على طريق المدينةالمنورة - مكة المكرمة هذا ماحدث لي ..!!!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ..
ما أن تشقُّ السيارة طريق المدينة – مكة وأقلب نظري بين تلك الشعاب والأودية والجبال أحسُّ أن قلبي يكاد ينخلع من مكانه ! فرحاً مسرورا !!
أحسُّ بنشوة روحانية غريبة تسري في عروقي !!
هذه الأماكن المطهرة وهذه التضاريس لها ذكريات روحانية تجد من يسلك هذا الطريق يشعر معها بإيمانٍ يتجدد ورغبة في فعل الخيرات والتقرب لله 0
ومع هذا الطريق يراودني إحساس أني قريب من النبيّ صلى الله عليه وسلم وكأني سأراه بعد ساعات !!
تتراءى بين ناظري الكعبة المشرفة وحولها بيوت أهل مكة .. تقفز إلى
ذهني بعض المواقف الموجعة في حياة حبيبي صلى الله عليه وسلم كأني أراه راكعاً ساجدا عند بيت الله وزعماء قريش بدار الندوة ينظرون له بإستهزاء فيقوم اللعين أبو جهل يحمل سلا الجزور فيلقيه على النبي صلى الله عليه وسلم حين هوى ساجداً لربه ..!! وهاهي فاطمة حبيبة والدها صلى الله عليه وسلم أقبلت إليه فاحتضنته وأخذت تنظف ماعلق به من الوسخ وتبكي لهذا الموقف الأليم !!
كأني أرى جلجلة وغبار من بُعد حيث بلالاً مكبلٌ بالحبال ويسحب في شوارع مكة بينما لسانه أحدٌ ..أحدْ..!!
وفي زاوية من زوايا الذكريات حُبست هذه المرأة الضعيفة ..!
ياويح قلبي كيف لي أن أصف هذا المنظر !!
كيف لخيالي أن يحبك ويسلسل تلك الآلآم ليحولها إلى حروف ..!!
تلكم والله حملت أفضل لقب وأعز لقب ( أول شهيدة في الإسلام )
سمية.. هاهي مكبلة بالحبال بجانب شريك الحياة ..زوجين يعيشا معاً ويموتا معاً ..لقوا من العناء والعنت من مشركي قريش مالقو..!
لم يرحموا هذا الشيخ الجليل ياسر .. ولم يأبهوا لحرمة هذه المرأة العفيفة الطاهرة المطهّرة !!
مرَّ عليهم حبيبنا وقال لهم كلام ثم غادر المكان ..! فتهللت وجوهههم واستبشرت كأنما أخبرهم بالنصر والفِكاك من هذا العذاب .. نعم إنه والله الفوز بأن قال لهم ( إصبروا آل ياسر فإن موعكم الجنّـة) الله أكبر ..!!
ولازالت الصورة تنقل لي النهاية المأساوية لهذه المرأة العفيفة وهذا أبو جهل يتقدم بغضب حاملاً حربته ليغرسها في مكان عفّتِها وماهي إلا دقائق وقد أسلمت الروح لبارئها بعد أن سبحت بدمائها .. عليكِ وعلى زوجكِ رضوان الله..
والسيّارة تجوب بين هاتيك الجبال لازالت حبال الذكريات تتواصل بين ناظري هؤلاء هم مشركي قريش يهبون مسرعين فزعين إلى دار الصديق ابو بكر رضوان الله عليه يطرقون الباب فيخرج إليهم فيخبرونه الخبر الفاجعه الخبر الصاعقه بالنسبة لهم ..! يخبرونه وكلهم فرح مؤملين بأن يغير ابو بكر من رأيه في النبي صلى الله عليه وسلم حيث يخبرونه بحادثة الإسراء والمعراج فيقول لهم أبابكر الجواب المسكّت :إن كان محمداً قد قاله فإني مُصدِّقه.!!فلقِّب بعدها بالصديق ..!
هاهو شعوري وأنا بين تلك الجبال أشقُّ الطريق لأطهر بقعة على وجه الأرض ..لايزال في الصور بقيةٌ باقيه لكنها مؤلمه ومحزنه تُدمع العين وتؤلم القلب !! ففيها يتراءى لي الصحابي الجليل "خُبيب بن عَدي"رضي الله عنه والذي قُتل بين جمعٍ من أهل مكة وهم ينظرون له وسادة قريش يتلذذون بتعذيبه !!
