عندما تسكن في صومعة .. و نظراتك لا تكاد تتخطى جدرانها المشرعة ، و سقفها المرفوع .. فأنت مجنون إن تبارد الى ذهنك أن السماء غائمة أو أن ثمة غبار يحيط بك من كل اتجاه ..!
و لو أن وطواطاً نفذ الى صومعتك من ثقب الباب ! و بدأ يحلق فوق رأسك و يخطف نظراتك ، فأنت أحمق إن ظننت أن ذلك الخفاش قد هرب من صخب الحياة و ضجيجها ليسكن اليك أو حتى يسليك ! لأنه و بكل بساطه يعشق الأماكن المهجوره و يستهويه نفح الظلام ..!
لكن ماذا لو لم تكن لوحدك في تلك الصومعة المظلمه ..!؟ و شاركك فيها كلاً من ( ثرثار ، ساذج ، مدلس ، منافق ، فاسق ، شاذ جنسي ، سكير ، فاشل ، لص ، مجنون ) ..و كلهم بالنسبة لك مجهولي الهوية !!
فعندما ينطق أحدهم فأنت لا تعلم لأي من أولئك ذلك الصوت المنبعث من عمق الظلام !؟ و بالتالي من الصعب عليك أن تحدد هويته من مجرد نبرة صوته !!
لكن ماذا لو سمعت همهمه و صوتاً متقطع ، و عربدة كلاميه ، و سعال لفظي ! فحتما ستكون في حيرة من أمرك ! يا تراه من يكون !؟ اللص ربما ! و لكن لما لا يكون المجنون ! لا لا بل الثرثار !!
فجأة إنقطع ذلك الصوت ، ليغزو المكان صوت آخر أبشع من سابقه ..
خمر ، كأس ، رقص ، خدود ، قدود !
لمن ذلك الهذيان !؟ الأقرب أنه الشاذ جنسياً ! و يحتمل أن يكون السكير !!
آيات من الذكر الحكيم تجلي وحشة الظلام بترانيم الخشوع ...! من السهل على المنافق فعل ذلك !؟
و في النهاية .. قد تحسن الظن باؤلئك جميعاً .. لمجرد تقديم حسن الظن ..! معك حق فهم مجهولي الهوية بالنسبة لك ! و تجمعك بهم صومعة محكمة الإغلاق .. قد أخفت الحقيقة الغائبة أو المغيبة عن ناظريك !!
نحن في صومعة فلا تطلق العنان لفكرك أو حتى لمشاعرك كي تتجاوز حدود هذا المتصفح .. و إلا ستدفع الثمن باهضاً لأنك تعيش في حيرة و في داخل صومعة !!
طوى ..