هل فكر أحداً فينا ودار في مخيلته ما هو السحر الكامن في شكل و رائحة الخبز ؟ !
فمظهره الدائري المنتفخ قد لا يثير فينا رغبات ونوازع أو يحرك مشاعرنا
ونحن نشاهده خلف زجاج المحال وفي بيوتنا ومطاعمنا .مستلقياً.مرتخياً. ومرتاحاً
كطفل وديع هادئ..
هل للخبز ظلال وغموض في تركيبه الداخلي اللامرئي تستجيب له حواس الرائحة ؟!
أم لأننا كبرت عقولنا مع صورة الخبز ؟!
فشكلنا ملامحنا وذاكرتنا على صورته الأولى ورائحته الأولى ثم وجدنا أنفسنا نولد ونعيش ونموت مع الخبز ...!
يرافقنا الخبز في مسيرتنا الأزلية فذاكرة الطفولة وجميع مراحل النمو لا تغادرها تلك الرائحة ولاتهجر ذلك المذاق الغامض !
لماذا العجين مع النار أعطانا رائحة لاتقاوم ؟!
وعندما عرفنا ولادة الخبز تتخلق ككائن غريب داخل التنور البدائي؟
بعمق الطين المتلهب والرطب برذاذ الماء فيسهر معه الخبازون حتى بزوغ الفجر ويسافر معه المسافرون مسافات بعيدة
وسابقاً يحمله سراً اللصوص الجياع والمتسولون والأمراء وقادة الجيوش تحت أرديتهم وأردية الظلام !
لماذا ترتبط وتختزل الذاكرة الإنسانية في مسارها التاريخي بالجوع والتمرد.والعصيان.بقصة الخبز؟
الخبز متسق بلحظة البقاء والحياة والمقاومة وطلب الحقوق.وطلب تقرير المصير....!
للخبز آلاف العنواين ولاستدارة وجه الخبز صار للقمر أغنية ..!
وكلاهما تبادلا الشعر والقصائد والصلوات لدى العشاق والشعراء !
أصبحت قطعة الخبز كالماء لاحياة بدونة كالدم في عروق الإنسان صارت كأغنية طفل يحن إلى خبز أمه ولمسة أمه...!
لماذا تلك القطعة الساخنة أصبحت حديث عشق بين الأغنياء والفقراء وكأنها الجسر الإنساني الدائم بين البشر على مدار تاريخنا الطويل؟!
وكأنهما ... الإنسان والخبز معاً تقاسيم أغنية أزلية !
الخبز قدرنا بكل معانيه الحسية والرمزية
الخبز سر وجودنا بكل عنفوانه وجماله وجاذبيته الأبدية ...
أسئلة ومعان كثيرة تدور فى مخيلتي عن قطعة الخبز الصغيرة ...
التى فجرت ثورات الفقراء والمظلومين على مر التاريخ ...
ومن منا لا يستطيع أن يطالب بقطعة خبز كحق من حقوقه الأبدية ...
.
.
اتسعت القضية ...!
.
واتسعت !
إنها ثورة البسطاءالتي لم تقتصرعلى قمحا وحليبا وسكرا، إنها أبعد من ذلك، إنها ترجمة لمقولة أن الإنسان يأكل ليعيش وليس العكس،
ولا بد أن نفهم ما معنى أن يعيش الإنسان.
ثورة شعب يصرخ يئن ... لالا زيادة الأسعار
لا لا للبطالة ..!
تحيتي ,,