- جدي (المغامر) عبدالله الخليفة -
(1290هـ - 1372هـ)
ولد جدي لأمي عبدالله بن خليفة الخليفة في بريدة عام 1290 هـ وكان والده خليفة من رجال العقيلات الذين يتاجرون بالمواشي في بلاد الشام , وقد لحق به ابنه عبدالله ولما يبلغ العشرين عاماً من عمره وصار يعمل بتجارة والده ويتنقل بين فلسطين ومصر إلى أن توفي والده , ثم اشتغل في مصر مع صديق له من أهل القصيم يسمى حمود المطلق ويسكن في المطرية ويمتلك اصطبلاً للخيول حتى اشتهر عبدالله الخليفة بسياسة الخيل والعناية بها .
وكان لسفر جدي عبدالله الخليفة إلى أمريكا مصادفة غريبة , ففي عام 1327هـ وصل إلى مصر عدد من الأمريكين الذين يتاجرون بالخيول العربية الأصيلة وكان معهم أحد اللبنانيين مترجماً , فاشتروا مجموعة من الخيول العربية , وبحثوا عن سائس لها ينتقل معهم عبر البحر من الأسكندرية إلى برشلونة (في اسبانيا) فأشار عليهم تجار الخيول بعبدالله الخليفة , الذي وافق على عرضهم والسفر معهم مقابل عدد من الجنيهات الذهبية يدفعونها له .
وصلت الباخرة إلى أسبانيا , فنزلوا هناك بانتظار باخرة أخرى تنقل الأمريكين وخيولهم إلى نيويورك , ومن ثم يعود عبدالله إلى الاسكندرية لكن الأمريكين أغروه بالإبحار معهم إلى نيويورك لما رأوا من حسن عنايته وسياسته للخيل , فوافق عبدالله مرة أخرى على عرضهم على أن يضاعفوا أجرته ويعيدوه في أول سفينة تبحر إلى الشرق .
وصل التجار الأمريكيون إلى نيويورك ومعهم جدي عبدالله وبعد أن اعطوه أجرته التي اتفقوا عليها , وأمنوا له مركباً بسفينة سوف تبحر بعد أيام إلى الإسكندرية تعرّف جدي على اثنين من التجار العرب هناك (من الجنسية اللبنانية) الذين اكرموه وأحسنوا وفادته – كعادة العرب في كل زمان ومكان - وكان عبدالله الخليفة يرغب بالعودة إلى مصر , لكن مضيفيه أشاروا عليه بالبقاء والعمل بالتجارة , وساعدوه على ذلك حيث اشتغل مع أحدهما ببيع الأقمشة والملابس مدة من الزمن , ثم اشتغل مع التاجر اللبناني الآخر ببيع العطارة العربية , بعدها استقل عبدالله الخليفة بدكان خاص به يبيع فيه العطارة العربية والشرقية والتي كانت تستورد من الشرق وتلقى رواجاً في تلك الأيام .
ست سنوات قضاها جدي في أمريكا , فكان أول رجل من نجد يصل إلى هناك , وكانت رحلته مغامرة جريئة , حيث رأى هناك العجائب : العمارات الطويلة والسيارات والطائرات ومرافق النهضة الحضارية لأول مرة في حياته .
وقد عاد إلى نجد عام 1333هـ قبيل إندلاع الحرب العالمية الأولى , وذلك عن طريق الهند (بحراً) ثم البحرين , ثم وصل إلى نجد براً عن طريق قوافل الجمال , وكان قد أشترى بضاعة كثيرة من الهند هي عبارة عن أقمشة وعطارة عربية وبخور , وفي بريدة سكن عند أمه , وافتتح دكاناً يبيع فيه بضاعته , وكان قد فك ارتباط شراكته مع صديقه الحميم حمود المطلق , ثم تزوج وبنى له داراً بالقرب من مسجد ابن شريدة (المعروف بمسجد الصائغ) .
خلّف جدي من البنين ثلاثة من الذكور هم : أحمد (رحمه الله) , الأستاذ خليفة والأستاذ علي – أمد الله في عمريهما- ومن البنات ثلاث هن : نورة وهيلة ومنيرة(أمي) رحمهن الله .
لقد حدثنا والدي –رحمه الله- كثيراً عن جدنا (الذي لم نره) وعن رحلته العجيبة إلى أمريكا , وكان والدي من أخلص أصدقائه , وقد أخبرنا أن بعض رسائل جدنا تصله عن طريق القاهرة صادرة من سان أنطونيو في تكساس بعد شهور من كتابتها وقد ذُكر عنه أنه عاد وهو يتحدث الإنجليزية بلكنة أمريكيه , لكنه لم ينس لغته العربية , ولهجته المحلية .
عُرف عبدالله الخليفة بالصلاح والتقوى , وكان في سني غربته محافظاً على صلواته وواجباته الدينيه وأمانته فلقي الأحترام والتقدير هناك , وبعد استقراره عُرف عنه كرمه ومحبته للفقراء والمساكين , يطعمهم ويعطف عليهم , حتى لقبه أهل بريدة (بأبي المساكين) .
توفي جدي عبدالله الخليفة بالرياض ودفن فيها عام 1372هـ , وكان قد سافر إليها طلباً لعلاج مرضٍ ألم به
رحمه الله رحمة واسعة وحميع أموات المسلمين , آمين .
إبراهيم بن سليمان الوشمي
بريدة