بدايةً أحيي فيك أخي الكبرى هذا الاهتمام وروعة انتقائك للمواضيع
واستميح الجميع العذر لعتبي على البعض هذا التشاؤم
فلغتنا مهما اعتراها من إشكاليات
تظل اللغة الأسمى و اللغة التي خصها الله عز وجل
بخصوصية ميزتها عن غيرها من سائر اللغات
ألا وهي نزول القرآن
معجزةً للمصطفى عليه صلوات من الله ورحمة
وتحدٍ لفصاحة العرب ومحاكاة للغتهم
مما أثرى وخلف الكثير
من المؤثرات البيانية والإعجازية
ومرادفة اللغة له في تفسير معانيه
وساعد على ذلك فصاحة وبيان المصطفى عليه الصلاة والسلام
من خلاله ماقاله من أحاديث شريفة
ومما سبق نخلص وندرك أن لغتنا وبفضل من الله
هي الثابتة وغيرها يتغير
وكلامي ليس تثبيطاً
وإنما استقراء لواقع لايتعارض و لا يلغي الاهتمام والحرص عليها من جميع النواحي
فالقضية مشتركة ومتداخلة
من حيث المسؤولية
كي لا نتجاهلها ونتهرب منها
ليلقي بها كل طرف على عاتق الآخر
ويتخلص منها برميها في ملعب الآخر .
أنا هنا لست منافحاً ومحامياً عن طرف دون آخر
وإنما أردت إيضاح واستعرض التغيير الحاصل في زماننا هذا
في ظل تعدد الثقافات والأعراق والوسائل
إذ قد نغفل جوانب مهمة في هذه القضية
فلا يمكن لأحد
بأن يتجاهل ثقافة
الشارع وثقافة المنزل
وثقافة التلفاز والكاسيت
فلو قارنا أو أجرينا بحثاً انتقائياً لفئة من فئات المجتمع
كدراسة حياة الطالب اليومية مثلاً
لوجدنا بأن ماقد يتعلمه الطالب طيلة يومه الدراسي
قد ينساه أو تغلب عليه الثقافات المتعددة
التي يعيشها خارج أسوار المدرسة
ومن خلال ماذكرت
يتبين لنا أن المسألة مشتركة
وليست مقتصرة على طرف دون آخر
إذ أن تعليم اللغــة أيضاً يجب أن يبدأ من الأسرة خاصة في المرحلة الأولى
للطفل قُبيل التحاقه بالمــدرسة من خلال التعامل اليومي معه
وترغيبه بالتحدث بها ومنحه حوافز تشجيعية وإفهامه إياه بأنها لغة
القرآن الكريم ليكتسب حبها منذ الصغر.
وأحب هنا أن أتطرق لنقطة هامة خاصة بضرورة تأهيل صاحب اليد الطولى
تأهيلاً لغوياً وأقصد به المعلم والمربي الفاضل
ليقدم من خلال هذا التأهيل رسالته السامية على أكمل وجه
فهناك ما يعرف بـ ( الاستشعار ) الذي يولد المحبة والاهتمام باللغة العربية
وطرق تعليمها وكيفية إيصالها للطالب بشكل نقي ومحبب للنفس
وبيان دقائقها والكشف عن لآلئها لطالبيها
وللراغبين في استعمالهـــا ( كتابة وتحدثاً )
ليستقيم اللسان ، ويسلم القلم من النقصان ، ويصلح البيان
ويرى الناس يسرها وجمالها، ليستمر حبها في الأذهان
ويُقبل الجميع على استخدامها فيما يعنى لهم من أفكار
وما يستجد في العلوم من أسرار
لتتبلور الجهود والوسائل ونصل إلى خلاصة نافعة
ينتج عنها ما نفتقده في هذا الشأن،
والاستشعــار لن يتم ـ غالبا ـ إلا بتأسيس حب اللغة في نفوس الأبناء
في مرحلة ما قبل المدرسة كما أسلفت
ليكون الأساس قوياً لحظتها نحاسب كل من لحن أو أخطأ في أي لفظ ما
كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم وبقية الخلفاء المسلمين
ولن أنسى قصة عمر بن الخطاب عندما طلب من أحد ولاته
أن يضرب كاتبه بالسوط بعدد و بقدر أخطائه الواردة في كتابته .
في الختام
تقبل تحياتي وشكري أخي الكريم
على رحابة صدرك