دخلت المقهى و إذا به يعج بمرتاديه فاختلطت الأصوات و تلاقت الكلمات و أخذ كل قلم مكانه , فبحثت بين جنبات المكان عن مكان لي و تجولت بين كاتب و قارئ و سعيد و حزين , و متجول مثلي و من يحاول أن يقول و لم تسعفه الكلمات و بين صاحب كلمات لم تسعفه المشاعر و الأفكار , و اخترت أخيرا مكاني إنه في زاوية هناك ليس فيها إلا بصيصا من نور , توجهت إلى زاويتي و لم أجد بجوار طاولتها إلى كرسي واحد و كأنه كان ينتظرني , جلست فرايت من مكاني كل الحضور فأخذت أتأملهم فلا أحد منهم شبيه بالآخر و باختلافهم اختلفت كلماتهم و تشتت معالمهم .منذ خلقت و أنا أتأمل الناس و الأشياء و الأفكار من بعيد حتى في المقهى لم أجد ألفة إلا مع تلك الزاوية البعيدة . أخرجت قلمي و رجوته ألا يخذلني كما هو حاله منذ سنين و أخرجت ورقة بالية و استجاب قلمي مشكورا و بدأت أفكاري و مشاعري ترسم حروفي و حروفي تكون صورة لأبيات وحدتي .
أرأيت كـــــــــثرتهم وأنت وحـــــــــيد تجتر دمعك والزمــان ســــــعيد تسعى وليس لسعي مثلك مــــنتهى كلا ولست إلى الحــياة تعــود
هرمت خطاك ودرب خطوك شاهد درب سيبقى مـا حيت جـــديد
والحزن فـــــــــيك ظلام ليل بائس فقد الضـياء وأنت فيه شـريــد
عجــــبا لمثلك هــــــارب من نفسه ومن الزمــان معـذب مطرود
يرنو إلى الأفـــــق الكئيب فلا يرى إلا بــــــعيدا يرتجيه بعـــــــيد