثعالب فسل عنهم قصوراً هناك...هناك شروها بدمك الأسود...


يخرج عليّ بياع ويقول: (ولي وطنٌ آليْت ألاّ أبيعَه) سألتُه: هل فكرت يوماً أن تبيع...؟!!!
هنا يعود الرفاق فوق رابية اسمها أرضي وقلبي ودمي... هنا نبت تاريخي وهنا يموت...
هنا الحب والولاء والعداء.. هنا الصبح والمساء والمطر..
هنا قف.. فقلبي وطني[/align]......

--------------------------------------------------------------------------------

إهداء.. للزنازين الشاحبة والخيام البالية لمن انتمى لا من والى..
[/align]
sf_317@hotmail.com[/frame]