أيها السادة حياكم الله بعد الغيبة القصيرة فلقد دخلت في السرداب الخاص بي ثم خرجت !! عموماً لا عليكم ، ما أريد أن أكشفه اليوم لكم ورقة من الورقات السرية للعضو مصدر مسؤل ، ولقد كنت عزمت أن أتركها لحين أن تجرى معه مقابلة علها أن تكشف بعضاً من فصول هذه التجربة الثرية !! ولكن لأن المقابلة ولدت ميتة ها أنا أنثرها بين يديكم بلا تحفظ :
يقول مصدر مسؤل حفظه الله :
من الابتدائية حتى الجامعية كنت طالباً متفوقاً مثالياً ، أسابق على المركز الأول بلا تكلف ! أحصد الجوائز واحدة بعد الأخرى !!
وفي أول العهد كنت انساناً انطوائياً ، ولكني أعشق الحياة المدنية ! وأعشق الجمال في كل شيئ !!
يظن الناس حولي أنني ساذجاً لا اعرف إلا المدرسة والكتاب والبيت الصغير في المزرعة الصغيرة ! بينما الحقيقة الداخلية تقول غير هذا !
أبقى صامتاً في المدرسة لا أغادر مقعدي إلا لماماً ، أتأمل في وجوه الغادين والرائحين ، أرسم خريطة الطريق نحو الأمل المنشود ، أو قل الموهوم ! لا فرق
كبرت وبلغت العشرين ، وأنا في الوسط من المرحلة الجامعية ، لم اكن متفوقاً في المراحل ألأولى ، وبعدها حزمت ركائب الطموح ، وقفزت إلى المراكز المتقدمة بشكل مذهل .
كنت مشاغباً في دراستي الجامعية ولكنها مشاغبة علمية حتى عرفني أساتذتي بهذه الصفة المحببة وحفظوا اسمي !!
وفي هذه الرحلة بالذات بدأت في تشكيل قناعاتي نحو الحياة فكنت أقرأ كل ما تقع عليه يدي !!
أقرأ لأبر الخلق ! وأقرأ لأفجرهم !!
أقرأ في المساء لكاتب من أهل المغرب ، وفي الصباح لكاتتب من أهل المشرق !!
أبكي مع فيكتور في (البؤساء) ، وأسترخي مع شكري في ( الخبز الحافي ) !!
وأعيش العالم الوردي في ( بلاد الثلج ) مع بنت الحائك ،،
ازدحمت في ذهني الكثير من التصورات حتى بدت تشكل لي رؤية ضبابية لا أتبين معها الصواب من الخطأ !!
مضت الأيام والسنون وأنا أسابق الزمن في القراءة والمطالعة ، فقرأت كل شيء إلا شيء واحد !!
إنه القرآن !! لا أقول إني كنت لا أقرأه ، ولكني أقول إه كان لا يشغل حيزاً من برنامجي المزدحم !!
جاء اليوم الموعود وتخرجت من الجامعة ولبست أجمل حلتي إعلاناً للبهجة والفرحة !
استلمت شهادتي وتأبطتها وأنا راض تمام الرضا بما فيها !!
بعدها عينت في وظيفة تعتبر مرموقة إلى حد كبير ،
وبعد ما جلست على كرسي الوظيفة المقيت أحسست بالفخر والزهو ،
يظن من حولي أنني أسعد الناس سريرة ، وأنعمهم عيشاً !!! ولكن الحقيقية تقول غير ذلك !!
نعم إنها سعادة لكنها كانت ناقصة ! إنها عزة لكنها محطمة !!
أجلت بصري في الحياة لأستجدي من الناس البسطاء لحظة من الهناء التي يهنئون بها !
وبعد عراك مع النفس ، ومكاشفة لها عطفت مسيرها نحو القرآن ، ولا تسل عن العقبات التي وقفت دون تمام هذا المشروع ، ولكي رغم ذلك
تيقنت بصواب الطريق ، فبدأت أتلو القرآن آناء الليل وأطراف النهار ،
أتأمله !أتملقه ! أتذوقه !! أبكي لوعيده ، وأطرب لوعده !
لا يشغلني عنه شاغل ، ولا يصرفني عنه صارف !
حينها بدأت أشعر بطعم الحياة ، نعم بدأت أشعر بمعنى الحياة ، أشعر ببهجة الحياة ، البس معطف السعادة ، أتباهى به بلا كبرياء !!
وصدق قول الحق : (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))
وها أنا اليوم أسكن في بيتي مع أولادي تحت مظلة القرآن أظن أني أسعد الناس عيشاً وأهنأهم بطعم الحياة،،
الله أسألك الثبات على الحق حتى الممات ..
وتحياتي واعتذاري لمصدر مسؤل ،
ودمتم بخير