ما رأي الصامتين ؟؟؟
عبدالله بن بخيت . . . جريدة الرياض 27 / 2 / 2010
من الواضح أن فتاوى القتل والتهديد لا تريد أن تنتهي . كل سنة أو سنتين تظهر لنا فتوى تحرض على القتل الجماعي أو الاحتراب الطائفي أو الاصطدام مع القوى الكبرى . لم نعد نواجه موقفا فكريا كما كنا نظن . هذه الفتوى يفترض أن تحرضنا على التفكير بطريقة مختلفة . هذه حالة سيكلوجية . أحلام اليقظة تتحول إلى حقائق عند بعض أصحابها . يغوصون في داخلهم فيخرجون من العالم الواقعي . يتكون أمامهم عالم يحكمونه . يعبرون فيه عن مرارتهم .
لو رجعنا إلى سيرة هذه الفتاوى سنجد أن أصحابها قرؤوا التاريخ متكيفا مع أحلامهم. ليس للزمن وجود عند هؤلاء الحالمين . انتهت صلتهم بالواقع . قتل كل من يقول بالاختلاط يعني قتل المجتمع كله . قتل العالم . قتل التاريخ الإسلامي .
اعتقد أن جنون أحلام اليقظة عند هذا الرجل وصل إلى مداه. كانت الفتوى والتحريض على الاحتراب موجهة . قتل ملاك القنوات الفضائية أو قتل ابناء طائفة محددة . لكن قتل كل من يبيح الاختلاط يعني إعلان حرب على الدنيا كلها . صاحب هذه الفتوى يحتاج إلى علاج . رغم خطورتها يجب أن تعالج في إطارها المرضي . في أسوأ الأحوال عزلة مع كل من أيده في مصحة . عندما يصبح الإنسان خطرا على نفسه أو على مجتمعه يعزل . من غير المعقول أن يبقى طليقا . بقايا الصحوة مازالت متناثرة هنا وهناك . لم يبرأ المجتمع منها بعد. سيجد من يصدقه بينهم .
قرأت رد فعل بعض فلول الصحوة المتمشيخين . لم يبدر منهم أي أدانة لهذه الفتوى. أما امتصاصها او تبريرها . ليس المشكلة فيمن اطلق الفتوى . هؤلاء هم المشكلة. لأنهم في واقع الأمر يؤمنون بمضمونها أو منطلقاتها . عندما يأتي من يقول في معرض نقده للفتوى : هذا الأمر يرد إلى هيئة علمية . هذا الكلام يدل على أن المشكلة في المصدر وليست في المحتوى . سيرحب بها إذا جاءت من هيئة . إذا سألت هؤلاء موقفهم من بن لادن على سبيل المثال لا يجيبونك بكلام مستقيم . إذا أدانوه أدانوه بعموميات .
لمثل هذه الفتوى فوائد امنية . يفترض أن تحلل ردود أفعال كل رجال الدين المعروفين ويحلل صمتهم أيضا . رجل له دور ديني أما شيخ أو داعية يجب أن يعبر عن رأيه . يفترض أن تصدر قائمة بأسماء من برروا هذه الفتوى بأي طريقة وقائمة بمن سكتوا عن إدانتها . يقارن موقفهم من فتوى القتل هذه بمواقفهم السابقة من قضايا أخرى . عندما يفتي شيخ في قضية خلافية كفوائد البنوك نجد عشرات منهم يتراكضون لتفنيد فتواه . عندما يفتي شيخ آخر بعدم جواز زواج القاصرات ينبرون في الدفاع عن التخلف ولكنهم يصمتون عندما يتعرض المجتمع لتهديد حقيقي كما جاء في هذه الفتوى . يفترض عدم تضييع الوقت في قراءة هذه الفتوى قضيتنا الحقيقية في رد فعل الآخرين أو صمتهم .