[align=center]
سيبويه ،
حدثنا عيسى بن هشام ،
وهو من ندمائنا في أرض الكنانة وقد ثارت أشجانه لأطلال فتحية ،
قال إجتمع إلي في بعض اليالي إخوان الخلوة ، ذوو المعاني الحلوة ، فما زلنا نتعاطى نجوم الأقداح ، حتى نفد ما معنا من الراح ،
فلما ثوب منادي الصبح ، فخنس شيطان الصبوة وتبادرنا إلى الدعوة ، وقمنا وراء الإمام ،
قيام البررة الكرام ، بوقار وسكينة وحركات موزونة فلكل بضاعة وقت ،ولكل صناعة سمت ، وإمامنا يد في خفضه ورفعه ، ويدعونا بإطالته لصفعه ، حتى إذا راجع بصيرته ، ورفع بالسلام عقيرته ، تربع ي ركن محرابه ، وبادرته بالسؤال ،
وقلت له أن نديمنا سيبويه زعم أن نفقة الأب على الإبن واجبة ، وأنا نفيت له ذلك ،
فاستشاط غضباَ مني ودعى علي ندماء الخضر من عبو وصحبه ليهاجموني في الأسحار ،
فقال الإمام :
الحمد لله
وبعد : فقد اتفق العلماء على أن الوالد تجب عليه نفقة أولاده الصغار الذين لا مال لهم حتى يبلغوا الحلم.
قال ابن المنذر رحمه الله : " وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْءِ نَفَقَةَ أَوْلادِهِ الأَطْفَالِ الَّذِينَ لا مَالَ لَهُمْ . وَلأَنَّ وَلَدَ الإِنْسَانِ بَعْضُهُ , وَهُوَ بَعْضُ وَالِدِهِ , فَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ كَذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِ وَأَصْلِه " المغني ( 8/171 )
والأَصْلُ فِي وُجُوبِ النَفَقَةِ على الولد الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ :
أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } الطلاق /6. فأَوْجَبَ أَجْرَ رَضَاعِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ , وَقَالَ سُبْحَانَهُ : { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } البقرة/233 .
وَمِنْ السُّنَّةِ { قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ : خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ } . البخاري (5364 ) ومسلم (1714 ) .
وأما الإجماع فقد تقدمت حكايته .
واتفقوا على أن الوالد يلزمه نفقة أبنائه العجزة من الذكور والإناث حتى يستغنوا كبارا كانوا أو صغارا .
واتفقوا على أن الوالد لا تلزمه نفقة ولده الذي له مال يستغني به ولو كان هذا الولد صغيرا .
واتفقوا على أن الوالد لا تلزمه نفقة ابنه الذكر إذا بلغ الحلم وكان قادرا على التكسب .
واختلفوا في لزوم النفقة على الوالد لابنه البالغ الفقير القادر على الكسب ، فأكثر العلماء يرون أنه لا تلزمه نفقته ، لقدرته على الكسب .
وذهب بعضهم إلى أن الوالد يجب عليه نفقة ولده البالغ الفقير ولو كان قادرا على الكسب مستدلين بقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ : " خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ " لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمْ بَالِغًا وَلا صَحِيحًا .
وَلِأَنَّهُ وَلَدٌ فَقِيرٌ , فَاسْتَحَقَّ النَّفَقَةَ عَلَى وَالِدِهِ الْغَنِيِّ , كَمَا لَوْ كَانَ زَمِنًا أَوْ مَكْفُوفًا "
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن والد غني وله ولد معسر فهل يلزم الوالد الغني أن ينفق على ابنه المعسر ؟
فأجاب رحمه اللهُ : نَعَمْ . عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ فَقِيرًا عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَالْوَالِدُ مُوسِرًا . إ .هـ مختصراً من الفتاوى الكبرى (3 / 363 ) ومجموع الفتاوى (34 /105 ) .
واختلفوا أيضا في البنت التي بلغت الحلم هل يلزم والدها النفقة عليها أم لا ؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه يلزمه أن ينفق عليها حتى تتزوج .وهو الأقرب والله أعلم لعجزها عن الكسب .
هذا مجمل ما يفهم من كلام العلماء ، وتجد بعض نصوصهم مع ذكر أدلتهم التي استدلوا بها في الكتب التالية :
الحنفية
َ في المبسوط 5 /223 ) ، المالكية : (في المدونة ( 2 /263 ) وانظر تبيين المسالك شرح تدريب السالك (3 / 244 ) ،الشافعية : (ُّ في الأم 8 /340 ) ،الحنابلة :
(في المغني : ( 8/171 ).
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
وإلتفت صوب الباب وإذا بصاحبنا أبو الفتح الإسكندري دخل مسرعاَ مؤيداَ لكلام الإمام ،
لكم أطيب المنى
[/align]