أيها الأعزاء لندع هذه الهرائات والبدع والأقاويل (ولنتمسك بكلام ربنا جل علاه ونرجع له في كل أمر )
ثم أين نحن من قوله تعالى " يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون "
فهل ننتظر بياناً أشفى وأكفى من هذا , أو نهياً وزجراً عن التعرض لمقام الغيب بمحاولة أو ادعا .
ويقول سبحانه وتعالى : " إن الساعة آتية أكاد أخفيها ..."[طه:15] .
قال جماعة من أهل التفسير : أكاد أخفيها من نفسي .
والنصوص القرآنية في هذا الباب متوافرة ظاهرة المعنى فكيف يغفل عنها أهل القرآن ويتلبسهم وهمٌ ليس له أثارة من علم ولا هدى ولا كتاب منير ؟!
أو لست ترى من العجب أن يحصل لبعض أهل الإسلام شكوك في هذه المسائل تتردد على عقولهم فيبدؤون فيها ويعيدون حتى يظنوها من اليقين , ولأدنى ملابسة أو شبهة , وما هي من اليقين بسبيل , ثم قد يضعف يقينهم في مسائل ضرورية محكمة تعبدوا باعتقادها علماً , أو بإيقاعها عملاً !
أتراهم انساقوا مع ما عليه بعض أهل الكتاب من الولع بالغيب والتعلق بالنبؤات العقلية المجردة , واللهث وراء الخرص والحدس , وتوقع المفاجآت الخارقة , مع العزوف عن الأسباب ؟
فما بالهم إذا لم يحذوا حذوهم في امتلاك ناصية العلم واكتشاف السنن والنواميس المودعة في الطبيعة والكون وتسخيرها لتحقيق خدمة الناس , وتسهيل مصالحهم أو تحصيل القوة التي بها يحمون ديارهم وذمارهم ؟
أم تراه اليأس والإحباط الذي استولى على النفوس فلم يعد لديها همة أو طموح أو تطلع في العمل والمدافعة والإصلاح ، وصارت تكتفي بالترقب والانتظار , وكأن لا بارقة أملٍ في الوجود , ولا وميض نور في الأفق فلنخلد إلى حلم لذيذٍ ندافع به مرارة الواقع .
إن المؤمن الصادق هو الأولى بالصبر والمصابرة والمدافعة وتفجير شلالات الأمل في ظلمات القنوط (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) .
فلتعظم ثقتنا بربنا , ولنصحح فهمنا لديننا , ولنصدق في تحقيقه , ثم لا يضيرنا ما وراء ذلك , فالله هو المستعان..