[align=right]معلقة الأعشى الكبيـر
أعشى قيس ت(7 هـ/629 م) هو ميمون بن قيس، من بني قيس بن ثعلبة من بكر بن وائل. لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، والأعشى في اللغة هو الذي لا يرى ليلا ويقال له : أعشى قيس والأعشى الأكبر . ويكنى الأعشى : أبا بصير، تفاؤلاً .
هو من فحول الشعراء في الجاهلية. وسئل يونس عن أشعر الناس فقال : "امرؤ القيس اذا غضب ، والنابغة اذا رهب، وزهير اذا رغب، والأعشى اذا طرب".
له القصائد الطوال الجياد . يتغنى بشعره فسموه : "صناجة العرب" - ويقولون ان الأعشى هو أول من انتجع بشعره، يقصدون بذلك انه كان يمدح لطلب المال. ولم يكن يمدح قوماً الا رفعهم، ولم يهج قوماً الا وضعهم لأنه من أسير الناس شعراً وأعظمهم فيه حظاً . ألم يزوج بنات المحلق بابيات قالها فيه، كما جاء في كتب الأدب اشتهر بمنافرة له مع علقمة الفحل . امتاز عن معظم شعراء الجاهلية بوصف الخمر .
شعره من الطبقة الأولى. وجود في أبواب الشعر كافة. الا أن معظم شعره لم يتصل بنا ولا نعلم له الا قصائد معدودة أشهرها "ودع هريرة" وقد عدها البعض من المعلقات .
أما معلقته فمطلعها :
ما بكاء الكبير في الأطلال / وسؤالي وما ترد سؤالي
وقد ترجم بعض قصائده الطوال، المستشرق الالماني "غاير" منها : قصيدته المعلقة، والقصيدة الثانية "ودع هريرة". وقد عني بشرحها مطولاً، وطبعت معلقته في كتاب : المعلقات العشر .
وَدّعْ هُرَيْـرَةَ إنّ الرَّكْـبَ مرْتَحِـلُ
وَهَلْ تُطِيقُ وَداعـاً أيّهَـا الرّجُـلُ ؟
غَـرَّاءُ فَرْعَـاءُ مَصْقُـولٌ عَوَارِضُـهَا
تَمشِي الهُوَينَا كَمَا يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
كَـأَنَّ مِشْيَتَـهَا مِنْ بَيْـتِ جَارَتِهَـا
مَرُّ السَّحَابَةِ ، لاَ رَيْـثٌ وَلاَ عَجَـلُ
تَسمَعُ للحَلِي وَسْوَاساً إِذَا انصَرَفَـتْ
كَمَا استَعَانَ برِيـحٍ عِشـرِقٌ زَجِـلُ
لَيستْ كَمَنْ يكرَهُ الجِيـرَانُ طَلعَتَـهَا
وَلاَ تَـرَاهَـا لسِـرِّ الجَـارِ تَخْتَتِـلُ
يَكَـادُ يَصرَعُهَـا ، لَـوْلاَ تَشَدُّدُهَـا
إِذَا تَقُـومُ إلـى جَارَاتِهَـا الكَسَـلُ
إِذَا تُعَالِـجُ قِـرْنـاً سَاعـةً فَتَـرَتْ
وَاهتَزَّ مِنهَا ذَنُـوبُ المَتـنِ وَالكَفَـلُ
مِلءُ الوِشَاحِ وَصِفْرُ الـدّرْعِ بَهكنَـةٌ