كأني أنظر له حين وقفوا بالتنعيم وقد اجتمعت الحشود لتيك المنظر المؤلم فقد نادى المنادي بأهل مكة ان اشهدوا مقتل أحد أتباع محمد صلى الله عليه وسلم هاهو خُبيب أُتي به أمام الجمع لكنه استأذنهم أن يدعوه يصلي ركعتين فأذنوا له فهوى لله راكعاً ساجداً ..ياله من موقف
فقال خبيب قبل أن يقتل "اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ثم قال:
فوالله ماأرجو إذ متُّ مسلماً **على أيِّ جنبٍ كان في الله مصرعي
فلستُ بمبدٍ للعدو تخشعاً ** ولا جزعاً إني الى الله مرجعي
وأرى حسان بن ثابت يبكيه ويقول:
مابال عينيك لاترقا مدامعها ** سَحَّاً على الصدر مثل اللؤلؤ القَلِق
على خبيبٍ فتى الفتيان قد علموا** لافَشلٍ تلقاه ولانزق
فاذهب خبيب جزاك الله طيبة**وجنة الخلد عند الحور في الرُّفَق!
هاهو الدخان يخرج من جسده الطاهر بعد أن علقوه في الأخشاب وأضرموا النار من تحته فقتلوه..!! تُرى هل نلوم عيوننا إن أسبلت ماؤها حزناً على مثل هذا المشهد..!
شعوري في تلك الأثناء بين تلك الهضاب والأودية في أعالي السماء هناك يقفز الفكر وتقفز الخيالات إلى أولئك الصفّوة ممن علت هممهم وسمتْ أرواحهم إلى الواحد الديان فعاشوا ليبنوا المساكن الطيبة في جنّةِ عدن ..هناك وعبر هذا الطريق المبارك لاتلوموني إن تذكرت عمر بن الخطاب يوم أن قدِم على دار الأرقم بن أبي الأرقم والمسلمون هناك مجتمعون حول نبيهم صلى الله عليه وسلم يوم أن كانوا قلة فماأن طرَق عمر الباب حتى جلجلت قلوبهم خوفاً وفزعا فخرج إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخذ بتلابيب ثوبه حينها خضع عمر للرسول صلى الله عليه وسلم وقال بأبي وأمي أنت يارسول الله ماجئت إلا لأعلن إسلامي بين يديك فسُمِع التكبير من داخل الدار ..الله أكبر تذكروا هذا الموقف معي كيف فرح المسلون بإسلام عمر رضي الله عنه 0
لاتلوموني إن قلت لكم إن الصور اختلطت في مخيلتي فهذا حمزة رضي الله عنه وهذا صهيب وذاك علي بن ابي طالب وحذيفة والزبير وهذا مصعب وتلكم خديجة رضوان الله عليهم أجمعين ..!
ياله من زمن كم أتمنى لو كان اسمي بين تلك المصابيح وعشت معهم أروع زمن وأفضل قرن وأحلى عُمُر وأحسن عيشه مطمئن البال مرتاح الضمير مبشرٌ بجنان الخلد وأنا في الحياة ياالله ..!!
كأن كل جبل يقول قفْ قد مرّ بي يوماما. محمد عليه أفضل الصلاة والسلام !
كأن كل شعبٍ من تلك الشعاب يقول وهو يتزاهي مفتخراً قد وقف هنا محمد صلى الله عليه وسلم !!
كأن كل حجرٍ يرقصُ فَرِحاً مسروراً منتعشاً طوال هذه السنين بقدم محمد صلى الله عليه وسلم حين وطئه !!
حُقّ لك أيها الجبل أن تفتخر !!
حُقّ لك ايها الوادي أن تزهو وأنت أيها الحجر بأن أفضل الخلق قد مرَّ بك وقد وقفَ بك ومشى بين سهولك ورمالك !!
يطير قلبي بين تلك الصور والخيالات العذبة والسيارة تَشَقُّ تلك الطريق وصوت المسجل ينطلق وإمام الحرم الشيخ علي جابر رحمه الله يتلو تلك الآيات الشيخ علي جابر رحمه الله
(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذهما في الغار إذا يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا ..)
ومعها وعلى هذا الصوت الندي وهذا الصوت الأخَّــاذ وبتلك الروحانيات تنطلق الصور لتتناثر في مخيلتي أحاول أن ألملم نفسي وأجمع شتات ذاكرتي بين هذه الجبال الشامخة وهذه السهول والهضاب المنبسطة0
تتراءى أمامي هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كأني أراه يمشي أمامي بابي وأمي أنت يارسول الله كيف مشى كل هذا الطريق الوعر ليشرق نور الضياء ويطمس ظلمات الجهل والظلام .. إلى هنا أقفْ فقد أخذ النهار يتسلل مودعاً بينما الليل بدأ يبسط نفوذه على المكان فأصبحت لاأرى جبلاً ولا شعباً ولا وادياً فتوقفت الصور .. ولو أن الهجرة ستأخذ لها نصيب لكن ليكن في موضوع مستقل ..
أحبابي أودعكم فلاتنسوني من صالح دعائكم جزاكم الله خيرا0
الشيخ علي جابر رحمه الله 
العرض العادي
