قبل عام وثلاثة أشهر
وفي مساء يوم حالك الظلمة
نائمة في غرفتي بأمان وسلام
تنبهت فجأة وقد خيّل إلي أني سمعت صوت حركة
ولما لم أرَ شيئًا ولم أعلم مصدر الصوت عدت لنومي, ... وأُنسيته!
تكررت الأصوات نفسها في اليوم التالي،
تنبهت من نومي أيضًا على إثرها، لم أرهق نفسي بالبحث عن مصدر الصوت
... قلتُ: اللهم إني استودعتك نفسي،
وعدت لنومي !
اليوم الثالث
وبعد أن فرغت من صلاة المغرب
جلست على سريري، مدلية رجلي اليسرى
أحركها يمنة ويسرة وأتحدث بهاتفي, أنهيت مكالمتي وما زال هاتفي بيدي!
ثم رفعت قدمي عن الأرض، وفي اللحظة نفسها خرج شيءٌ غريبٌ
من تحت سريري, ...
أنظر للجسم الغريب وأحدث نفسي:
... هذه أم أربعة وأربعين لكن حجم عائلي ولون جديد
ومع أني أكره الحشرات والحيوانات إلا أني تمنيت فعلًا يومها
أن تكون أم أربعة وأربعين ولا الشيء الذي رأيته !
هل خطر
على بالكم؟
... نعم: إنه (ثعبان)
تجمدت مكاني, لا أذكر أني
حركت شيئًا من جسدي وقتها
أما هو فقد رفع الجزء الأمامي من جسمه,
فاتح فاه, يرمقني كما يرمق أي فريسة ينوي الانقضاض عليها !
أرى هذا الجزء منه -فقط- والبقية ما زالت تحت سريري!
ألهمني الله أن أقول -في داخلي-:
اللهم اكفنيه بما شئت.
فجأة أخفض رأسه وبدأ يتحرك
جسمه يلتف على المكتبة القريبة من سريري
أرى رأسه وحركة بقية جسمه وأنتظر لأرى نهاية هذا الجسم فلم أرَ!
في هذا الوقت وجدت نفسي أقف منتصف سريري بيدي هاتفي!
أرسلتُ لقروب عائلتي على الواتساب:
"في غرفتي ثعبان، أكتب لكم الآن وهو يدور أمام عيني، لا أعرف كم طوله
لكنه لن يقل عن مترين، أما عرضه فليس كثيرًا، إن وجدتموني ميتة فاعلموا أنه سبب،
كانت الردود مضحكة
ظن أفراد عائلتي أني ألعب معهم !!
حتى كتبت إحدى أخواتي: جد ؟ قلت : أمامي الان !
ولكن عائلتي لم تصدق أبدًا!
توقف الثعبان عن الحركة
وصار في الجهة المقابلة لي لايفصل بيني وبينه إلا بضع خطوات
اتخذ نفس الوضعية الأولى رافعًا الجزء الأمامي من جسمه ينظر إليّ وفمه مفتوح!
أما بقية جسمه فتوقف عن حركته بعد أن لفه على المكتبة!
بدأتُ أتصل بإخوتي
علّ أحدهم يكون قريبًا وقتها .
الأول : لم يجب
الثاني : لم يجب
الثالث : ...
وبصوت شديد الانخفاض!
- أين أنت؟
- عشرون دقيقة وأكون عندك.
- في غرفتي ثعبان !
- اخرجي .
- خائفة!
- طيب لا تصدري أي صوت, آتي الآن!
غير الوقت
الذي بقيت فيه معه قبل مهاتفتي لأخي
بقيت معه بعد اتصالي به 15 دقيقة أخرى حتى وصل
حين دخل يشير إلي بعينيه سائلًا عن مكانه وأشرت بعيني فلمّا رآه شهق!
وقتها قفزت من على سريري، وسحبت أخي من ذراعه, فبدأ بالحركة لكنا خرجنا وأقفلنا باب الغرفة!
أخي
كان قد اتصل بالبعض
وصلوا بعده بدقائق, قتلوه!
وأخبروه أنه من أخطر الثعابين سميّة!!
ثم خرجوا غير مصدقين!
بل متعجبين: كيف ومن أين جاء؟!
جاء أخي وأخبرني أنهم قتلوه واضطروا لكسر السرير و...
قلت أريد أن أراه ميتًا؛ لأصدق؛ وإلا ... قال: تعالي, وحين رأيته
ورأيت بقايا الدم المتناثر في غرفتي!
انهارت كل القوة والشجاعة التي لا أدري من أين امتلكتها
وصدقت وقتها -فقط- أني كنت مع ثعبان طوال ذلك الوقت
انفرطت أبكي في عجب ودهشة!
الثعبان وأنا ولطف الله!
لم أستطع النوم في بيتي ليلتها
فهجرته لمدة حتى تم التخلص من كل ما في غرفتي!
وبقيت لا أحسن الكلام لأسبوعين، ولا أقوى على الأكل أبدًا .
أتذكر أخي
يبكي و
يثني على قوتي وقت الموقف
يرجوني أن أنطق بكلمة فلا أستطيع الإجابة!
وكأن الكلام قد تيبس في مكانه !
تلك الفترة
كان من أصعب اللحظات في حياتي وأغربها
كلما تذكرتها أشعر وكأنه حلم لا حقيقة، بل شيء أقرب للجنون منه للواقع
... ما الذي حبس الثعبان عني كل تلك الدقائق؟
ما الذي ثبتني وقتها، من الذي منعني من الصراخ والبكاء ؟
من الذي منع ابنة أختي عن زيارتي في ذلك الوقت وهي تزورني كل يوم؟
ما الذي أصمت تنبيهات الرسائل في هاتفي وهو على "العام"؟
ما الذي حبسها عني ليومين قبلها وأنا أسمع حركتها ثم أنام
إنه "الله"!
... الله لطيفٌ بعباده!
بعد
ثلاثة أشهر من التعب,
ومحاولة عائلتي عدم ذكر الموضوع أمامي أبدًا
المحزن
أن القصة انتشرت
على الصعيد المحيط بي
حتى أحسن بعض من يعرفني ومن لا يعرفني الظن فيَّ
فقالوا: لها عمل خفي!!
أما ما أؤمن به أنا:
فلطف الله جاءني رحمة لا لعمل منّي
ولطفُ الله كان وما زال يحيطني استجابة لدعوات أبي
كان أبي -أحسن الله إليه ورفع درجته- يوقظني من نومي بدعوة, ويخرج من البيت لعمله فيودعني بدعوة, ويعود من عمله فأستقبله فيهديني دعوة, ويوصلني لمدرستي فلا أخرج من السيارة حتى أسمع دعوة, وأعود معه فلا أجلس على المقعد إلا وسمعت دعوة, وأنام فلا أغمض عيني إلا وقدأرسل إلى الله لي دعوة, ... ثم وبعد 18 عامًا من صحبته مات في يدي, يحتضر ويدعو لي ... ووالله ثم والله إني ببركة تلك الدعوات بعد فضل الله لليوم أرى في تصاريف الحياة معي ما يدهش, حتى قال بعض إخوتي: يا ليتنا!!
همسة للأبناء:
لا تنفع بعد الموت: يا ليتنا!!
بروا بوالديكم إن دعواتهم مستجابة, ... إنها النعيم الذي بين يديكم!
فلا تحرموا أنفسكم!!
(منقول )