إِذَا تَأتّـى يَكَـادُ الخَصْـرُ يَنْخَـزِلُ
صَدَّتْ هُرَيْـرَةُ عَنَّـا مَـا تُكَلّمُنَـا
جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبـلَ مَنْ تَصِـلُ ؟
أَأَنْ رَأَتْ رَجُلاً أَعْشَـى أَضَـرَّ بِـهِ
رَيبُ المَنُونِ ، وَدَهْـرٌ مفنِـدٌ خَبِـلُ
نِعمَ الضَّجِيعُ غَداةَ الدَّجـنِ يَصرَعهَـا
لِلَّـذَّةِ المَـرْءِ لاَ جَـافٍ وَلاَ تَفِـلُ
هِرْكَـوْلَـةٌ ، فُنُـقٌ ، دُرْمٌ مَرَافِقُـهَا
كَـأَنَّ أَخْمَصَـهَا بِالشّـوْكِ مُنْتَعِـلُ
إِذَا تَقُومُ يَضُـوعُ المِسْـكُ أصْـوِرَةً
وَالزَّنْبَقُ الـوَرْدُ مِنْ أَرْدَانِهَـا شَمِـلُ
ما رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الحَـزْنِ مُعشبـةٌ
خَضرَاءُ جَادَ عَلَيـهَا مُسْبِـلٌ هَطِـلُ
يُضَاحكُ الشَّمسَ مِنهَا كَوكَبٌ شَرِقٌ
مُـؤزَّرٌ بِعَمِيـمِ الـنَّبْـتِ مُكْتَهِـلُ
يَوْماً بِأَطْيَـبَ مِنْـهَا نَشْـرَ رَائِحَـةٍ
وَلاَ بِأَحسَنَ مِنـهَا إِذْ دَنَـا الأُصُـلُ
عُلّقْتُهَا عَرَضـاً ، وَعُلّقَـتْ رَجُـلاً
غَيرِي ، وَعُلّقَ أُخرَى غَيرَهَا الرَّجـلُ
وَعُلّقَتْـهُ فَـتَـاةٌ مَـا يُحَـاوِلُهَـا
مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهْـذِي بِهَـا وَهـلُ
وَعُلّقَتْنِـي أُخَيْـرَى مَـا تُلائِمُنِـي
فَاجتَمَعَ الحُـبّ حُبًّـا كُلّـهُ تَبِـلُ
فَكُلّنَـا مُغْـرَمٌ يَهْـذِي بِصَـاحِبِـهِ
نَــاءٍ وَدَانٍ ، وَمَحْبُـولٌ وَمُحْتَبِـلُ
قَالَتْ هُرَيـرَةُ لَمَّـا جِئـتُ زَائِرَهَـا
وَيْلِي عَلَيكَ ، وَوَيلِي مِنـكَ يَا رَجُـلُ
يَا مَنْ يَرَى عَارِضاً قَـدْ بِـتُّ أَرْقُبُـهُ
كَأَنَّمَا البَـرْقُ فِي حَافَاتِـهِ الشُّعَـلُ
لَـهُ رِدَافٌ ، وَجَـوْزٌ مُفْـأمٌ عَمِـلٌ
مُنَطَّـقٌ بِسِجَـالِ الـمَـاءِ مُتّصِـلُ
لَمْ يُلْهِنِي اللَّهْوُ عَنْـهُ حِيـنَ أَرْقُبُـهُ
وَلاَ اللَّذَاذَةُ مِنْ كَـأسٍ وَلاَ الكَسَـلُ
فَقُلتُ للشَّرْبِ فِي دُرْنِى وَقَدْ ثَمِلُـوا
شِيمُوا ، وَكَيفَ يَشِيمُ الشَّارِبُ الثَّمِلُ
بَرْقاً يُضِـيءُ عَلَى أَجـزَاعِ مَسْقطِـهِ
وَبِالـخَبِيّـةِ مِنْـهُ عَـارِضٌ هَطِـلُ
قَالُوا نِمَارٌ ، فبَطنُ الخَـالِ جَادَهُمَـا
فَالعَسْجَـدِيَّـةُ فَالأبْـلاءُ فَالرِّجَـلُ
فَالسَّفْحُ يَجـرِي فَخِنْزِيـرٌ فَبُرْقَتُـهُ
