مدخل باللون الأزرق ..
يمكنك أن تتجاوزه ..
الإشارة زرقاء ..
" كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –
هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وفي ( الرياض مأتم )
وينثرُ الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبعَ الغربانُ والجراد
وتطحن الشوان والحجر
رحىً تدورُ في ( الأنفاق )… حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر
مطر
مطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ و(الرياض) ليسَ فيه /o/o/
مطر
مطر
مطر
في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنّة الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر
سيعشبُ ( الرياض) بالمطر "
نص مراقب بالرادار
,,,
,,
,
عندما كنتُ طفلا قبل يومين بين أحضان أمي ماكنت أظن أن الشيخوخة تأتي سريعا كالمطر
كنت أظن أني بحاجة لعبور المراحل بطيئا كالعربات الثقيلة
كالبواخر بعيدة عن القراصنة ..
كالنوارس تألف شواطئها ..
كالجسور تظل شاهدة على تحطم مراحل المدن ..
بالأمس أدركت أن الحزن لايطرق بابك بأدب ..
القهر لا تتنفسه بارتياح
أدركت أن الدناءة والحقارة والوضاعة يمكن أن تقتحم عليك بيتك وأنت مسجًى على سريرك طفلا
لتعطيك مهابة الألم والأسى ودموع الكبار ..
حسنا أعرف أن أكثركم يظن أنه دخل مرحلة النضج ..
مرحلة الكبار..
وأنه ودع الطفولة منذ أن اتكأ على خمسة عشر عاما وداسها ..
أعرف أن منكم من يظن أن الشيب وحده كفيل بنقله لعجز الرجال
أعرف أن أغلبكم يظن الأوامر التي يلقيها على الآخرين وحدها من جعلته في مصاف الشيوخ
لكن .. أقسم لكم
أن طعم الدموع وحده من يجعلك في مصاف الكبار
بالأمس أدركت أن للدمع ألوانا
ولمذاقه ألوانا
ولوقته أيضا ألوانا
هل جرّب أحدكم أن تنزل قطرة من عينيه قهرا ..؟!!
بالأمس كان كذلك
كنت أحتال على شوارع الرياض لـ أصل ..
أحتال على الغرق ..
على البواخر السابحة في الشوارع ..
على الأحزان المنثالة فوق الأرصفة ..
على الأشمغة التي فقدت روائح أصحابها ..
على الدفاتر التي عامت بحثا عن يد صغير شاركها الصباح ..
كنت أحتال على خرائط الانتظار في وجوه الرجال
على ثيابهم اللاصقة بأجسادهم ..
بالأمس
فقدتُ طعم الأرصفة
مكان لهونا وعبثنا ..
داسوها بحثا عن مخرج فحفظتْ بصمة ( الكفرات )
ونامت غارقة بالجشع ..
بالأمس كان الرياض مصابا بالزكام ...
كان ينزف ..
كان يأخذ الأجساد والمركبات كأوراق محارم ويرميها مبللة في أي مكان
كان الموت يطل من فوق الجسور ..
من الأنفاق ..
من أعمدة الشوارع ..
من الأشجار المنصوبة على الطرقات ..
كان يطل من سطح بيتنا ومن الشبابيك ..
من وجه أمي ..
وتساءلات المدن الأخرى
من صراخ سيارات الإسعاف
من اللون الأحمر فوق عمامة الدفاع المدني
كان الناس يرسمون نجاتهم
وكان الموت يهندس خرائطه فوقنا ..
كان تسجيل المواقف أكبر من الأرواح
كان الحفاظ على الكراسي أثمن من الأسمال السابحة ..
كان كل شيء أسيف حتى فم أخي الصغير ذاق بالأمس دمع الرجال
كان الموت يطل من عيني أمي وهي تتذكر سنة ( الهدام )
وكان القهر يطل من شاشة التلفزيون في القناة السعودية منتصف الليل
مذيع الأخبار : ( حصل اليوم زحام وارتباك مروري نتيجة الطقس ( السيء) ..)
يسأل المذيع أحد المتشبثين بالكراسي .. ( كيف تعاملتم اليوم مع الطقس ( السيء...) ؟!!
... ( شهد الرياض اليوم طقسا سيئا ..)
طقس سيء ...سيء ...!!!!
ونسي أن العالم كله تعوّد ألاّ ينام دون أن يحتضن المطر في رَحِمِهِ ..
ثم يلد الأزهار الجميلة على فساتينه الفاخرة
إلا الرياض أبى ..
فعامله المطر اغتصابا ..
فنزف ,,,
,,
,
ـــــــــــــــ