دَعُوا الحِجَابَ لَنَا
[align=center]شكواكَ يا مُرهَفَ الإحساس شكوانا ** فاسمحْ لقلبكَ أنْ يُصغي لنجوانا
وافتَحْ لنا من حنايا القلبِ مُغْلَقَها ** فقد فتحنا لمن نهوى حنايانا
أُعيذ وجهَكَ أنْ تنساه ذاكرتي ** وهل نُطيق لمن نهواه نِسيانا؟!
أُعيذ قلبَكَ أنْ يشقى بلوعته ** وأنْ يفجِّر فيه الحزنُ بُركانا
أُمدُدْ إليَّ يدَ الإخلاصِ في زَمَنٍ ** قد صار فيه حليمُ العقل حَيْرانا
قُلْ للذين بنوا قصراً على جُرُفٍ: ** مَنْ ذا يُقيم على الأوحالِ بُنيانا؟!
وارفعْ بها صوتَكََ العالي يخالطه ** صوتي، وصرخةُ حقٍ من صبايانا:
ندعو «فرنسا» و«أوروبا» وقبلَهما ** ندعو قساوسةً فيهم ورُهبانا:
أما تخافون ربَّ العالمين، وقد ** سُقْتُم إلى خندقِ التَّثليثِ رُومانا؟!
دَعوا الحجابَ لنا، آياً مرتَّلةً ** تُضيء روحاً وإحساساً ووجدانا
دعوا الحجاب لنا نوراً يُضيء لنا ** دَرْبَ العفافِ ويُبدي وجهَ مَنْ خانا
دعوا الحجاب لنا عزَّاً ومكرمةً ** دعوه نوراً من التقوى وبُرهانا
دَعوا الحجابَ امتثالاً نستلذُّ به ** شكراً على نِعَم المولى وعِرفانا
دَعوه روضاً من الأخلاقِ مُزْدهراً ** ومُزْنَةً أَنْعشتْ بالغيث بستانا
دعوه سَدَّاً أمام العابثين بما ** يسمو به دينُنا طُهْراً وإحصانا
دعوا الحجابَ لنا حقاً ينزِّهنا ** واستكملوا سيركم لهواً وعصيانا
صوغوا قوانينَكم وهماً يضلِّلكم ** بها تطيعون في الأهواءِ شيطانا
وسافروا في دورب اللّهو واتخذوا ** من النساءِ إلى إبليسَ قُرْبانا
سيحوا، وغوصوا، وذوبوا في رذائلكم ** فنحن أثْبَتُ بالإسلام أركانا
يا من تَلَوْتُم أناجيلاً محرَّفةً ** إنَّا تلونا بوحي الله قُرآنا
نصوص إنجيلكم، آياتُها كَشفتْ ** برغم تحريفكم عن صدقِ دَعْوانا؟
هلاّ رجعتم إلى الحق الذي شهدِتْ ** به أناجيلكم صدقاً وتبياناً
لو تنظرون بعين المنصفين، لَمَا ** جُرتُم علينا، وهشَّمْتم مرايانا
للعنصريَّة وجهٌ ساء منظرُه ** ثَغْراً قبيحاً هُلاميّاً وأجفانا
عُذْراً، فوالله إنَّا لا نريد لكم ** إلاَّ صلاحاً وإصلاحاً وإحسانا
إنَّا لنلقى بأشذاء إبتسامتنا ** وحبِّنا، كلَّ مَنْ بالحبِّ يلقانا
لكنَّكم قد رسمتم ألفَ دائرةٍ ** مَلأْتموها لنا ظلماً، وعُدوانا
ما بالُ حرِّية الدِّين التي هتفَتْ ** بها الهواتفُ، تغدو اليومَ بُهْتانا
ما بالُ باريسَ تنسى اليومَ ما رفعتْ ** من الشِّعاراتِ أشكالاً وألوانا؟!
حرّيةُ الرأي في ميزانها انقلبتْ ** فأصبحتْ لكتابِ الظلم عنوانا؟
ما بالُ تَنويرها المزعومِ صار دُجَىً ** يُخفي لصوصاً وأشباحاً وغِيلاَنا؟!
يا بُؤْسَ ثورتها الكبرى قد انتحرتْ ** بوهمها، ومحتْ بالظلم ما كانا
يا مَنْ ركبتم ظهور الوهم في غَلَسٍ ** هذا هو الفجر جَلاَّكم وجلاَّنا
حرِّيَّةُ الدين، كنتم ترفعون بها ** صوتاً، فكيف تلاشى صوتها الآنا؟!
إنَّا نقول لكم، والليل ملتحفٌ ** بوحشةٍ أشعلتْ للرعب نيرانا:
مَنْ كان مولاه شيطاناً يضلِّلُهُ ** عن الطريق، فإ نَّ اللهَ مولانا
ومَنْ تهاوتْ به في الوَحْلِ غفلتُه ** فإنَّ إسلامَنا بالوعي رقَّانا
ليلى، ولُبّنَى، وسُعْدى، والرَّبابُ، على ** مِنْهاجِ خالقنا يُشْرِقْنَ إيمانا
فما لنا، ولمن يَمْشينَ في لُججٍ ** من الضَّياع، ومَنْ يأخُذْنَ أخْدانا؟!
نَهْرُ العَفافِ من القرآن مَنْبَعُه ** لولاه لم تُوْرِفِ الأخلاقُ أغصانا
نهرٌ تدفَّق لم تَتْركْ روافدُه ** جَدْباً، يُقنِّطُ في البيداء ظمآنا
في ديننا الخيرُ للدنيا وساكنها ** ولم يَزَلْ لدُعاةِ العدلِ ميزانا
سلطانُه في قلوب الناسِ، مَنْشَؤُه ** مِن صِدقِه، وكفى بالصدقِ سُلطانا
يا صرخةً خرجتْ من ثغرِ قافيتي ** وسافرتْ في نواحي الكون ألحانا
مُدِّي نداءكِ فالآفاقُ مُصغيةٌ ** وشَنِّفي بجميل القول آذانا
شَتَّانَ بينَ حجابٍ تَستضيءُ به ** أُنثى، وبينَ ظلامِ العُرْيِ، شَتَّانا
د.العشماوي[/align]
وتقبلوا خالص التحايا عيون القصيم