حَتَّى تَدَافَعَ مِنْـهُ الرَّبْـوُ ، فَالجَبَـلُ
حَتَّى تَحَمَّـلَ مِنْـهُ الـمَاءَ تَكْلِفَـةً
رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينـةِ السَّهِـلُ
يَسقِي دِيَاراً لَهَا قَدْ أَصْبَحَـتْ عُزَبـاً
زُوراً تَجَانَفَ عَنهَا القَـوْدُ وَالرَّسَـلُ
وَبَلـدَةٍ مِثـلِ التُّـرْسِ مُـوحِشَـةٍ
للجِنّ بِاللّيْـلِ فِي حَافَاتِهَـا زَجَـلُ
لاَ يَتَمَنّـى لَهَـا بِالقَيْـظِ يَرْكَبُـهَا
إِلاَّ الَّذِينَ لَهُـمْ فِيـمَا أَتَـوْا مَهَـلُ
جَاوَزْتُهَـا بِطَلِيـحٍ جَسْـرَةٍ سُـرُحٍ
فِي مِرْفَقَيـهَا إِذَا استَعرَضْتَـها فَتَـلُ
إِمَّـا تَرَيْنَـا حُفَـاةً لاَ نِعَـالَ لَنَـا
إِنَّا كَـذَلِكَ مَـا نَحْفَـى وَنَنْتَعِـلُ
فَقَدْ أُخَالِـسُ رَبَّ البَيْـتِ غَفْلَتَـهُ
وَقَدْ يُحَـاذِرُ مِنِّـي ثُـمّ مَـا يَئِـلُ
وَقَدْ أَقُودُ الصِّبَـى يَوْمـاً فيَتْبَعُنِـي
وَقَدْ يُصَاحِبُنِـي ذُو الشّـرّةِ الغَـزِلُ
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُـوتِ يَتْبَعُنِـي
شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُـولٌ شُلشُـلٌ شَـوِلُ
فِي فِتيَةٍ كَسُيُوفِ الـهِندِ قَدْ عَلِمُـوا
أَنْ لَيسَ يَدفَعُ عَنْ ذِي الحِيلةِ الحِيَـلُ
نَازَعتُهُمْ قُضُـبَ الرَّيْحَـانِ مُتَّكِئـاً
وَقَهْـوَةً مُـزّةً رَاوُوقُهَـا خَـضِـلُ
لاَ يَستَفِيقُـونَ مِنـهَا ، وَهيَ رَاهنَـةٌ
إِلاَّ بِهَـاتِ ! وَإنْ عَلّـوا وَإِنْ نَهِلُـوا
يَسعَى بِهَا ذُو زُجَاجَـاتٍ لَهُ نُطَـفٌ
مُقَلِّـصٌ أَسفَـلَ السِّرْبَـالِ مُعتَمِـلُ
وَمُستَجيبٍ تَخَالُ الصَّنـجَ يَسمَعُـهُ
إِذَا تُـرَجِّـعُ فِيـهِ القَيْنَـةُ الفُضُـلُ
مِنْ كُلّ ذَلِكَ يَـوْمٌ قَدْ لَهَـوْتُ بِـهِ
وَفِي التَّجَارِبِ طُولُ اللَّهـوِ وَالغَـزَلُ
وَالسَّاحِبَـاتُ ذُيُـولَ الخَـزّ آونَـةً
وَالرّافِلاتُ عَلَـى أَعْجَازِهَـا العِجَـلُ
أَبْلِـغْ يَزِيـدَ بَنِـي شَيْبَـانَ مَألُكَـةً
أَبَـا ثُبَيْـتٍ ! أَمَا تَنفَـكُّ تأتَكِـلُ ؟
ألَسْتَ مُنْتَهِيـاً عَـنْ نَحْـتِ أثلَتِنَـا
وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَـا أَطَّـتِ الإبِـلُ
تُغْرِي بِنَا رَهْـطَ مَسعُـودٍ وَإخْوَتِـهِ
عِندَ اللِّقَـاءِ ، فتُـرْدِي ثُـمَّ تَعتَـزِلُ
