التخطيط للأهداف... والبناء الداخلي نحو تحقيقها...
غالبية تجاربنا الواقعية لم تكن مبنية على أهداف مسبقة التخطيط. بل تأتي ارتجالا مما تجعلنا حقل تجارب دون أن نجني فائدة تذكر أو ثمرة تنشد. ولعل من
أهم المسائل في قضية التخطيط للأهداف المستقبلية هو توثيقها والسير بها مرحليا حتى رؤيتها واقعا يتحقق. فلكل منا أحلامه التي ينشد تحقيقها ويعمل
جاهدا على أن تصبح حقيقة واقعة. وأهدافنا تختلف باختلاف تحققها الزمني فمنها ما يمثل أهدافا قصيرة المدى وغالبها يتعلق بأعمال تمثل دعائم للأهداف
العامة. ومنها مايمثل أهدافا متوسطة كالتخطيط للحصول على شهادات عليا أو إتمام دراسةمعينة. ومنها مايمثل أهدافاً طويلة المدى يتعين تحقيقها في مدة من
عشر إلى عشرين سنة.
التخطيط لأهدافنا منه مايكون (كتابيا) وهو من أفضل المراحل ومنها مايكون (ذهنيا). ولقد قام أحد طلبة الماجستير في إحدى الجامعات الأمريكية في
العام1953م بإجراء دراسة نادرة من خلال توجيهه لسؤال لخريجي الجامعة مضمونه (هل لديهم أهداف محددة ومكتوبة؟) وقد أشار 3% الى أنهم لديهم
أهداف مكتوبة فيما اكد 7% أن لديهم أهدافا ولكنها غير مكتوبة.
وبعد عشرين سنة وفي عام 1973م وجد الباحث أن 3% فقط من عينة البحث حققوا أهدافهم كاملة وهم من قالوا أن أهدافهم مكتوبة. بينما حقق
الـ7% من أهدافهم غير المكتوبة مالم يتجاوز الـ70%. وهذا يقودنا إلى أهمية التخطيط المكتوب للأهداف.
الاستخدام المثالي
والنجاح في تحقيق الأهداف يعتمد أولا على (تحديد الحصيلة والهدف المراد تحقيقه) ثم (إرهاف الحواس واستخدامها بشكل مثالي لكي تعين على تلمس سبل
وطرق تحقيق الهدف) مع أهمية انتهاج (المرونة في التعامل مع ما يعترض طريق تحقيق الهدف) وبعد ذلك يأتي دور (العمل) مع التوكل على الله عز وجل
واستشعار النجاح وأنه قريب التحقق.
وعند التفكير في تنفيذ أهداف معينة لابد أن يكون الشخص حريصا على تلمس كلما من شأنه نجاح هدفه. والبرمجة اللغوية العصبية NLP تمنحنا مايعرف
ب(نموذج الهدف) والذي يعين على قوة الحالة الشعورية وقياس المؤثرات السلبية والإيجابية في سبيل تحقيق الهدف من خلال المراحل التالية:
1 مرحلة الآثار والعواقب: وتمثل اللبنة الأولى التي يجب على الشخص أن يقف معها. في قياس الآثار والعواقب التي ستترتب عليه ومن حوله في مرحلتين
الأولى (المرحلة النهائية) حينما يتحقق الهدف والتبصر في الآثار الإيجابية السلبية المتحققة وهل آثارها عليه وعلى من حوله ستكون مفيدة أم ضارة وعلى
ضوء قياس ذلك يقدم نحو هدفه أو يحجم.
والمرحلة الثانية هي (مرحلة تنفيذ الهدف) وهل ستحدث آثار سلبية على الفرد ذاته وعلى المحيطين به؟ ومع قدرته على قياسها بالشكل السليم وقدرته على
الحصول على النتيجة يتقدم بعدها للمرحلة التي تليها.
2 تأسيس حالة شعورية نحو الهدف المراد تحقيقه: تكون الحالة المؤسسة إيجابية. لتمنح درجة الاقتناع التام بالهدف. وقياس درجة التردد. ويكون تأسيس
الحالة الشعورية بقناعة الهدف من خلال بعض الأشياء كصلاة الاستخارة واستشارة الآخرين واستشعار الحصيلة حال تحقق الهدف وممارستنا له مع أهمية
الاستفادة من دراسةالعواقب والآثار في تحديد الحالة الشعورية.
3 تحقيق الألفة: ويلزمنا في مسيرة تحقيق الهدف أن نحقق ألفة قوية وفاعلة من صنفين من الناس. الصنف الأول الذين سيتضررون من سيرنا نحو تحقيق
الهدف كالأسرة والأبناء والأصدقاء وذلك أن سعينا نحو العمل في الهدف المراد تحقيقه سينتج عنه تقصير (سلبي) في علاقتنا بهم ويجب أن يقضى على هذا
الأثر السلبي وتحقيق ألفة عالية تمكننا من الإقدام بقوة وفاعلية نحو العمل. والألفة الثانية نحققها مع الأشخاص الذين سنحتاج معونتهم في طريق سيرنا نحو
الهدف من القائمين على تنفيذه أو من بيدهم مساعدتنا للمضي قدما لتحقيق هدفنا.
4 جمع المعلومات: نهتم بجمع المعلومات التي تعيننا على البدء في التنفيذ ويجب ألا نتشدد في ضرورة اكتمال المعلومات. فهناك فرق بين المعلومات
(الكاملة) و(الكافية) والاخيرة هي التي تعيننا على البدء في تحقيق الهدف. مستفيدين في ذلك بخبرات وتجارب الآخرين ومستفيدين من مرحلة قياس الآثار
والعواقب وتأسيس حالة شعورية قوية نحو الهدف السابقتين .
5 تحديد الحصيلة: نحدد القدر الذي يحتاجه العمل للتنفيذ ومدته. والأسلوب المناسب لتنفيذه. وتقدير المدة الزمانية اللازمة لذلك. مستفيدين من مرحلة
جمع المعلومات التي ستمنحنا قدرة على رسم خطة وافية عن الهدف المراد تنفيذه.
6 مرحلة العمل: و يكون المرء قد استكمل المراحل السابقة التي تجعله يبدأ العمل بأسس منظمة وقواعد متينة. وماعليه إلا أن يتوكل على الله عز وجل
ويبدأ في التنفيذ.لانه لن يصل هذه المرحلة إلا وقد أعانته المراحل السابقة على أن يقرر هل يبدأ أم يؤجل أو ينسحب نهائيا؟ ومع نموذج الهدف قد يجد
الإنسان نفسه يتوقف في المرحلة الثالثة مثلا بأن يجد أن آخرين سيتضررون في حالة شروعه في تنفيذ هدفه. وربما يؤثرون عليه أثناء العمل وقد يجبرونه
على الانسحاب. أو قد يشرع في العمل دون أن يجمع قدرا كافيا من المعلومات تعينه على البدء فيجد أنه لو تحقق أكثر لحقق نتيجة أفضل. وربما يتسبب
قصور المعلومات في عدم نضج العمل المراد تحققه. بل ربما يؤدي إلى الانسحاب والتوقف حالما يفاجأ بمتطلبات لم يحسب لها حسابا..!!
مقال لي نشر في جريدة الجزيرة
http://www.al-jazirah.com/magazine/2...albrmaga32.htm
|