في البدأ , لك من الثناء ما تستحق على هذا الطــرح
و لعلك تسمح لي في المداخلة و لو كانت قاصرة ...
.
.
.
لا شك أن " الصدق الفني" أو فن التصــوير هو أحد أعمدة الأدب
فمن أحسن تصوير الشعور , أو المكان أو الزمان , في نصوصه فذاك علامة جيدة لمهارته الأدبية ,
و نذكر على سبيل المثال . شكسبير . فلقد قرأت عنه بأنه
أشتهر . بدخوله مطابخ الملوك . و بيوت البسطاء. و أزقة المدن
و طرقات الأسواق. و مافوق ذلك و دونه ......... و هو لا يتعدى " كوخـــه " ...!!
و لكن براعته في التصوير . وإلباسها من قِبله لباس الصدق
هو من جعل القاري يظن بأنه أحد شخوص نصوصه .
فبرأيي القاصر أن الأديب الماهر , هو من يجعلك تظن بأنه يكتب نفسه من خلال نصه ,
و هو ليس كذلك. و هناك من الأدباء من لايمتلك هذا " الميزة " فتراه يصور واقعه أو يكتب سيرته
و لكن يفشل في نقلك إلى العيش و التعايش مع النص . فتكون بنظرك أقل صدقاً
و التصوير..
فهناك من يحسن التصوير الشعوري فـ تقرأه شعورٍ صادق و لو كان خلاف ذلك, و هناك من لديه فن تصوير
للأماكن فتظن بأنك و لجتها من براعت تصويره . و هو في الواقع لا أنت و لا هو و لجهـا ...
و أذكر هنا الأديب " طه حسين " فهو علامة فارقة في الأدب العربي كما نعلم .. و لكن لو تلاحظ بأنه
يفتقد الصدق التصويري للأماكن و الشخوص في رواياته . و مع هذا لم يعيبه لأنه يملك تصوير الشعور
الصادق . و لغـة بلاغية لا يضاهيه بها أحد . و أدوات الروايه من سلسة لحبك لفكرة .كلها هو بها بارع ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما عن تعريضك لشعــراء , و قولك أن الأديب يغفرله تصويره و خياليته لأحداث نصـه
فأن أختلافي معك كبير .. أولاً كونك أستشهدت بالآية الكريمة ....
{والشعراء يتَّبعهم الغاوون*ألم تر أنهم في كل واد يهيمون*وأنهم يقولون مالا يفعلون*إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا و انتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
أنت لم تكمل الآية , فهي ترمز لفريقين من الشعراء . فلو لاحظت بأنها الآية لا تعذرهم و الدليل أنها
أستثنت الفريق الثاني بقوله عز وجل ( إلا الذين آمنوا )...
أما الفريق الأول فلمقصود بقوله " يقولون مالا يفعلون" هو شعراء المفاخرة الكاذبة و الهجاء. و موقدي الحروب
فهم يفاخرون بالكرم و الشجاعة و المرؤة و هم أبعد ما يكونون عن ذلك , و يهجون الناس بالباطل
كما هو في أيام الجاهلية ....
و عن محاولتك ربط هذا بمذهب " أبن الحمد " فلا أظنك وفقت في ذلك , فنحن لنا شرع يحد من جنوح خيالنا
و أذكر أن أحد الشعراء المصريين و هو يكتب في أحد المنتديات كتب قصيدة عن تخاذل العرب
ثم أورد بها ( يا الله إذهـب و قاتل عنا ) فلما حاولت الأستفسار من مقولته التي لم أستسغها.. و أوردها هوَ
قال لا أعلم , و لكن الشعر تلبسني في ساعتها فتذكرت قول اليهود , فجاءت كذا ....!!!
قلت أحذر إذن أن تقول حينما يتلبسك الشعر مرة أخرى ,قول فرعون ...... ( أنا ربكم الأعلى )
المقصود بهذا هو أن الخيال و ما يدخل بحكـمه , يجب أن لا يجرد من الدين .
و الدخول في متاهات , و شكوك . كما الكثير من الذين أنتهجوا هذا النهج .
فليسوا ملومين لو صرحوا بأنهم لا يودون أن يرتبط الدين مع الأدب .
فهناك حدود شرعية لهم , ولكن أن يحاولوا أن يلبسوها لبس الدين..!!
و يلوون النصوص الشرعية لكي توافق مذهبهم فذاك أشنع ..
القـدير/ة .. التميمـي
أعذر لي إطالتي و لكن فكرة المقالة و طرحك أجبراني على الأسهـاب..
تحايا تليق بهذا الطرح
.