لأَعْـرِفَنّـكَ إِنْ جَـدَّ النَّفِيـرُ بِنَـا
وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّـوَّافِ وَاحتَمَلُـوا
كَنَاطِـحٍ صَخـرَةً يَوْمـاً ليَفْلِقَـهَا
فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَـى قَرْنَـهُ الوَعِـلُ
لأَعْـرِفَنَّـكَ إِنْ جَـدَّتْ عَدَاوَتُنَـا
وَالتُمِسَ النَّصرُ مِنكُم عوْضُ تُحتمـلُ
تُلزِمُ أرْمـاحَ ذِي الجَدّيـنِ سَوْرَتَنَـا
عِنْـدَ اللِّقَـاءِ ، فتُرْدِيِهِـمْ وَتَعْتَـزِلُ
لاَ تَقْعُـدَنّ ، وَقَـدْ أَكَّلْتَـهَا حَطَبـاً
تَعُـوذُ مِنْ شَرِّهَـا يَوْمـاً وَتَبْتَهِـلُ
قَدْ كَانَ فِي أَهلِ كَهفٍ إِنْ هُمُ قَعَـدُوا
وَالجَاشِرِيَّـةِ مَـنْ يَسْعَـى وَيَنتَضِـلُ
سَائِلْ بَنِي أَسَدٍ عَنَّار ، فَقَـدْ عَلِمُـوا
أَنْ سَوْفَ يَأتِيكَ مِنْ أَنبَائِنَـا شَكَـلُ
وَاسْـأَلْ قُشَيـراً وَعَبْـدَ اللهِ كُلَّهُـمُ
وَاسْألْ رَبِيعَـةَ عَنَّـا كَيْـفَ نَفْتَعِـلُ
إِنَّـا نُقَـاتِلُهُـمْ ثُـمَّـتَ نَقْتُلُهُـمْ
عِندَ اللِّقَاءِ ، وَهُمْ جَارُوا وَهُمْ جَهِلُـوا
كَـلاَّ زَعَمْتُـمْ بِـأنَّـا لاَ نُقَاتِلُكُـمْ
إِنَّا لأَمْثَالِكُـمْ ، يَـا قَوْمَنَـا ، قُتُـلُ
حَتَّى يَظَـلّ عَمِيـدُ القَـوْمِ مُتَّكِئـاً
يَدْفَعُ بالـرَّاحِ عَنْـهُ نِسـوَةٌ عُجُـلُ
أصَـابَـهُ هِنْـدُوَانـيٌّ ، فَأقْصَـدَهُ
أَوْ ذَابِلٌ مِنْ رِمَـاحِ الخَـطِّ مُعتَـدِلُ
قَدْ نَطْعنُ العَيـرَ فِي مَكنُـونِ فَائِلِـهِ
وَقَدْ يَشِيـطُ عَلَى أَرْمَاحِنَـا البَطَـلُ
هَلْ تَنْتَهُونَ ؟ وَلاَ يَنهَى ذَوِي شَطَـطٍ
كَالطَّعنِ يَذهَبُ فِيهِ الزَّيـتُ وَالفُتُـلُ
إِنِّي لَعَمْـرُ الَّذِي خَطَّـتْ مَنَاسِمُـهَا
لَـهُ وَسِيـقَ إِلَيْـهِ البَـاقِـرُ الغُيُـلُ
لَئِنْ قَتَلْتُمْ عَمِيـداً لَمْ يكُـنْ صَـدَداً
لَنَقْتُلَـنْ مِثْـلَـهُ مِنكُـمْ فنَمتَثِـلُ
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَـا عَنْ غِـبّ مَعرَكَـةٍ
لَمْ تُلْفِنَـا مِنْ دِمَـاءِ القَـوْمِ نَنْتَفِـلُ
نَحنُ الفَوَارِسُ يَـوْمَ الحِنـوِ ضَاحِيَـةً
جَنْبَيْ ( فُطَيمَةَ ) لاَ مِيـلٌ وَلاَ عُـزُلُ
قَالُوا الرُّكُوبَ ! فَقُلنَـا تِلْكَ عَادَتُنَـا
أَوْ تَنْزِلُـونَ ، فَإِنَّـا مَعْشَـرٌ نُـزُلُ [/align]