[align=center]
الصّاحِبُ وَالكِتَابُ ..!
خِلتُ الوفَاء شَخْصاً صَادقاً , ولكِنْ تبعثَرتْ حُروفُ الشّكر منّي , خَوف النّقيصَة , فتأَملتُ الوَفَاء كتاباً , ولهُ بعثتُ شُكري وَوَصْفي , كِتابٌ يُحبك دُونَ مَلل , ويسعدُ بجِوارك دُونَ أَذَى, ويَشرُد بكَ بعيداً فِي سَانحِاتِ الفِكَر, يُوقِظُ عَقلكَ ويَأخذُ بتلأبِيبْ قَلبك, وَيُؤثّر فِيكَ دونَ أنْ يشْعُر....
مَا أعْجَبه منْ كِتَاب .. !
هلْ قَرَأتَ كِتَاباً؟!
هلْ أخذَكَ بَعيداً وكأَنّه ذَلكَ الصّدِيق..؟
هلْ جَفَاك يَوماً...؟
لا أَعتَقدُ جَفَاءه , فإنْ نَصَحك فالسّر دَيدَنه, وَخيرُ النّصح ماكانَ سِرّا " وإنْ أسَال دمعَتك فِي فَرح وحُزن, فاعْلَم أنّه لايعرفُ القسَوة , ولا تَربّى عَلى الجَفاء , لأنّه معَك دَوماً كالفانوسِ كلّما احتجْت لَه فلاتبحَث عنْه كثيراً فهُو بجَانِبك دوماً .. عجيبٌ أمرَ الكِتَاب !!
والأعجبُ منْ استَهانَ بصُحبته , قَرأتُ وصْفاً للصّديق , فأعيتْنِي نُدرته, أمّا الكتَاب فمهْمَا قَال الواصِفُون فالكَلام فيه يَطول فَوصُوفه كثيرةٌ وغزيرةٌ , لأنّها أصِيلة ثابتَة لاتعرفُ التّلون..
لهذا كانَ الكتَابُ نَديم العُزلة , ورُوح الفِكْرَة , ومُؤنِس الفُؤاد , إِذا خَلا الزّمَان منَ الأصْحَاب , فقدْ جَمَع النِّثار والأشْعَار وغَوَابر السّنين , السِّمَان منْها والعِجَاف , لاتنْتهي شَوارده , ولا تذْبُل فَرائده , يُعطيك الحَل بِأدَنى كُلفَة , ويَروِي ظَمأك منْ زَمْزمٍ عذْب , سائغ للشّاربين..
سُؤال حيّر الألبَاب , وأَوقَف العُقُول علَى الأعتَاب فجَاء بالخَبَر الكِتَاب , فنِعْمَ الصَّاحِب
فِي السّفر, والرّفيقُ عنْد السّهر..!
جَداوله تَرَقْرَق منْ لُجَين .."ألمْ يقل الأًول : (وَخيرُ جَليسٍ في الزّمان كِتَاب ) ولا أخَال
بعضُ النّاس فِي وصْفه إلا كالكِتَاب , وهَؤلاء منْ كَانُوا قِلّة في جيدِ الزّمان..
وكالدُّرة اليَتِيمة بينَ الأصْدَاف والمُرجَان..
عُذراً ياكتَاب ..!
فمَدائحي عَجزتْ , وحَروفي فرتْ, وسُلطَان وفائكَ فِي القلبِ مُسطّر , فمنَافِعك كالبَحر , وفضَاءاتُك رَحَبة.
دمتَ للنُّدمَاء خِلاً نافعاً,وحكيماً مرقعاً خَرق الفِكَر , وخَيرُ كتَاب لنْ نبلُغ وصْفه مهْما أُوتِينا
منَ البيَان كِتابُ ربُّ الثَقلينْ المنزّل علَى رَسولِ الثّقلين.
وأمّا وصْفِي المتبعْثر , كانَ لكتَاب ألّفه بشَرْ, فمرحَباً بكتَاب يسْقي عُقولنا , ويُريحُ قلوبنَا,
ومَا هذِه إلا فلسَفة نَدِيمَة , لشذَا كِتَاب لاتبرحُ مقِيلَه.؛
بنت الرّافعي ( نديمة الشذا )
[/align]